كلينتون تنفي التلاعب بوثائق الخارجية في مواجهة تحقيق «إف بي آي»

نزاع بين إدارة أوباما ومفتشي الوزارات والوكالات الأميركية بهدف كشف الفساد

المرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون تحيي مؤيديها في ولاية أويوا أول من أمس (رويترز)
المرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون تحيي مؤيديها في ولاية أويوا أول من أمس (رويترز)
TT

كلينتون تنفي التلاعب بوثائق الخارجية في مواجهة تحقيق «إف بي آي»

المرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون تحيي مؤيديها في ولاية أويوا أول من أمس (رويترز)
المرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية من الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون تحيي مؤيديها في ولاية أويوا أول من أمس (رويترز)

ردت هيلاري كلينتون المرشحة للانتخابات الرئاسية الأميركية عن الحزب الديمقراطي أول من أمس، على توقع تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) معها بتهمة إهمال وثائق سرية للخارجية الأميركية عندما كانت وزيرة للخارجية، ونفت أنها أهملت في ذلك.
وأكدت كلينتون عندما سألها صحافيون خلال جولتها الانتخابية في ولاية أيوا: «أنا واثقة من أنني لم أرسل، ولم أستلم، أي معلومات كانت سرية وقت إرسالها، أو وقت استلامها».
وعندما سألها صحافيون عن خطاب مشترك أرسله إلى وزارة العدل المفتش العام في وزارة الخارجية، والمفتش العام لمكتب المجموعة الاستخباراتية، الذي يجمع كل الوكالات الاستخباراتية، ومنها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه» أعربت كلينتون: «لا أعرف عن ماذا يتحدثون. لا أعرف أي شيء عن هذه الوثائق التي قيل إنها كانت سرية»، وأضافت: «منذ البداية، قلت إنني سأكون شفافة في معالجة هذا الموضوع».
وفي إجابة على سؤال عن «تدخل نادر» من وكالات الاستخبارات في موضوع الوثائق، مما يدل على «خطر»، قالت كلينتون: «أظن أن ما يحدث نوع من النقاش تعودنا عليه. توجد هنا اختلافات في الرأي بين وزارات ووكالات حكومية. كل وزارة أو وكالة تقول شيئا مختلفا عن الوثائق التي كانت سرية، وعن الوثائق التي لم تكن سرية».
وفي نفس الوقت، نشب نزاع بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والمفتشين الذين يراقبون الوزارات والوكالات بهدف كشف حالات الفساد، وخرق القانون.
وكشفت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أمس أن المفتش العام في وزارة العدل مايكل هيروفتس قال: «يجب أن يسمح لكل مفتش عام بأن يجري كل تحقيقاته في كل المواضيع دون قيد أو شرط».
ونقلت هيئة الإذاعة الأميركية «سي إن إن» تقريرا عن اتحاد المفتشين العامين يؤكد أنه لا يتصل بموضوع كلينتون، وبموضوع المفتشين العامين في وزارة الخارجية وفي مكتب المجموعة الاستخباراتية الوطنية، لكن يمكن أن تكون هناك صلة. وأشارت «سي إن إن» إلى تصريحات كلينتون عن تضارب في اختصاصات الوزارات والمصالح، وأن كلينتون «تريد أن تهاجم قبل أن تهاجم».
ويذكر أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية نشرت يوم الخميس الماضي أن «وزارة العدل تجهز لإجراء تحقيقات إجرامية مع كلينتون حول سرية وثائق الخارجية». وفي نفس اليوم، أكدت وزارة العدل ذلك في بيان.
ولم يشر البيان إلى بداية تحقيق «إف بي آي»، لكنه أشار إلى أن الوزارة «تلقت إحالات» من خارج الوزارة، وقالت الوزارة إن «الإحالة جاءت من المفتش العام لمكتب المجموعة الاستخباراتية الوطنية شارلز ماكولو، التي تجمع كل وكالات الاستخبارات، ومنها (سي آي إيه)».
وأصدر المفتش العام بيانا أكد فيه أنه أحال طلب التحقيق مع كلينتون إلى وزارة العدل، وذلك لأن التحقيق في عدد قليل من الوثائق، التي كانت تحتفظ بها كلينتون، أوضح أن أربعة منها كانت سرية.
وأكد ماكولو أن تسريب معلومات سرية يهدد الأمن الوطني وأنه، حسب القانون، فأي تسريب لأي معلومات سرية يجب أن يحال إلى مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) في نفس الوقت.
وأعرب المفتش العام في وزارة الخارجية ستيف لينيك، أنه يؤيد ماكولو، وفي الحقيقة وقع على الخطاب الذي أرسل إلى وزارة العدل، وأضاف لينيك: «كان الهدف الرئيسي من الإحالة إلى وزارة العدل، هو احتمال وجود معلومات سرية في خادم الكومبيوتر الخاص بكومبيوتر كلينتون، وهي معلومات ليست في حوزة الحكومة».
ويذكر أنه في مارس (آذار) الماضي، أرسلت كلينتون أكثر من 30 ألف وثيقة كانت تحتفظ بها، إلى وزارة الخارجية. وقالت إنها كلها «رسمية»، وإنها حذفت «المراسلات الخاصة».
ولكن، لم يقنع ذلك قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس، وأعرب العضو الجمهوري بمجلس النواب ورئيس اللجنة التي تحقق في هجوم بنغازي تري غودي: «لا يحتاج أي شخص لشهادة في القانون ليقول إن كلينتون خرقت القانون. وخرقت التقاليد. بل، خرقت القيم الأخلاقية».
وأضاف غودي إنه «طلب من وزارة الخارجية كل وثيقة خلال الأربع سنوات التي كانت كلينتون خلالها وزيرة، وأنه سيستدعي كلينتون للشهادة أمام لجنته في مجلس النواب».
وهي اللجنة الخاصة التي أسسها الجمهوريون في مجلس النواب قبل عامين للتحقيق في الهجوم الإرهابي على القنصلية الأميركية في بنغازي، في ليبيا، حيث قتل السفير الأميركي في ليبيا كريستوفر ستيفنز، ودبلوماسيون أميركيون آخرون.
ويتهم الجمهوريون إدارة أوباما وخصوصا كلينتون بأنها حاولت إخفاء معلومات عن الاعتداء، وبأنها لم تقم بكل ما هو ممكن لتجنب سقوط القتلى الأميركيين في بنغازي.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.