تحالف القوى العراقية يبحث مرحلة ما بعد تحرير الأنبار والموصل

في مقدمتها الاستحقاقات السياسية والنازحون

تحالف القوى العراقية يبحث مرحلة ما بعد تحرير الأنبار والموصل
TT

تحالف القوى العراقية يبحث مرحلة ما بعد تحرير الأنبار والموصل

تحالف القوى العراقية يبحث مرحلة ما بعد تحرير الأنبار والموصل

بينما ينهمك رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في عقد المزيد من الاجتماعات، المعلن منها وغير المعلن، مع مختلف قيادات تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) من أجل تجاوز الخلافات التي عصفت خلال الفترة الماضية بين بعض قياداته ومكوناته (الحديث عن إقالة سليم الجبوري من قبل أسامة النجيفي أو بالعكس)، فإن معظم قيادات هذا التحالف تبدو الآن في عجلة من أمرها من أجل بحث ما بات يترتب على مستقبل المحافظات الغربية من العراق التي يمثلونها في البرلمان والحكومة من استحقاقات.
ولخص قيادي سني بارز في حديث لـ«الشرق الأوسط» المواضيع ذات الاهتمام بأنها تتمحور حول مسألتين مهمتين إحداهما قريبة وحاسمة وهي ملف النازحين والثانية الاستحقاقات السياسية لا سيما مع بروز الجدل بشأن قضية تمثيل المناطق والمحافظات السنية بعد تمدد تنظيم داعش واختلاط الأوراق على صعيد طبيعة المشاركة في المعركة خصوصا بعد تشكيل تحالفات عشائرية - سياسية البعض منها عابرة لحدود المحافظات ذات الغالبية السنية إلى تحالفات سنية - شيعية في إطار (الحشد الشعبي) الذي وإن تكونت نظائر له في المناطق السنية لكن قيادتها لا تزال بيد قيادات شيعية.
ويمضي السياسي الذي فضل عدم الإشارة إلى اسمه إلى القول إن «السنة تورطوا مرتين.. مرة بتنظيم داعش الذي يتهمون بأن مناطقهم تمثل حاضنات ذهبية له بينما هو أقدم ولا يزال على ذبح أبناء هذه المناطق بكل الصيغ والأساليب، ومرة حين أرادوا تحرير مناطقهم من (داعش) ولم يسمح لهم وإن سمح لبعضهم فبالقطارة وبتنسيق مع جهات من خارج المحافظة الأمر الذي أدى في النهاية إلى أن يضعف موقف القادة السنة أمام ناخبيهم».
وتابع السياسي السني قائلا إن «مسألة النازحين تمثل تحديا كبيرا لنا لا سيما في ظل عدم قدرة الحكومة على تأمين كل المتطلبات لأسباب مختلفة بعضها موضوعي وبعضها الآخر يتعلق بمنظومة الفساد وغيرها بينما النتيجة النهائية هي تحميل الممثل السني لهذه المناطق في البرلمان والحكومة مسؤولية ما يعانيه النازحون وذلك لجهة ركوب أطراف معينة موجة النزوح وهو ما يعني إمكانية ظهور قيادات سياسية تتمحور بين غاية في التطرف من جهة وغاية في الخضوع لإرادات أخرى، من جهة ثانية، بحيث لا ينتظر تحقيق شيء لأبناء هذه المناطق مستقبلا».
وبالنسبة لما تريد القيادات السنية الوصول إليه من نتائج، فإن القيادي السني يلخصها في ناحيتين، الأولى، هي العمل باتجاه الضغط على الشركاء السياسيين بمن فيهم الحكومة ورئيسها حيدر العبادي لتطبيق وثيقة الاتفاق السياسي التي تضمن الحد الأدنى لما تريده مناطقنا، والثانية، هي التوجه إلى مناطقنا من أجل بلورة صيغة تفاهم موحدة بين السياسيين وشيوخ العشائر وقوى المعارضة في هذه المناطق، ما عدا القوى المتطرفة ومنها (داعش)، لكي نذهب بموقف موحد إلى شركائنا من أجل تسوية تاريخية في إطار مصالحة وطنية فاعلة.
وفي هذا الإطار فقد بحث رئيس البرلمان سليم الجبوري، مع كتل تحالف القوى المضي بالتشريعات التي تضمنتها الاتفاقات السياسية. وقال بيان لمكتب رئيس البرلمان أمس إن الجبوري استضاف في مكتبه اجتماعا للكتلة النيابية لتحالف القوى الوطنية، واستعرض الاجتماع آخر مستجدات العملية السياسية. وأضاف أن «المجتمعين شددوا على أهمية الالتزام بالاتفاقات السياسية والمضي بالتشريعات المهمة التي تضمنتها تلك الاتفاقات. وتابع البيان «كما بحث الاجتماع تطورات الوضع الأمني والعمليات العسكرية الجارية في محافظة الأنبار، فضلا عن مناقشة ملف النازحين وضرورة توفير الخدمات الأساسية في المناطق المحررة خصوصا تلك التي شهدت عودة العوائل النازحة إليها».
في سياق متصل، دعا الجبوري إلى أهمية مسك الأرض وتضافر الجهود من أجل توفير الخدمات في المناطق المحررة من تنظيم داعش. وقال خلال لقائه محافظ الأنبار صهيب الراوي إن «من المهم خلال المرحلة المقبلة توفير الخدمات في المناطق المحررة وبما يسهم في عودة النازحين من تلك المناطق إلى ديارهم». وفي هذا الإطار، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار والقيادي في تحالف القوى العراقية فارس طه الفارس لـ«الشرق الأوسط» إن «محافظة الأنبار تشهد عمليات عسكرية كبيرة سوف تؤدي إلى تحرير المحافظة من تنظيم داعش، لكن هذا يتطلب تضافر كل الجهود من أجل مسك الأرض لأن هذا يجنبنا أمورا كثيرة من أهمها إمكانية عودة (داعش) وكذلك ضمان عودة النازحين». وشدد على أن الأرض يجب أن تمسك من قبل أبناء العشائر المنتفضة من أبناء المحافظة وبذلك نضمن عدم حصول الإشكاليات التي حصلت في ديالى وصلاح الدين، مبينا أن ما يهم تحالف القوى اليوم هو أن يكون صادقا مع أهله من أبناء هذه المناطق لضمان عودة كريمة لمن نزح منهم وتأمين ما يحتاجونه وهي بحد ذاتها مهمة في غاية الأهمية والصعوبة معا.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.