آلاف الضحايا بـ«مأساة الزلزال» في تركيا وسوريا

أبنية سقطت على سكانها وهم نيام... وحالة ذعر تسود دول المنطقة... وجهود واسعة لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض

متطوعون ورجال إنقاذ فوق مبنى مدمَّر في ديار بكر بتركيا أمس (أ.ف.ب)
متطوعون ورجال إنقاذ فوق مبنى مدمَّر في ديار بكر بتركيا أمس (أ.ف.ب)
TT

آلاف الضحايا بـ«مأساة الزلزال» في تركيا وسوريا

متطوعون ورجال إنقاذ فوق مبنى مدمَّر في ديار بكر بتركيا أمس (أ.ف.ب)
متطوعون ورجال إنقاذ فوق مبنى مدمَّر في ديار بكر بتركيا أمس (أ.ف.ب)

أوقع زلزال مدمِّر ضرب تركيا وسوريا، ليلة الأحد وصباح الاثنين، مئات القتلى وآلاف الجرحى، وأثار ذعراً واسعاً بين مواطني البلدين وكذلك دول الجوار التي بلغها الزلزال بدرجات أقل، خصوصاً في ضوء الهزات الارتدادية التي تلته، في ظل جهود محلية، انضمت إليها فرق مختصة أجنبية، لإنقاذ الضحايا العالقين تحت أنقاض الأبنية المدمَّرة التي هَوَت على أصحابها وهم نيام. وأعلن الرئيس رجب طيب إردوغان الحداد الرسمي على الضحايا لمدة سبعة أيام.
وفي حين أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي، ارتفاع عدد قتلى الزلزال في تركيا إلى 1541، أُفيد بمقتل أكثر من 960 شخصاً وإصابة 2400 آخرين على الأقل في أنحاء سوريا، في حصيلة غير نهائية أعلنتها وزارة الصحة السورية التابعة للنظام وفرق إغاثة في مناطق سيطرة المعارضة. وأعلن البيت الأبيض مساء أمس، إرسال فريقَي بحث وإنقاذ أميركيَّين بقوة 79 فرداً لكل منهما إلى تركيا وسوريا، فيما أعلنت بريطانيا إرسال فريق بحث وإنقاذ إلى تركيا فقط، مشيرةً إلى أن جهود الإنقاذ في سوريا يقوم بها الدفاع المدني (الخوذات البيضاء) الذي يتلقى دعماً مادياً من المملكة المتحدة.

رجال إنقاذ يبحثون عن ضحايا بين ركام أبنية في محافظة إدلب أمس (أ.ب)

وأعادت المأساة الجديدة إلى أذهان الأتراك «كارثة القرن العشرين»، وهو الاسم الذي لا يزال يُطلق على زلزال مرمة المدمر الذي وقع عام 1999. وضرب زلزال بقوة 7.8 فجر الاثنين تلاه زلزال بقوة 7.6 على مقياس ريختر، بلدتَي بازارجيك وألبيستان في ولاية كهرمان ماراش جنوب تركيا، لكنّ قوتهما التدميرية امتدت إلى 10 ولايات ووصلت إلى عدد من الدول المحيطة.
ومع الزلزال الأول فجراً، علا صراخ المواطنين الذين تمكنوا من الخروج من منازلهم قبل سقوطها عليهم. وحول الحطام والدمار، انتشر مئات المواطنين تملأ عيونهم الدموع لكنهم يتمسكون بالأمل في أن يخرج أحد من أفراد عائلاتهم سالماً من تحت الأنقاض، بينما انطلقت جهود الإنقاذ وإقامة الخيام لمساعدة من بقوا في العراء على الاحتماء بمأوى يقيهم موجة الصقيع والثلوج التي تضرب حالياً الكثير من مناطق تركيا.
وأفاق سكان 10 ولايات في جنوب وشرق وجنوب شرقي تركيا على زلزال مدمِّر لم تشهد له تركيا مثيلاً منذ عام 1939، حسبما أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان من داخل مركز إدارة الكوارث الطبيعية والطوارئ، حيث ذهب لمتابعة تطورات الزلزالين اللذين خلّفا ألفاً و498 شخصاً وأكثر من 5 آلاف مصاب (في حصيلة غير نهائية)، بينما نجحت جهود الإنقاذ التي انطلقت على الفور، في انتشال نحو 3 آلاف شخص من تحت الأنقاض بينهم عدد من الأطفال.
وأكد خبراء وباحثون أتراك أن هذه تعد المرة الأولى التي يحدث فيها أن يقع زلزالان في مركزين مختلفين في الوقت ذاته وبهذه الدرجة من الشدة. وحسب إدارة الكوارث والطوارئ التركية وقع مركزا الزلزالين في بلدتي بازارجيك وألبيستان في ولاية كهرمان ماراش. وأكدت الإدارة، في بيان، أنه لا يوجد حالياً أي خطر بحدوث موجات تسونامي في سواحل البلاد شرق البحر المتوسط.
وبينما شهدت ولاية أضنة دماراً في الكثير من المنازل، إلا أن قاعدة «إنجيرليك» التي تستخدمها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويوجد بها مئات الجنود الأميركيين وأسرهم، لم تتأثر أو تتعرض لأي أذى. كذلك لم تكن ولاية مرسين التي تقع بها محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء ضمن الولايات التي تأثرت بالزلزالين مثل كهرمان ماراش، وهطاي، وعثمانية، وأديامان، وأضنة (جنوب)، وديار بكر، وشانلي أورفا، وغازي عنتاب (جنوب شرق)، ومالاطيا (شرق). كما تأثرت مناطق شمال سوريا المتاخمة للحدود التركية، وشعر بالزلزالين سكان كل من سوريا ولبنان والعراق وفلسطين وبعض المناطق في مصر واليونان وقبرص وأرمينيا وجورجيا.
وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي، إنه تم إرسال وتشغيل 102 محطة بث متنقلة للهواتف المحمولة في المناطق المتأثرة بالزلزال. كما تم إغلاق مطارات هطاي وكهرمان ماراش وغازي عنتاب. وتم وقف إمداد مناطق عدة بالغاز الطبيعي. وذكر أوكطاي أنه يتم تنسيق المساعدات بإشراف إدارة الطوارئ والكوارث الطبيعية التركية وتوزيعها على المتضررين من الزلزالين، وتم إنشاء مناطق للإيواء السريع ويتم إمدادها باحتياجات المواطنين.
ودعا أوكطاي المواطنين إلى عدم استخدام سياراتهم والتجول في الشوارع، بغية إبقاء الطرق مفتوحة أمام حركة الكوادر المشرفة على عمليات الإنقاذ وسيارات الإسعاف. وحذّر من خطورة الهزات الارتدادية، مشيراً إلى أن بعض المباني تضررت، ومن المحتمل أن تؤدي الهزات الارتدادية صغيرة الحجم إلى تدميرها وسيتم فحص هذه المباني واحداً تلو الآخر بواسطة المهندسين المختصين.
- دمار كبير
وتَواصَل سقوط بعض المباني مع حدوث هزات ارتدادية، وشوهدت منازل من طوابق عدة تنهار في لحظة خلال البث المباشر للقنوات التلفزيونية من مواقع البحث والإنقاذ، ووصل تأثير الهزات إلى خارج نطاق مركز الزلزالين، وشعر السكان في قيصري (وسط تركيا) ومانيسا (غرب) بهزات قوية.
من جانبه، أعلن والي هطاي، الواقعة على الحدود مع سوريا، رحمي دوغان، أن الكثير من المباني دُمِّرت بسبب الزلزال بينها مستشفى الدولة ومساكن الشرطة في إسكندرون وأنطاكيا، مشيراً إلى أن هناك مشكلة في مدرج مطار هطاي منعت هبوط الطائرات.
كما دُمِّرت قلعة غازي عنتاب التاريخية جراء الزلزالين، وأظهرت لقطات بثتها وسائل الإعلام والمواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي انهيار طرق رئيسية.
واشتكى بعض المواطنين في غازي عنتاب من تأخر وصول المساعدات عن طريق البلدية التابعة لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم. وانتشر على نطاق واسع فيديو لمدرب فريق هطاي سبور، فولكان ديميريل، وهو يوجه نداءً، وهو يبكي، بإرسال المساعدات من كل من يقدر على ذلك ليس فقط إلى هطاي ولكن إلى باقي الولايات.
كما تبحث فرق الإنقاذ تحت الأنقاض عن الغاني كريستيان آتسو (31 عاماً)، لاعب «هطاي سبور»، وعدد من زملائه المفقودين تحت حطام المباني. وسبق للاعب الوجود في صفوف ناديي تشيلسي ونيوكاسل الإنجليزيين، وانتقل إلى هطاي من «الرائد» السعودي الصيف الماضي، ومن بين المفقودين المدير الرياضي للنادي تانر صفوت، بينما تم إخراج لاعبين وأعضاء آخرين من الجهاز الفني من تحت الأنقاض في عملية إنقاذ دراماتيكية.


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

«كايسيد» يؤكد أهمية الحوار البنّاء في دفع التقدم العالمي

الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)
TT

«كايسيد» يؤكد أهمية الحوار البنّاء في دفع التقدم العالمي

الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان في باكو (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز «كايسيد» للحوار، على أهمية الحوار البنّاء في دفع عجلة التقدم العالمي، مشيراً إلى دور المجتمعات الدينية للتصدي لتحديات تغير المناخ «بفضل قيمها الراسخة في الرعاية والإنسانية والوحدة».

وقال الحارثي، خلال القمة العالمية لقادة ورموز الأديان بالعاصمة الأذربيجانية باكو، تحت شعار «الأديان العالمية من أجل كوكب أخضر»، إن «منتدى كايسيد العالمي للحوار» خلال مايو (أيار) الماضي، جسّد ذلك النهج بجمع قيادات دينية من مختلف أنحاء العالم للمشاركة بنشاط في صياغة حلول مستدامة.

وأضاف أن المركز يجمع بين المنظور الأخلاقي والروحي والعملي في مناقشة القضايا العالمية الملحة، وتهدف مشاركته بالقمة إلى تعزيز دور الأديان والجهات الفاعلة في حماية البيئة، مبيناً أن هذا الحدث يجسّد الدور الأساسي للمجتمعات الدينية في مكافحة أزمة تغير المناخ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة و«اتفاق باريس».

الحارثي استعرض استراتيجية المركز لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (كايسيد)

وتابع أمين عام «كايسيد»: «في ظل تفاقم أزمة المناخ، باتت الحاجة ماسة إلى تضافر الجهود العالمية، حيث تؤكد مشاركتنا في القمة التي تُمهّد لمؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، على التزامنا الدائم بدعم الحوار البنّاء والفعال».

وأشار إلى سعي «كايسيد»، تماشياً مع أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة، لجمع وجهات النظر المتباينة من أجل صياغة حلول مستدامة للتحديات البيئية، و«هو ما يؤكد على الدور المحوري للشراكات بين أتباع الأديان في تحمل المسؤولية المشتركة عن حماية كوكب الأرض».

وبيّن الحارثي أن المركز أكد خلال القمة على أبرز مشاركاته ضمن هذا الإطار، ومنها منتداه العالمي كخطة للتغيير، حيث «يدرك أهمية التعاون بين التحالفات الدينية والعلمانية في مواجهة التحديات العالمية المتشابكة»، منوهاً أن المنتدى «يوفّر منصة فريدة لجمع القادة الدينيين والخبراء لمناقشة القضايا الملحة، وإيجاد حلول مبتكرة، وقد أثبت نجاحه في توحيد الأصوات الدينية حول العالم عبر مبادرات تجمع بين حماية البيئة، وقدرة التكيف مع التغيرات المناخية».

الحارثي أكد أهمية دور المجتمعات الدينية في التصدي لتحديات تغير المناخ (كايسيد)

وأضاف: «يسعى برنامج كايسيد للزمالة إلى تمكين قادة الحوار من مختلف الخلفيات الثقافية والدينية عبر تزويدهم بالمهارات اللازمة للمشاركة الفعالة في الحوار العام، وصياغة السياسات»، موضحاً أن «تأثيره يمتد إلى أكثر من 50 مبادرة عالمية تهدف إلى تعزيز الحوار حول المناخ وبناء السلام، وإيصال أصوات المجتمعات المحلية».

وأشار الأمين العام لـ«كايسيد» إلى أن استراتيجية المركز لعام 2025 «تؤكد على أهمية المناطق ذات المشاركة البرنامجية المحدودة، خاصة منطقتي القوقاز وأميركا اللاتينية، كمراكز للحوار التحويلي»، مضيفاً: «بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، سعينا إلى تنفيذ مبادرات لدعم التربية البيئية عبر التعلم الإلكتروني، وهناك مناقشات لتوسيع النطاق».

وزاد: «من خلال تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، والتركيز على النمو المستدام، والعمل نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، يساهم (كايسيد) في إلهام المجتمعات المتنوعة نحو العمل المستدام والأخلاقي»، متابعاً: «الحوار الذي يقوده المركز يتجاوز كونه مجرد مهمة، بل هو دعوة مفتوحة للمجتمعات الدينية لتولي دور قيادي في صياغة مستقبل أفضل»، كما أنه «بالتعاون مع شركائه العالميين، لا يكتفي بالمشاركة في الحلول العالمية، بل يسعى بفاعلية لصياغتها وتنفيذها».

الحارثي طرح رؤية المركز في القمة العالمية لقادة ورموز الأديان (كايسيد)

وجدّد الحارثي تأكيد «كايسيد» على أهمية منصات الحوار العالمية، والتطلع للمشاركة في القمم المستقبلية، خاصة مع تولي البرازيل رئاسة الدورة المقبلة عام 2025 «انطلاقاً من التوسعات البرامجية التي يطلقها المركز في المنطقة، وحرصه على تطوير استراتيجية إقليمية شاملة».