انطلاق صفارات الإنذار تزامناً مع قمة كييف

رئيس «مجلس التكتل»: أوكرانيا هي الاتحاد الأوروبي... والاتحاد الأوروبي هو أوكرانيا

الرئيس الأوكراني يتوسط رئيسة المفوضية ورئيس المجلس الأوروبي خلال مؤتمر صحافي امس (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني يتوسط رئيسة المفوضية ورئيس المجلس الأوروبي خلال مؤتمر صحافي امس (إ.ب.أ)
TT

انطلاق صفارات الإنذار تزامناً مع قمة كييف

الرئيس الأوكراني يتوسط رئيسة المفوضية ورئيس المجلس الأوروبي خلال مؤتمر صحافي امس (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني يتوسط رئيسة المفوضية ورئيس المجلس الأوروبي خلال مؤتمر صحافي امس (إ.ب.أ)

على وقع صفّارات الإنذار المضادة للطائرات في أرجاء مدينة كييف، انعقدت القمة الرابعة والعشرون بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، الأولى منذ بداية الحرب، بحضور خمسة عشر من أعضاء المفوضية، تتقدمهم رئيستها أورسولا فون دير لاين، في أكبر استعراض لعزم الأوروبيين على مواصلة الدعم غير المسبوق الذي يقدمونه لأوكرانيا منذ بداية الاجتياح الروسي أواخر فبراير (شباط) من العام الفائت.
وشدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ختام القمة على أن انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي طريق لا عودة عنها، وأعرب عن أمله في بدء المفاوضات قبل نهاية هذه السنة. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقب القمة، قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، إن الاتحاد يثني على الجهود التي بذلتها أوكرانيا لاستيفاء شروط الانضمام، مضيفاً أن الاتحاد سيواكب أوكرانيا في جميع مراحل الانضمام إلى الاتحاد، وأنه لن تكون هناك هدنة في الدعم الأوروبي الحازم بوجه الاعتداء الروسي، متابعاً: «أوكرانيا هي الاتّحاد الأوروبي والاتّحاد الأوروبي هو أوكرانيا»، في حين قالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، إن الانضمام عملية تقوم على الكفاءات، وإنه لا توجد آجال قاسية، لكن ثمة أهدافاً لا بد من تحقيقها. وبعيداً عن رمزيّة هذه التصريحات الأوروبية الهادفة بشكل أساسي إلى تطمين الأوكرانيين بأن الاتحاد لن يتخلّى عنهم، تبدّت أمس بوضوح حدود الدعم الأوروبي الذي، بجانب المساعدات الاقتصادية والإمدادات العسكرية المدروسة بدقة، لن يتجاوز أبداً خطوط التدخل المباشر في المعارك الدائرة، ولن يضع عملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد على المسار السريع كما تطالب كييف بإلحاح منذ أشهر. ولم تبخل رئيسة المفوضية من جهتها بالتصريحات الواعدة حول انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، مثل تأكيدها أن مستقبل أوكرانيا هو في الاتحاد، وأن مستقبل القارة يُكتب اليوم في أوكرانيا، لكنها أوضحت للرئيس الأوكراني أن طريق الانضمام ما زالت طويلة، ودونها حزمة كبيرة من الإصلاحات التي تستدعي جهداً كبيراً ومتواصلاً في مجالات عدة، مثل مكافحة الفساد، والدفاع عن حقوق الأقليات، والنظام الضريبي، واستقلالية السلطة القضائية.
في المقابل أعلنت فون دير لاين عن حزمة من التدابير الرامية إلى دمج الاقتصاد الأوكراني في السوق الداخلية الأوروبية. وتشمل هذه الحزمة عشرات المشاريع في قطاعات المال والاتصالات والطاقة والتعليم والمساعدات الاجتماعية لملايين اللاجئين الأوكرانيين في بلدان الاتحاد. إلى جانب ذلك، وعدت فون دير لاين بحزمة جديدة من العقوبات ضد روسيا، قالت إن الاتحاد سيعلن عنها بمناسبة ذكرى مرور سنة على بداية الحرب. ولم تدخل في تفاصيل الحزمة، لكنها أكدت أن على روسيا أن «تدفع ثمناً على الدمار الذي ألحقته». ورأت أن العقوبات المتخذة منذ سنة أدت إلى تراجع الاقتصاد الروسي «جيلاً إلى الوراء»، مشيرة إلى أن تحديد سقف لسعر النفط الروسي عند مستوى 60 دولاراً يكلف موسكو 160 مليون يورو يومياً.
وأفادت مصادر المفوضية أمس بأن مجموع المساعدات المالية، المقدمة والموعودة، لأوكرانيا بلغت 50 مليار يورو، فضلاً عن منح جميع اللاجئين الأوكرانيين في بلدان الاتحاد كل الخدمات والحقوق التي يتمتع بها المواطنون الأوروبيون، وأن عدد الأوكرانيين الذين يستفيدون منها حالياً يزيد على أربعة ملايين.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي بات يدرك جيداً أن حدود الدعم العسكري الأوروبي لبلاده بات قريباً جداً، قد وضع كل ثقله خلال هذه القمة لتسريع عملية الانضمام إلى الاتحاد الذي يواجه معارضة شديدة من بعض الدول الوازنة مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، مقابل تأييد بولندا ودول البلطيق المحاذية لروسيا. وقال زيلينسكي وكانت تقف إلى جانبه فون دير لاين: «إن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يبعث الأمل في شعبنا، وهو الخطوة المنطقية لدعم كفاحنا ضد أكبر قوة معادية لأوروبا... سنواصل العمل معاً من أجل الانضمام». وطلب زيلينسكي من الأوروبيين تزويده بأسلحة بعيدة المدى تمكّن القوات الأوكرانية من الدفاع عن مدينة باخموت التي وصفها بالحصن المنيع، مؤكداً أن قواته لن تغادر المدينة مهما حصل. وبينما امتنع الجانب الأوروبي عن التعليق على هذا الطلب الذي لا يبتّ عادة في مثل هذا اللقاء، اعترفت مصادر مقربة من رئيس المجلس الأوروبي بأن موضوع المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وبخاصة الأسلحة الهجومية المتطورة، يثير جدلاً عميقاً داخل الاتحاد، وتتضارب حوله الآراء بحيث بات يهدد وحدة الصف الأوروبي التي كانت السمة الرئيسية لموقف الاتحاد منذ بداية الحرب.
ومن جهته، رأى المسؤول الأوروبي عن السياسة الخارجية جوزيب بورّيل، أن ما تشهده أوكرانيا اليوم هو «معركة الأنظمة الديمقراطية ضد الاستبداد، وتقتضي توجيه رسالة واضحة إلى المواطنين بأن الاتحاد الأوروبي الذي لم يتوقف عن دعم الأوكرانيين منذ بداية العدوان، سيواصل هذا الدعم حتى النهاية في كل المجالات». وقال بورّيل إن إجمالي المساعدات العسكرية التي قدمها الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بلغ 12 مليار يورو حتى الآن، وكشف أن البلدان الأعضاء باشرت منذ فترة بتدريب ما يزيد على 30 ألف جندي أوكراني، بمن فيهم المكلفون تشغيل الدبابات الحديثة التي سيحصل عليها الجيش الأوكراني قريباً، وفي طليعتها دبابات «ليوبارد 2» الألمانية التي تملكها جيوش عدة دول أعضاء في الاتحاد.
وكان مسؤول أوروبي رفيع قد كشف أمس في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن المجلس الأوروبي لن ينظر في التقرير المقبل حول توسعة الاتحاد قبل أواسط خريف هذا العام، ما يعني أن وضع طلب انضمام أوكرانيا على المسار السريع مستبعد كلياً في الوقت الحاضر. وأضاف المسؤول أنه فضلاً عن اعتراض مجموعة من الدول على هذا الطلب، فإن ثمّة صعوبات لوجستية من المستحيل التغاضي عنها في الوقت الحاضر، وهي أن أوكرانيا في خضمّ حرب لا يعرف أحد ماذا ستكون نتيجتها وتداعياتها على المحيط الأوروبي، لكن يشير المسؤول إلى أن الاتحاد الأوروبي اليوم ليس كما كان عليه قبل الاجتياح الروسي لأوكرانيا؛ إذ أقدم على خطوات غير مسبوقة كسرت بعض المحرّمات، مثل الموافقة على إنفاق عسكري مخصص لإرسال أسلحة هجومية إلى دولة ثالثة، وإطلاق استراتيجية فك الارتباط مع الطاقة الروسية التي لم تكن واردة على الإطلاق لأشهر خلت.


مقالات ذات صلة

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.