زلزال عنيف يضرب سوريا وتركيا.. مقتل المئات وحصار كثيرين تحت الأنقاض

جانب من عمليات الإنقاذ في مدينة أعزاز السورية (رويترز)
جانب من عمليات الإنقاذ في مدينة أعزاز السورية (رويترز)
TT

زلزال عنيف يضرب سوريا وتركيا.. مقتل المئات وحصار كثيرين تحت الأنقاض

جانب من عمليات الإنقاذ في مدينة أعزاز السورية (رويترز)
جانب من عمليات الإنقاذ في مدينة أعزاز السورية (رويترز)

ضرب زلزال عنيف بلغت قوته 7.9 درجة وسط تركيا وشمال غربي سوريا، اليوم الاثنين، مما أسفر عن مقتل المئات، إذ انهارت مبانٍ في المنطقة التي تكسوها الثلوج، في حين بدأ البحث عن ناجين محاصَرين تحت الأنقاض. وشعر سكان قبرص ولبنان بالزلزال الذي وقع في وقت مبكر من صباح اليوم.
وقال إردم؛ وهو من سكان مدينة غازي عنتاب التركية القريبة من مركز الزلزال: «لم أشعر قط بأي شيء كهذا، خلال الأربعين عاماً التي عشتها».
وأعلنت «وكالة مكافحة الكوارث» التركية أن 76 شخصاً قُتلوا، وأصيب 440، بينما سارعت السلطات بإرسال فِرق إنقاذ وطائرات إمدادات إلى المنطقة المتضررة، وأطلقت «إنذاراً من المستوى الرابع» يستدعي مساعدة دولية.

وقال مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في بيان، إن الرئيس تحدّث هاتفياً مع حكام ثمانية أقاليم متضررة؛ لجمع معلومات عن الوضع وجهود الإنقاذ. وذكرت وسائل إعلام رسمية سورية أن أكثر من 200 شخص قُتلوا، وأصيب العشرات؛ معظمهم في محافظات حماة وحلب واللاذقية حيث هُدم الكثير من المباني.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1622518130172911623
وأعلن معاون وزير الصحة السوري أحمد ضميرية، في تصريح للتلفزيون الرسمي «ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال إلى 237 وفاة، و639 إصابة». وقال عضو في «منظمة الخوذ البيضاء للإنقاذ»، في مقطع مصوَّر على «تويتر»: «الوضع مأساوي جداً، عشرات المباني انهارت في مدينة سلقين»؛ في إشارة إلى بلدة تبعد حوالي 5 كيلومترات عن الحدود التركية. وأضاف المنقذ، الذي ظهر في المقطع الذي يُظهر شارعاً مليئاً بالركام، أن المنازل «دُمّرت تماماً».

عانى عدد من المباني في المنطقة بالفعل من أضرار أثناء القتال خلال الحرب السورية التي استمرت قرابة 12 عاماً. وقال شهود إن الناس في دمشق وفي مدينتيْ بيروت وطرابلس اللبنانيتين نزلوا إلى الشوارع وخرجوا بسياراتهم للابتعاد عن مبانيهم في حالة انهيارها.
وفي غازي عنتاب التركية، قال إردم أيضاً إن الناس فرّوا من منازلهم المهتزّة، وكانوا خائفين تماماً من العودة. وأضاف، عبر الهاتف: «الجميع يجلسون في سياراتهم أو يحاولون القيادة إلى أماكن مفتوحة بعيدة عن المباني».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1622529456202973184
وقال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، على تويتر، إن الولايات المتحدة «قلقة جداً» بشأن الزلزال في تركيا وسوريا، وتراقب الأحداث عن كثب.
وأضاف: «كنتُ على اتصال مع المسؤولين الأتراك لإبلاغهم بأننا على استعداد لتقديم أي وكلّ مساعدة مطلوبة». تمتد المنطقة عبر خطوط صدع زلزالي وهي عرضة للزلازل.
* التركيز على البحث والإنقاذ
ذكر شاهد من وكالة «رويترز» في ديار بكر التي تبعد نحو 350 كيلومتراً إلى الشرق، أن الهزة الزلزالية استمرت لمدة نحو دقيقة، وتسببت في تهشيم زجاج النوافذ. وقال مسؤول أمني في المنطقة نفسها إن 17 بناية على الأقل انهارت. وقالت السلطات إن 16 بناية انهارت في شانلي أورفا، و34 في عثمانية.
وبثَّت محطتا «تي.آر.تي» و«خبر ترك» لقطات لأشخاص يفتشون وسط أنقاض بناية وهم يحملون محفات؛ بحثاً عن ناجين في مدينة كهرمان مرعش حيث لم يكن النهار قد طلع بعدُ.

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، للصحافيين: «مهمتنا الأساسية هي تنفيذ عمليات البحث والإنقاذ، ولتنفيذ ذلك كل فِرقنا في تأهب».
وذكر المركز الألماني لبحوث علوم الأرض أن مركز الزلزال كان على عمق 10 كيلومترات، بينما قالت خدمة «إي.إم.إس.سي» للمراقبة إنها تقيِّم مخاطر وقوع موجات مدّ عاتية (تسونامي).
وقالت «هيئة المسح الجيولوجي» الأميركية إن سلسلة من الهزات الأخرى وقعت بعد الزلزال الرئيسي الذي قدَّرت أن قوته بلغت 7.8 درجة. ووقع زلزال بقوة 6.7 درجة في غازي عنتاب، وآخر بقوة 5.6 درجة في منطقة نورداج الملحقة بالمدينة.

وقدَّرت «هيئة إدارة الكوارث والطوارئ» التركية قوة الزلزال بأنها 7.4 درجة قرب كهرمان مرعش وغازي عنتاب القريبة من الحدود السورية. كما شعر السكان في العاصمة التركية أنقرة بالهزات، رغم أن المدينة تبعد 460 كيلومتراً إلى الشمال الغربي من مركز الزلزال، وشعر به أيضاً السكان في قبرص، لكن الشرطة لم تبلّغ عن وقوع أي أضرار.

وقال كرم قنق، رئيس الهلال الأحمر التركي: «ضرب الزلزال في منطقة خشينا أن يضربها. هناك دمار كبير وواسع النطاق»، وأصدر مناشدة للتبرع بالدم.
وتركيا من بين أكثر الدول المعرَّضة للزلازل في العالم، وقُتل أكثر من 17 ألفاً في 1999 عندما ضرب زلزال قوته 7.6 درجة أزميت جنوب شرقي إسطنبول. وفي 2011 قتل زلزال ضرب مدينة فان بشرق البلاد أكثر من 500 شخص.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».