الأجهزة الحكومية السعودية تعلن تحولاتها الرقمية في «ليب 23»

إطلاق منصة تقنية تجمع 26 جهة لتكامل الخدمات وتبادل المعلومات

وزيرا «الطاقة» و«الاتصالات» يحضران إبرام مذكرة تفاهم بين الوزارتين مع شركة «ضوئيات المتكاملة» (واس)
وزيرا «الطاقة» و«الاتصالات» يحضران إبرام مذكرة تفاهم بين الوزارتين مع شركة «ضوئيات المتكاملة» (واس)
TT

الأجهزة الحكومية السعودية تعلن تحولاتها الرقمية في «ليب 23»

وزيرا «الطاقة» و«الاتصالات» يحضران إبرام مذكرة تفاهم بين الوزارتين مع شركة «ضوئيات المتكاملة» (واس)
وزيرا «الطاقة» و«الاتصالات» يحضران إبرام مذكرة تفاهم بين الوزارتين مع شركة «ضوئيات المتكاملة» (واس)

انهمرت الأجهزة الحكومية والخاصة في السعودية بإعلان تحولاتها الرقمية ومشروعاتها التحولية التقنية، خلال أول أيام انطلاق أعمال المؤتمر الدولي «ليب 23» الذي تحتضنه العاصمة الرياض تحت عنوان «نحو آفاق جديدة»، ويعد أكبر تجمع عالمي لقطاع التقنية والرقمنة.

منصة الربط
وأطلق الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة، منصة رقمية مختصة بتقديم عدد من الخدمات للأفراد والمؤسسات والقطاعات الحكومية، وتهدف إلى تسهيل ممارسة الأعمال، ودعم قنوات التواصل الرقمية مع مجتمع الأعمال بإجراءات سهلة وواضحة، من خلال تحسين كفاءة القطاع الحكومي، وزيادة جودة الخدمات المقدمة للمستفيدين عن طريق التحول الرقمي، وتحسين تجربة المستخدم بإتمام المعاملات إلكترونياً، وحوكمة قطاع الطاقة بالرقابة، بالاستفادة من التقنيات الناشئة والتحول الرقمي، بما يحقق مستهدفات «رؤية السعودية 2030».
ويأتي إطلاق المنصة بعد الانتهاء من الربط التقني مع 26 جهة حكومية لتكامل الخدمات وتبادل المعلومات؛ إذ ستُمكن من الحصول على خدمات إصدار التراخيص والتصاريح لاستيراد وتصدير المنتجات البترولية، والاستعلام عن الأراضي، وتقديم طلبات تخصيص الطاقة، وتراخيص الشبكات وأنابيب الغاز، وتأهيل محطات الوقود، والبلاغات والشكاوى. كما تسهم في تعزيز الشفافية من خلال تطوير الإجراءات والآليات الخاصة بتراخيص وتصاريح الطاقة بشكل عام، وتسريع التجاوب مع المستفيدين، ورفع مستوى رضاهم عبر تسهيل الخدمات، وطرق الوصول إليها، وسرعة معاجلة الطلبات والبلاغات والشكاوى بشكل آلي ومؤتمت، كذلك سينتج عنها بناء قاعدة بيانات دقيقة حول المستفيدين من قطاع البترول والغاز، وتخصيص موارد الطاقة.

ألياف ضوئية
ووقعت وزارتا «الطاقة»، و«الاتصالات وتقنية المعلومات»، وشركة «ضوئيات المتكاملة»، مذكرة تفاهم لتحقيق التكامل في الجهود لتطوير البنية التحتية الرقمية والاتصالات والتقنيات، لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030» في هذا المجال. وتشمل مجالات التعاون تمكين وتسريع التوسع بنشر شبكات الألياف الضوئية الهوائية امتداداً لنجاح تجارب الكيبل الهوائي في المناطق البعيدة، بما يخدم التوجهات الاستراتيجية في التوسع في تقديم خدمات النطاق العريض فائق السرعة في جميع أنحاء السعودية، وبما يتسق مع الخطط طويلة المدى لنشاط الكهرباء، وتمكين الاستثمارات المتعلقة بتطوير وبناء مراكز البيانات الكبرى وإنشاء وتشغيل محطات الإنزال وسعات الكابلات الدولية في نطاق مشاريع الشركة.

منصة «التأهيل»
من جانبه، دشّن وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي، منصة التأهيل والتوجيه الاجتماعي، كما شهد توقيع 4 اتفاقيات للوزارة مع عدد من الشركات المختصة؛ تضمنت تحسين تجربة المستفيد باستخدام التقنيات الأصيلة للأجهزة الذكية، والابتكار الرقمي وتعزيز التجربة الرقمية، وتطوير أطر عمل ومنهجيات لتحقيق التميز في التحول الرقمي، وتحسين أداء منصات التواصل الاجتماعي ومعايير العناية بالمستفيدين.
وأوضح وكيل الوزارة للتأهيل والتوجيه الاجتماعي، الدكتور عبد الله الوهيبي، أن المنصة تهدف إلى تحسين وتسهيل الحصول على الخدمات المقدمة للفئات المستفيدة منها، وتعمل كنقطة التقاء وحلقة وصل بين الوزارة والمراكز المختلفة ومختلف المستفيدين، مبيناً أنها تهدف أيضاً إلى بناء السجل الاجتماعي لهم، وحوكمة الخدمات المقدمة، وخفض معدل الاعتماد على زيارتهم للفروع، وتحسين فاعلية وكفاءة مراكز الرعاية والمراكز الأهلية، من خلال 121 خدمة مؤتمتة.

وزير الموارد البشرية خلال إطلاق منصة التأهيل والتوجيه الاجتماعي (الشرق الأوسط) 

«التسجيل الإلكتروني»
من جانب آخر، دشّن وزير التعليم يوسف البنيان، خدمة «التسجيل الإلكتروني» الخاصة بالطلبة المستجدين في المرحلة الابتدائية، مؤكداً حرصهم على مواكبة التقنيات وتعزيز الحوكمة في جميع المراحل الدراسية من بداية المرحلة إلى نهايتها، إضافةً إلى تعزيز الشراكة بين الوزارة ومؤسساتها التعليمية وأولياء أمور الطلبة من خلال هذه الخدمة، إلى جانب التعامل مع القطاعات أصحاب العلاقة الأخرى فيما يخص المدارس، سواء كان في التخصيص أو هيئة الحكومة الرقمية أو غيرها.
وتُساعد «التسجيل الإلكتروني» أولياء الأمور في تسجيل أبنائهم بالمرحلة الابتدائية إلكترونياً في المدارس المحددة؛ وفقاً لبيانات عناوينهم الوطنية المسجلة لدى الجهات الرسمية، مع ضمان توفير فرص عادلة لتسجيلهم واستيعابهم من خلال المفاضلة، وتطبيق اعتماد المعايير المناسبة، إضافةً إلى تحسين خطة التوسّع في المدارس، ومعرفة وتحديد الاحتياج الفعلي للمعلمين. وتقوم بالتعرّف على الطلبة بمجرد بلوغهم السن النظامية للالتحاق بالمرحلة الابتدائية من خلال الربط الإلكتروني مع بيانات المستفيدين المسجلة في الجهات ذات العلاقة، وفق حوكمة دقيقة ودخول آمن من خلال النفاذ الوطني الموحد.

هوية جيومكانية
إلى ذلك، دشّنت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية هويتها البصرية الجديدة التي تحمل المظهر الحديث للهيئة وجهودها في بناء منظومة الأعمال الجيومكانية بوصفها الجهة الوطنية المسؤولة عن تنظيم القطاع والتصوير المتعلق بأعماله في المملكة. وتعتمد الهوية أساس تبسيط العناصر البصرية للشعار، وتمثل رؤيتها ورسالتها وأهدافها التي تسعى إلى تحقيقها، بما يجسد اهتمامها في توفير البيانات الجيومكانية وفق أفضل الممارسات والمواصفات والمعايير الدولية، وتلبية حاجة الجهات، والقطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية والأفراد.

أطلقت «هيئة المساحة والمعلومات الجيومكانية» تطلق هويتها البصرية الجديدة في مؤتمر «ليب 23» (واس)

برامج ومبادرات
وتقدم الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) عدداً من البرامج والمبادرات التي أطلقتها، ولها دور في تعزيز ريادة المملكة في المجال، كما تستعرض دورها كممكِّن تقني للجهات الحكومية؛ تحقيقاً لمستهدفات «رؤية 2030».
وتبرز شركة الإلكترونيات المتقدمة، منتجاتها المبتكرة في مجالات المدن الذكية، والحلول الذكية، وحلول الأمن السيبراني، والجيل الجديد من الخدمات المدارة، إضافة إلى حلول الصحة الإلكترونية. وأوضح رئيسها التنفيذي المهندس زياد المسلّم، أنّها تسعى لتأكيد التزامها بدعم الاقتصاد السعودي، وتعزيز تبني التقنيات المتقدمة والحلول الذكية التي من شأنها الإسهام في ازدهار البلاد ونجاحها، متطلعاً لبحث فرص التعاون والشراكة مع الجهات المشاركة في المؤتمر من القطاعين العام والخاص من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب أبرز ما توصل إليه خبراؤها في قطاعات الدفاع والفضاء، والاتصالات وتقنية المعلومات، وأعمال الطاقة، والأمن.
ومن المقرر استعراض مركز عمليات الأمن السيبراني التابع للشركة، والمخصص للمراقبة واكتشاف وعزل التهديدات المتعلقة بالأمن السيبراني، وإدارة المنتجات الأمنية، وأجهزة الشبكة، والخوادم، وأنظمة الأمان، وبيانات تقنية المعلومات للمنشآت. كذلك تقديم الجيل الثاني من الخدمات المدارة وأنظمة الحوسبة السحابية، وآخر ما توصلت إليه التقنية في منصات الاختبار الشاملة للرعاية الصحية، وحلول إنترنت الأشياء، وصمام البيانات الذي يوفر أقصى درجات الحماية للبيانات والشبكات الحساسة والمعزولة في قطاعات معينة.


مقالات ذات صلة

مطار الملك عبد العزيز يدشّن أولى رحلاته المباشرة إلى موسكو

الاقتصاد جانب من عمليات إنجاز السفر للمسافرين إلى موسكو من مطار الملك عبدالعزيز في جدة غرب السعودية.(الشرق الأوسط)

مطار الملك عبد العزيز يدشّن أولى رحلاته المباشرة إلى موسكو

أعلن مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة (غرب السعودية) تدشين أولى الرحلات المباشرة إلى العاصمة الروسية موسكو.

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد أحد مشاريع الطاقة الشمسية في السعودية (واس)

«السيادي» السعودي يدعم مشاريع مليارية مؤهلة ترسم ملامح مستقبل أكثر استدامة

تمكن صندوق الاستثمارات العامة السعودي من تحقيق التخصيص الكامل لحصيلة سنداته الخضراء، موجهاً 9 مليارات دولار لدعم المشاريع المؤهلة.

بندر مسلم (الرياض)
عالم الاعمال بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

بنك الجزيرة يطلق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات»

أعلن بنك الجزيرة عن إطلاق هويته الجديدة تحت شعار «هنا تنمو الثروات».

الاقتصاد جانب من عمليات شركة «إس إل بي» (شلمبرجيه) العالمية للتقنية بقطاع الطاقة في السعودية (الشرق الأوسط)

«إس إل بي» تفوز بعقد 5 سنوات من «أرامكو» لتطوير الغاز غير التقليدي بالسعودية

أعلنت شركة «إس إل بي» (شلمبرجيه) العالمية للتقنية في قطاع الطاقة فوزها بعقد يمتد خمس سنوات من «أرامكو السعودية» لتحفيز الآبار لحقول الغاز غير التقليدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى المناطق القريبة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة (هيئة تطوير المدينة المنورة)

« رؤى المدينة» تطرح 7 فرص للقطاع الخاص لأبراج تجارية وفندقية غرب السعودية

طرحت شركة رؤى المدينة القابضة، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، عبر منصة القطاع الخاص، 7 فرص استثمارية في 4 أبراج تجارية و3 فندقية.

بندر مسلم (الرياض)

الذكاء الاصطناعي يرسخ مكانته في صميم استراتيجيات الاستثمار لعام 2026

لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)
لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يرسخ مكانته في صميم استراتيجيات الاستثمار لعام 2026

لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)
لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)

مع دخول الأسواق العالمية عصر «الاقتصاد المعرفي»، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد قطاع تقني عابر أو ظاهرة مؤقتة، بل أصبح محركاً رئيسياً يُعيد تشكيل النظام المالي العالمي. فبفضل قدرته على تحسين الإنتاجية وإيجاد سلاسل قيمة جديدة، أصبح الذكاء الاصطناعي عاملاً أساسياً في تحديد نجاح الشركات. واليوم، تُقاس قوة الشركات ومرونتها بقدرتها على استخدام الحوسبة المتقدمة والخوارزميات الذكية للتفوق في بيئة اقتصادية وجيوسياسية معقدة.

وتُشير توقعات شركات الوساطة العالمية لعام 2026 إلى أن الذكاء الاصطناعي سيستمر في لعب دور محوري في استراتيجيات الاستثمار، مع توقع استمرار مكاسب مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» القياسي للعام الثاني على التوالي.

وقال محللو استراتيجيات «باركليز»: «نعتقد أن المخاوف من انهيار سردية الذكاء الاصطناعي مبالغ فيها، ونتوقع استمرار النمو الاقتصادي لعام آخر». ومع ذلك، يبقى مستوى المخاطر قائماً، إذ يمكن لمفاجآت التضخم، والتقييمات المرتفعة، والتوترات الجمركية أن تؤدي إلى تصحيحات، حتى مع توقع المحللين أن يواصل الذكاء الاصطناعي وخفض أسعار الفائدة من قبل «الاحتياطي الفيدرالي» دعم السوق الصاعدة.

توقعات النمو الاقتصادي العالمي

يتوقع المحللون أن يكون النمو الاقتصادي العالمي قوياً، مع تقديرات تُشير إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتراوح بين 2.4 و3.3 في المائة.

وتُشير استطلاعات «رويترز» إلى أن مؤشر «ستاندرد آند بورز» القياسي سيرتفع بنحو 12 في المائة، ليصل إلى 7.490 نقطة بحلول نهاية عام 2026، ما سيؤدي إلى تسجيل العام الرابع على التوالي من الارتفاع إذا ما انتهى عام 2025 بزيادة مماثلة.

توقعات كبرى شركات الوساطة لأداء الأسهم

ومن بين توقعات مؤشرات الأسهم لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» لعام 2026، تتراوح تقديرات شركات الوساطة الكبرى بين 7.100 نقطة كما لدى «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش»، وصولاً إلى 8.100 نقطة وفق إدارة «أوبنهايمر أسيت».

وتشمل الشركات البارزة الأخرى «باركليز» (7.400)، و«يو بي إس غلوبال ريسيرش» (7.500)، و«غولدمان ساكس» (7.600)، و«مورغان ستانلي» (7.800) و«سيتي غروب» (7.700).

كما تشير تقديرات إدارة «ويلز فارغو إنفستمنت» إلى نطاق 7.400-7.600 نقطة، في حين يتوقع معهد «إيفركور آي إس آي» 7.750 نقطة.

توقعات النمو الاقتصادي حسب المنطقة

وتُشير التقديرات إلى أن النمو في الولايات المتحدة يتراوح بين 1.3 و2.4 في المائة، في حين تتراوح توقعات منطقة اليورو بين 0.8 و2.4 في المائة. أما المملكة المتحدة، فيتوقع أن يُسجل النمو بين 0.9 و1.2 في المائة، في حين النمو العالمي يتراوح بين 2.4 و3.3 في المائة حسب الشركة المصدرة للتقديرات، بما يعكس توقعات إيجابية نسبية للنمو الاقتصادي العالمي مقارنة بالمناطق الرئيسية.

كما تُشير التقديرات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيبقى محفزاً رئيسياً لاستراتيجيات الاستثمار في 2026؛ حيث تدعم الابتكارات في هذا المجال النمو الاقتصادي وتُحافظ على جاذبية السوق الصاعدة، رغم وجود المخاطر المتعلقة بالتقييمات العالية والتوترات الجيوسياسية والتجارية.


انحسار التداول في الأسهم الأوروبية قبل عطلة الأعياد

مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)
مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)
TT

انحسار التداول في الأسهم الأوروبية قبل عطلة الأعياد

مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)
مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» ببورصة فرنكفورت (رويترز)

تراجعت وتيرة التداول في الأسهم الأوروبية، خلال تعاملات يوم الأربعاء، بعد أن أنهى المؤشر العام جلساته السابقة عند مستوى قياسي، في ظل انحسار شهية المستثمرين قبيل عطلة الأعياد، ما أسهم في تقليص النشاط خلال أسبوع تداول قصير.

واستقر مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي دون تغير يُذكر، مرتفعاً بنسبة 0.1 في المائة إلى 589.16 نقطة، بحلول الساعة 09:24 بتوقيت غرينتش، وفق «رويترز».

وسجل المؤشر مكاسب تُقارب 16 في المائة منذ بداية العام، متجهاً نحو تحقيق أقوى أداء سنوي له منذ عام 2021، بدعم من تراجع أسعار الفائدة، وزيادة الإنفاق الحكومي في ألمانيا، إلى جانب تحول المحافظ الاستثمارية بعيداً عن أسهم التكنولوجيا الأميركية ذات القيم السوقية المرتفعة.

ومن المتوقع أن تبقى أحجام التداول ضعيفة مع دخول موسم العطلات، إذ من المقرر أن يغلق عدد من البورصات الأوروبية أبوابها أو تعمل بجلسات مختصرة. وستغلق أسواق أمستردام وبروكسل وباريس، في وقت مبكر، في حين ستبقى الأسواق في ألمانيا وميلانو مغلقة.

وسجلت أسهم الشركات المرتبطة بالسلع الأساسية ارتفاعاً طفيفاً، إذ صعد قطاع الطاقة بنسبة 0.3 في المائة، مع مواصلة أسعار النفط ارتفاعها للجلسة السادسة على التوالي.

كما ارتفعت أسهم شركات التعدين بشكل محدود، بعدما سجلت أسعار الذهب والفضة والبلاتين والنحاس مستويات قياسية، مدعومة بطلب قوي في الأسواق العالمية.

وقالت إيبك أوزكاردسكايا، كبيرة محللي السوق بشركة «سويسكوت»، إن العوامل الداعمة لأسعار المعادن، ومن بينها توقعات ارتفاع الدَّين الحكومي في عام 2026، واستمرار التوترات الجيوسياسية، وتيسير السياسة النقدية، لا تزال تُبقي التوقعات إيجابية لأسواق المعادن على المديين المتوسط والطويل.

وأضافت أن الارتفاعات الحادة والسريعة للأسعار على المدى القصير قد تستدعي حدوث تصحيح سعري، وعدَّت أن ذلك سيكون صحياً للأسواق.

كان المؤشر الأوروبي القياسي قد سجل مستوى قياسياً جديداً في جلسة الثلاثاء، مدفوعاً بشكل أساسي بالأداء القوي لأسهم قطاع الرعاية الصحية، عقب حصول شركة «نوفو نورديسك» على موافقة تنظيمية أميركية حاسمة على دواء فموي لإنقاص الوزن. كما عززت المعنويات بيانات أظهرت نمواً أسرع من المتوقع للاقتصاد الأميركي خلال الربع الثالث، ما دفع المستثمرين إلى تقليص بعض رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة من قِبل «الاحتياطي الفيدرالي»، رغم تأجيل الإعلان الرسمي بسبب إغلاق حكومي.

وتترقب الأسواق توجهات السياسة النقدية الأميركية في العام المقبل، وسط توقعات بأن يميل الرئيس المقبل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى نهج أكثر تيسيراً. في المقابل، تبدو آفاق السياسة النقدية الأوروبية أكثر تشدداً حتى عام 2026، بعدما أبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير، الأسبوع الماضي، في إشارة إلى اقتراب نهاية دورة التيسير النقدي، واحتمال اتساع الفجوة مع سياسة «الاحتياطي الفيدرالي».

وعلى صعيد الأسهم الفردية، ارتفع سهم شركة «بي بي» بنسبة وصلت إلى 1.4 في المائة قبل أن يقلص مكاسبه، عقب موافقتها على بيع حصة قدرها 65 في المائة بشركة «كاسترول» لصالح شركة الاستثمار «ستونبيك»، في صفقة تُقدّر بنحو 6 مليارات دولار.


رحلة «الرعب المربح» في «وول ستريت»... كيف نجا المستثمرون من عواصف ترمب؟

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

رحلة «الرعب المربح» في «وول ستريت»... كيف نجا المستثمرون من عواصف ترمب؟

متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

بين الخوف من التوقعات وقوة النتائج، يودّع المستثمرون عام 2025، وهو عام سيبقى في الذاكرة بوصفه «عام الرعب المربح». فقد كان عاماً استثنائياً شهد تقلبات حادة في «وول ستريت»، بسبب مزيج من العوامل المقلقة، أبرزها الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترمب، وتقلب مسار أسعار الفائدة، إلى جانب المخاوف من تضخم فقاعة الذكاء الاصطناعي. ورغم هذه الاضطرابات، أثبتت الأسواق مجدداً أنها تكافئ المستثمرين الصبورين؛ إذ خرجوا من تحمّل التقلبات واحتفظوا باستثماراتهم رابحين في نهاية المطاف.

وفي مشهد يعكس متانة الاقتصاد الأميركي، لم تكتفِ صناديق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500»، التي تُعد ركيزة أساسية لحسابات التقاعد (401k)، بالصمود أمام التقلبات، بل حققت أداءً قوياً، مسجلةً عائداً تجاوز 18 في المائة حتى منتصف ديسمبر (كانون الأول). ومع تسجيل المؤشر مستوى قياسياً جديداً في 11 من الشهر نفسه، أنهى عامه الثالث على التوالي بمكاسب قوية، مؤكّداً أن فترات الاضطراب كثيراً ما تُخفي فرصاً مهمة لبناء الثروة.

حاويات شركة «يانغ مينغ» التايوانية مكدسة في ميناء لوس أنجليس (أ.ب)

مفاجآت أسواق المال في 2025

تقلبات الرسوم الجمركية

أثارت الرسوم التي أعلنها ترمب في يوم «التحرير» في أبريل (نيسان) مفاجأة كبرى؛ إذ كانت أشد مما توقعه المستثمرون. فقد تسببت على الفور في مخاوف من ركود محتمل وارتفاع التضخم، إذ هبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة نحو 5 في المائة في 3 أبريل، مسجلاً أسوأ يوم منذ أزمة كورونا 2020، ثم انخفض بنسبة 6 في المائة في اليوم التالي بعد رد الصين، مما أثار المخاوف من حرب تجارية متبادلة.

وتجاوز تأثير الرسوم سوق الأسهم، إذ تراجعت قيمة الدولار الأميركي، وانتشرت المخاوف حتى في سوق سندات الخزانة الأميركية، التي تعد من أكثر الأسواق أماناً في العالم. وعلى أثر ذلك، أوقف ترمب تطبيق التعريفات مؤقتاً في 9 أبريل بعد ملاحظة توتر سوق السندات الأميركية، مما أعاد الهدوء إلى «وول ستريت»، وتبع ذلك اتفاقات مع دول لتخفيض التعريفات المقترحة على وارداتها.

وشهد الصيف ارتفاعاً ملحوظاً بفضل التفاؤل حول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتقارير أرباح قوية من الشركات، كما دعمت السوق ثلاث تخفيضات في أسعار الفائدة من «الاحتياطي الفيدرالي». ومع ذلك، لا تزال المخاوف التجارية تهز الأسواق، فقد أعاد ترمب التوتر في أكتوبر (تشرين الأول) مع تهديدات بزيادة التعريفات على الصين.

صراع ترمب و«الفيدرالي»

مفاجأة أخرى كانت مدى تدخل ترمب الشخصي لدفع «الاحتياطي الفيدرالي» إلى تخفيض أسعار الفائدة. فلطالما عمل «الاحتياطي الفيدرالي» بشكل مستقل عن الحكومة، مما يمنحه حرية اتخاذ قرارات صعبة لكنها ضرورية لاستقرار الاقتصاد على المدى الطويل.

مؤتمر صحافي لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يُعرض على شاشات التلفزيون في قاعة بورصة نيويورك 10 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ويضع الإبقاء على أسعار الفائدة في مستويات مقيدة، الاقتصاد أمام معادلة صعبة؛ فهو كفيل بكبح جماح التضخم، لكنه في الوقت ذاته يهدد بتباطؤ النمو، مما يثير حفيظة السياسيين المتأهبين لاستحقاقاتهم الانتخابية. ومع بقاء التضخم عصياً على الانحناء أمام مستهدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، تمسك البنك المركزي بنهج «التثبيت الموغل في الحذر» حتى أغسطس (آب)، وهي الخطوة التي أجّجت صداماً علنياً مع الرئيس ترمب؛ إذ رأى فيها الأخير عائقاً أمام طموحاته، رغم أن سياساته التجارية ذات المنزع الحمائي كانت هي المحرك الأول لمخاوف التضخم التي كبلت يد «الفيدرالي».

وهاجم ترمب رئيس «الاحتياطي» جيروم باول، ووصفه أحياناً بلقب «متأخر جداً»، ووصل التوتر إلى ذروته في يوليو (تموز) عندما انتقد ترمب إدارة تكاليف تجديد مقر «الاحتياطي الفيدرالي» أمام الكاميرات، فيما رد باول بهز رأسه.

وعلى الرغم من حب «وول ستريت» لأسعار الفائدة المنخفضة، فإن هذه الهجمات الشخصية أثارت بعض القلق بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي»، مع انتهاء ولاية باول كرئيس في مايو (أيار)، وارتفاع التوقعات بأن ترمب سيختار خليفة أكثر ميلاً لتخفيض الأسعار.

الأداء العالمي وتقلبات العملات الرقمية

لم يمتد شعار «أميركا أولاً» إلى الأسواق العالمية، فحتى مع ارتفاع الأسهم الأميركية لتحقيق مكاسب مزدوجة الأرقام، فإن العديد من الأسواق الأجنبية سجلت أداءً أفضل. وأسهمت طفرة التكنولوجيا، خصوصاً الذكاء الاصطناعي، في رفع مؤشر «كوسبي» الكوري لأعلى مستوى خلال أكثر من عقدين، فيما سجلت اليابان مكاسب مزدوجة الأرقام للمرة الثالثة على التوالي مدعومة بالاستثمارات في الذكاء الاصطناعي وحزمة تحفيز بقيمة 135 مليار دولار. كما شهدت الأسواق الأوروبية عاماً قوياً، حيث عززت خطط ألمانيا لزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، النمو، فيما أسهمت تخفيضات البنك المركزي الأوروبي للفائدة في النصف الأول من العام في دعم الأسواق الأوروبية.

متداول عملات يراقب شاشات تعرض مؤشر «كوسبي» في مقر بنك «هانا» بسيول (أ.ب)

ورغم تقلباتها المعهودة، استطاعت العملات الرقمية مفاجأة المستثمرين. وهبطت «البتكوين» في بداية العام مع ابتعاد المستثمرين عن المخاطرة بسبب سياسات ترمب التجارية، لكنها عاودت الارتفاع مع دعم البيت الأبيض والكونغرس العملات الرقمية، وإطلاق عائلة ترمب مشاريع في هذا المجال. ووصل سعر «البتكوين» إلى نحو 125000 دولار في أكتوبر (تشرين الأول)، ثم انخفض سريعاً إلى نحو 89400 دولار، متراجعاً نحو 28 في المائة عن ذروته و4 في المائة دون مستواه في بداية العام.

التوقعات لعام 2026

يتوقع عديد من المستثمرين استمرار المكاسب في 2026، مع توقع استمرار الاقتصاد في النمو وتجنب الركود، مما سيدعم أرباح الشركات الأميركية. ويتوقع محللو «فاكت ست» نمو أرباح السهم لشركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 14.5 في المائة في 2026، مقارنةً بـ12.1 في المائة في 2025.

ومع ذلك، تستمر بعض المخاوف، خصوصاً بشأن ما إذا كانت الاستثمارات الضخمة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستترجَم إلى أرباح حقيقية، وهو ما قد يضغط على أسهم شركات مثل «إنفيديا» و«برودكوم».

ولا تقتصر المخاوف على أسهم الذكاء الاصطناعي، فأسعار الأسهم بشكل عام تبدو مرتفعة مقارنةً بالأرباح، مما يدفع خبراء «فانغارد» إلى تقدير عوائد سنوية للأسهم الأميركية تتراوح بين 3.5 في المائة و5.5 في المائة على مدى العقد المقبل. كما ترى «سافيتا سوبرامانيان» من بنك «أوف أميركا» أن مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» قد يرتفع بمعدل أقل من نصف نمو الأرباح في 2026، نتيجة تراجع عمليات إعادة شراء الأسهم وتقليص البنوك المركزية العالمية لتخفيضات الفائدة.