هل تحد المساعدات الإغاثية الدولية من «فاتورة خسائر» الزلزال المدمر؟

فرق إنقاذ وإمدادات طبية ومالية تنهال على تركيا وسوريا

المنكوبون من الزلزال في سوريا وتركيا في انتظار المساعدات لتجاوز آثار الكارثة (المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط)
المنكوبون من الزلزال في سوريا وتركيا في انتظار المساعدات لتجاوز آثار الكارثة (المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط)
TT

هل تحد المساعدات الإغاثية الدولية من «فاتورة خسائر» الزلزال المدمر؟

المنكوبون من الزلزال في سوريا وتركيا في انتظار المساعدات لتجاوز آثار الكارثة (المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط)
المنكوبون من الزلزال في سوريا وتركيا في انتظار المساعدات لتجاوز آثار الكارثة (المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط)

في لحظة إنسانية فارقة، طوت دول العالم خلافاتها السياسية أمام كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا (الإثنين)، لتفتح الطريق أمام المساعدات الإغاثية، لنجدة آلاف المنكوبين في البلدين. وأعلنت دول عربية وغربية (الثلاثاء) تقديم المساعدات العاجلة والإغاثة إلى تركيا وسوريا، لمواجهة تداعيات الزلزال، والحد من «فاتورة خسائره» الضخمة.
وناشدت سوريا المجتمع الدولي «مدّ يد العون» لها لدعمها بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد. وأكد الأمين العام للهلال الأحمر السوري خالد عرقسوس أن «هناك نقصاً شديداً في الأدوية والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، في ظل كارثة الزلزال الذي ضرب البلاد». وطالب المجتمع الدولي بـ«رفع الحصار والعقوبات الاقتصادية لمواجهة تداعيات الزلزال». فيما وجّه مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في سوريا نداء عاجلاً لمساعدة المتضررين في جميع أنحاء البلاد.
إلا أن تجاوز آثار الكارثة وإغاثة المتضررين منها، لم يسيرا بسلاسة، بعد أن أشارت الأمم المتحدة إلى صعوبات تواجهه عمليات الإنقاذ.
وأفاد منسق الأمم المتحدة المقيم في دمشق، المصطفى بن لمليح، عبر مقابلة بالفيديو مع «رويترز»، أن «البنية التحتية متضررة والطرق التي اعتدنا استخدامها في الأعمال الإنسانية تضررت، وعلينا أن نكون مبدعين في كيفية الوصول إلى الناس، لكننا نعمل بجد».
وعلى الجانب التركي، أظهر كثير من دول العالم التضامن مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال. وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكطاي، إن «70 دولة عرضت على بلادنا المساعدة في مواجهة كارثة الزلزالين».
وهنا تساؤل حول هل تحد المساعدات الإغاثية الدولية من «فاتورة خسائر» الزلزال المدمر؟
قالت الدكتورة ريهام العاصي، رئيسة الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية المستدامة، أحد الاتحادات العربية النوعية المتخصصة بمنظومة العمل العربي المشترك في جامعة الدول العربية، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام كارثة طبيعية صعبة، وبالتالي فجميع أنواع المساعدات الإغاثية والإنسانية تحتاجها تلك البلاد المتضررة، فما نراه على الشاشات يجعلنا نؤكد أن تركيا وسوريا في حاجة ماسة إلى مساعدات غذائية، وإلى المساعدات الطبية والدواء، والطواقم الطبية الكاملة، وكذلك الطواقم الهندسية للمساعدة في إزالة الأنقاض، لأن هناك أحياء ما زالوا أسفلها وتجرى محاولات لإنقاذهم، وبالتالي فجميع أشكال المساعدات نحن في حاجة إليها في الوقت الحالي، في محاولة لتقليل آثار الزلزال المدمر».
وتؤكد العاصي أن «الإنسانية هي من تتكلم في الوقت الحالي، في إشارة إلى أهمية نبذ الخلافات السياسية، لكون الشعوب المتضررة ليس لها ذنب فيما حدث، وليس لهم أي باع سياسي، إنما هم متضررون من كارثة طبيعية، وبالتالي يجب أن تتكاتف دول العالم وفق إمكاناتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مثل من يمتلك معدات إزالة الأنقاض، أو من يشارك بالطواقم الطبية وغيرها»، مثمنة في هذا الإطار «إرسال مصر 5 طائرات عسكرية محملة بمساعدات طبية عاجلة لسوريا وتركيا».
وتلفت إلى قيام «الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية المستدامة» بتقديم كافة أنواع المساعدات، بالشراكة مع أمانة جامعة الدول العربية، عبر «توجيه قوافل إغاثة إلى المنكوبين في سوريا ولبنان، كأحد أدوار المجتمع المدني، متمثلاً في الاتحادات العربية النوعية المتخصصة، التي تقوم دوماً بتقديم كل أشكال المساعدات في أوقات الأزمات للدول العربية».
بدوره، يقول الدكتور إبراهيم سالم، خبير الأزمات والكوارث، رئيس المنظمة المصرية لإدارة الأزمات وحقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أمام كارثة استثنائية، تصنف ضمن الكوارث التي تفوق قدرة الدول وإمكاناتها، لذا رأينا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يؤكد أن بلاده تواجه أكبر كارثة، ليس في تاريخها فحسب، وإنما في المنطقة والعالم، وبالتالي نحن أمام كارثة تحتاج تدخلاً دولياً عاجلاً، وقرارات إغاثية من قادة الدول، لصالح الدولتين المنكوبتين، وهو ما رأيناه بالفعل منذ أمس».
وتابع: «ما تحتاج إليه سوريا وتركيا في الوقت الحالي هو تضافر الجهود العالمية، لا الإقليمية فقط، وذلك للعمل على التقليل من آثار الكارثة والحد مما قد يسبب أخطاراً جديدة، إلى جانب تقديم الدعم النفسي للمنكوبين، الذين يعانون من ظروف صعبة، بخلاف الكارثة الطبيعية، إذ امتد تأثيرها إلى الطرق ونقص الوقود وظروف الطقس القاسية، وهي عوامل تعرقل وصول المساعدات الإغاثية».
ويلفت سالم إلى أن «الزلزال كارثة خارجة عن الإرادة والظروف الطبيعة، وليست من صنع الإنسان، لذا فالتعامل معها يكون بردّ الفعل، وبالتالي جميع أنواع المساعدات مطلوبة في الوقت الحالي، الكساء والدواء والتدفئة، وفتح المدارس والمستشفيات لإغاثة المنكوبين»، مطالباً المجتمع الدولي واللجنة الدولية للصليب الأحمر بمدّ يد العون والدعم للشعب السوري في مواجهة آثار الزلزال المدمر.


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

الولايات المتحدة​ رجل يحمي نفسه من المطر أثناء سيره على طول رصيف شاطئ هنتنغتون (أ.ب)

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

ألغت الولايات المتحدة التحذير من خطر حدوث تسونامي، الذي أصدرته في وقت سابق الخميس في كاليفورنيا، بعدما ضرب زلزال بقوة 7 درجات.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )
شؤون إقليمية فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام بعد الزلزال الذي ضرب مدينة كاشمر في شمال شرقي إيران يونيو الماضي (أرشيفية - إيسنا)

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب غرب إيران

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة ضرب غرب إيران، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا عمارات على النيل في وسط العاصمة المصرية القاهرة (أ.ف.ب)

هزة أرضية بقوة 4.8 درجة تضرب شمال مصر

سجلت مصر اليوم هزة أرضية بقوة 4.8 درجة على بعد 502 كيلومتر شمالي دمياط في شمال شرقي البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

هل تتنبأ الحيوانات بالكوارث الطبيعية؟ قمر اصطناعي يراقب سلوكها لتقديم إنذار مبكر

يعكف علماء على مراقبة سلوك الحيوانات باستخدام أجهزة تعقب متطورة تُثبّت على أجسادها، وترتبط بقمر اصطناعي جديد يُطلق العام المقبل

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».