راوول دي بلازيو وميشال فاضل اختصرا بفنهما المسافات بين الأرجنتين ولبنان في مهرجانات «أعياد بيروت»

الثنائي تبارزا في العزف على البيانو بمقطوعات موسيقية غنياها بأناملهما الذهبية

دي بلازيو خبرة عتيقة ومصقولة بانجازات عالمية وفاضل موهبة شابة لفتت بتميزها الانظار، تقاسم الثنائي الأدوار وعزفت الأنامل اللبنانية موسيقى الأرجنتين فيما قدّم راوول دي بلازيو الموسيقى اللبنانية على طريقته، تفاعل الجمهور مع  دي بلازيو طيلة الحفلة التي تنوعت بين عزفه المنفرد او مع فاضل.
دي بلازيو خبرة عتيقة ومصقولة بانجازات عالمية وفاضل موهبة شابة لفتت بتميزها الانظار، تقاسم الثنائي الأدوار وعزفت الأنامل اللبنانية موسيقى الأرجنتين فيما قدّم راوول دي بلازيو الموسيقى اللبنانية على طريقته، تفاعل الجمهور مع دي بلازيو طيلة الحفلة التي تنوعت بين عزفه المنفرد او مع فاضل.
TT

راوول دي بلازيو وميشال فاضل اختصرا بفنهما المسافات بين الأرجنتين ولبنان في مهرجانات «أعياد بيروت»

دي بلازيو خبرة عتيقة ومصقولة بانجازات عالمية وفاضل موهبة شابة لفتت بتميزها الانظار، تقاسم الثنائي الأدوار وعزفت الأنامل اللبنانية موسيقى الأرجنتين فيما قدّم راوول دي بلازيو الموسيقى اللبنانية على طريقته، تفاعل الجمهور مع  دي بلازيو طيلة الحفلة التي تنوعت بين عزفه المنفرد او مع فاضل.
دي بلازيو خبرة عتيقة ومصقولة بانجازات عالمية وفاضل موهبة شابة لفتت بتميزها الانظار، تقاسم الثنائي الأدوار وعزفت الأنامل اللبنانية موسيقى الأرجنتين فيما قدّم راوول دي بلازيو الموسيقى اللبنانية على طريقته، تفاعل الجمهور مع دي بلازيو طيلة الحفلة التي تنوعت بين عزفه المنفرد او مع فاضل.

«إذا كنتم ترغبون في سماع قصة حياة راوول دي بلازيو من خلال عزفه على البيانو فابقوا هنا مسمّرين على مقاعدكم»، بهذه الكلمات افتتح عازف البيانو الأرجنتيني العالمي راوول دي بلازيو الحفلة الموسيقية التي شاركه فيها العزف الموسيقي اللبناني ميشال فاضل. سبق إطلالة العازف الأرجنتيني تصفيق حار من قبل الحضور الذي أراد بمبادرته هذه أن يدعو الثنائي، لاعتلاء المسرح بعد أن تأخرت السهرة عن بدايتها نحو الـ30 دقيقة.
حملت هذه الحفلة الموسيقية التي جاءت من ضمن برنامج مهرجانات «أعياد بيروت»، عنوان «ذا بيانو دويل» (مبارزة في البيانو)، وهي تعدّ الأولى من نوعها التي تقدّم في لبنان.
أطلّ العازفان سويا وهما يرتديان الأسود وتميّز دي بلازيو ببدلته المبرقعة اللماعة، فيما اختار ميشال فاضل أن يكسر الرسمية التي يفرضها هذا اللون من خلال ارتدائه حذاء رياضيا أحمر. واستهلّ الحفل بالمقطوعة الموسيقية الشهيرة لراوول دي بلازيو «هاستا كي تي كونوتشي»، التي عزفاها سويا على المسرح على بيانو من نوع (piano a queue) وتموضعا وسط المسرح وقد أحاط بهما ديكور غلب عليه الأحمر وأضواء ثريات القصور الضخمة. انسحب بعدها الموسيقي اللبناني تاركا الخشبة لزميله الأرجنتيني الذي قدّم معزوفته الثانية. وإثر انتهائه وقف متوجها للجمهور يقول له: «لا أعلم لماذا يسألونني دائما عن سبب تلبيتي لدعوات لبنان؟ في الحقيقة أريد أن أكشف لكم السبب وهو بسيط كوني أشعر هنا وكأنني في بيتي». بقي الجمهور يصفّق لدي بلازيو للحظات طويلة على شعوره هذا نحو لبنان، قبل أن يتابع حديثه المباشر معهم قائلا: «لقد قالوا لي لا يجب أن تتجاوز مدة الوقت المحددة للحفلة (مدة ساعة ونصف)، فاللبنانيون يملّون بسرعة، وعندما جاوبتهم بأنني أرغب في تمديده لساعة إضافية، حذّروني من ذلك لأن الناس حسب ما ذكروا لي ستنسحب وأنه من الأفضل أن أقدّم حفلة أخرى على أن أقوم بهذا التمديد». وتابع: «لقد قلت لهم ومن منكم يضمن لي بأنني سأعيش حتى ذلك الموعد؟ فأن تستفيدوا منّي الآن يبقى الحلّ الأفضل».
عزف راوول دي بلازيو على البيانو وكأنه كان يقوم بنحت تماثيل برونزية أو يرسم لوحات زيتية. فهو كان في كلّ مرة يرفع فيها أنامله بخفّة لافتة عن لوحة مفاتيح البيانو، حتى تعود وتقع عليها وكأنها طير يلامسها بأجنحته العملاقة. أما تقنيّته في عزف نوتاته الموسيقية فكانت بمثابة تغريدات ملوّنة تطنّ في أذن سامعها لتخترق مشاعره وأحاسيسه بصورة تلقائية. وهذا الأمر بدا جليّا عندما راح يعزف موسيقى أغنية «La boheme»، إذ راح الجمهور ينشد كلماتها بحماس مما دفع ببلازيو إلى إيقاف العزف للاستماع إليهم وليبادرهم في القول: «هل تسمعون صوت البيانو جيّدا؟ فأنتم دفعتم المال من أجل ذلك!».
تفاعل الجمهور مع راوول دي بلازيو طيلة الحفلة التي تنوعّت ما بين عزفه المنفرد، والثنائي مع ميشال فاضل. حتى أنه لم يفوّت أي فرصة لإطلاق العنان لنكاته وتعليقاته الظريفة. وكان في كلّ مرة تحلّق الكاميرا الطائرة فوق المسرح يبتسم لها ويجلس على كرسيه ليكمل العزف وهو يقول: «يا زوجتي العزيزة أنا هنا وأناملي مشغولة بالعزف فلا ينشغل بالك».
وبعد عزفه لمقطوعة «ارانجيز» (Mon amour) التي راح يردد فيها الحضور أغنية «لبيروت» المعروفة بصوت فيروز، قدّم دي بلازيو معزوفة تانغو التي رقص على موسيقاها الممثل الشهير آل باتشينو في فيلم «عطر امرأة»، ولينتقل فيما بعد إلى عزف تانغو من نوع آخر قدّمه تحت عنوان «ميلونغا» وشاركه فيه نجله ستيفان على الغيتار وعازف الأكورديون المكسيكي التابع لفرقته الموسيقية.
وبعدها ترك المسرح لميشال فاضل الذي أمتع الحضور بعزفه الرومانسي لموسيقى أغانٍ لبنانية لزكي ناصيف كـ«عاشقة الورد» و«نقيلك أحلى زهرة»، و«يا أنا يا أنا» لفيروز المأخوذة عن لحن العالمي موزارت، وليختمها بعزف لأغنية «بتونّس بيك» لوردة و«خطرنا على بالك» لطوني حنا.
بدا ميشال فاضل شغوفا بموسيقاه وهو يعزف تلك المقطوعات الواحدة تلو الأخرى. ولفت الجمهور بحضوره الأخاذ على المسرح إذ كانت الموسيقى تسكنه من رأسه حتى أخمص قدميه، فكان يتمايل تارة مع هذه النوتة وينعطف جسمه يمينا أو يسارا مع تلك، وليقفز عن كرسيه مرات عدة في قفلاته ونقلاته الموسيقيتين بين معزوفة وأخرى.
ولعلّ ذروة حماس الجمهور بدت جليّة في القسم الأخير من هذه الحفلة التي بدأت إثر انتهاء وصلة ميشال فاضل المنفردة، والتي ختمها بعزف لمقطوعة موسيقية ألّفها عندما كان في السابعة من عمره وسماها «جبل الثلج». عندها اعتلى راوول دي بلازيو المسرح من جديد وجلس مقابل زميله ليبدأ فعليا المبارزة الموسيقية المنتظرة بينهما.
وعلى موسيقى أغنية «انت عمري» للراحلة أم كلثوم بدأت المبارزة على البيانو وشارك فيها أيضا العازفون الـ20 التابعون للموسيقيين اللبناني والأرجنتيني. فاختلط صوت الأكورديون مع الطبلة والدفّ والدرامز والغيتار إضافة إلى البيانو ليؤلف الثنائي، لوحة فنيّة نادرة اختصرت المسافات بين البلدين فوقف الجمهور يصفّق لها طويلا.
وبعدها تقاسم الثنائي الأدوار وعزفت الأنامل اللبنانية موسيقى الأرجنتين فيما قدّم راوول دي بلازيو الموسيقى اللبنانية على طريقته، فاشتعلت أجواء المسرح بموهبتين عالميتين جعلتا الموسيقى لغتهما الوحيدة على مدى ساعتين متتاليتين.
وأشار ميشال فاضل خلال الحفلة إلى أن بعض تمريناتهما اضطرا القيام بها عبر وسيلة التواصل الاجتماعية المعروفة بـ«السكايب»، وأنه استوحى بعد أحد تلك التمرينات التي كانت تستمر حتى الرابعة فجرا، معزوفة أراد أن يكرّم بها راوول دي بلازيو الذي لطالما تأثّر بموسيقاه. وقال: «هذه المعزوفة ألّفتها بدقائق قليلة وأتمنى أن تنال إعجابه».
وبعد أن توجّه دي بلازيو بالشكر لميشال فاضل على لفتته هذه، أكمل الاثنان ما تبقّى من برنامج الحفلة من مقطوعات موسيقية تبادلا فيها أسرار مفاتيح نوتاتها بالإشارات والنظرات. واختتمت السهرة بعزفهما لمقطوعة «ليالينا» الشهيرة لميشال فاضل الذي ذكر في سياق الحفلة، بأنه فخور كونه يتشارك بالعزف على البيانو مع أحد أهم عازفيه في العالم.
خبرة عتيقة ومصقولة بإنجازات عالمية يفصلها 27 عاما (فرق العمر بين دي بلازيو وميشال فاضل)، عن موهبة لبنانية شابة وفذّة لفتت بتميّزها أنظار الشرق والغرب، شكّلتا لوحة فنّية نادرة تابعها اللبنانيون من على مسرح مركز «بيال» للمعارض، ضمن مهرجانات «أعياد بيروت» فأضافت إلى تراثه الفني دمغة ثقافية ستبقى محفورة في الذاكرة طويلا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».