كيف ينظر الليبيون إلى خطة الدبيبة لاستعادة التأثير في المشهد السياسي؟

خبراء تحدثوا عن اتفاقيات في قطاع النفط ومبادرات شبابية

لقاء سابق للدبيبة ورئيسة وزراء إيطاليا (حكومة الوحدة)
لقاء سابق للدبيبة ورئيسة وزراء إيطاليا (حكومة الوحدة)
TT

كيف ينظر الليبيون إلى خطة الدبيبة لاستعادة التأثير في المشهد السياسي؟

لقاء سابق للدبيبة ورئيسة وزراء إيطاليا (حكومة الوحدة)
لقاء سابق للدبيبة ورئيسة وزراء إيطاليا (حكومة الوحدة)

خطة رئيس حكومة «الوحدة» الليبية عبد الحميد الدبيبة، لاستعادة التأثير بالمشهد السياسي في البلاد، كانت مثار حديث من قبل سياسيين ومتابعين في الشأن الليبي. واستشعر كثير من هؤلاء أن «الدبيبة يحاول إجهاض أي محاولة من قبل خصومه لإزاحته عن موقعه الحالي». ويشيرون إلى أن «خطته لتحقيق أهدافه توزعت ما بين عقد الاتفاقيات، خصوصاً في قطاع النفط مع دول إقليمية وغربية لضمان دعمها له، ومغازلة الشباب الليبي عبر مبادرات وقروض سكنية، في محاولات لاستعادة شعبيته التي تراجعت على خلفية قيام حكومته بتسليم أبو عجيلة مسعود المريمي (المتهم بقضية لوكربي) إلى الولايات المتحدة».
عضو مجلس النواب الليبي حسن الزرقاء، اعتبر أن «توظيف بعض الدول لرغبة الدبيبة في البحث عن شرعية لحكومته بعقد اتفاقيات تصب لصالحها في المقام الأول، لا يمكن أن يحسب نجاحاً له»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «لو خيرت هذه الدول، بين تصديق البرلمان على اتفاقياتها مع ليبيا لتكتسب الشرعية المطلوبة، وبين دعم الدبيبة فلن يكون قرارها لصالح الرجل»، لافتاً إلى «محاولات تركيا الانفتاح على رئاسة البرلمان أملاً في أن يقوم الأخير بالتصديق على مذكرة التفاهم التي وقعتها أنقرة مع حكومة الوفاق الوطني نهاية عام 2019 بشأن ترسيم الحدود البحرية بين البلدين».
وأوضح الزرقاء «حتى الآن هناك سعي تركي ليوقف البرلمان اعتراضاته أيضاً بشأن الاتفاقية النفطية التي وقعتها أنقرة قبل أربعة أشهر مع حكومة الدبيبة، والتي رفضت أيضا، من قبل النخبة والشارع لعدم قانونيتها بسبب انتهاء ولاية حكومة الدبيبة».
وكانت حكومة «الوحدة» قد أبرمت نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفاقية استكشاف وتطوير ومشاركة الإنتاج مع شركة «إيني» بقيمة ثمانية مليارات دولار. وأثارت الخطوة جدلا ًواسعاً، ورفضت من قبل نواب وشيوخ قبائل ونشطاء، وجهوا اتهامات للدبيبة وحكومته «بإقحام النفط في صفقات لا تصب في مصلحة البلاد، بقدر ما تصب في مصلحة بقائه في السلطة، ومصالح دول ذات ثقل إقليمي ودولي ومنخرطة بقوة في الأزمة الليبية، مثل تركيا وإيطاليا».
ولا يرى الزرقاء تعارضاً «كما يردد البعض، بين المطالبات الأميركية المتزايدة بإجراء الانتخابات الليبية في أقرب وقت، وبين فكرة تخلي واشنطن عن الدبيبة»، مرجحاً «قبول صُناع القرار في واشنطن بأي حل يُسرع موعد الاستحقاق الانتخابي، وانعقاده حتى لو تضمن رحيل الدبيبة». واستبعد أن «يتمكن الدبيبة من الإعلان عن قوائم المستفيدين من مبادرته للإسكان الشبابي، والتي كان تحدث عنها قبل عام كامل، لمحو الأثر السيئ الناجم عن ملف أبو عجيلة، أو التشويش على الانتقادات الموجهة له بشأن اتفاقية (إيني)».
ونشرت حكومة «الوحدة» قبل أيام قوائم المستفيدين من مبادرة الدبيبة للإسكان الشبابي، والأسر المحتاجة في مرحلتها الأولى. وسبق لرئيس حكومة «الوحدة» أن دعم من قبل، مبادرات لزواج الشباب الليبي بتقديم منح مالية بواقع 40 ألف دينار لكل زواج.
في المقابل، يرى المحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير، أن «شعبية الدبيبة، وإن لم تكن في أعلى درجاتها كما كانت الحال عند توليه للمسؤولية في مارس (آذار) عام 2021؛ إلا أنه لا يزال بالصدارة أو قريباً منها، مقارنة بخصومه ما يعزز فرصه للاحتفاظ بموقعه». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «حكومة الدبيبة استفادت من تجديد الاتفاق مع شركة (إيني)، خصوصاً أن ذلك تم في ظل زيارة وفد برئاسة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، وهو ما يدعم حضور حكومة الوحدة، ويجهض أي حديث عن عزلتها الدولية»، موضحاً أنه «من المتوقع أن تزيد روما من انخراطها في الجهود الدولية الرامية إلى إنجاز الاستحقاق الانتخابي بأقرب وقت، وهو ما يعني بقاء حكومة الدبيبة بسدة المشهد، لحين ذلك التاريخ، ورفض مطالب خصومها بتشكيل حكومة جديدة للإشراف على الانتخابات».
وقلل الكبير مما يُطرح عن أن عملية تسليم أبو عجيلة «سحبت كثيراً من رصيد الدبيبة»، موضحاً أن «أنصار النظام السابق، وبلا جدال خصوم الدبيبة، أحدثوا ضجة حول تلك القضية؛ لكن لا يزال قطاع غير هين من الليبيين يرى أن الفساد بات مع الأسف ظاهرة ملازمة لأغلب الحكومات التي تعاقبت على حكم ليبيا بعد ثورة فبراير، وأن الدبيبة بخلاف غيره ممن سبقوه للمنصب، هو فقط من حاول إصلاح أوضاعهم بدرجة ما».


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».