مبرمج يمني يفر من الحوثيين ويكشف نهبهم 10 ملايين دولار عبر «حوالات مالية»

رفض العمل لدى مخابرات الميليشيات

عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
TT

مبرمج يمني يفر من الحوثيين ويكشف نهبهم 10 ملايين دولار عبر «حوالات مالية»

عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)
عامل يعد النقود في أحد محلات الصرافة بصنعاء (إ.ب.أ)

كشف مهندس برمجيات يمني عن فضيحة من العيار الثقيل من خلال نشره بيانات عن آلاف التحويلات المالية التي قام الانقلابيون الحوثيون بمصادرتها والتي بلغت نحو ستة مليارات ريال يمني والتي تعادل نحو 10 ملايين دولار متوعدا بنشر المزيد من البيانات بعد تمكنه من الفرار ورفض العمل لدى مخابرات الميليشيات.
وقال رئيس النقابة الوطنية لشبكات الإنترنت في اليمن أحمد العليمي إنه رفض العمل لدى مخابرات الحوثيين لإيذاء الآخرين رغم أنهم حاولوا إرغامه على ذلك وداهموا منزله واعتقلوا زملاء له في صنعاء ومناطق سيطرتهم قبل أن يتمكن من الوصول إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية ومن ثم مغادرة اليمن إلى الخارج.
وتوعد العليمي الانقلابيين بمزيد من الفضائح في هذا الجانب حيث أقدمت سلطتهم على مصادرة مليارات الريالات بحجة أن الأشخاص المحولة لهم المبالغ لم يستلموها بعد أن أمرت بمصادرة أي حوالة مالية يمضي عليها شهر لدى شبكات التحويلات.
وبحسب مصادر مصرفية في صنعاء تحدثت إليها «الشرق الأوسط» فإن فرع البنك المركزي هناك قام بمصادرة مليارات الريالات من الحوالات المتأخرة، وتمت إزالتها من أنظمة الشركات حتى يصعب على أي شخص البحث عنها أو المطالبة بها، بحجة أن أصحابها لم يتسلموها، وسط دعوات للنيابة في مناطق سيطرة الانقلابيين لفتح تحقيق عاجل في هذه الفضيحة التي مكنت عناصر الجماعة من الاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة وفق البيانات المتاحة من شركة تحويلات واحدة فقط.
وفيما تتوقع المصادر وجود مبالغ أخرى أضخم تم الاستيلاء عليها لدى بقية شركات التحويلات كان المهندس العليمي قبل الكشف عن جزء من هذه الفضيحة كتب منشورا في حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي تحدث فيه عن بداية خلافه مع جهاز مخابرات الانقلابيين الحوثيين، وقال «إن من حق أي شخص أن يقبل العمل لدى أي جهة أو يرفضها إلا لدى الأمن والمخابرات في صنعاء فكل شيء عندهم بالغصب».
واستعرض المبرمج اليمني جانبا من الممارسات التي تعرض لها وقال إن الحوثيين استخدموا كل سلطتهم للتنكيل به وبأهله وأصدقائه وجيرانه من أجل الإمساك به، حيث قاموا في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي بمحاصرة بيته والحي الذي يسكن فيه، واستمرت العملية يوما كاملا، قاموا خلالها بقطع التيار الكهربائي عن الشقة التي يسكن فيها، وفي اليوم التالي اقتحموها ولم يجدوه فنهبوا ما فيها من كومبيوترات وهواتف محمولة، واعتقلوا إخوته وأصدقاءه وبعض الموظفين.
وبحسب رواية العليمي فإن استخبارات الانقلابيين الحوثيين، عممت اسمه على جميع النقاط الأمنية، لكنهم لم يعلموا أنه كان قد غادر مناطق سيطرتهم قبلها مع أسرته ووصل مدينة عدن حيث العاصمة اليمنية المؤقتة ومنها غادر إلى خارج البلاد.
وقال إنه اضطر لفعل ذلك بعد أن مارس الحوثيون معه كل أساليب الابتزاز «التي لا تخطر على العقل ولا يقدم عليها إلا عديم الشرف والمروءة والأخلاق» وفق تعبيره، مضيفا أن عناصر الجماعة قامت عشية رأس السنة الجديدة باقتحام بيت عمه في ضاحية الحوبان في مدينة تعز، وصادرت هواتف النساء والأجهزة اللوحية للأطفال واعتقلت عمه وأصهاره ونهبت سيارة.
ولم يستبعد المبرمج اليمني أن يكون هدف المداهمات أخذ زوجته وأولاده رهائن لدى الحوثيين للضغط عليه، وأكد أن ممارساتهم ما تزال مستمرة لإلحاق الضرر بكل من تربطه به أي معرفة، وأنه يحتفظ ببعض الوثائق والأوراق.
ووجه العليمي رسالة لجهاز أمن ومخابرات الانقلابيين الحوثيين تعهد فيها بـ«ألا يمر ما فعلوه بسلام»، وطلب منهم انتظاره، مهددا بفضح نهب الأموال حيث أورد أسماء ثلاث من أكبر شركات الصرافة وهي شبكات داديه والامتياز والنجم، وكذا فرع البنك المركزي في صنعاء.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.