«كابوس العالقين» يؤرق فرق الإنقاذ

إنقاذ جريح من مبنى مدمر في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)
إنقاذ جريح من مبنى مدمر في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)
TT

«كابوس العالقين» يؤرق فرق الإنقاذ

إنقاذ جريح من مبنى مدمر في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)
إنقاذ جريح من مبنى مدمر في بلدة جندريس بريف عفرين في محافظة حلب السورية أمس (أ.ف.ب)

بين مشاهد ركام الأنقاض في تركيا وسوريا وبين ضربات زلزال وهزات ارتدادية، يحبس العالم أنفاسه في الوقت الحالي مع «كابوس العالقين»، المُحاصرين تحت أنقاض الأماكن المنكوبة، الذين تسمع صيحاتهم أملاً في النجاة.
وأظهرت العديد من المقاطع، التي تداولها ناشطون ووسائل إعلام تركية وسورية على مواقع التواصل الاجتماعي، عمليات الإنقاذ بحثاً عن ناجين لا يزالون عالقين تحت الأنقاض، من بينها مقطع لطفل سوري يستغيث بقوات الحماية المدنية، مردداً: «بس أريد أطلع»، قائلاً إن شقيقيه برفقته تحت الأنقاض.
وفي الوقت الذي تُجرى فيه محاولات إنقاذ الطفل السوري وعشرات غيره، عبر إزالة الطوابق المنهارة في «مهام انتحارية» وسباق مع الزمن، تشير التقديرات إلى صعوبة الوصول إلى كثير من العالقين؛ حيث أصدر الصليب الأحمر الدولي بياناً، مساء (الاثنين)، يوضح فيه أن فرق الإنقاذ لا تملك المعدات اللازمة للوصول إلى العالقين تحت الأنقاض، لافتاً إلى أن مئات العائلات السورية في العراء جراء الزلزال.
ومنذ فجر الاثنين، هرعت فرق الإنقاذ إلى أنقاض المباني، لأجل إخراج ناجين يرجح أنهم عالقون تحت الأنقاض. وانهمك سكان ومسعفون في عدد من المحافظات السورية المتضررة في البحث عن ناجين يرجح أنهم عالقون تحت أنقاض مبانٍ سقطت على وقع الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.
وقال السوري علي بطال (56 عاماً)، في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية: «عائلتي، وأولادي، وابنتي وصهري، جميعهم لا يزالون تحت الأنقاض، وليس هناك من يساعدهم، لا آلات ولا إمكانات»، مضيفاً: «نسمع أصواتاً، لا يزالون أحياء لكن ليس هناك من يخرجهم».
وفي حين أعلنت فرق الدفاع المدني السوري حالة الطوارئ لإنقاذ العالقين، صرحّ أمين عام الهلال الأحمر السوري خالد عرقسوسي بأن هناك صعوبات في انتشال الأنقاض جرّاء زلزال تركيا، نتيجة نقص الآليات لدى الدفاع المدني.
وأعلنت منظمة الخوذ البيضاء للدفاع المدني (التي تعمل في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة السورية) أن «الوضع كارثي بالشمال السوري في ظل انهيار المباني والتصدعات الحادة والمئات من الإصابات والعالقين».
في تركيا، تروي وسائل إعلام محلية وجهاً آخر لـ«كابوس العالقين»، فهناك عدد من الرياضيين تحت أنقاض المباني المنهارة بسبب الزلزال، على رأسهم الغاني كريستيان أتسو، المحترف في فريق هاتاي سبور التركي ولاعب تشيلسي وإيفرتون ونيوكاسل يونايتد السابق، وتُبذل جهود للعثور عليه في أسرع وقت، بعد أن انتُشل لاعبان وأعضاء الفريق الفني للنادي من تحت الأنقاض.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي بتركيا، عدة صور وفيديوهات وثقت محاولات الدفاع المدني لإنقاذ عائلة كاملة تحت الأنقاض، ومقاطع أخرى لإنقاذ أطفال.
كما تداولت وسائل الإعلام مقطع فيديو نشره شاب تركي عبر حسابه في «إنستغرام»، يطالب فيه بمساعدته وإنقاذه من تحت الأنقاض هو وأمه عقب الزلزال. وقال: «إذا كان هناك أحد يسمعني»، وأعطى عنوان منزله، مضيفاً: «أنا تحت الأنقاض مع أمي، نحن الآن بخير، هنا المكان يمتلئ بالماء، لطفاً ساعدونا».
وقال كرم قنق، رئيس الهلال الأحمر التركي: «هناك دمار كبير وواسع النطاق»، مصدراً مناشدة للتبرع بالدم.
في غضون ذلك، قال نادر فتوح، مسؤول اللجنة الإعلامية للجالية المصرية في تركيا، إنّ السلطات التركية أنقذت 3 طلاب مصريين من تحت أنقاض زلزال تركيا المدمر، ولا يزال البحث جارياً عن رابع.
وأعادت مشاهد الوصول إلى عالقين بزلزال تركيا وسوريا إلى الأذهان قصصاً مشابهة ومشاهد ماضية لعالقين تم إنقاذهم في حوادث شهيرة للزلازل حول العالم.
ففي زلزال عام 1992 في مصر، صارع الشاب أكثم سليمان الموت تحت أنقاض منزله، ليخرج بعد أن أمضى 82 ساعة مدفوناً تحت الأنقاض مع أمه وزوجته وابنته، اللاتي لفظن أنفاسهن الأخيرة تباعاً.
وتمكن فريق لجنة الإغاثة الدولية من إنقاذ 3 صبية من تحت أنقاض مدرستهم، بعد خمسة أيام من وقوع زلزال باكستان عام 2005.
في زلزال 2015 في نيبال، أُنقذ فتى في الـ15 من عمره، ظل لخمسة أيام تحت أنقاض مبنى تهدم بسبب زلزال، ليكون آخر ضحية تنتشل من تحت الأنقاض بعد وقت طويل من وقوع الكارثة.
وبعد زلزال هايتي في يناير (كانون الثاني) 2010، بقي رجل على قيد الحياة لمدة 12 يوماً تحت أنقاض متجر.


مقالات ذات صلة

إحياء ذكرى 230 ألف شخص قضوا في «تسونامي» المحيط الهندي منذ 20 عاماً

آسيا نساء ينثرن الورد في خليج البنغال بادرةَ احترامٍ لضحايا «تسونامي» المحيط الهندي عام 2004 في الذكرى الـ20 للكارثة على شاطئ باتيناباكام في تشيناي - الهند 26 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 00:39

إحياء ذكرى 230 ألف شخص قضوا في «تسونامي» المحيط الهندي منذ 20 عاماً

في الذكرى العشرين لـ«تسونامي» المحيط الهندي الذي خلّف نحو 230 ألف قتيل توافد ناجون وأسر ضحايا على مقابر جماعية وأضاءوا الشموع وتبادلوا التعازي.

«الشرق الأوسط» (جاكارتا)
العالم جانب من الأضرار جراء الزلزال الذي ضرب مدينة بورت فيلا (إ.ب.أ)

زلزال عنيف يضرب جزر فانواتو بالمحيط الهادئ

أفاد شاهد عيان في مدينة بورت فيلا عاصمة جزيرة فانواتو «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنّه رأى جثثاً بعد الزلزال العنيف الذي ضرب الأرخبيل الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب الجزائر 

ضرب زلزال بلغت قوته 4.9 درجة على مقياس ريختر ولاية الشلف غرب العاصمة الجزائرية في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ رجل يحمي نفسه من المطر أثناء سيره على طول رصيف شاطئ هنتنغتون (أ.ب)

زلزال بقوة 7 درجات قبالة كاليفورنيا وإلغاء تحذير من تسونامي

ألغت الولايات المتحدة التحذير من خطر حدوث تسونامي، الذي أصدرته في وقت سابق الخميس في كاليفورنيا، بعدما ضرب زلزال بقوة 7 درجات.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )
شؤون إقليمية فرق الإنقاذ التي تبحث عن ناجين وسط الركام بعد الزلزال الذي ضرب مدينة كاشمر في شمال شرقي إيران يونيو الماضي (أرشيفية - إيسنا)

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب غرب إيران

قالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة ضرب غرب إيران، اليوم (الخميس).

«الشرق الأوسط» (لندن)

النازحون اليمنيون يواجهون الصقيع والطرد من المساكن

بقايا خيام نازحين في مأرب بعد حريق تسبب في وفاة طفلة (إعلام محلي)
بقايا خيام نازحين في مأرب بعد حريق تسبب في وفاة طفلة (إعلام محلي)
TT

النازحون اليمنيون يواجهون الصقيع والطرد من المساكن

بقايا خيام نازحين في مأرب بعد حريق تسبب في وفاة طفلة (إعلام محلي)
بقايا خيام نازحين في مأرب بعد حريق تسبب في وفاة طفلة (إعلام محلي)

قضت نازحتان في محافظة مأرب اليمنية، خلال الأيام الماضية، جراء الصقيع والحرائق، بينما يخشى عشرات الآلاف من النازحين الطرد من المنازل التي يسكنونها بالإيجار في عدد من المحافظات، مع لجوء الآلاف منهم، خلال الأسابيع الأخيرة، إلى النزوح مجدداً، والانضمام إلى المخيمات التي يواجه ساكنوها مخاطر شديدة خلال فصل الشتاء.

وقضت طفلة وأصيب آخرون، الأربعاء الماضي، جراء حريق في مأوى عائلتها بمخيم الجفينة، جنوب مدينة مأرب (173 كيلومتراً شرق صنعاء)، بسبب ماس كهربائي أدى إلى انفجار أسطوانة غاز في منزل عائلة الطفلة التي تبلغ 7 سنوات، والتي تفحَّمت جثتها تماماً، في حين أصيب والدها واثنان من أشقائها بجروح طفيفة، وفقاً لمصادر رسمية.

وذكرت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب (حكومية) أن فرق الدفاع المدني هرعت على الفور إلى موقع الحريق، وتمكنت من السيطرة عليه ومنع انتشاره إلى المآوي المجاورة، وإسعاف المتضررين منه، في حين رجحت مصادر من سكان المخيم أن يكون سبب الحريق محاولة الحصول على التدفئة من خلال إشعال النار.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن المخيم ذاته شهد، منذ أيام، حريقاً تمت السيطرة عليه قبل انتشاره من قبل النازحين، بسبب إشعال نار للتدفئة، منوهة بأن هذه الحوادث تتكرر باستمرار خلال فصل الشتاء؛ إذ يُضطر كثير من النازحين إلى هذه الطريقة لتدفئة أنفسهم بسبب البرد الشديد، وعدم كفاية وسائل الوقاية منه.

حريق نشب في مخيم في أبين منذ أسبوعين وترك النازحين في العراء (إعلام محلي)

ومنذ أسبوعين، اندلع حريق هائل في مخيم ميكلان للنازحين بمديرية خنفر التابعة لمحافظة أبين (جنوب)، أدى، كما أوردت المصادر المحلية، إلى التهام جميع مساكن النازحين المبنية من القش، ومحتوياتها من المواد الغذائية والإيوائية، دون وقوع ضحايا، ودون معرفة أسبابه.

وشهدت محافظة مأرب، منتصف العام الحالي، حريقاً كبيراً قضى على أكثر من 50 مأوى لنازحين من القرن الأفريقي، في مخيم بن معيلي بمديرية الوادي.

وطبقاً لإحصائية رسمية سابقة، فإن الشتاء الماضي شهد 135 حادثة حريق في مخيمات النازحين بمأرب، تسببت بوفاة شخصين وإصابة 25 آخرين، وأدَّت إلى دمار أكثر من 80 مأوى.

معركة مع الشتاء

شهد مخيم العكرمة بمديرية الوادي شرق المدينة وفاة مسنَّة بسبب معاناتها من موجة الصقيع الشديدة التي تشهدها معظم مناطق اليمن.

إشعال النار للحصول على التدفئة تسبب بعشرات الحرائق في خيام النازحين (إعلام محلي)

ويعيش عشرات الآلاف من النازحين اليمنيين في أوضاع مأساوية تتفاقم خلال الشتاء، بسبب الافتقار إلى وسائل التدفئة، مثل البطانيات والملابس، بالإضافة إلى النقص الشديد في المواد الغذائية، في حين لا تكفي الخيام للوقاية من البرد.

ونقلت مصادر محلية في مأرب لـ«الشرق الأوسط» عن نازحين أن عدداً محدوداً من العائلات تلقت حقيبة مساعدات صغيرة لمواجهة قسوة الشتاء قدمتها بعض المنظمات، في حين تنتظر آلاف العائلات تقديم معونات لها دون جدوى.

وتحتوي الحقيبة على بطانيات خفيفة وصغيرة الحجم، بجانب ملابس محدودة لا تكفي جميع أفراد العائلة، بحسب المصادر.

كما نقلت المصادر عن النازحين مطالبهم بمساعدات عاجلة، تتمثل في وسائل التدفئة وترميم الخيام وتكثيف الخدمات الطبية؛ خصوصاً أن الشتاء يشهد انتشار العديد من الأمراض وانتقال العدوى بسرعة كبيرة.

وكان الشتاء الماضي شهد موجة صقيع أودت بحياة 7 نازحين في محافظة مأرب، كما أوردت المصادر الرسمية، في حين تقول مصادر أخرى إن الوفيات تجاوزت 10 حالات.

الشتاء يداهم النازحين اليمنيين في ظل تراجع المساعدات ونقص وسائل التدفئة (غيتي)

ودعا فرع الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات اللاجئين في محافظة تعز (جنوب غرب) المنظمات الإنسانية الدولية بتقديم الدعم العاجل لنازحي مخيم الأشروح بمديرية جبل حبشي، غرب المحافظة.

وأوضح فرع الوحدة أن نازحي المخيم يواجهون ظروفاً مأساوية داخل خيام تفتقر للحماية الكافية من البرد والصقيع، ويعانون من النقص الحاد في الاحتياجات الأساسية، كالبطانيات والملابس الشتوية، في حين تضررت خيامهم خلال الأشهر الماضية بسبب الأمطار الغزيرة.

نزوح مركَّب

وكشف تقرير حكومي يمني أن العام الحالي شهد لجوء أكثر من 16 ألف نازح في محافظة مأرب، إلى مغادرة المنازل التي كانوا يقطنونها بالإيجار، والانضمام إلى مخيمات النزوح، بعد عجزهم عن الالتزام بسداد الإيجارات، وتراجع المساعدات الإنسانية المقدَّمة لهم.

نازحون ينصبون خيمة قرب الخوخة بمحافظة الحديدة (رويترز)

ووفقاً لتقرير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب؛ فإن الفريق التابع لها وثّق نزوحاً ثانياً لـ2566 أسرة، تشمل 16411 شخصاً، من منازل مستأجَرة إلى مخيمات النزوح، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. بعد تدهور أحوالهم المعيشية، وتراجع المداخيل وعدم ثباتها، والعجز عن سداد الإيجارات التي تراكمت على غالبية العائلات.

وبيَّن التقرير أن محافظة مأرب استقبلت 1547 أسرة نازحة جديدة خلال الأشهر الـ11 الماضية، تضم نحو 8577 شخصاً، قدموا من محافظات مختلفة بسبب خوفهم من الاعتقالات التعسفية والملاحقات غير القانونية وتجنيد الأطفال، إلى جانب تفاقم الأوضاع الاقتصادية.

وطالبت الوحدة التنفيذية بتوفير تدخلات عاجلة، تشمل المأوى، والمواد الغذائية وغير الغذائية، وتنفيذ مشاريع لدعم مصادر دخل مستدامة للأسر المتضررة، وتعزيز المساعدات النقدية، خاصة للعائلات التي لا تزال تعيش في منازل مستأجَرة وتعاني من خطر الطرد.

لقطة جوية لمخيم الجفينة في محافظة مأرب الذي يُعدّ أكبر مخيمات النزوح في اليمن (إكس)

وأفادت مصادر حكومية بأن مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب، سيف مثنى، بحث، مع منظمة «حسنة العالمية»، ومؤسسة «معاً من أجل الأطفال»، الوضع الإنساني في المحافظة، وفجوة الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، وخطة الاستجابة الإنسانية للمحافظة، وما يمكن أن تسهم به المنظمتان في تخفيف المعاناة الإنسانية.

وتأمل الجهات الرسمية اليمنية أن تتجه التدخلات الإنسانية الدولية والأممية إلى تبني المشاريع المستدامة التي تستجيب لاحتياجات النازحين والمجتمع المضيف في الوقت الراهن ومستقبلاً، وتساعد السكان على الصمود وتخفف من معاناتهم.