بالتزامن مع احتدام المعارك على طول خط الجبهات في منطقة دونباس جنوب أوكرانيا، لوّحت أطراف روسية بتصعيد هجومها، خلال المرحلة المقبلة، وعادت بعض الأوساط للحديث عن «استعداد للاستيلاء على العاصمة كييف»، في حال تلقّت أوامر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهذا الشأن.
وحملت إشارة رئيس الشيشان رمضان قديروف حول استعداد القوات الروسية للوصول إلى كييف و«الاستيلاء عليها»، إشارة مهمة لاحتمالات التصعيد المقبلة، في إطار ما وُصف سابقاً بأنه «هجوم شامل» قد تطلقه موسكو مع اقتراب الربيع، علماً بأن التلويح بالسيطرة على العاصمة الأوكرانية كان قد غاب عن تصريحات القادة العسكريين الروس خلال أشهر.
وقال قديروف، الذي تقوم قواته بدور أساسي في معارك دونباس، وكان قد دعا، أكثر من مرة في السابق، إلى توسيع جبهات القتال واستخدام أسلحة نووية تكتيكية لإجبار أوكرانيا على الاستسلام، إن لديه «قوة حية يمكنها الوصول إلى كييف، والاستيلاء على العاصمة». وزاد أنه ينتظر الحصول على «أمر بهذا الشأن من القائد الأعلى للقوات المسلَّحة (بوتين)، وفور صدوره فإن وحداتنا في وزارة الدفاع والحرس الوطني والشرطة مستعدّة للتنفيذ». وأضاف: «الرئيس سيقرر».
وكان قديروف قد وجّه انتقادات قاسية لأداء القوات النظامية، لكنه أعرب لاحقاً عن دعمه سياسة التخلي عن بعض الأراضي، والتي أوضحتها وزارة الدفاع على أنها إعادة تجميع للقوات وتحصين لقدراتها. ورأى، في حديث مع وسائل إعلام، أمس الاثنين، «تعزيز الخطوات التكتيكية التي سمحت لنا بمتابعة سياستنا العسكرية، وهو أمر ضروري بالنسبة إلينا، اليوم؛ لتعزيز هجومنا». وأضاف أنه يرى ضرورة «الاستيلاء على أوديسا وخاركيف»؛ من أجل ضمان أمن البلاد. ووفقاً لرئيس الشيشان «لا تقاتل روسيا بكامل قوتها حالياً (..)، لكن لدينا ثقة من أنه بحلول نهاية العام سوف تكتمل جميع مهامّ العملية العسكرية بنسبة 100 %».
وقال قديروف إنه «لا يخشى نشوب حرب نووية عالمية»، مجدِّداً الدعوة إلى استخدام آليات حاسمة لإجبار أوكرانيا على الاستسلام. وزاد: «إذا بدأنا بنسبة 20 % على الأقل، فعندئذ كل هذه المدن الموجودة هناك، وجميع أماكن انتشارها، لن يبقى أحد في أي مكان. وإذا نفّذنا هذا، فكيف سيطلقون النار على أراضينا؟!».
كما أشار إلى أنه يرى «من الخطأ التفاوض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي؛ لأنه إرهابي، شيطاني، فاشي»، مضيفاً أنه «مستعدّ للتعامل مع الرئيس الأوكراني رجلاً لرجل إذا أرسله بوتين بهذه المهمة».
وجاء حديث قديروف مع تواصل التقدم البطيء للقوات الروسية في منطقة دونباس، ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، أمس الاثنين، نقلاً عن بيان لوزارة الدفاع، أن القوات الروسية تمكنت خلال 4 أيام من التقدم مسافة كيلومترين إلى الغرب على طول خط المواجهة في أوكرانيا. ونقلت الوكالة عن التقرير أن «الجنود الروس كسروا مقاومة العدو وتقدموا على عمق عدة كيلومترات في دفاعه المتدرج المستوى». وجاء في التقرير «أنه في غضون 4 أيام تحركت الجبهة مسافة مترين إلى الغرب». ولم تردْ تفاصيل عن الجزء الذي تحرَّك من خط المواجهة الواسع الذي يشمل عدة مناطق في الجنوب والشرق.
بدورها، وصفت الرئاسة الأوكرانية، أمس الاثنين، الوضع في مدينة باخموت التي تشهد أشرس المعارك في شرق أوكرانيا، بأنه «معقد»، غداة إعلان جماعة «فاغنر» الروسية المسلَّحة استيلاءها على بلدة في المنطقة. وأوضحت الرئاسة، في تقريرها اليومي: «الوضع قرب سوليدار معقّد، وتشهد بلدة باراسكوفييسكا قصفاً وهجمات مكثفة».
وبلدة باراسكوفييسكا هي التالية على الطريق المؤدي إلى باخموت، وتقع بمحاذاة بلدة كراسنا غورا التي أعلن قائد جماعة «فاغنر» الروسية المسلَّحة يفغيني بريغوجين السيطرة عليها، الأحد. وعناصر هذه الجماعة في الخطوط الأمامية لهذه المعركة.
كما أشارت هيئة أركان الجيش الأوكراني، في تقريرها اليومي أيضاً، إلى أن القوات الروسية قصفت 16 بلدة قرب باخموت، خلال اليوم المنصرم، بدبابات وقذائف هاون ومدفعية. وقال مسؤول في قوات الاحتلال الروسية في شرق أوكرانيا إن الزعيم الانفصالي دينيس بوشيلين أكد، الجمعة، أن قوات موسكو باتت تسيطر على 3 من طرق الإمدادات الأوكرانية الـ4 المؤدية إلى باخموت. وذكرت الرئاسة الأوكرانية كذلك أن الوضع «متوتر» قرب فوغليدار جنوباً؛ حيث تشن القوات الروسية هجوماً. وأوضحت أن «الروس يستمرون في قصف متواصل للبلدات المجاورة». وفي خيرسون في جنوب أوكرانيا، قُتل 3 أشخاص، وجُرح آخر في عمليات قصف خلال الساعات الـ24 الأخيرة، وفق المصدر نفسه.