كيف أنقذت أفريقيا روسيا من محاولات «العزل» الغربية؟

بعد جولات سيرغي لافروف بالقارة السمراء

مواطنون في مالي يرفعون الأعلام الروسية للترحيب بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة باماكو الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
مواطنون في مالي يرفعون الأعلام الروسية للترحيب بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة باماكو الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

كيف أنقذت أفريقيا روسيا من محاولات «العزل» الغربية؟

مواطنون في مالي يرفعون الأعلام الروسية للترحيب بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة باماكو الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
مواطنون في مالي يرفعون الأعلام الروسية للترحيب بزيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى العاصمة باماكو الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أمس الجمعة، إن جهود الغرب لعزل بلاده «فشلت تماماً»، وإن موسكو «تبني علاقات أقوى مع دول في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ، وأماكن أخرى».
تصريحات لافروف جاءت في أعقاب جولة استمرت قرابة أسبوع، جاب خلالها عدداً من دول القارة الأفريقية، شملت مالي وموريتانيا والسودان، بالإضافة إلى العراق من خارج القارة.
ونقلت وكالة «رويترز» عن لافروف قوله لدبلوماسيين روس بمقر وزارة الخارجية، عقب عودته من جولته الأخيرة: «اليوم يمكننا أن نؤكد أن خطط الغرب لعزل روسيا أخفقت تماماً»، مضيفاً: «على الرغم من الأعمال المعادية لروسيا التي نظمتها واشنطن ولندن وبروكسل، فإننا نعزز علاقات حسن الجوار بالمعنى الواسع لهذا المفهوم مع الأغلبية الدولية».
وهذه الجولة هي الثالثة لوزير الخارجية الروسي في أفريقيا خلال أقل من عام؛ إذ زار مؤخراً جنوب أفريقيا وإسواتيني وأنغولا وإريتريا، وسبقتها جولة في منتصف العام الماضي، ضمت مصر وإثيوبيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية.
وامتنعت 17 دولة أفريقية عن التصويت على قرار يدين روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في مارس (آذار) الماضي، على خلفية العملية العسكرية التي تخوضها في أوكرانيا، ومثلت الدول الأفريقية نصف عدد الدول التي امتنعت عن التصويت آنذاك، وهو ما اعتبره مراقبون تجسيداً لتنامي الحضور الروسي في القارة الأفريقية.
ويرى إبراهيم إدريس، الباحث في الشؤون الأفريقية، أن أفريقيا «ساهمت بالفعل في إفشال محاولات الغرب لمحاصرة روسيا على خلفية الصراع في أوكرانيا»؛ مشيراً إلى أن كثيراً من الدول الأفريقية أعلنت مواقف متوازنة في هذا الصدد، برفضها الاعتداء على أوكرانيا، وفي الوقت ذاته التأكيد على رفضها العقوبات الغربية القاسية ضد روسيا ومحاولات حصارها.
وأوضح إدريس لـ«الشرق الأوسط» أن لافروف خلال جولاته بالقارة استطاع استقطاب كثير من الدول الأفريقية، وتحييد دول أخرى، وأنه استخدم مدخلاً مقبولاً لدى معظم تلك الدول، سواء بالتركيز على الدعم الاقتصادي، أو التأكيد على رفض سياسة الأقطاب، والدعوة إلى تمثيل متوازن لكل دول العالم في مجلس الأمن، وهي مواقف تلقى تجاوباً من جانب الدول الأفريقية.
وأشار الباحث في الشؤون الأفريقية، إلى أن الدبلوماسية الروسية تتحرك بفاعلية في دوائر أكثر تقبلاً لها في أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها، وتقدم نفسها فاعلاً رئيسياً في ملفات ذات أهمية استراتيجية، وهو ما يعزز حضورها دولياً، ويصعب بالفعل من محاولات محاصرتها؛ خصوصاً أنها تستعد لاستضافة القمة الروسية الأفريقية الثانية منتصف العام الحالي، وهو ما يثير حفيظة الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة التي بدأت حملات مضادة لتثبيت نتائج القمة الأميركية الأفريقية العام الماضي، وتحجيم تأثير النشاط الروسي في دول القارة، فأوفدت واشنطن مؤخراً وزيرة الخزانة، وتقوم مولي في، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية بجولة حالياً في القارة.
وكانت روسيا قد استضافت أول قمة مع دول القارة في سوتشي، في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ووقَّع القادة الروس والأفارقة خلالها أكثر من 50 وثيقة للتعاون في مختلف المجالات، بقيمة تتجاوز 12.5 مليار دولار. كما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة شطب ديون بقيمة 20 مليار دولار مستحقة على الدول الأفريقية لصالح روسيا، في خطوة تهدف لتخفيف أعباء الديون عن كاهل الدول الأفريقية.
من جانبه، يرى السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، ونائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، أن روسيا نجحت خلال السنوات الأخيرة في تطوير علاقات اقتصادية وأمنية وعسكرية متنامية مع الدول الأفريقية، وقد ارتفع حجم تبادلها التجاري بين دول القارة بنسبة تجاوزت 34 في المائة خلال العام الماضي.
وأوضح حليمة لـ«الشرق الأوسط» أن روسيا تنظر إلى أفريقيا وفق منظور استراتيجي منذ سنوات، حتى قبل اندلاع الحرب مع أوكرانيا، وأنها تحركت في شرق القارة وغربها بصورة نشطة خلال السنوات الأخيرة، مضيفاً أن موسكو استطاعت بالفعل بناء تحالفات قوية تمكنها من تجاوز أي محاولات لعزلها، فضلاً عن وجودها العسكري القوي، وخصوصاً في دول الساحل والصحراء، سواء عبر الاتفاقيات الدفاعية الرسمية، أو من خلال الدور الذي تلعبه شركة «فاغنر» الروسية.
ويعتقد نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، أن التنافس الدولي الواضح على القارة الأفريقية، يمكن توظيفه بشكل إيجابي من خلال تقديم القوى الكبرى دعماً ومساندة واضحة تحتاجها دول القارة؛ لكنه حذر أيضاً من خطورة تحويل أفريقيا إلى ساحة للحرب الباردة والمواجهة بين نفوذ القوى العالمية، والتي يمكن أن تؤدي لمزيد من الأزمات مستقبلاً.


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.