الصومال لتكثيف الحرب على «الإرهاب» بدعم من «أتميس»

شيخ محمود يبحث في إيطاليا إبرام اتفاقيات أمنية واقتصادية

وصول الرئيس الصومالي إلى إيطاليا (مكتب الرئاسة)
وصول الرئيس الصومالي إلى إيطاليا (مكتب الرئاسة)
TT

الصومال لتكثيف الحرب على «الإرهاب» بدعم من «أتميس»

وصول الرئيس الصومالي إلى إيطاليا (مكتب الرئاسة)
وصول الرئيس الصومالي إلى إيطاليا (مكتب الرئاسة)

تعتزم الحكومة الفيدرالية في الصومال، بالتعاون مع قوات حفظ السلام الأفريقية الانتقالية «أتميس»، تكثيف العملية العسكرية ضد حركة «الشباب»، الموالية لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، في ظل «مكاسب كبيرة» تم تحقيقها أخيراً.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة الصومالي داود أويس جامع، خلال مؤتمر صحافي، اليوم (الأربعاء)، مع المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي في الصومال ورئيس بعثة «أتميس» السفير محمد الأمين سويف، إن «الحكومة الفيدرالية حققت مكاسب كبيرة في قتالها ضد فلول ميليشيات الخوارج الإرهابية (التسمية التي تطلقها الدولة على حركة الشباب)، حيث تم تحرير مناطق ولايتي هيرشبيلي، وغلمدغ الإقليميتين»، مشيراً إلى أن «المسلحين في التنظيم الإرهابي يستسلمون واحداً تلو الآخر، منذ انطلاقة العملية العسكرية ضد الإرهاب».
وكشف وزير الإعلام عن «تزايد أعداد المنشقين عن الحركة، للاستفادة من العفو العام الذي أصدره الرئيس حسن شيخ محمود»، موضحاً أن «الحكومة توفر للمستسلمين برنامجاً للتأهيل والإرشاد من أجل العمل على إعادة الاندماج في المجتمع قبل إطلاق سراحهم».
من جانبه، رحب المبعوث الخاص للاتحاد الأفريقي في الصومال، بجهود الحكومة الفيدرالية في تحرير الكثير من المناطق المهمة في جنوب ووسط البلاد، مؤكداً أنهم «يقفون إلى جانب الدولة الفيدرالية للقضاء على تلك الميليشيات».
وأشار الأمين سويف إلى أن «قوات (أتميس) ستكثف العمليات العسكرية جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة الوطنية لاستئصال المتمردين في المناطق المتبقية من الصومال الفيدرالية».
وفيما يتعلق بمهام البعثة في الصومال، أوضح سويف أن «(أتميس) ستسلّم المسؤولية للجيش الوطني الصومالي في ديسمبر (كانون الأول) 2024، وفق الخطة المرسومة مسبقاً».
ومنذ يوليو (تموز) الماضي، يشنّ الجيش الصومالي بالتعاون مع مسلحي العشائر، عملية عسكرية لتحرير مناطق وسط البلاد من عناصر حركة «الشباب».
وعلى أمل الحصول على دعم أوروبي في حربه ضد «الشباب»، بدأ الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، زيارة للعاصمة الإيطالية روما، يعقد خلالها اجتماعات مع نظيره سيرجيو ماتاريلا، ورئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني، لمناقشة «تطوير التعاون بين البلدين، ومساعي الدولة الفيدرالية للقضاء على ميليشيات الإرهاب، والجهود المبذولة في تحقيق الاستقرار»، حسب بيان رئاسي صومالي.
وأوضح البيان أن الرئيس شيخ محمود «سيناقش مع قادة إيطاليا، مهمة تجديد وتنفيذ الاتفاقات المبرمة سابقاً بين البلدين، في مجالات التجارة، والاقتصاد، والصناعة، والتعليم».
إلى ذلك، أعربت حكومة إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، عن استعدادها لحل الوضع في مدينة «لاسعنود» المتنازع عليها مع إقليم «بونتلاند» من خلال الحوار والتوافق، بعد مقتل 24 شخصاً على الأقل وإصابة 53 آخرين في ثاني يوم من القتال العنيف، بعد إعلان زعماء محليين نيتهم العودة إلى الصومال الموحد.
وعقب اجتماع طارئ عقده الرئيس موسى بيهي عبدي، في القصر الجمهوري بهرجيسا لتقييم الوضع الحالي في لاسعنود، أبلغت الحكومة مواطني الإقليم بأنها «في حالة حرب مع الجماعات الإرهابية الدولية التي كانت تخطط لإنشاء انعدام الأمن وعدم الاستقرار وتنفيذ عمليات إرهابية لبعض الوقت».
بدوره، قال عبد الرحمن سيليسي نائب رئيس أرض الصومال: «حافظت أرض الصومال على السلام لمدة 31 عاماً، لكن في الآونة الأخيرة، حاول عملاء أجانب زعزعة استقرار المنطقة الشرقية»، لافتاً إلى أنه «رغم هذه التحديات، لا تزال أرض الصومال ملتزمة بالحفاظ على السلام وحل النزاعات من خلال الحوار مع مجتمع لاسعنود».
ووفق آدم عبد المولى، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمنسق الإنساني المقيم في الصومال، فإن الاشتباكات الجديدة في لاسعنود أدت إلى نزوح أكثر من 80 ألف شخص.
وطالب في بيان عبر «تويتر» بالتمسك بالقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، والتحقيق مع المخالفين ومحاسبتهم.
وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، قد حث في بيان له، السلطات الصومالية على ضمان إجراء تحقيق مستقل وفعال ونزيه بعد مقتل العشرات في اشتباكات لاسعنود. ودعا السلطات إلى إجراء «تحقيق موثوق ونزيه في الاشتباكات لتحديد المسؤول عنها ومحاسبتهم في محاكمات عادلة، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالمنازل».
وقال طبيبان إن جثث 58 شخصاً نُقلت إلى المستشفى العام الذي يعملان به في لاسعنود منذ بدء الاشتباكات يوم الاثنين الماضي، فيما لم يتمكن الكثير من الجرحى من الوصول إلى المستشفى بسبب القتال العنيف في المدينة.
وقال شيوخ محليون في لاسعنود إن الكهرباء والماء انقطعا، وتعرضت المراكز الصحية لهجمات بقذائف المورتر، بينما نقلت وكالة «رويترز» عن مختار عبدي وهو من سكان لاسعنود، المركز الإداري لمنطقة صول، أن قوات أرض الصومال تشن هجمات عنيفة على المرافق الطبية ومنازل المدنيين. ولا يمكن إحصاء القتلى والجرحى من المدنيين.
وبدأ القتال بعد يوم من إعلان لجنة من القادة المحليين وعلماء الدين وجماعات المجتمع المدني أنها لا تعترف بإدارة أرض الصومال.
وانفصلت «أرض الصومال» عن الصومال عام 1991 لكنها لم تحظَ باعتراف دولي واسع النطاق لاستقلالها، وتواجه معارضة من بعض شيوخ العشائر في شرق الإقليم الذين يسعون للعودة إلى حكم مقديشو.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».