كيف أثر انخفاض قيمة الجنيه على مصروفات التعليم الأجنبي في مصر؟

وسط قلق بين الطلاب وأولياء الأمور

جانب من اجتماع الجامعة الأميركية مع الطلاب بعد المظاهرات (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
جانب من اجتماع الجامعة الأميركية مع الطلاب بعد المظاهرات (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
TT

كيف أثر انخفاض قيمة الجنيه على مصروفات التعليم الأجنبي في مصر؟

جانب من اجتماع الجامعة الأميركية مع الطلاب بعد المظاهرات (الجامعة الأميركية بالقاهرة)
جانب من اجتماع الجامعة الأميركية مع الطلاب بعد المظاهرات (الجامعة الأميركية بالقاهرة)

منذ بث مقاطع مُصوّرة من «مظاهرات» طلابية داخل حرم الجامعة الأميركية بالقاهرة قبل أيام، وتلقى تلك المقاطع حالة من التفاعل الواسع الذي تخطى حدود تلك المؤسسة التعليمية الأجنبية الأعرق في العاصمة المصرية.
وأظهرت المقاطع المصوَّرة مظاهرات لعشرات الطلاب داخل الجامعة يبدون فيها اعتراضهم على «ارتفاع المصروفات الدراسية»، وسط هتافات تخاطب إدارة الجامعة بـ«إعادة النظر في هذا الارتفاع، عقب انخفاض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار» (الدولار وصل إلى 30.36 جنيه حتى مساء أمس الأربعاء). واكتفى بعض المتظاهرين برفع لافتات باللغتين العربية والإنجليزية تربط بين رفع الأسعار وجوهر العملية التعليمية مثل «لا... لتسليع التعليم»، وسط احتجاجات شفهية على ما يُعتبر «مضاعفة» للمصروفات التعليمية، حيث ارتفعت مما يعادل 370 ألف جنيه مصري في السنة إلى نحو 700 ألف جنيه.
وبالإشارة للوقفة الاحتجاجية التي قام بها بعض طلاب الجامعة الأميركية بالقاهرة اعتراضاً على المصروفات، توضح رحاب سعد، مديرة الإعلام المتحدثة باسم الجامعة، أن «الجامعة الأميركية بالقاهرة لم تقم بزيادة المصروفات الدراسية هذا العام، بل هي ثابتة من العام الماضي». وتضيف أن «المصروفات تُحسب بالدولار الأميركي ويدفعها الطلاب المصريون بالجنيه المصري حسب سعر الصرف، وقد أدى قرار انخفاض الجنيه المصري إلى زيادة المصروفات التي يدفعها الطلاب لفصل الربيع الدراسي».
وأكدت رحاب سعد لـ«الشرق الأوسط» أن «الجامعة قامت بعد إعلان انخفاض الجنيه بأيام بإصدار مجموعة من القرارات التي من شأنها تقليل تأثير تخفيض العملة على الطلاب، وأبرزها إنشاء صندوق للطوارئ لدعم الطلاب الذين لا يستطيعون سداد المصروفات بسعر الصرف الجديد، ومنح 10 في المائة تخفيضاً على مصروفات الجامعة لفصل الربيع الدراسي للطلاب المسددين للمصروفات قبل 9 فبراير (شباط) الحالي».
وتشير المتحدثة باسم الجامعة الأميركية بالقاهرة، إلى أن «الجامعة تقوم بمنح العديد من المساعدات المالية والمنح الدراسية للطلاب؛ سواء طلاب البكالوريوس أو الدراسات العليا بميزانية تُقدَّر بـ39 مليون دولار سنوياً، وتمت زيادة هذه الميزانية بعد قرارات التعويم الأخيرة بنسبة 15 في المائة، لتصبح 45 مليون دولار»، لافتة إلى أن «نحو 3000 طالب (40 في المائة من طلاب الجامعة) لا يدفعون الرسوم الدراسية كاملة، بما في ذلك 850 طالباً يتلقون منحاً دراسية كاملة».
وحول ما أُثير عما ستؤدي إليه تلك الزيادة في المصروفات من تعثر بعض الطلبة في سنواتهم الدراسية بالجامعة مع سعر الصرف الجديد. تقول سعد: «تتعهد الجامعة الأميركية بالقاهرة بألا يُجبر أي طالب على ترك الدراسة فيها بسبب عدم قدرته على دفع الرسوم الدراسية، وتقوم الجامعة بإجراء حوارات دورية مع مجتمعها لمناقشة الأمور المهمة المتعلقة بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين، بما في ذلك اجتماع عُقد هذا الأسبوع، حيث قامت الإدارة العليا للجامعة بمناقشة تأثير التعويم على أعضاء مجتمع الجامعة، والرد على أسئلة الطلاب في هذا الشأن». وتشير: «بالإضافة إلى الإجراءات الخاصة بدعم الطلاب، تقوم الجامعة بدعم الموظفين وعدد من أعضاء هيئة التدريس؛ بمنحهم مساعدة مالية لمرة واحدة في كشوف رواتب فبراير، للمساعدة في التخفيف من تأثير تخفيض قيمة الجنيه».
وتراوحت ردود الفعل حول «فيديوهات» تظاهر طلبة الجامعة الأميركية ما بين إشارة إلى أن انخفاض قيمة الجنيه وصلت أصداؤه إلى أبناء الجامعة الأميركية بوصفهم أبناء «طبقة اجتماعية مرتفعة» وميسورة اقتصادية من جهة، وتلويح بأن القضية تتجه لأبعاد «طبقية» أكثر منها للالتفات إلى قضية طلابية تجاه ارتفاع أسعار مصروفات دراسية من جهة أخرى.
وعلّق على تلك القضية أحد صُناع المحتوى «المؤثرين» على «السوشيال ميديا»، وهو حسين سيد، الذي يُتابع صفحته، «إنفورما»، أكثر من 10 ملايين متابع على «فيسبوك» و«تيك توك». وقال، في فيديو بثه على صفحته: «المتظاهرون في الجامعة الأميركية ليس هدفهم هنا الحصول على تعاطف المصريين».
ويضيف سيد، الذي درس الهندسة وتخرج في الجامعة الأميركية بالقاهرة: «تلك المظاهرات تهدف إلى مخاطبة مسؤولي الجامعة في المقام الأول؛ فربما يسفر التظاهر عن الاستجابة لمطالبهم، فكما أن هناك أولياء أمور أغنياء لن يؤثر انخفاض قيمة الجنيه في قدرتهم على الدفع لأبنائهم، فإن هناك أولياء أمور آخرين يقترضون حتى يؤمّنوا لأبنائهم فرصة التعلم في الجامعة الأميركية، وهؤلاء هم مَن وقف أبناؤهم للتظاهر من أجل تخفيض المصروفات، لأن ارتفاعها بهذا الشكل قد يعيقهم عن الاستمرار في التعلُّم بالجامعة؛ فطلاب الجامعة الأميركية ليسوا كما تُصوِّرهم (السوشيال ميديا) يمتلكون سيارات فارهة؛ فهناك مَن يدرسون بمنح وهناك من تعاني عائلاتهم من أجل دفع مصروفات الجامعة».
وسبق أن شهدت الجامعة الأميركية مظاهرات طلابية مشابهة في أعقاب تعويم الجنيه عام 2016؛ ما يجعل مظاهرات فبراير 2023 موجة «تجدد المطالبة بوضع سقف للمصروفات بما لا يجاري صعود الدولار».
ويرى الخبير الاقتصادي المصري، الدكتور خالد الشافعي، أن «أزمة صعود مصروفات الجامعة الأميركية تعيد التأكيد على ضرورة تحديد قيمة المصروفات الدراسية بعملة البلد المضيف وليس بما يوازيها بالدولار». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجب على كل من مجلس الوزراء المصري ومجلس النواب المصري (البرلمان) النظر في تحديد المؤسسات الدولية في مصر للمصروفات بالعملات الأجنبية، وذلك يشمل جميع المؤسسات، بما فيها المؤسسات التعليمية الأجنبية، فهذا الأمر مُتبع لدى معظم دول العالم، حيث تحدد الجامعات على أرضها مصروفاتها بالعملة المحلية وليس بالأجنبية وتغيّرات أسعار الصرف».



«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
TT

«إصلاح» موازنة الاتحاد الأوروبي ينذر بصدام بين أعضائه

اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)
اجتماع سابق في أبريل لمجلس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوروبية (موقع المفوضية)

من المقرر أن تدفع بروكسل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي نحو إصلاح جذري لموازنتها المشتركة البالغة 1.2 تريليون يورو، وربط المدفوعات بالإصلاحات الاقتصادية بدلاً من تعويض البلدان الأكثر فقراً بشكل تلقائي.

وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز»، ستبدأ المحادثات بشأن الجولة التالية من الموازنة طويلة الأجل في الخريف، مما سيشكل انطلاقة لواحدة من أكثر مفاوضات السياسة تعقيداً وتوتراً في الاتحاد الأوروبي. وستكون إحدى التغييرات الأكثر إثارة للجدال التي تسعى إليها المفوضية الأوروبية هي إعادة تنظيم القواعد التي تحكم ما يسمى صناديق التماسك، والتي توزع عشرات المليارات من اليورو سنوياً لسد الفجوة الاقتصادية بين الأجزاء الأكثر ثراءً والأفقر في الاتحاد.

يزعم أنصار التغييرات أن ربط الإصلاحات، مثل التغييرات في معاشات التقاعد أو الضرائب أو قوانين العمل، بالمدفوعات سيجعل الإنفاق أكثر فاعلية وتأثيراً. وقال أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي المطلعين على العمل الأولي لموازنة 2028 - 2034 إن ما يسمى الدول المتلقية الصافية، أي الدول الأعضاء التي تتلقى من الموازنة أكثر مما تضع فيها، «بحاجة إلى فهم أن العالم، حيث تحصل على مظروف من تمويل التماسك من دون شروط... رحل».

أقر مسؤول ثانٍ في الاتحاد الأوروبي بأن التحول سيكون «لحظة حاسمة إلى حد كبير». ولكن من المرجح أن يثير مثل هذا التغيير خلافاً شديداً بين الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي، والتي يجب أن تقضي الآن سنوات في محاولة التوصل إلى اتفاق بالإجماع بشأن حجم الموازنة المشتركة وما يجب إنفاقها عليه.

هل يحصل التمديد؟

في ظل التحديات التي تتراوح من الحرب في أوكرانيا إلى إعادة تجهيز اقتصادها للتنافس مع الصين والولايات المتحدة، تكافح بروكسل لتمديد موازنتها الحالية، التي تستمر حتى عام 2028. وفقاً للموازنة الحالية، يذهب نحو ثلثها نحو سد الفجوات بين المناطق الأكثر فقراً والأكثر ثراءً ويتم دفع ثلث آخر في شكل إعانات زراعية. وينقسم الباقي بين تمويل البحوث ومساعدات التنمية وتكلفة تشغيل آلية الاتحاد الأوروبي.

ستحاكي بنود الشرط المقترح هذا المرفق بصندوق الاتحاد الأوروبي البالغ 800 مليار يورو في عصر الوباء، والذي صرف الأموال على أساس البلدان التي تنفذ إصلاحات واستثمارات متفق عليها مسبقاً. وقد شملت هذه الإصلاحات إصلاح سوق العمل في إسبانيا، والتغييرات التي طرأت على نظام العدالة في إيطاليا، وتكييف نظام التقاعد في بلجيكا. ولكن الوصول إلى صناديق التماسك يُنظَر إليه بوصفه مقدساً من قِبَل كثير من الدول في وسط وشرق أوروبا التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بوعد بدفع مبالغ في مقابل فتح اقتصاداتها أمام المستثمرين من أوروبا الغربية.

ووفقاً لدراسة أجراها المعهد الاقتصادي الألماني، فإن المجر وسلوفاكيا ودول البلطيق هي الدول الخمس الأولى المتلقية الصافية لصناديق التماسك بنسبة مئوية من الدخل الوطني.

ومن المرجح أن تعارض الحكومات في هذه البلدان أي تحركات ترى أنها قد تحد من مدفوعاتها. ومع ذلك، فإن البلدان التي تدفع أكثر لموازنة الاتحاد الأوروبي مما تحصل عليه هي أكثر دعماً. وقال دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي إن «الطريقة الوحيدة تقريباً لإقناع الدافعين الصافيين بالمساهمة أكثر هي فرض المزيد من القيود على المتلقين».

وتبدأ المحادثات بشأن الميزانية الموازنة في الخريف، ومن المتوقع تقديم اقتراح رسمي في عام 2025.

كما يمكن للمفوضية الأوروبية فرض تغييرات كبيرة على طريقة تجميع تدفقات التمويل، والتحول من عدد كبير من البرامج إلى «خطة» بلد واحد. وهي تدرس تغييرات أخرى، بما في ذلك ما إذا كان ينبغي تقصير مدة الموازنة المشتركة من سبع إلى خمس سنوات.

وقال المؤيدون في المفوضية إن الإصلاحات الشاملة من شأنها أن تجعل الموازنة أكثر كفاءة في تلبية الأولويات مثل تغير المناخ، وتعزيز الصناعة المحلية، والاستجابة للأزمات غير المتوقعة.

وقال مسؤول ثالث في الاتحاد الأوروبي: «الطريقة التي نتفق بها على موازنة الاتحاد الأوروبي بها كثير من الجمود المدمج... نحن بحاجة إلى أن نكون أقرب إلى الواقع».

ومع ذلك، يعتقد كثير من مجموعات المصالح الخاصة والسلطات الإقليمية أن التغييرات تشكل زحفاً للمهمة من قبل المفوضية. وقالت لوبيكا كارفاسوفا، نائبة رئيس لجنة التنمية الإقليمية في البرلمان الأوروبي، رداً على خطط التغييرات على تدفقات التمويل: «هناك مخاوف واسعة النطاق بين كثير من مناطق الاتحاد الأوروبي حول ما قد يعنيه هذا النوع من التحول لتمويلها الحاسم».

في الوقت الحالي، يتم تمويل موازنة الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير من قبل البلدان؛ وفقاً لوزنها الاقتصادي، مقسمة بين الدافعين الصافين والمستفيدين الصافين. تاريخياً، تبلغ قيمتها نحو 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي. ويزعم بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي أن الموازنة غير كافية للتعامل مع التحديات الكثيرة التي يواجهها الاتحاد، وتتطلب مزيداً من الأموال من العواصم. وقال نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية فالديس دومبروفسكيس لصحيفة «فاينانشيال تايمز»: «لا يوجد شيء، من الناحية القانونية، يمنع موازنة الاتحاد الأوروبي من أن تكون أكبر من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي».