ملتقى «طويق للنحت»... 30 عملاً يجمع بينها الحجر وتختلف في التعبير الفني

«مدى الانسجام» موضوعه... والتعاون يميزه

أثناء العمل على إحدى القطع (رياض آرت)
أثناء العمل على إحدى القطع (رياض آرت)
TT

ملتقى «طويق للنحت»... 30 عملاً يجمع بينها الحجر وتختلف في التعبير الفني

أثناء العمل على إحدى القطع (رياض آرت)
أثناء العمل على إحدى القطع (رياض آرت)

جو احتفالي جملته نسائم ليلية باردة غمر معرض ملتقى «طويق للنحت» في الرياض يوم السبت الماضي. على مساحة شاسعة امتدت منحوتات أنتجها فنانون من السعودية وخارجها، جمع بينها المكان والفكرة والمادة المستخدمة، واختلفت تعبيراتهم المنحوتة في الحجر في أساليبها الفنية والأفكار خلفها. ومع التماثل والاختلاف يجب الاعتراف بالجهد الجبار الذي بذله فريق ملتقى «طويق للنحت» من إدارة تنسيق فني مبدع وفريق من المحكمين من مختلف البلدان.

العمل الفني يحتاج إلى جهد وإبداع (رياض آرت)

من لقاءات مع الفنانين والمنسقين والمحكمين كانت هناك دائماً الحكايات عن روح الفريق التي سادت، والأجواء المفعمة بالتعاون والتبادل الفكري بين المشاركين، أشار أحد المنسقين إلى أن المناقشات المستمرة بين الفنانين والخبراء والمنسقين، كانت تدور أثناء الوجبات وتستمر بعدها لفترات طويلة.
والآن وقد انتهى العمل تبدأ فترة العرض على الجمهور العريض حتى العاشر من الشهر الحالي (فبراير/ شباط) قبل أن تنتقل المنحوتات لمحطتها التالية ويتم توزيعها على أماكن مختلفة من العاصمة الرياض التي ستتحول بفضل تلك القطع إلى متحف مفتوح. قال أحد الخبراء الفنيين الذي حضر الافتتاح: «لطالما سمعنا عن فكرة (المتحف المفتوح) في بلدان مختلفة من العالم الغربي، ولكن الفكرة لم تخرج من حيز الوعود، أمر جميل أن تتجسد الفكرة هنا في الرياض».

العمل الفني يحتاج إلى جهد وإبداع (رياض آرت)

وجود القطع مجتمعة أتاح للصحافيين والمهتمين تأمل استخدامات المواد الخام، وهي محددة هذا العام بحجر رملي يسمى بـ«حجر الرياض» مع الجرانيت، وهنا يمكن للناظر للأعمال رؤية الاختلافات في الأسلوب والتنفيذ وفي وضوح الفكرة من وراء العمل.
بالنسبة لسارة الرويتع، مديرة ملتقى «طويق للنحت»، فهناك أمر أساسي يستحق التسجيل وهو يتمثل في استخدام الأحجار المحلية من الرياض، تقول: «للمرة الأولى منذ إطلاق ملتقى (طويق للنحت) في عام 2019 يستخدم الملتقى أحجاراً مستمدة من محاجر الرياض، تحديداً حجر الجرانيت والحجر الرملي المعروف باسم حجر الرياض. وللاختيار مغزاه ورمزيته؛ فهو طريقة لإلقاء الضوء على التاريخ العميق لهذه الأحجار منذ القدم التي ظهرت في النقوش والرسومات الأثرية وصولاً إلى المنحوتات المعاصرة». تمد الرويتع أهمية الأحجار ومنشأها لتشمل كل فنان شارك في هذا الملتقى: «هذه الأعمال لن تكون فقط جزءاً من مدينة الرياض، بل هي أيضاً جزء من إرث كل فنان سيترك أثره على المدينة عبر عمله».

د.عفت فدعق من لجنة اختيار الفنانين  (تويتر)

أتيح للجمهور الحضور ومشاهدة سير العمل على مدى 26 يوماً، والاطلاع على عمل 30 فناناً حضروا للرياض من 20 دولة من مختلف أنحاء العالم. لن يمكننا منح تلك التجربة الثقافية المتنوعة حقها، التنوع والتبادل الثقافي في أجمل صورهما تمثلا في المناقشات أمام كل عمل ما بين فنان قدم للمملكة للمشاركة بإزميله ومطرقته ونحت قطعة فنية، وبين الحاضرين. بعض الفنانين لم يكن يتحدث العربية ولا الإنجليزية فتحولت مهمة الشرح لمرشدين محليين لعبوا دور الوسيط ما بين الفنان وجمهوره.
ولنعد لنقطة البداية للحظة لنعرف كيف بدأت عملية الاختيار والتنسيق، عبر لقاء للصحافيين مع سارة الرويتع مدير الملتقى، والمنسق الفني ماريك ولينسكي، كانت الأسئلة تبحث في البدايات العملية، وخطوات الاختيار والمفهوم العام الذي بُنيت عليه الأعمال.

القيّم الفني ماريك ولينسكي

يرى ماريك ولينسكي في ملتقى «طويق للنحت»، «منصة للقاء والتعاون» بين الفنانين، ويستطرد رداً على سؤال حول التنسيق الفني للملتقى، قائلاً إن الفنانين المشاركين كانوا فعلياً يعيشون معاً في درة الرياض مكان الملتقى وأرض العرض، تبادلوا المعرفة والخبرات. التبادل والتعاون كان من الأمور التي أشاد بها فريق العمل في الملتقى، وأكد بعضهم أن الأعمال الناتجة استفاد ناحتوها من تلك الروح الجماعية الخلاقة.
بالنسبة للموضوع الرئيسي للملتقى «مدى الانسجام» تنوعت الطرق التي تناول بها الفنانون الموضوع، من الأسلوب الهندسي للأسلوب العضوي، وغيرهما.
من النقاط الرئيسية التي تؤكد عليها مديرة ملتقى «طويق للنحت» سارة الرويتع، هي أن الأحجار المستخدمة في الأعمال هذه الدورة كلها مستمدة من البيئة المحلية: «الأحجار مستمدة من المملكة، الجرانيت من نجران والحجر الرملي من الرياض، وهي الدورة الأولى التي نستخدم فيها أحجاراً من المملكة فقط». تشير أيضاً إلى أهم جوانب الدورة الحالية التي تتمثل في برنامج واسع من المشاركة المجتمعية والدورات: «هناك 65 فعالية تشمل ورش عمل وجلسات حوارية وزيارات تعليمية للجامعات والمدارس، نظمنا أيضاً فرصاً للطلبة الدارسين في مجال الفنون والنحت للحضور لدرة الرياض لمدة أسبوع، حيث سنحت لهم الفرصة لرؤية الفنانين وهم يعملون ومساعدتهم. كان أمراً رائعاً مشاهدة هؤلاء الطلاب يستفيدون من خبرة الفنانين المشاركين».

متابعة دقيقة من لجنة الملتقى لورش العمل (رياض آرت)

أسأل الرويتع: هل تعتقدين أن هناك اهتماماً متنامياً بالنحت في السعودية؟ وهل رأيتم إقبالاً على المشاركة؟ وتجيب:
«بالطبع، تلقينا أكثر من 600 طلب للمشاركة، وهو ضعف الرقم الذي تلقيناه العام الماضي، وأعتقد أن الناس أصبحوا على علم أكبر بالنحت الآن بالمقارنة بالسابق، وهذا هو الهدف الأساسي لنا، وهو أن ننشر الوعي بهذه الممارسة الثقافية، وأعتقد أننا بمجرد أن ننقل هذه الأعمال للمدينة سنخلق أثراً أكبر في الناس».
القطع تُعرض حالياً مجتمعة في درة الرياض، أرض الملتقى، ويمكن للجمهور رؤيتها مجتمعة قبل أن توزع على أماكن مختلفة، وتشير الرويتع إلى أنها ستنقل لساحة قصر الحكم بالرياض، ما سيمكن الجمهور العريض من رؤيتها والتفاعل معها، وخاصة أن بعضها يسمح للجمهور بالتفاعل معها، فمنها ما ضم مساحات للجلوس أو فراغات يمكن المرور من خلالها. «هدفنا هو إقامة حوار بين الأعمال ومحيطها وتوفير نقاط تواصل بين أصوات مختلفة، نريدها أن تصبح جزءاً من الجو العام، وندعو الجمهور لأن يصبح جزءاً منها أيضاً».
تبرز في هذه الدورة مشاركة النساء، وخاصة السعوديات، وتعرب الرويتع عن سعادتها بهذا قائلة: «فخورون بمشاركة الفنانات السعوديات... أذكر محادثاتي معهن، اليوم تحدثت معي فنانة من المشاركات، وقالت: أنا سعيدة بأن أبنائي وأحفادي سيرون أعمالي وسيقولون أمي أو جدتي هي من أبدعت هذا العمل».

من ورش العمل في ملتقى «طويق للنحت» (رياض آرت)

الموضوع العام للملتقى يمثل الطاقة المنبثقة من التوافق والتجانس، أو بحسب العنوان الرسمي «مدى الانسجام»، وهو المفهوم الذي طوره القيّم الفني ماريك ولينسكي. يعكس العنوان التوازن المنشود الذي يسعى له كل منا في حياته، وفكرة التواؤم والانسجام النابعة من الفهم المشترك. المعنى عميق وبسيط في آن واحد، وهنا كان دور كل فنان في تطوير عمله بحسب المفهوم. وقبل أن يُختزل عدد المتقدمين للملتقى من أكثر من 600 ليصل إلى 30 فناناً، كانت هناك مرحلة من «الغربلة» والاختيار وقعت على عاتق مجموعة من العاملين في المجال الفني، منهم الدكتورة عفت فدعق، وآلاء طرابزوني، والنحات علي الطخيس، والخبير الفني يوهانس فون توم. قام الفريق بمراجعة مقترحات من 600 متقدم من جميع أنحاء العالم، وعبر المناقشات المشتركة والتوصيات تناقص العدد ليصل إلى 30 فناناً تُركت لهم الساحة ليجسدوا «مدى الانسجام» بالحجر والجرانيت.
تفاعل الفنانون مع الموضوع، كل منهم بطريقته، معتمداً على تجارب حياتية، وأيضاً تفاعلوا مع الجو المحيط بهم في مدينة الرياض، وكان الناتج أعمالاً عابرة للحدود.
بالنسبة للدكتورة عفت فدعق التي شاركت في اختيار الفنانين المشاركين، أتجول معها لرؤية الأعمال النهائية، وأسألها عن عملية الاختيار ومعاييرها. تذكر أن المعايير التي وضعها المنسق الفني ماريك ولينسكي كانت واضحة جداً، وتعلقت بالخبرة ووضوح فكرة الملتقى في الأعمال ومناسبة المادة الخام المختارة لفكرة العمل، وغيرها. وتؤكد أن تنوع المحكمين في مجالاتهم كان مهماً في عملية الاختيار: «كل واحد من المحكمين له خبرة مختلفة، سواء من الناحية الفنية أو الناحية التكنيكية أو غيرهما». تشير إلى أن عدد المتقدمين كان ضخماً، واستغرق الأمر من اللجنة ما يقارب الشهر لتصفية العدد والوصول إلى العدد النهائي وهو 30 فناناً، وتضيف: «حرصنا على التنوع في الاختيارات، مثل ضمان وجود نسبة من السعوديين، وهي نقطة مهمة تسمح للفنانين السعوديين بالاحتكاك بالفنانين الأجانب». أسألها: هل كانت هناك مفاجآت لكِ بعد التنفيذ... شيء لم تتوقعيه؟ تجيب: «لم أرَ الأعمال أثناء تنفيذها، ولكن ما رأيته بعد ذلك في الأعمال المكتملة كان (أمراً رهيباً)».
في فريق عمل الملتقى تولى الدكتور إسلام عبادة من جامعة حلوان في مصر، مهمة الإشراف الفني والتقني، تحدث معي عن المجهودات التي بُذلت من قبل فريق كامل من المساعدين المختصين في النحت قدموا من أسوان، وهي المعروفة عالمياً بملتقى النحت الخاص بها، لمعاونة الفنانين في مهمتهم ولإنجاز الأعمال. تحدث عن المواد الخام المستخدمة والفرق ما بين الجرانيت والرخام وحجر الرياض. يشير إلى أن الجرانيت هو الأصعب في التشكيل: «هو الأصعب في مجال النحت، كان هناك فنانون محترفون، ولكن في (طويق) عملوا للمرة الأولى بالجرانيت». أسأله إن كانت هناك مهارات مطلوبة للعمل في الجرانيت، ويقول: «لمن عمل في الحجر فهو لديه المهارات المطلوبة، فقط يحتاج تقنية مختلفة؛ لأن قص الحجر والجرانيت مختلف من ناحية التقنية، ولكن الأمر لم يستغرق طويلاً من الفنانين لفهم التقنية واستخدامها... الحجر عموماً يمثل تحدياً للفنان، والجرانيت هو الأصعب». يشيد عبادة بالتعاون وروح الفريق التي سادت بين الفنانين والمساعدين: «كان فيه تعاون ومساعدة بينهم، كانت الروح حلوة».



121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار في المنطقة خلال 2023

مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)
مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)
TT

121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار في المنطقة خلال 2023

مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)
مركبات تسير في أحد شوارع الرياض بالمملكة العربية السعودية (رويترز)

أعلنت «المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)» ارتفاع قيمة الالتزامات القائمة لتأمين الاستثمار والتمويل والصادرات الموجهة للمنطقة العربية بمعدل 7 في المائة، إلى نحو 260 مليار دولار بنهاية عام 2023، لتمثل نحو 8 في المائة من الإجمالي العالمي.

ووفق بيان صحافي صادر عن المؤسسة، الأحد، توزّعت تلك الالتزامات ما بين 83 في المائة لتأمين ائتمان الصادرات الموجهة للمنطقة، و8 في المائة للتأمين ضد المخاطر السياسية (بقيمة 22 مليار دولار)، و9 في المائة لعمليات تأمين أخرى عبر الحدود.

وذكر البيان، بمناسبة إصدار النشرة الفصلية الثالثة «ضمان الاستثمار» لعام 2024، أن بيئة التجارة والاستثمار العالمية واجهت خلال عام 2023 كثيراً من التحديات والمخاطر، التي مثلت فرصاً واعدة لصناعة التأمين ضد المخاطر السياسية والتجارية، تزامناً مع استمرار التوترات الجيوسياسية في العالم وفي المنطقة العربية، لذا شهدت العمليات الجديدة لتأمين الاستثمار والتمويل والصادرات الموجهة إلى الدول العربية (الواردات) زيادة بمعدل 17 في المائة عام 2023، لتتجاوز 121 مليار دولار، لتبلغ نسبة الواردات المؤمَّن عليها 9 في المائة من إجمالي الواردات السلعية العربية خلال العام نفسه.

وأضاف البيان أنه «في سياق سعي المؤسسة لدراسة ومتابعة ورصد مستجدات قطاع تأمين التجارة والاستثمار والتمويل عالمياً وإقليمياً بالتعاون مع (اتحاد بيرن)، كشفت بيانات أداء القطاع في المنطقة العربية عدداً من الحقائق أبرزها: ارتفاع حصة الدول العربية إلى 4 في المائة من مجمل الالتزامات الجديدة لتأمين التجارة والاستثمار والتمويل في العالم خلال عام 2023».

كما واصل تأمين ائتمان الصادرات الموجهة للدول العربية في مختلف الآجال استحواذه على النصيب الأكبر من الالتزامات الجديدة بحصة 88 في المائة، في حين بلغت حصة التأمين ضد المخاطر السياسية ما نسبته 4 في المائة، ونحو 9 في المائة للالتزامات الأخرى عبر الحدود.

وتركَّزت التزامات التأمين الجديدة جغرافياً في 5 دول عربية، استحوذت على نحو 78 في المائة من الإجمالي، تصدَّرتها السعودية (28 في المائة)، ثم الإمارات (23 في المائة)، تلتهما مصر (13 في المائة)، ثم المغرب (9 في المائة)، ثم الجزائر (5 في المائة).

كما واصلت الوكالات العامة لتأمين ائتمان الصادرات استحواذها على الحصة الكبرى من إجمالي الالتزامات الجديدة في المنطقة العربية خلال عام 2023 بحصة تجاوزت 62 في المائة، في حين استحوذت وكالات التأمين الخاصة على نحو 38 في المائة من الإجمالي.

وتركز نحو 78 في المائة من الالتزامات الجديدة لتأمين ائتمان الصادرات الموجهة للمنطقة في المديين المتوسط والطويل، والتأمين ضد المخاطر السياسية خلال عام 2023، في 3 قطاعات رئيسية هي البنية التحتية، والطاقة، والتصنيع.

وذكر البيان، أن التعويضات المدفوعة عن التزامات التأمين في المنطقة العربية شهدت ارتفاعاً بمعدل 48 في المائة، لتبلغ نحو 713 مليون دولار خلال عام 2023، تزامناً مع ارتفاع التعويضات المستردة بنسبة 23 في المائة لتبلغ 457 مليون دولار. وتركزت غالبية التعويضات المدفوعة عن التزامات التأمين طويلة الأجل في قطاعي الطاقة والبنية التحتية، بحصة تجاوزت 76 في المائة.

وأكد البيان أنه في ظل استمرار التحديات الناتجة عن تصاعد التوترات الجيوسياسية في مناطق عدة حول العالم، تسعى المؤسسة إلى تعزيز قدراتها الشاملة في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية القائمة والمحتملة في المنطقة، كما تحرص على تعزيز تحالفاتها مع اللاعبين الإقليميين والدوليين الرئيسيين في الصناعة، وفي مقدمتهم اتحادا «بيرن» و«أمان»، وجميع الجهات المعنية في المنطقة والعالم.