أنفق تشيلسي في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة أموالا طائلة على التعاقد مع لاعبين جدد، ومن الملاحظ أن عقود هؤلاء اللاعبين تمتد لسنوات طويلة وبمقابل مادي كبير أيضا. وكان تشيلسي قد تعامل بهدوء نسبي مع آخر فترتي انتقالات قبل إجبار مالكه السابق رومان أبراموفيتش على بيع النادي. وتساءل كثيرون خلال الأشهر القليلة الماضية عن كيف يمكن لتشيلسي أن يتحمل إنفاق ما يصل إلى 620 مليون جنيه إسترليني، بما في ذلك صفقة كريستوفر نكونكو التي أنهاها النادي وسيعلن عنها بشكل رسمي في يونيو (حزيران) المقبل. لكن ربما يكون السؤال الأكبر هو: لماذا يفعل تشيلسي كل هذا؟ وما الذي يحدث بالضبط؟
ومهما قام نادي تشيلسي بتنظيم الصفقات ومدتها كما يريد، فلا يزال يتعين عليه دفع تلك الأموال في مرحلة ما! إن ما يحدث في تشيلسي حاليا لا يفعله سوى ملياردير استحوذ على ناد ويريد فعل أي شيء من أجل الاستمتاع دون أن تكون لديه دراسة واضحة أو خطة طويلة الأمد، للدرجة التي قد تجعله يطالب بالتعاقد مع النجم البرازيلي السابق روبينيو الآن! وفي هذا الصدد، فإن الطريقة التي يقوم بها صندوق الاستثمارات العامة السعودي ببناء فريق قوي ومتماسك في نيوكاسل قد تصيب جماهير وعشاق تشيلسي بخيبة أمل كبيرة!
إن السنوات الـ 19 التي قضاها أبراموفيتش في تشيلسي كانت تكلفه 900 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا، لكن قيل لنا إنه لا يمكننا أن نتوقع مثل هذا الإنفاق الكبير من جانب مالك النادي الجديد تود بوهلي وشركة «كليرليك كابيتال». لكن الحقيقة هي أننا لم نكن نتوقع على الإطلاق مثل هذا الإنفاق الغريب من جانب شركة أسهم خاصة، فالملاك الجدد لتشيلسي ليسوا رجال أعمال متهورين يطالبون بالتعاقد مع لاعب خط وسط مقابل 100 مليون جنيه إسترليني وكأنهم يقومون بشراء حامل منشفة مرصع بالماس، لكنهم رأسماليون استحوذوا على النادي في الأساس من أجل جني أرباح!
دعونا نعترف بأنهم قد يكونون رأسماليين غير ناجحين، والدليل على ذلك أن تشيلسي فشل في إعارة اللاعب المغربي حكيم زياش إلى باريس سان جيرمان بسبب عدم قدرته على إرسال الوثائق الصحيحة: مرة لأن البريد الإلكتروني لم يُرسل الرسالة، ومرة أخرى لأن النادي أرسل وثائق غير موقعة! إنه أيضا نفس النادي الذي أمضى شهرا في مفاوضات مع بنفيكا من أجل التعاقد مع اللاعب الأرجنتيني إنزو فرنانديز قبل أن يدفع الشرط الجزائي في عقد اللاعب والبالغ 120 مليون يورو الذي طالب به النادي البرتغالي منذ البداية!
وقال المدير الفني لتشيلسي، غراهام بوتر، الشهر الماضي: «مالكو النادي من أصحاب المليارات، لذا فهم أذكياء للغاية، وأذكى مني بكل تأكيد». قد يكون هذا صحيحا، على الرغم من أن سلوك إيلون ماسك في الآونة الأخيرة يعني أنه لا يتعين علينا أن نفترض دائما أن المليارديرات أذكياء! لكن دعونا نفترض أن المدير الفني لتشيلسي على حق، ونفترض أن بوهلي والمؤسس المشارك لشركة «كليرليك كابيتال»، بهداد إقبالي، ذكيان ويستغلان الفرصة بشكل جيد، فما هي هذه الفرصة إذن؟ وكيف يمكن لهذا الإنفاق السخي أن يحقق عائدا لمستثمري شركة «كليرليك كابيتال» ؟
وهل يمكن أن يكون هناك مصدر جديد لزيادة الإيرادات بشكل كبير؟ ربما يكون هذا صحيحا، خاصة أن المدير الفني للاتحاد الدولي لكرة القدم، جياني إنفانتينو، يمضي قدما في خططه لتوسيع كأس العالم للأندية اعتبارا من عام 2025. أو ربما يكون هناك شعور بأن الدوري الإنجليزي الممتاز نفسه يتحول الآن إلى دوري السوبر - فنادي ساوثهامبتون، كما هو الحال مع تشيلسي أيضا، أنفق في فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة أكثر من جميع أندية أي دوري أوروبي آخر! فما يحدث الآن هو التفاخر بإنفاق الأموال، وتضخيم أسعار اللاعبين في سوق الانتقالات، وتكديس اللاعبين الموهوبين في الدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتالي تحويل دوريات إسبانيا وإيطاليا وألمانيا إلى مجرد بطولات «مغذية» للدوري الإنجليزي الممتاز من خلال إعداد اللاعبين الجيدين ثم بيعهم له، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة شعبية وجاذبية الدوري الإنجليزي الممتاز عندما يتعلق الأمر بحقوق البث التلفزيوني في الخارج.
قد يساعد تطوير ملعب «ستامفورد بريدج» نادي تشيلسي في زيادة إيراداته، لكن هذا الملعب يواجه صعوبات فريدة من نوعها، نظرا لأنه يقع بين مقبرة وخط للسكك الحديدية. يمكن توسعة هذا الملعب، ولكن بتكلفة باهظة وعلى مدى فترة زمنية يمكن أن تمتد إلى خمس سنوات، وهو ما يعني الانتظار لوقت طويل حتى يتمكن النادي من جني الأرباح. وقبل عيد الميلاد مباشرة، قال إقبالي إن الملاك الجدد: «يعتقدون أن الرياضة الأوروبية ربما تكون متأخرة 20 عاما عن الرياضة الأمريكية من حيث التطور في الجانب التجاري». ربما تكون هناك بعض المكاسب التي يسعى النادي لتحقيقها، لكن تشيلسي ليس أول نادٍ في الدوري الإنجليزي الممتاز يتم الاستحواذ عليه من قبل أشخاص قادمين من الرياضة الأمريكية. فلماذا لم يستغل أي من هؤلاء المُلاك هذه الفرص حتى عندما كانت الظروف الاقتصادية العالمية أفضل مما هي عليه الآن؟
لقد تحدث إقبالي عن أهمية البيانات، وتعاقد مع بول وينستانلي من نادي برايتون ليكون رئيسا للجنة التعاقدات، نظرا لأن نادي برايتون كان يقوم بعمل رائع في سوق انتقالات اللاعبين تحت قيادة وينستانلي خلال السنوات الأخيرة. لكن هل يمكن لأي بيانات أو تحليلات أن تتنبأ بما إذا كان ميخايلو مودريك وديفيد داترو فوفانا ونوني مادويك سيشكلون معا خط هجوم متوازنا أم لا؟ في الحقيقة، ربما يكون الأمر صعبا لأن هؤلاء اللاعبين الثلاثة ليست لديهم خبرات كبيرة ويغلب الحماس على أدائهم داخل الملعب.
وبالتالي، فإن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل هناك فلسفة واضحة ومدروسة وراء هذا الإنفاق السخي بخلاف أن هؤلاء اللاعبين صغار في السن؟ (وماذا يعني هذا بالنسبة لأكاديمية تشيلسي للناشئين، والتي كانت تُعتبر ناجحة للغاية؟) وإذا كانت هناك خطة مدروسة ومفصلة بالفعل، فما تفسير تحرك النادي فجأة في اليوم الأخير من فترة الانتقالات الشتوية لمحاولة التعاقد مع لاعب خط الوسط المغربي سفيان أمرابط من فيورنتينا؟ وماذا عن اللاعبين الموجودين بالفعل في النادي؟ وهل سيتخلى النادي عن اللاعبين الذين ضمهم بمبالغ مالية طائلة الصيف الماضي؟ وإذا كان تعاقد تشيلسي مع لاعبين شباب بموجب عقود طويلة الأمد يعني حماية أصول النادي لفترات طويلة، فإنه يعني أيضا أن تشيلسي ستكون لديه التزامات مالية كبيرة. في النهاية، هناك احتمالان لما يحدث: إما أن كرة القدم على وشك أن تتغير بطرق لم يتوقعها أي شخص آخر، أو أن بوهلي و«كليرليك كابيتال» يرتكبان أخطاء مكلفة للغاية!