«الائتلاف» و«هيئة التنسيق» السوريان يتوصلان إلى «خريطة طريق» للتسوية السياسية

طالبا الأمم المتحدة بالعمل بجدية لاستئناف مفاوضات جنيف وتوحيد رؤية قوى الثورة حول الحل السياسي

من اليمين إلى الشمال، ممثلا الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة وهشام مروة وممثلا هيئة التنسيق صفوان عكاش وخلف داهود خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد لقاء الجانبين في العاصمة البلجيكية بروكسل أمس، والذي شهد اتفاقهما على «خريطة طريق» لمستقبل سوريا من دون الأسد (أ.ب)
من اليمين إلى الشمال، ممثلا الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة وهشام مروة وممثلا هيئة التنسيق صفوان عكاش وخلف داهود خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد لقاء الجانبين في العاصمة البلجيكية بروكسل أمس، والذي شهد اتفاقهما على «خريطة طريق» لمستقبل سوريا من دون الأسد (أ.ب)
TT

«الائتلاف» و«هيئة التنسيق» السوريان يتوصلان إلى «خريطة طريق» للتسوية السياسية

من اليمين إلى الشمال، ممثلا الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة وهشام مروة وممثلا هيئة التنسيق صفوان عكاش وخلف داهود خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد لقاء الجانبين في العاصمة البلجيكية بروكسل أمس، والذي شهد اتفاقهما على «خريطة طريق» لمستقبل سوريا من دون الأسد (أ.ب)
من اليمين إلى الشمال، ممثلا الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة وهشام مروة وممثلا هيئة التنسيق صفوان عكاش وخلف داهود خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد بعد لقاء الجانبين في العاصمة البلجيكية بروكسل أمس، والذي شهد اتفاقهما على «خريطة طريق» لمستقبل سوريا من دون الأسد (أ.ب)

أعلن كل من «هيئة التنسيق الوطنية السورية» و«الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية»، أمس، التوصّل إلى «خارطة طريق» لإنقاذ سوريا تضمّ المبادئ الأساسية للتسوية السياسية، على أن تجري المصادقة عليها من قبل مرجعياتهما، وذلك في ختام مباحثاتهما في العاصمة البلجيكية بروكسل التي بدأت الأربعاء الماضي، واختتمت أمس. ولقد تركزت المباحثات على مناقشة أوضاع الشعب السوري «والهجمة التي يتعرض لها ومواجهتها عبر جهد وطني مشترك يجمع قوى الثورة والمعارضة السورية، من خلال رؤية مشتركة تمهد لاستئناف العملية السياسية برعاية الأمم المتحدة».
ودعت الوثيقة إلى تنفيذ «بيان جنيف 1»، بدءًا بتشكيل «هيئة الحكم الانتقالية» التي تمارس كامل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بما فيها كل سلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية على وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة، التي تشمل القوات المسلحة وأجهزة وفروع الاستخبارات والأمن والشرطة.
كذلك اتفق الطرفان على إدانة «استهداف النظام بشكل مروّع المدنيين العزل في كافة المدن والبلدات السورية باستخدام البراميل المتفجرة والصواريخ»، حيث «أكدا على مسؤولية الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في وقف أعمال الإبادة وجرائم القتل التي يتعرض لها شعبنا، واتخاذ الإجراءات التي تضمن الحماية الكاملة للمدنيين». وأعرب الطرفان، في المقابل، عن إدانتهما «لأعمال الإرهاب التي يقوم بها تنظيم داعش وحزب الله الإرهابي والميليشيات الطائفية والتدخل العسكري الإيراني إلى جانب النظام»، وأكدا التزامهما بمكافحة الإرهاب بكل أشكاله وصوره بما فيها الجهات التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2170.
ومن ناحية أخرى، جدّد الطرفان تأكيدهما على أن الحل السياسي في سوريا من خلال عملية سياسية يتولاّها السوريون بأنفسهم برعاية الأمم المتحدة على أساس تطبيق البيان الصادر عن «مجموعة العمل لأجل سوريا» بتاريخ 30 يونيو (حزيران) 2012 بكامل بنوده، واستنادًا إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما يفضي إلى تغيير النظام السياسي الحالي بشكل جذري وشامل، ويشمل ذلك رأس النظام وكل رموزه ومرتكزاته وأجهزته الأمنية.
وشدد الطرفان على الشراكة الوطنية لجميع السوريين، مكوناتٍ مجتمعية وسياسية، في استحقاق بناء سوريا المستقبل، وضامن حقوق المواطنة المتساوية لجميع السوريين دون أي تمييز، ومشاركة المرأة السورية في جميع الحقوق والواجبات، وضمان تمثيلها في كافة جوانب العملية الانتقالية. وطالبا الأمم المتحدة، والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، ودول «مجموعة العمل لأجل سوريا»، بالعمل بجدية لاستئناف مفاوضات جنيف، كما أكدا سعيهما لتوحيد رؤية قوى الثورة والمعارضة السورية حول الحل السياسي في سوريا، والتشاور مع مختلف القوى السياسية والثورية والميدانية، للوصول إلى موقف سياسي جامع ومشترك. كذلك، أكد الطرفان أنهما، في إطار المشاركة المتساوية والفعالة، سيواصلان بذل الجهود كافة للتعريف بـ«خارطة الطريق» لإنقاذ سوريا ومبادئ التسوية السياسية لدى مختلف الدول والقوى الفاعلة في الأزمة السورية لحثهم على دعمها.
واتفقا أيضًا على العمل معًا لأن يكون فريق العمل التفاوضي للتسوية السياسية متمتعًا بالكفاءات اللازمة وأن يعكس التمثيل الفعلي لقوى الثورة والمعارضة ومكونات المجتمع السوري. وأعربا عن تقديرهما لجهود الاتحاد الأوروبي في توفير الظروف المناسبة لإنجاح هذا اللقاء - رغم التقارير القائلة أن الاتحاد الأوروبي لم يكن راعي المباحثات -ويحثانه على مواصلة الجهود من أجل استئناف العملية السياسية وفق المرجعية الدولية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.