وزير الداخلية الليبي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» صحة وجود مخطط لتصفيته في تونس

حكومة الثني تتمسك رسميًا بروايتها.. والسلطات الأمنية التونسية تنفي

وزير الداخلية الليبي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» صحة وجود مخطط لتصفيته في تونس
TT

وزير الداخلية الليبي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» صحة وجود مخطط لتصفيته في تونس

وزير الداخلية الليبي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» صحة وجود مخطط لتصفيته في تونس

تمسكت السلطات الشرعية المعترف بها دوليا في ليبيا بروايتها الرسمية عن تعرض وزير داخليتها مصطفى الدباشي، لمحاولة اغتيال خلال زيارة خاصة إلى تونس، على الرغم من إعلان وزارة الداخلية التونسية أنه «لا وجود لتلك المحاولة أصلا».
وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان لها: «خلافا لما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام من أخبار مفادها إحباط السلطات الأمنية التونسية محاولة اغتيال وزير الداخلية الليبي بحكومة طبرق الدباشي، تعلم وزارة الداخلية بعدم صحة تلك الأخبار ولا وجود لتلك المحاولة أصلا». لكن وزير الداخلية الليبي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من تونس، إنه تم اكتشاف العملية التي كانت مخططة لاغتياله بعدما حذره مواطن ليبي لم يذكر الوزير هويته. وروى الدباشي أن شخصا تونسي الجنسية تم اعتقاله بعدما أرشد عنه شخص ليبي، مضيفا: «تلقيت اتصالا من الشخص الليبي يبلغني فيه بتفاصيل ما حدث وعلى الفور تم التنسيق مع السلطات الأمنية التونسية». وتابع: «تم الدخول إلى صفحة المواطن التونسي على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، وتم اعتقاله وهو الآن بحوزة السلطات الأمنية التونسية».
ورفض وزير الداخلية الليبي توجيه أصابع الاتهام إلى أي جهة أو تحديد دوافعها، لافتا إلى أنه في انتظار انتهاء السلطات التونسية من التحقيقات اللازمة. وأثنى الدباشي على ما وصفه بيقظة الأمن التونسي وسرعة استجابته، مؤكدا قوة العلاقات بين الشعبين الليبي والتونسي، وأنه لا شيء يمكنه التأثير في العلاقات بين البلدين، على حد قوله.
وأعادت الصفحة الرسمية للحكومة الليبية المعترف بها دوليا والتي يترأسها عبد الله الثني، نشر نص بيان لوزارة الداخلية الليبية، يؤكد أن «السلطات التونسية تمكنت من إحباط محاولة اغتيال كانت تستهدف وكيل وزارة الداخلية والوزير المكلف بتسيير مهامها أثناء وجوده في دولة تونس».
وقالت الوزارة في بيانها إنها «تتوجه بالشكر للسلطات الأمنية التونسية على مجهوداتها في إحباط ما وصفته بالمخطط الإرهابي الجبان لاغتيال الدباشي، وذلك بالقبض على الإرهابي الذي يحمل الجنسية التونسية، ويرتبط بجماعة إرهابية ليبية أثناء تخطيطه للجريمة».
وعدت أن «مثل هذه المحاولات الجبانة لن تحبط من عزيمة القيادات الأمنية الليبية، ولن تثنيهم عن السير في طريقهم نحو تأمين المدن الليبية وحفظ الأمن في البلاد».
من جهته، رد حاتم العريبي، الناطق الرسمي باسم حكومة الثني التي تتخذ من مدينة البيضاء بشرق ليبيا مقرا لها، على بيان النفي التونسي، قائلا: «لا جود لما يسمى بحكومة طبرق إلا في خيال من يتحالف مع الطرف الآخر»، في إشارة إلى العلاقات التي تربط السلطات التونسية مع حكومة الإنقاذ الوطني المدعومة من ميليشيات فجر ليبيا التي تسيطر بقوة السلاح على العاصمة الليبية طرابلس منذ صيف العام الماضي.
وأضاف العريبي لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكومة الليبية تنفي ما هو منسوب للداخلية التونسية من أن محاولة اغتيال الدباشي غير صحيحة، وتؤكد الحكومة الليبية في المقابل أنها عملية اغتيال وتم القبض على شخص تونسي مخطط العملية».
وقال لاحقا في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية الرسمية إن «التحقيقات الأولية تجري مع المتهم التونسي المرتبط بجماعة إرهابية ليبية معلومة لدى السلطات الليبية». وبعدما لفت إلى تحريز كل المراسلات بين المتهم ومجموعته بشأن التخطيط لاغتيال الدباشي، أشار إلى أن نسخا منها وصلت للسلطات الليبية المختصة.
إلى ذلك، قالت رئاسة الجيش الليبي في بيان لها إن غرفة عمليات العاصمة طرابلس هي الجهة الرسمية الوحيدة المشرفة على سير كل العمليات العسكرية، حتى تحرير المدينة، وشددت على أن أي جهة أو شخص يحاول التدخل لا يعتد به ما لم يكن لديه تكليف من قائد الغرفة العقيد إدريس مادي.
وأضافت: «أي قوة غير معتمدة لدى الغرفة، ستعتبر ميليشيات خارجة عن القانون وسيتم التعامل معها بكل حزم».
وتسود الفوضى في ليبيا حيث توجد حكومتان وبرلمانان تتصارع فصائل مسلحة تابعة لهما من أجل السيطرة على البلاد بعد أربع سنوات على الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.