توافق عربي على تعزيز صمود المقدسيين... ورفض محاولات «التهويد»

لجنة قانونية لدعم محاسبة المسؤولين عن الجرائم بحق الفلسطينيين

مؤتمر «دعم القدس» بالجامعة العربية
مؤتمر «دعم القدس» بالجامعة العربية
TT

توافق عربي على تعزيز صمود المقدسيين... ورفض محاولات «التهويد»

مؤتمر «دعم القدس» بالجامعة العربية
مؤتمر «دعم القدس» بالجامعة العربية

توافق المشاركون في مؤتمر «دعم القدس» بالجامعة العربية، الأحد، على إجراءات لتعزيز صمود المقدسيين، من بينها تأسيس آلية تمويل مشتركة لدعم المشاريع الهادفة إلى تعزيز صمود أهل القدس ومواجهة سياسات إسرائيل الهادفة إلى تقويض وجودهم، فضلاً عن تشكيل لجنة استشارية قانونية لدعم محاسبة المسؤولين عن «الجرائم بحق الفلسطينيين».
وعقد المؤتمر بمقر الجامعة في القاهرة، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، والمصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، فضلاً عن وفود وزارية عربية، والأمناء العامين في منظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي، وممثل رئيس أذربيجان (الرئيس الحالي لحركة عدم الانحياز).
وقال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في مؤتمر صحافي، إنه تم التوافق على تشكيل لجنة استشارية قانونية عربية لدعم الجهود والمساعي الفلسطينية الهادفة إلى إنصاف الشعب الفلسطيني ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الحالية والتاريخية المرتكبة بحقه، عبر آليات العدالة الدولية، وتقديم المشورة القانونية والمساندة الفنية والمالية اللازمة لهذه المساعي. والتوافق كذلك على تأسيس آلية تمويل تطوعية مشتركة في إطار الجامعة العربية لدعم المشاريع الصغيرة الهادفة إلى تعزيز صمود أهل القدس، ولمواجهة سياسات إسرائيل الهادفة إلى تقويض وجودهم بالقدس، وتعزيز صمود المقدسيين والحفاظ على بقائهم من خلال الاستثمار ودعم تلك المشاريع التنموية، وبالتحديد في قطاع الإسكان وقطاع التعليم والصحة والثقافة والشباب والمرأة.
وفي كلمته، أمام المؤتمر، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، أن تعزيز صمود الفلسطينيين واجب على كل العرب، محذراً من أن محاولات تهويد القدس «لن تؤدي إلا لمزيد من العنف»، وشدد على ضرورة الحفاظ على وضعها التاريخي حتى يتحقق السلام الدائم والشامل. وقال أبو الغيط: «هناك سعي إلى تقسيم الأقصى وطمس وجهه الإسلامي، سيؤدي إلى مزيد من الصراعات ومزيد من الكراهية»، مشيراً إلى أن الإجراءات الإسرائيلية في القدس بالغة التطرف، وتهدف إلى القضاء على الهوية الفلسطينية.
بدوره، جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موقف بلاده إزاء رفض أي إجراءات إسرائيلية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم لمدينة القدس ومقدساتها، وحذر السيسي من عواقب وخيمة قد تترتب على محاولة استباق أو فرض أمر واقع يؤثر سلباً على أفق مفاوضات الوضع النهائي، وجدد دعوته للمجتمع الدولي وشركاء السلام لضرورة العمل سوياً على إنفاذ حل الدولتين. ووجه رسالتين الأولى للشعب الفلسطيني قائلاً: «قضيتكم ما زالت أولوية لدى مصر والعرب... وإلى أن يتحقق طموحكم المشروع في إقامة دولتكم بعاصمتها القدس الشرقية، فإننا سنظل داعمين لصمودكم». والثانية لإسرائيل قائلاً: «حان الوقت لتكريس ثقافة السلام والتعايش، بل والاندماج بين شعوب المنطقة... ولهذا الغرض، مددنا أيدينا بالمبادرة العربية للسلام».
فيما طالب العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، المجتمع الدولي بتلبية حقوق الشعب الفلسطيني العادلة، مؤكداً أن الفترة الحالية تستدعي تكثيف الجهود لدعم صمود الشعب الفلسطيني. وأكد أن الأردن مستمر في بذل كل الجهود لحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ومواصلة مشاريع الصيانة والإعمار في المسجد الأقصى وكنيسة القيامة انطلاقاً من الوصاية الهاشمية.
من جهته، أعلن الرئيس الفلسطيني أن بلاده ستتوجه في الأيام القليلة المقبلة إلى الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، لتطالب باستصدار قرار يؤكد حماية حل الدولتين من خلال منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ووقف الأعمال الأحادية، وعلى رأسها الاستيطان، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة وقرارات الشرعية الدولية، والدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام. وقال أبو مازن: «إن دولة فلسطين تحتفظ بحقها، بل ستواصل الذهاب إلى المحاكم والمنظمات الدولية حماية لحقوق شعبنا المشروعة»، وشدد على حاجة القدس إلى من يعزز صمود المرابطين.
ودعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، في كلمة ألقاها نيابة عنه رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، لإقامة تحالف عالمي لإنقاذ مدينة السلام، والحفاظ على موروثها الحضاري والإنساني المشترك. وقال إن حماية مدينة القدس من مخططات تغيير الوضع التاريخي والقانوني فيها، ينبغي أن يكون عملاً صادقاً ومخلصاً، بعيداً عن نطاق الشعارات.
بدوره، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه وزير الخارجية رمطان لعمامرة، إن السياسات العنصرية المدانة التي يسعى الاحتلال لفرضها في مدينة القدس ومحاولته طمس هويتها العربية الإسلامية والمسيحية، والمساس بالوضع القائم فيها أو تدنيس مقدساتها، لن تحقق إلا مكاسب وهمية تجافي التاريخ والشرعية والديموغرافيا. وثمَّن انعقاد المؤتمر في سياق تفعيل أهم مخرجات القمة العربية المنعقدة بالجزائر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المنصرم.
وجدد الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح وزير خارجية الكويت استمرار بلاده في الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ودعم خياراته. وأدان كل ممارسات الاحتلال، التي تمثل تهديداً للقدس والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية.
وشدد وليد بن عبد الكريم الخريجي نائب وزير الخارجية السعودي، على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، مشيراً إلى إدانة السعودية لكافة الإجراءات الأحادية الإسرائيلية التي تقوض حل الدولتين، وطالب المجتمع الدولي بتحميل قوات الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعيات استمرار الجرائم والانتهاكات على الشعب الفلسطيني الأعزل وأرضه ومقدساته، وعلى تقويض فرص إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط.
بدوره، جدد حسين إبراهيم طه، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي التأكيد على دعم المنظمة للشعب الفلسطيني في كفاحه العادل من أجل نيل حقوقه الشرعية، ونوه برفض المنظمة المطلق وإدانتها لجميع الإجراءات غير القانونية التي تهدف إلى تعديل الواقع الجغرافي والديموغرافي والهوية العربية لمدينة القدس المحتلة، باعتبارها إجراءات لاغية وباطلة بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
من ناحيته، أكد وزير خارجية سلطنة عمان بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي على أهمية مبدأ الأرض مقابل السلام، الذي تضمنته مبادرة السلام العربية لحل الصراع العربي الإسرائيلي كحل عادل ودائم. ودعا إلى دعم القدس في القطاعات الإسكانية والصحية وغيرها من المشاريع في مجال التنمية المستدامة.
من جانبه، قال نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية التونسي إن الممارسات الإسرائيلية تجاوزت الحدود وطالت المقدسات، وأكد ضرورة التدخل الفوري والفاعل للمجتمع الدولي لوقف جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
بدوره، جدد خليفة شاهين المرر وزير دولة بالإمارات، رفض بلاده وإدانتها لأي إجراءات أو انتهاكات استفزازية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس والاقتحامات المتكررة لباحة المسجد الأقصى المبارك. فيما أعلن علي الصادق علي وزير الخارجية المكلف بالسودان رفض بلاده تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس المحتلة والمتمثلة في سياسة هدم المنازل وتهجير السكان على نحو قسري، مؤكداً ضرورة الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والمسيحية للقدس المحتلة.


مقالات ذات صلة

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا: استهداف إسرائيل لـ«حماس» و«حزب الله» غايته إجبار الفلسطينيين على الهجرة

أكدت تركيا أن هدف إسرائيل الرئيسي من ضرب حركة «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان هو جعل الفلسطينيين غير قادرين على العيش في أرضهم وإجبارهم على الهجرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية (الجامعة)

أبو الغيط: الموقف الأميركي «ضوء أخضر» لاستمرار «الحملة الدموية» الإسرائيلية

استنكر أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الخميس، استخدام الولايات المتحدة «الفيتو» لعرقلة قرار بمجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط (أ.ف.ب)

أبو الغيط يحذر من مغبة القانون الإسرائيلي بحظر «الأونروا»

وجَّه الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، اليوم (الخميس)، رسالتين يحذر فيهما من مغبة القانون الإسرائيلي بشأن حظر نشاط «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج الأمير عبد العزيز بن سعود خلال إلقائه كلمته في الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية (واس)

اتفاقية تعاون سعودية ـ مغربية متعددة المجالات

أبرمت السعودية والمغرب اتفاقية للتعاون في عدد من المجالات التي تجمع وزارتي «الداخلية السعودية» و«العدل المغربية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

القادة أمام القمة: مستقبل المنطقة والعالم على مفترق طرق

أجمع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية على رفض حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، واستمرار العدوان على لبنان.

عبد الهادي حبتور (الرياض )

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).