رئيسة المفوضية الأوروبية تتعهد لكييف مساعدات عسكرية ومالية وسياسية

فون دير لاين أعلنـت عزم الاتحاد على فرض عقوبات ضد موسكو مع حلول الذكرى الأولى للحرب الأوكرانية

أورسولا فون دير لاين تعهدت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تقف أوروبا متحدةً مع أوكرانيا (رويترز)
أورسولا فون دير لاين تعهدت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تقف أوروبا متحدةً مع أوكرانيا (رويترز)
TT

رئيسة المفوضية الأوروبية تتعهد لكييف مساعدات عسكرية ومالية وسياسية

أورسولا فون دير لاين تعهدت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تقف أوروبا متحدةً مع أوكرانيا (رويترز)
أورسولا فون دير لاين تعهدت للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تقف أوروبا متحدةً مع أوكرانيا (رويترز)

وصلت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أمس (الخميس) إلى كييف، في زيارتها الرابعة إلى العاصمة الأوكرانية منذ بداية الحرب التي أشرفت على نهاية عامها الأول، مصحوبةً بعدد كبير من المفوضين لإجراء محادثات مع المسؤولين الأوكرانيين حول مراحل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتحضيراً للقمة الكبرى التي تُعقد اليوم (الجمعة)، بين أوكرانيا والدول الأعضاء.
وقالت فون دير لاين إن وجودها في كييف يؤكد عزم الاتحاد على دعم أوكرانيا طيلة الوقت اللازم في مواجهة العدوان الروسي. وأعلنت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض حزمة جديدة من العقوبات على روسيا بحلول الذكرى الأولى لبدء الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
وقالت في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: «بحلول 24 فبراير (شباط)، أي بعد عام واحد بالضبط من بدء الغزو، نعتزم فرض حزمة عاشرة من العقوبات».
ولفتت إلى أن العقوبات الحالية «تقوّض» الاقتصاد الروسي، مقدّرةً أن تكون موسكو تخسر «نحو 160 مليون يورو يومياً» بسبب تحديد سقف لسعر نفطها.
ووصل أكثر من 15 مسؤولاً بارزاً بالاتحاد الأوروبي إلى كييف للتعهد بمساعدات عسكرية ومالية وسياسية، وهي رحلة هدفها تسليط الضوء على الدعم المقدم إلى أوكرانيا قبل الذكرى السنوية الأولى للحرب.
وقال مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي: «وجودنا في كييف خلال الحرب هو إشارة قوية جداً. إنها إشارة إلى شعب أوكرانيا. وإشارة إلى روسيا. إنها إشارة إلى العالم». كما غرّد الممثل السامي للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل: «وصلتُ إلى كييف من أجل إيصال أقوى رسالة دعم من الاتحاد الأوروبي لجميع الأوكرانيين الذين يدافعون عن بلادهم».
وأضاف بوريل: «وصلت المساعدات الأوروبية إلى 50 مليار يورو (55 مليار دولار) منذ بدء الحرب الروسية. أوروبا تقف متحدةً مع أوكرانيا منذ اليوم الأول. وسوف نستمر في الوقوف إلى جانبكم من أجل الفوز وإعادة البناء».
ومن المتوقع أن يعلن الاتحاد الأوروبي رسمياً عن خطط لتدريب 15 ألف جندي إضافي ضمن مهمة التدريب المتواصلة.
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية (الخميس) بدعم أوكرانيا للتوصل إلى «حل نهائي للمسألة الروسية»، مسمياً رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خاصة.
وقال لافروف، في مقابلة تلفزيونية، إنّ فون دير لاين «أعلنت أن الحرب يجب أن تُفضي إلى هزيمة روسيا، هزيمة لن تتعافى منها لعقود». وأضاف: «أليست هذه عنصرية ونازية ومحاولة لحل المسألة الروسية؟».
وشدّد وزير الخارجية الروسي على أنّ مواقف الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا «تشبه محاولة لحل نهائي للمسألة الروسية»، في تصريحات بـ«الحل النهائي للمسألة اليهودية»، أي محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية بأيدي النازيين.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد اتهم أوكرانيا بالنازية لتبرير غزوه العسكري منذ نحو عام. ومنذ ذلك الحين، تقول روسيا إنها تريد «اجتثاث النازية» من أوكرانيا المجاورة لها، مدرجةً الهجوم عليها في إطار الانتصار السوفياتي على النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.
إلى ذلك أكد لافروف مجدداً أن الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا يشكّل «تصعيداً»، لا سيما في حال تسليمها أسلحة بعيدة المدى.
ويقول مسؤول رفيع في المجلس الأوروبي إن الاتحاد أعدّ مجموعة من الاتفاقات الاقتصادية مع أوكرانيا كخطوات أولى لدخولها مستقبلاً السوق الداخلية الأوروبية بعد الانضمام إلى الاتحاد، ولترسيخ روابطها مع اقتصاد النادي الأوروبي.
وتحمل هذه القمة الأولى من نوعها رسالة مهمة لتأكيد الدعم الأوروبي لأوكرانيا، والتشديد على التزام الاتحاد بتسريع عملية الانضمام التي تواجه تعقيدات سياسية بسبب الاعتراض الشديد من بعض الدول الأعضاء التي تطالب بعدم إعطاء أوكرانيا آمالاً كبيرة حول دخولها من المعبر السريع إلى النادي الأوروبي.
وكان الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي قد تعهد عشيّة وصول رئيسة المفوضية إلى كييف، بتسريع وتيرة الإصلاحات في مجال مكافحة الفساد بهدف استيفاء المعايير الأوروبية المطلوبة.
ورحّبت فون دير لاين بجهود مكافحة الفساد التي تقوم بها أوكرانيا مؤخراً والتي تُعدّ مهمة في درس احتمال عضويتها في الاتحاد الأوروبي. وقالت: «أنا مرتاحة لرؤية منظمات مكافحة الفساد في حالة تأهب وأنها تكشف سريعاً عن حالات الفساد»، معتبرة أن فولوديمير زيلينسكي ردّ «بسرعة على المستوى السياسي» لكي تكون نتائج مكافحة الفساد «ملموسة».
وتعهد المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية بمواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا بكل الوسائل المتاحة، في الوقت الذي شددا على ضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات في مجالات عدة، مثل العدل ومكافحة الفساد واحترام حقوق الأقليات التي تعيش في أوكرانيا، وعلى أن التركيز يجب ألا يقتصر على تاريخ الانضمام، بل على السبل المؤدية إليه.
وتنكبّ المفوضية منذ فترة على إعداد حزمة من الاتفاقيات في المجالات الاقتصادية والصناعية لمساعدة الاقتصاد الأوكراني على الصمود وتجاوز هذه المرحلة، وتوثيق الروابط مع الدول الأعضاء في الاتحاد، كما يستفاد من مشروع البيان الختامي الذي سيصدر اليوم عن القمة، والذي اطّلعت عليه «الشرق الأوسط».
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن الاتحاد الأوروبي يزوّد أوكرانيا بالغاز منذ بداية الحرب في العام الماضي، كما أن شبكتها الكهربائية أصبحت مربوطة، إلى جانب الشبكة المولدافية، بالشبكة الأوروبية على أمل أن يتمّ الاندماج الكهربائي الكامل قريباً، تمهيداً لاندماج شبكة الاتصالات، بحيث يمكن القول إن أوكرانيا أصبحت قريبة من أن تصبح، عملياً، العضو الثامن والعشرين في الاتحاد الأوروبي من غير أن تنضمّ إليه رسمياً.
ويتعهد الاتحاد الأوروبي بتسريع الإجراءات الهادفة إلى تسهيل دخول المنتجات الصناعية الأوكرانية إلى السوق الأوروبية، والإعداد لشراكة استراتيجية في مجال الطاقات المتجددة.
وتشكّل هذه الخطوات خريطة طريق تيسّر دخول أوكرانيا إلى السوق الداخلية الأوروبية التي تعد أحد الأركان الأساسية للمشروع الأوروبي وأحد أكبر إنجازاته. ويسعى الاتحاد الأوروبي أيضاً كي تكون المساعدات المقدمة لإعمار أوكرانيا بعد الحرب، هادفة إلى تكييف الاقتصاد الأوكراني مع الشروط والمعايير الأوروبية.
وكان رئيس الحكومة الأوكرانية دنيس شميهال، قد أعلن أمس، أن بلاده تخطط لاستكمال جميع الخطوات اللازمة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قبل نهاية العام 2026، لكن انضمام أوكرانيا بمثل هذه السرعة ما زال يثير انقسامات حادة داخل الاتحاد، بعد أن وافقت البلدان الأعضاء على قبول ترشيحها في فترة لا تزيد على ثلاثة أشهر، بينما انتظرت دول أخرى سنوات كثيرة قبل الموافقة على طلب ترشيحها، وهي ما زالت في طابور الانتظار لقبول انضمامها.
وتجدر الإشارة إلى أن التصريحات المتوالية لرئيسة المفوضية فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، اللذين يعدان من أشد المتحمسين لتسريع انضمام أوكرانيا، قد أثارت حفيظة بلدان وازنة، مثل فرنسا وألمانيا وهولندا، تدفع باتجاه تأخير هذا الانضمام سنوات كثيرة.
يُذكر أنه في مايو (أيار) الفائت، وقبل أن تقدّم أوكرانيا طلب ترشيحها لعضوية الاتحاد، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن عملية الانضمام قد تتطلب عقوداً، في الوقت الذي كان مسؤولون أوروبيون يسرّبون قلقهم من قدرة الاتحاد على استيعاب دولة زراعية كبرى، منهكة صناعياً بعد الحرب، وتواجه مشكلات على صعيد مكافحة الفساد، كما اعترف بذلك الرئيس زيلينسكي بنفسه.
وتدعو الدول المتحفظة على انضمام أوكرانيا السريع إلى الاتحاد، إلى استخلاص العِبَر من التجارب السابقة مثل انضمام رومانيا وبلغاريا في عام 2007، اللتين خضعتا للتدقيق الأوروبي المستمر طوال سنوات كثيرة، أو انضمام المجر في عام 2004 التي تسجّل انتهاكات صارخة لسيادة القانون والحريات الأساسية، إلى جانب الفساد المستشري في المؤسسات الرسمية.
لكنّ بلداناً أخرى، مثل بولندا ودول البلطيق، تطالب بألا يقتصر الدعم الأوروبي لانضمام أوكرانيا على الخطوات والمواقف الرمزية، بل أن يتخذ الاتحاد خطوات عملية تسرّع هذا الانضمام.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأوكراني الذي كان قد فاز في الانتخابات عام 2019 بعد حملة كان شعارها الرئيسي مكافحة الفساد، قام مؤخراً بعملية تطهير واسعة في الجيش والحكومة بعد أن كشفت الأجهزة سلسلة من الفضائح في مجالات حساسة جداً بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
TT

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان تمّ تبنيه بعد اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.

وقال الإعلان الصادر عن البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة إنه «مع الاحترام الكامل للسيادة الضريبية، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لضمان فرض ضرائب فعالة على صافي الثروات العالية للأفراد»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف الوزراء في إعلانهم أنّ «عدم المساواة في الثروة والدخل يقوّض النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية». ودعا الإعلان إلى «سياسات ضريبية فعّالة وعادلة وتصاعدية».

وقال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إنّه «من المهمّ، من وجهة نظر أخلاقية، أن ترى أغنى عشرين دولة أنّ لدينا مشكلة تتمثّل في فرض ضرائب تصاعدية على الفقراء وليس على الأثرياء».

ورحّبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الجمعة، بالإعلان الصادر عن مجموعة العشرين والمؤيّد «للعدالة المالية»، معتبرةً أنّه «جاء في الوقت المناسب ومرحّب به».

وقالت غورغييفا في بيان إنّ «الرؤية المشتركة لوزراء مجموعة العشرين بشأن الضرائب التصاعدية تأتي في الوقت المناسب وهي موضع ترحيب، لأنّ الحاجة إلى تجديد الاحتياطيات المالية مع تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية تنطوي على قرارات صعبة في العديد من البلدان». وأضافت أنّ «تعزيز العدالة الضريبية يساهم في القبول الاجتماعي لهذه القرارات».