دعوات لتحرير ثاني أكبر ميناء في اليمن.. على غرار ميناء عدن

مصادر من مرفأ الحديدة تشكو سطوة الحوثيين عليه وتردي عائداته

سفينة مساعدات غذائية لدى وصولها إلى ميناء عدن مؤخرا (رويترز)
سفينة مساعدات غذائية لدى وصولها إلى ميناء عدن مؤخرا (رويترز)
TT

دعوات لتحرير ثاني أكبر ميناء في اليمن.. على غرار ميناء عدن

سفينة مساعدات غذائية لدى وصولها إلى ميناء عدن مؤخرا (رويترز)
سفينة مساعدات غذائية لدى وصولها إلى ميناء عدن مؤخرا (رويترز)

منذ إحكام سيطرتهم على مدينة الحديدة الواقعة غرب اليمن ومينائها، ثاني أكبر ميناء في البلاد، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إثر بسط سلطتهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول)، منع الحوثيون رئيس مجلس إدارة ميناء الحديدة القبطان محمد إسحاق من دخول الميناء، مما دعا كل الموظفين والعمال للدخول في إضراب عن العمل احتجاجا. وشهدت مدينة الحديدة وبعض مديرياتها في أوقات متفرقة احتجاجات حاشدة تطالب بطرد المسلحين الحوثيين من المدينة وإقليم تهامة عموما.
وقالت مصادر من الميناء لـ«الشرق الأوسط» إن سيطرة المسلحين الحوثيين على الميناء تسببت في كساد وتعطل في العمل، مضيفة أن الأمر سيزداد سوءا بعد توجيه المساعدات الأممية إلى ميناء عدن الذي يعد الميناء الأول في البلاد.
وقال أحد العاملين في جمارك ميناء الحديدة، طالبا عدم كشف هويته، إن «ميناء الحديدة توقف عن العمل منذ سيطرة جماعة الحوثي عليه، والآن سيتوقف أيضا بشكل كلي بعدما تحولت المساعدات الغذائية إلى ميناء عدن بعد دحر المسلحين الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح من المدينة الجنوبية. وأضاف المصدر أن «سيطرة الحوثيين على الميناء تسببت في واحدة من أكبر المشكلات التي يواجهها الميناء، إذ غادر كثيرون العمل، ومن بقي منهم يعدون من الموالين للمسلحين الحوثيين. الجماعة تحتكر كل شيء في الميناء وقد تسببت في أزمات بالعمل».
وتشير المصادر الخاصة إلى أن «المسلحين الحوثيين باتوا يتدخلون في كل أعمال الميناء لدرجة أنهم باتوا يتسلمون الغرامات الجمركية ومبالغ مالية كبيرة دون وجه حق، بمعنى أنهم باتوا أصحاب اليد الطولى داخل الميناء». وأضافت المصادر: «حتى الشيكات لا يتم التوقيع عليها إلا بعد الرجوع إليهم، وبشكل خاص لمندوبهم الذي يسمى مندوب أنصار الله (الحوثيين)، وهو يدعى أبو علي الكبسي، ورئيس موانئ البحر الأحمر المعين من قبلهم جمال عايش لا يقوم إلا بتنفيذ ما يطلبونه منه».
ودعت المصادر التي تتحدث باسم بعض العمال المستقلين في الميناء، الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وقوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، إلى تحرير ميناء الحديدة، على غرار تحرير ميناء عدن.
وكان وزير النقل اليمني بدر باسلمة، قد أبلغ الأمم المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي بضرورة إيصال المساعدات للمتضررين وتوزيعها بشكل عادل عن طريق ميناء الحديدة، مضيفا أنه في حال لم يحدث ذلك سيغلق ميناء الحديدة كإجراء احتجاجي حتى يتم إيصال المساعدات الإغاثية لمستحقيها، متهما المسلحين الحوثيين بحصر المساعدات في ميناء الحديدة للاستيلاء عليها.
وقد ساعد أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في مساندة المسلحين الحوثيين للسيطرة على ميناء الحديدة الاستراتيجي، بعدما تمكنوا أيضا من بسيط سيطرتهم وانتشارهم على المطارين العسكري والمدني وجميع مرافقها الحيوية بالإضافة إلى قلعة «الكورنيش» التاريخية على الخط الساحلي، مما جعل أبناء تهامة يشكون من حالة التهميش في ظل ما سموه بـ«استمرار سياسية التهميش»، التي يقولون إن النظام الحالي ورثها من النظام السابق، مما كان سبب تفجير ثورة التغيير في الحادي عشر من فبراير (شباط) 2011، ومع هذا تمكنت الجماعة من السيطرة بشكل كامل على الميناء وتغيير رئيس موانئ البحر الأحمر القبطان محمد إسحاق من دخول الميناء، وعينت بدلا عنه نائب الرئيس التنفيذي لميناء الحديدة جمال عايش، بسبب رفض إسحاق تنفيذ بعض مطالبهم، ومنها توظيف أكثر من 100 شخص من المسلحين الحوثيين بالميناء بشكل رسمي، وهو ما رفضه في حينها رئيس القبطان محمد إسحاق.
وتؤكد المصادر الخاصة في ميناء الحديدة لـ«الشرق الأوسط» أن «تغيير القبطان محمد إسحاق وتعيين نائبه جمال عايش رئيسا للموانئ كان بسبب رفض إسحاق تنفيذ بعض المطالب التي تقدموا بها يريدون منه تنفيذها، ومنها توظيف ما يقارب 120 شخصًا بشكل رسمي».
ويعد ميناء الحديدة من أهم الموانئ اليمنية والبوابة الرئيسية على البحر الأحمر التي تطل من خلالها على العالم الخارجي، وتمر عبرها ومن خلالها مختلف الصادرات والواردات. وهو الأمر الذي جعل المسلحين الحوثيين ينظرون إليه بعين الطمع ليحكموا سيطرتهم عليه ويعملوا على تغيير رئيس مجلس إدارته، واستبدال أحد الموالين لهم به. وكانت جماعة الحوثي المسلحة قد أعلنت في مارس (آذار) الماضي أنها أبرمت اتفاقًا مع إيران يقضي بتطوير وتوسعة ميناء الحديدة الذي تسيطر عليه الجماعة، وتعزيز التعاون في مجال النقل البحري، الأمر الذي لم يلقَ قبولا بين الأوساط السياسية واعتبروا أن الحوثيين فتحوا بذلك بابًا أمام إيران لبسط نفوذها في اليمن.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.