«داعش» يسيطر على 50 كيلومترًا من الشريط الحدودي.. والأكراد موجودون على ثلثيه

التدخل التركي يمنع الأكراد من وصل مناطق نفوذهم في كوباني وعفرين

عربة مدرعة للجيش التركي تجوب الحدود مع سوريا شرق مدينة كلس بعد هجوم داعش (أ.ب)
عربة مدرعة للجيش التركي تجوب الحدود مع سوريا شرق مدينة كلس بعد هجوم داعش (أ.ب)
TT

«داعش» يسيطر على 50 كيلومترًا من الشريط الحدودي.. والأكراد موجودون على ثلثيه

عربة مدرعة للجيش التركي تجوب الحدود مع سوريا شرق مدينة كلس بعد هجوم داعش (أ.ب)
عربة مدرعة للجيش التركي تجوب الحدود مع سوريا شرق مدينة كلس بعد هجوم داعش (أ.ب)

تقلص نفوذ تنظيم داعش على الحدود السورية – التركية، إلى مساحات ضيقة، لا تتخطى الخمسين كيلومترًا، ومحصورة في منطقة حدودية شمال حلب، تمتد من مدينة جرابلس، وصولاً إلى شمال بلدة صوران – أعزاز، فيما تسيطر قوات «وحدات حماية الشعب الكردي» على نحو ثلثي مساحة الشريط الحدودي البالغة مساحته 800 كيلومتر، بحسب ما يقول مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
ولم يكن هذا الانحسار بالنفوذ ليتحقق، لولا معارك ضارية خاضها مقاتلون أكراد، وحلفاؤهم من «الجيش السوري الحر» في «غرفة عمليات بركان الفرات»، مدعومين بضربات جوية للتحالف العربي والدولي ضد الإرهاب، خلال الأشهر الماضية، بدأت باستعادة السيطرة على مدينة كوباني (عين العرب) السورية في أقصى ريف حلب الشمالي الشرقي، وامتدت إلى الرقة والحسكة. وانتزع هؤلاء المقاتلون من قوات «داعش»، السيطرة على معبر تل أبيض الحدودي مع تركيا، والشريط الحدودي التابع لمحافظة الرقة، فيما خاض المقاتلون معارك أخرى في محافظة الحسكة.
ويحكم الأكراد اليوم السيطرة على الشريط الحدودي مع تركيا، بدءًا من نهر دجلة في أقصى شمال شرقي سوريا، وصولاً إلى شرق نهر الفرات (الفاصل بين كوباني وجرابلس)، ولا تقطعها إلا سيطرة القوات الحكومية السورية على معبر القامشلي مع تركيا.
ومن كوباني، تنقطع حدود السيطرة من جرابلس إلى صوران أعزاز (شمال حلب)، التي يسيطر عليها «داعش»، فيما تسيطر قوات الجيش السوري الحر و«جبهة النصرة» على مساحة من الشريط الحدودي تمتد من معبر أعزاز، وصولاً إلى الحدود الإدارية لعفرين (ثاني أكبر المدن الكردية في سوريا)، وتمتد سيطرة الأكراد على تلك البقعة الحدودية من عفرين إلى جبل الأكراد، تقطعها قرى تابعة لريف إدلب، تسيطر عليها قوات المعارضة السورية، فيما يحتفظ النظام بسيطرته على معبر كسب، في شمال غربي البلاد.
عمليًا، ستستهدف القوات التركية قوات «داعش» في تلك البقعة الممتدة في جرابلس إلى شمال صوران أعزاز، وقد تعرضت ثلاث مواقع لـ«داعش» فيها لضربات جوية تركية.
ويرى رامي عبد الرحمن في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «تدخل الأتراك سيمنع أي تقدم للوحدات الكردية باتجاه منبج، كما سيمنع اتصال مناطق نفوذ الأكراد شرق ضفة نهر الفرات، بشمال عفرين، وهي مناطق تسكنها أغلبية عربية وتركمانية»، مشيرًا إلى أن وحدات حماية الشعب الكردي، هي فرع من حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) المعادية لتركيا، وبالتالي «تتوجس أنقرة من سيطرتهم على كامل الشريط الحدودي». ولفت إلى أن تركيا «كانت دربت قوات تركمانية سورية في المنطقة، لتوليتها على تلك المناطق الحدودية، وبالتالي، يمنعها تمدد القوات الكردية إلى تلك المنطقة، من السيطرة عليها».
وإذ يرى أن التدخل في هذا الوقت، حاسم بالنسبة لتركيا لمنع تمدد الأكراد، يعرب عبد الرحمن عن استغرابه من التدخل التركي في هذا الوقت، قائلاً: «من سمح بإدخال 50 ألف مقاتل متشدد إلى سوريا، كيف بات فجأة عدوًا لداعش؟».
ويسيطر الأكراد اليوم، على أكثر من 6500 كيلومتر مربع، بينها ألف قرية عربية. وتقول مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» بأن المنطقة الحدودية الممتدة من رأس العين إلى تل أبيض، تناهز الـ110 كيلومترات، و«لولا المقاتلون العرب، لما تحررت تلك المساحات».
وتورد المصادر هذه الأرقام، في رد على مزاعم بمعاداة العرب في المنطقة، رغم أن ناشطين يتساءلون عن أسباب تواجد قوات كردية في منطقة صرين مثلاً، وهي منطقة عربية بالكامل، كما في تل أبيض التي يشكل العرب 90 في المائة من سكانها.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».