البشير يتحدى {الجنائية الدولية} ويغادر إلى موريتانيا للمشاركة في قمة السور الأخضر

قمة نواكشوط تبحث التغير المناخي والتصحر

عمر البشير
عمر البشير
TT

البشير يتحدى {الجنائية الدولية} ويغادر إلى موريتانيا للمشاركة في قمة السور الأخضر

عمر البشير
عمر البشير

في تحد جديد للمحكمة الجنائية الدولية، غادر الرئيس السوداني عمر البشير الخرطوم إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط على رأس وفد رفيع، للمشاركة في أعمال القمة الرابعة العادية للوكالة الأفريقية للسور الأخضر الكبير، والتي تبحث برامج العمل على المستويين الفني العلمي في المسائل الاقتصادية والعلمية والتي تستمر ليومين.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية سونا أن البشير غادر الخرطوم إلى نواكشوط، دون أن تكون السفرية معلنة من قبل، لا سيما وأن سفر الرئيس السوداني المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية يثير عادة الكثير من الضجيج، زادت حدته بعد سفريته الأخيرة إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي، وأصدرت أثناءها المحكمة العليا الجنوب أفريقية قرارًا قضت بعدم مغادرته قبيل بحث مسألة تسليمه لمحكمة لاهاي. بيد أن حكومة الرئيس جاكوب زوما لم تنصع لقرار المحكمة، وسمحت له بالمغادرة مثيرة جدلاً قانونيًا داخل حكومته ما زال مستمرًا.
وحسب «سونا» فإن الوكالة الأفريقية للسور الأخضر الكبير، تهدف لتحقيق تحولات جذرية تتعلق واقع الأراضي الشاسعة القاحلة على الساحل، لتجعل منها أقطابًا ريفية للإنتاج والتنمية المستدامة، ولتطوير الإسهام الأفريقي ضد التغير المناخي والتصحر وتدهور الأراضي، لمكافحة الفقر وتحقيق الأمن الغذائي في القارة.
وتعمل المبادرة على إقامة «سور أخضر» يعمل كحاجز من الغطاء النباتي لوقف تقدم زحف الرمال والتصحر عبر دول جنوب الصحراء، عن طريق زراعة وتشجير «أحزمة خضراء» متعددة الأنواع تمتد من موريتانيا إلى جيبوتي، يبلغ طولها 7 آلاف كيلومتر وعرضها 15 كيلومتر، في المناطق التي يبلغ معدل هطول الأمطار فيها ما بين 100 و400 مليمتر سنويًا، الواقعة ضمن المنطقة الصحراوية الساحلية.
ويعتبر السور الأخضر هو الأول من نوعه في 11 بلدًا أفريقيًا هي: السودان، وموريتانيا، والسنغال، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، وجيبوتي، وإثيوبيا وبوركينافاسو، وإريتريا، وتشاد.
ودرج الرئيس السوداني على تحدي المحكمة الجنائية الدولية منذ العام 2009 إثر إصدارها مذكرة توقيف بحقه، ألحقتها بأخرى 2010 اتهمته فيها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ثم جريمة الإبادة الجماعية في دارفور السودانية.
وحدَت المذكرتين من رحلات الرئيس البشير الخارجية، بيد أنه دأب على زيارة دول غير موقعة على ميثاق روما المكون لهذه المحكمة خاصة دول الخليج العربي ومصر ودول الجوار الأفريقي، كما زار 5 دول موقعة على وثيقة روما ومن بينها الكونغو الديمقراطية، ونيجيريا، ومالاوي، وجيبوتي، وجنوب أفريقيا.
وغادر البشير جنوب أفريقيا يونيو (حزيران) الماضي إثر إصدار المحكمة العليا قرارا بمنعه مغادرة البلاد لم تستجب له حكومة زوما، مبررة قرارها بالحصانة التي يتمتع بها، لكن القرار القضائي أثار حالة من القلق هنا في الخرطوم وفي جوهانسبورغ، كما أثار جدلاً قانونيًا داخل جنوب أفريقيا لا تزال تداعياته قائمة.
وعاد البشير على عجل من نيجيريا في يوليو (تموز) 2013 بعد تحركات نشطاء حقوقيين في نيجيريا لاستصدار قرار قضائي بالقبض عليه، ودانت المحكمة والولايات المتحدة الأميركية الحكومة النيجيرية على رفضها الامتثال لمذكرتي القبض.
وقرر الاتحاد الأفريقي عام 2009 عدم التعاون مع قرارات المحكمة الجنائية، وما انفك القادة الأفارقة الأفريقية منذ ذلك الوقت يرفضون قرار المحكمة الجنائية الدولية، ويعتبرون قراراتها استهدافًا للقادة الأفارقة، ولم تخالف توجيهاته سوى دولة مالاوي العضو في المحكمة الجنائية الدولية التي رفضت الانصياع للقرار الأفريقي، مما اضطر الاتحاد لنقل القمة التي كان مقررًا عقدها هناك إلى إثيوبيا غير الموقعة على اتفاقية تكوين تلك المحكمة.
وعلى الرغم من أن موريتانيا غير موقعة على المحكمة الجنائية الدولية، فإنها استقبلت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، وتعاونت معها في تحقيقاتها حول الأوضاع في مالي، وذكرت بنسودا وقتها أن الحكومة الموريتانية تعاونت بشكل وثيق مع محكمتها على الرغم من أنها ليست طرفًا في ميثاق روما.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.