ممثلو الجهات الدائنة يعودون إلى اليونان لبحث حزمة مساعدات جديدة

طوابير أمام المصارف لسحب 300 يورو سقف الحد الأقصى للأسبوع

اكتظاظ أمام فرع لأحد البنوك في أثينا («الشرق الأوسط»)
اكتظاظ أمام فرع لأحد البنوك في أثينا («الشرق الأوسط»)
TT

ممثلو الجهات الدائنة يعودون إلى اليونان لبحث حزمة مساعدات جديدة

اكتظاظ أمام فرع لأحد البنوك في أثينا («الشرق الأوسط»)
اكتظاظ أمام فرع لأحد البنوك في أثينا («الشرق الأوسط»)

في تطور إيجابي لتوحيد الجهود تجاه مواجهة الأزمة المالية في اليونان من قبل رجال السياسة، دعا الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس زعماء الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان على مأدبة غذاء ظهر أمس الجمعة في القصر الرئاسي، بمناسبة الذكرى 41 لاستعادة النظام الديمقراطي في اليونان، وبهدف تقريب وجهات النظر والاتفاق على رؤى موحدة لمواجهة الأزمة المالية وربما التطورات السياسية التي تشهدها البلاد والوقوف صفا واحدا أمام الدائنين.
وحضر اللقاء كل من زعيم حزب سيريزا رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس وزعيم المعارضة الرئيسية فإنجيليس ميماراكيس، رئيس حزب النهر ستافروس ثيودوراكيس، بانوس كامينوس زعيم حزب اليونانيين المستقلين، فوتي جينماتا رئيسة حزب الباسوك الاشتراكي وثناسيس بافيليس نيابة عن السكرتير العام للحزب الشيوعي، فيما لم يتم توجيه الدعوة إلى زعيم حزب اليمين الذهبي اليمين المتطرف والمتهم في قضايا إجرامية وفي انتظار المحاكمة.
في نفس الوقت، رصدت «الشرق الأوسط» طوابير كبيرة من المواطنين والعملاء منذ الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة خارج الكثير من فروع المصارف اليونانية، في محاولة لسحب 300 يورو وهو مبلغ الحد الأقصى لسحبة لمدة أسبوع كامل (60 يورو يوميا لمدة 5 أيام)، فيما يستطيع العملاء سحب 420 الجمعة المقبل (60 يورو يوميا لمدة 7 أيام).
وحتى الآن يتم تطبيق نظام الحد الأقصى للسحب اليومي وهو 60 يورو، مع بعض التسهيلات لحسابات الشركات والشخص الواحد الذي يستطيع سحب 120 يورو يوميا عن الحسابين، كما إذا كان هناك حساب مشترك مع اثنين من المستفيدين ولديهما اثنان من بطاقات السحب الآلي، يمكن لكليهما سحب 60 في اليوم الواحد، أي ما مجموعه 120 يورو.
وبعد أن صادق البرلمان اليوناني على الإصلاحات التي طالب بها الدائنون، انطلقت في أثينا أمس الجمعة محادثات تقنية بين اليونان ودائنيها الدوليين حول خطة الإنقاذ الثالثة، ووفقًا لمسؤول حكومي، فإن البلاد تريد الانتهاء من المحادثات بحلول 20 أغسطس (آب) المقبل، مؤكدا أن أثينا تستهدف أن «يكون الفائض الأولي لموازنة العام الحالي أقل من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي»، مشيرا إلى أن الحكومة ستقرر الأسبوع المقبل موعد استئناف العمل في البورصة، بعد توقف دام أربعة أسابيع.
وتعول الحكومة اليونانية على إتمام المباحثات التقنية حول خطة الإنقاذ التي مدتها 3 سنوات وتبلغ نحو 86 مليار يورو، مع ممثلي الدائنين وهم الآن صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية وآلية الاستقرار الأوروبية، قبل 18 أغسطس موعد استحقاق دين للمركزي الأوروبي يبلغ 3.2 مليار يورو وأيضا سداد 1.5 مليار يورو إلى صندوق النقد الدولي في سبتمبر (أيلول).
وأعلن مفوض الشؤون الاقتصادية بالاتحاد الأوروبي بيير موسكوفيتشي انطلاق المباحثات مع أثينا، وأشادت المفوضية الأوروبية بموافقة البرلمان اليوناني على المجموعة الثانية من حزمة الإصلاحات، وقالت متحدثة باسم المفوضية في بروكسل إن اليونان قامت بخطوة أخرى مهمة في اتجاه تنفيذ التزاماتها وإن أثينا نفذت تعهداتها في الوقت المناسب وبطريقة مرضية للغاية، مشيرة إلى إمكانية المضي قدما في المباحثات حول الحزمة الثالثة من المساعدات.
هذا واشترط الدائنون على أثينا إقرار مجموعة من الإصلاحات مؤلفة من شقين قبل البدء بالمباحثات حول خطة المساعدات هذه التي تنقذ اليونان من شبح الإفلاس، وكان البرلمان اليوناني قد صادق على الشق الأول من الإجراءات التقشفية التي تضمنت إجراءات تتعلق بزيادة ضريبة القيمة المضافة من 13 في المائة إلى 23 في المائة ورسوم الضمان الاجتماعي الأسبوع الماضي، ودخلت الإجراءات حيز التنفيذ بداية الأسبوع الحالي.
ثم مرر البرلمان اليوناني الشق الثاني من الإجراءات التي تتضمن إدراج التوجيهات الأوروبية التي أقرت في عام 2013 خلال الأزمة في قبرص، وتنص على ضمان الودائع المصرفية التي تصل قيمتها إلى 100 يورو، وكذلك إصلاح قانون الأحوال المدنية لتسهيل وتبسيط عمل القضاء وخفض نفقاته.
وفي توقعات تطور الاقتصاد اليوناني، لم تستبعد مؤسسة «آي أو بي إي» اليونانية للبحوث «انزلاق الاقتصاد إلى الركود مجددًا، إذ أثرت القيود على رأس المال بشدة على الاستهلاك والاستثمار والصادرات».
وقد نما الاقتصاد اليوناني 0.7 في المائة العام الماضي 2014 بعد ست سنوات من الركود، لكن انكمش مجددًا في الربع الأول من العام الجاري 2015 بنسبة 0.2 في المائة، إذ كبحت التوترات السياسية ومفاوضات الإنقاذ الطويلة مع المقرضين الانتعاش الهش.
من جهة أخري، نفى ديميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية تقارير صحافية يونانية ذكرت أن أثينا تقدمت بطلب لموسكو للحصول على مساعدة بقيمة 10 مليارات دولار بهدف طباعة عملة الدراخما، وقال بيسكوف إن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس لم يتقدم بطلب لروسيا للحصول على مساعدات.
تجدر الإشارة إلى أن موقع «The Greekreport» قد استشهد بالصحيفة اليونانية «فيما» التي ذكرت أن تسيبراس ناشد روسيا وربما الصين للحصول على تمويل يسمح للبلاد بالخروج من منطقة اليورو. وكانت روسيا قد أكدت في مناسبات مختلفة أن اليونان لم تتوجه إليها بطلب المساعدات وأشارت بهذا الصدد إلى قمة دول «بريكس» التي انعقدت في مدينة أوفا الروسية خلال الفترة من 8 إلى 10 يوليو (تموز)، حيث أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تسيبراس لم يتوجه بطلب للحصول على مساعدات، مشيرا إلى أن روسيا قادرة على تقديم الدعم المالي لشركائها بغض النظر عن الصعوبات القائمة في الاقتصاد.



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.