تضامن عربي ودولي واسع مع ضحايا المأساة

ولي العهد السعودي يؤكد لإردوغان وقوف المملكة إلى جانب تركيا... مستشفى ميداني إماراتي... وفرق إنقاذ أميركية وأوروبية

طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)
طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)
TT

تضامن عربي ودولي واسع مع ضحايا المأساة

طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)
طفل أنقذ من تحت الأنقاض في تركيا (أ.ب)

أعربت أمس دول عربية وأجنبية عن تضامنها مع تركيا وسوريا عقب الزلزال المدمر الذي ضربهما وتسبب في سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.
وأجرى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اتصالاً هاتفياً، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قدّم خلاله التعازي له ولشعب تركيا وأهالي ضحايا الزلزال، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل، مؤكداً وقوف السعودية ومساندتها لتركيا لتجاوز هذه الكارثة الطبيعية.
من جانبه، أعرب الرئيس اردوغان عن شكره وتقديره لولي العهد على ما عبر عنه من مشاعر أخوية نبيلة، مقدراً وقوف المملكة إلى جانب بلاده في هذا الظرف الصعب.
وكانت السعودية قد أعربت، في بيان لوزارة خارجيتها، عن تضامنها ومواساتها وتعازيها لدولتي سوريا وتركيا جراء الزلزال المدمر الذي ضربهما، مبينة أنها تتابع عن كثب مجريات الأحداث التي وصفتها بـ«المؤسفة». وقالت الخارجية السعودية في البيان: «تتابع المملكة العربية السعودية عن كثب مجريات الأحداث المؤسفة في كلٍ من جمهورية تركيا، والجمهورية العربية السورية، إثر الزلزال الذي أسفر عن وفيات وإصابات».

يحمل جثة ضحية في قرية بمحافظة إدلب قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

وعبرت عن «تضامن المملكة العربية السعودية ومواساتها وتعازيها للأشقاء في سوريا وتركيا، وتمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل».
وفي ردود الفعل، أعرب الشيخ الدكتور محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عن التضامن الكامل مع الشعبين السوري والتركي في هذا المصاب الكبير. بينما وجَّه أمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، نداءً عاجلاً إلى الدول الأعضاء في المنظمة والمؤسسات الإنسانية للمنظمة والشركاء الدوليين، لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة لدعم ضحايا الزلزال في كل من تركيا وسوريا.
ومن العاصمة السعودية الرياض، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم محمد البديوي، عن تعازيه في ضحايا الزلزال الذي وقع في تركيا وسوريا. وأكد البديوي تضامن ووقوف دول «التعاون الخليجي» مع الشعبين السوري والتركي، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل.
في السياق ذاته، أكدت هيئة المساحة الجيولوجية السعودية أن المملكة لم تتأثر بالهزة الأرضية التي حدثت في تركيا صباح أمس بقوة 7.7 درجة على مقياس ريختر، مشيرة إلى أن ذلك يعود إلى «بعد المسافة ما بين موقع الزلزال والحدود السعودية التي تبلغ أكثر من 1000 كيلومتر».

إنقاذ طفلة من مبنى مدمر في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)

وبيّن طارق أبا الخيل المتحدث الرسمي للهيئة أن سبب الهزة الأرضية يعود إلى الحركة التكتونية النشطة لصدع الأناضول بجنوب شرقي تركيا، وهو صدع نشط زلزالياً بسبب الإجهادات التكتونية الناجمة عن تصادم الصفيحة العربية مع الصفيحة الأوراسية بمنطقة جبال طوروس جنوب شرقي تركيا.
السفارة السعودية في تركيا بدورها، أكدت عدم تلقيها أي بلاغات عن وجود سعوديين بمناطق الزلزال، لافتة إلى أنها تتابع مع السلطات التركية للتأكد من عدم وجود مواطنين في المناطق المتضررة، وتدعو المواطنين الموجودين في مناطق الزلزال لاتخاذ الحيطة والحذر، والتواصل معها على الرقم المخصص للطوارئ.
علمياً، يفسر الدكتور علي عشقي أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا بقوله: «هذه من المناطق الزلزالية المعروفة، وهي التي تلتقي فيها الصفائح التكتونية، وعادة لا تنتقل من منطقة لأخرى».
وأوضح عشقي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المناطق تشمل كلاً من «تركيا، وسوريا، والأردن، والبحر الأحمر، وخليج عدن، والمنطقة الشرقية بالسعودية، وإيران»، مبيناً أن الزلازل «دائما ما تحدث عن حواف الصفائح التكتونية».
وأشار عشقي الذي حذر من حدوث الزلزال الحالي قبل نحو 11 عاماً إلى أن الدراسات العلمية حول الدورات الزلزالية وحركة الصفائح كشفت عن حتمية تصادم أو تباعد أو انزلاق هذه الصفائح على بعضها.

مبنى مدمر جراء الزلزال في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)

ولفت إلى أن «كثيراً من الخبراء حذروا من حدوث الزلازل في الدول الواقعة على حافة تصادم الصفائح التكتونية أو انزلاقها، وأهمية مراعاة كود الزلازل في المباني (...)، كما أن الدورة الشمسية الباردة التي تمر بها الكرة الأرضية لها ارتباط بحدوث الزلازل، ومن تداعياتها أن اللب الداخلي للأرض بدأ يتباطأ ويتوقف وينعكس».
أستاذ علم البيئة في جامعة الملك عبد العزيز حذر من أن «السنوات العشرين المقبلة سوف تشهد تغيرات كبيرة من حرائق غابات وزلازل كما تفيد الدراسات العلمية». وتابع: «كان بالإمكان تقليل عدد الضحايا في تركيا وسوريا لو أخذتا بمنطق العلم وعملتا كود الزلازل، أو بناء مساكن من مواد خفيفة».
وأوضح عشقي أن «اليابان يحدث فيها زلازل أقوى من هذا الذي حصل في تركيا وسوريا، لكن المباني مبنية وفقاً لكود الزلازل، ولذلك الخسائر تكون محدودة».
وأفاد بأن مشكلة الزلازل تحدث على فترات طويلة، وهناك ضرورة للاحتياط للأجيال المقبلة.

انتشال مصاب من بين أنقاض مبنى في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)

من جهتها، أعلنت الإمارات عن توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس البلاد بإنشاء مستشفى ميداني وإرسال فريقي بحث وإنقاذ، إضافة إلى إمدادات إغاثية عاجلة، إلى المتأثرين من الزلزال في تركيا وسوريا، لتستفيد منها الأسر في المناطق الأكثر تأثراً بتداعيات الزلزال.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام) إن الإمدادات تأتي في إطار العلاقات التي تجمع الإمارات بتركيا وسوريا، وضمن الدور الإنساني الذي تقوم به الدولة في إغاثة المحتاجين والمتضررين من الكوارث المختلفة.
وأكدت الإمارات تضامنها مع البلدين، إثر الزلزال الذي أسفر عن وقوع ضحايا ومصابين.
وفي السياق نفسه، بعث الشيخ محمد بن زايد برقيتي تعزية إلى الرئيس بشار الأسد والرئيس رجب طيب إردوغان، كما بعث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس البلاد رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي برقيتي تعزية مماثلتين.وأعلنت الجزائر، من جهتها، تضامنها مع سوريا وتركيا، عارضة تقديم «المساعدة في كل ما من شأنه التخفيف من حدة وآثار هذه المأساة الأليمة»، بحسب ما قال الرئيس عبدالمجيد تبون.
في غضون ذلك، قال الرئيس الأميركي جو بايدن على تويتر: «طلبت من أجهزتي أن تواصل متابعة الوضع من كثب بالتنسيق مع تركيا وتقديم كل المساعدة الضرورية أياً كانت». وأعلن البيت الأبيض لاحقاً ارسال فورق انقاذ إلى تركيا وسوريا.
وفعّل الاتحاد الأوروبي «آلية الحماية المدنية» الخاصة به وتمت «تعبئة فرق من عشر دول أعضاء بشكل عاجل»، وغادر الفريقان الهولندي والروماني بالفعل، حسب بيان صادر عن المفوض الأوروبي لإدارة الأزمات يانيز ليناركيتش.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده «مستعدة لتوفير مساعدة عاجلة للسكان»، فيما أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان توجه 139 فرداً من عمال الإنقاذ التابعين للأمن المدني إلى تركيا. كما سيغادر إليها (اليوم) الثلاثاء نحو ثلاثين متطوعاً من جمعية «أجهزة الإطفاء للطوارئ الدولية»، ومقرها فرنسا.
وأعلن المستشار الألماني أولاف شولتس في تغريدة أن «ألمانيا سترسل المساعدات بالتأكيد».
وتنوي إيطاليا «وضع عناصر الحماية المدنية في التصرف» حسب تغريدة لوزير خارجيتها أنتونيو تاجاني.
وقدمت المجر مساعدات مماثلة. وقال وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس في تغريدة إن بلاده «حشدت على الفور أفراداً ومسيرات» متوجهة إلى ملطية (تركيا) حيث يقع مركز المساعدة الدولية. وأضافت مدريد أن 85 من رجال الإنقاذ سيغادرون إلى تركيا.
وفي بولندا، أعلن وزير الداخلية ماريوس كامينسكي إرسال «76 من عناصر الإطفاء وثمانية كلاب إنقاذ».
ووعدت اليونان من جهتها بـ«توفير كل قواتها» لمساعدة تركيا، حسب رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس الذي اتصل بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وكانت أثينا التي تربطها علاقات متوترة بجارتها ومنافستها الإقليمية، قد أعلنت بالفعل إرسال نحو عشرين رجل إطفاء ومساعدات إنسانية.
وأكدت السويد، وهي دولة أوروبية أخرى تواجه توترات دبلوماسية مع أنقرة، على لسان رئيس وزرائها أولف كريسترسون أنها «كشريك لتركيا ومكلفة برئاسة الاتحاد الأوروبي... مستعدة لتقديم مساعداتها».
وفي المملكة المتحدة كتب رئيس الوزراء ريشي سوناك في تغريدة أن «المملكة المتحدة مستعدة لتقديم المساعدة بأي طريقة ممكنة».
ثم أعلن وزير الخارجية جيمس كليفرلي عن «مساعدة فورية» مع إرسال 76 من رجال الإنقاذ والمعدات والكلاب إلى تركيا.
ونقلت وكالة الأنباء السويسرية نقلاً عن وزارة الخارجية السويسرية أنه سيتم نشر نحو 80 خبيراً في الإسعافات الأولية في تركيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده التي تمزقها الحرب «مستعدة لتقديم المساعدة الضرورية» لتركيا، وحتى «إرسال مجموعة كبيرة من المنقذين»، حسب تغريدة لوزير الخارجية دميترو كوليبا، على موقع تويتر.
وأشار الرئيس فلاديمير بوتين إلى أن بلاده «أرسلت عمال إنقاذ» إلى سوريا وتركيا، على ما أعلن الكرملين بعد اتصال هاتفي مع نظيريه التركي رجب طيب إردوغان والسوري بشار الأسد.
وقالت الوكالة الصينية الرسمية للمساعدات الخارجية إنها على اتصال بالسلطات التركية والسورية مؤكدة أنها «مستعدة لتقديم مساعدات إنسانية طارئة».
وقررت الهند إرسال «فرق بحث وإنقاذ وفرق طبية على الفور إلى جانب معدات الإغاثة» على ما أعلنت السلطات في بيان.
وفي وقت سابق، كتب رئيس الوزراء ناريندرا مودي في تغريدة أن بلاده «مستعدة لتقديم كل مساعدة ممكنة» لتركيا، علاوة على تقديم «المساعدة والدعم» إلى «الشعب السوري».
وتلبية لطلب أنقرة، سترسل اليابان «فريق إغاثة لحالات الكوارث... استجابة للاحتياجات الإنسانية»، وفق بيان رسمي صادر عن طوكيو.
من جهته، أعلن الرئيس إبراهيم رئيسي أن إيران مستعدة لتقديم «مساعدة فورية للدولتين الصديقتين».
وأعلنت أذربيجان، الدولة الشقيقة لتركيا، إرسال 370 عنصر إنقاذ على الفور، حسب الوكالة الرسمية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن «فرقنا على الأرض لتقييم الاحتياجات وتقديم المساعدة»، مضيفاً في بيان: «نعوّل على المجتمع الدولي لمساعدة آلاف العائلات المنكوبة جراء هذه الكارثة. عدد كبير منها في حاجة عاجلة إلى المساعدة الإنسانية في مناطق يصعب الوصول إليها».
وفي تغريدة قال فيليبو غراندي، رئيس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن الوكالة الأممية «مستعدة قدر الإمكان لتقديم المساعدة الطارئة للناجين عبر فرقها الموجودة على الأرض».
وفي تل أبيب، أعلنت إسرائيل ارسال طواقم إنقاذ للمساعدة في أعمال الإنقاذ لضحايا الزلزال المدمر في تركيا. كما أعلنت نيتها ارسال كميات من المساعدات الإنسانية والطبية إلى سوريا بناء على طلب «رسمي» تلقته من سوريا، وهو أمر نفته دمشق.


مقالات ذات صلة

شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة... إسطنبول مهدَّدة بكارثة

شؤون إقليمية زلزال مرمرة المدمر في 1999 خلّف 17 ألف قتيل بينهم ألف في إسطنبول إلى جانب دمار واسع (أرشيفية - إعلام تركي)

شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة... إسطنبول مهدَّدة بكارثة

هناك شيء مريب يحدث في أعماق بحر مرمرة في تركيا. الصدع الموجود تحت هذا الحوض المائي الداخلي يشهد زلازل تتزايد في القوة، تتحرك تدريجياً نحو الشرق.

روبن جورج أندروز
آسيا هيئة الأرصاد الجوية اليابانية تحذر من موجات تسونامي يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أمتار (أ.ب)

اليابان: زلزال بقوة 7.6 قبالة الساحل الشمالي للبلاد... يتسبب بموجتي «تسونامي»

ضرب زلزال كبير الساحل الشمالي لليابان الاثنين سجّلت في أعقابه هيئة الأرصاد الجوية الوطنية موجتي تسونامي بلغ ارتفاعهما 40 سنتيمتراً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
آسيا جانب من الأضرار جراء زلزال ضرب إندونيسيا عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب غرب إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 6.6 درجة جزيرة صغيرة شمال غربي سومطرة في غرب إندونيسيا الخميس.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا منازل متضررة جراء الزلزال في دكا (رويترز)

زلزال في وسط بنغلاديش يوقع 9 قتلى على الأقل

ضرب زلزال بقوة 5.5 درجة، الجمعة، وسط بنغلاديش، موقعاً تسعة قتلى على الأقل وأكثر من 300 جريح، وفق حصيلة أعلنتها الحكومة.

«الشرق الأوسط» (دكا)

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.