«الطرح الخاص» يسجل نشاطا متناميا ويحقق 46 مليار دولار في السعودية

الأسهم وأدوات الدين تجذب المؤسسات والأفراد خلال 8 أعوام

مستثمر سعودي يراقب مؤشر الأسهم في البورصة السعودية بالرياض (أ.ف.ب)
مستثمر سعودي يراقب مؤشر الأسهم في البورصة السعودية بالرياض (أ.ف.ب)
TT

«الطرح الخاص» يسجل نشاطا متناميا ويحقق 46 مليار دولار في السعودية

مستثمر سعودي يراقب مؤشر الأسهم في البورصة السعودية بالرياض (أ.ف.ب)
مستثمر سعودي يراقب مؤشر الأسهم في البورصة السعودية بالرياض (أ.ف.ب)

سجل نشاط الطرح الخاص «للأوراق المالية» في السعودية تناميًا ملموسًا، محققًا ما قيمته 171.7 مليار ريال (45.7 مليار دولار) ضخها المستثمرون من الشركات والأفراد في الأوراق المالية بطرح خاص منذ عام 2007.
والطرح الخاص هو عملية البيع المباشر لإصدار من الأوراق المالية إلى شريحة المؤسسات الاستثمارية (بنوك، صناديق الاستثمار، شركات، مستثمرين أفراد)، حيث لا تطرح هذه الإصدارات للجمهور.
وتعتمد هيئة السوق المالية - الجهاز الحكومي المعني بالسوق المالية - حالات الطرح الخاص كأن تكون الأوراق المالية صادرة عن حكومة السعودية، أو عن هيئة دولية تعترف بها الهيئة، وأن يكون مقصورًا على مستثمرين ذوي خبرة، كما لا بد أن يكون الطرح محدودا. وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور عبد الله باعشن رئيس مجلس إدارة شركة الفريق الأول المالية أن هذا التوجه يأتي في تمويل المشروعات وتعزيز النمو وجذب مستثمرين قد يضيفون للمشروع قوة تحالف استراتيجية، لافتا إلى أن عملية الطرح الخاص تستهدف توفير الأموال (التمويل) عن طريق طرح عدد معين من الأسهم أو السندات لشريحة منتقاة من المستثمرين.
وأبان باعشن أن المنشآت تفضّل الاتجاه نحو الطرح الخاص للمرونة العالية في ما يتعلق بالمبلغ المستهدف الذي قد يتراوح من مئات الآلاف إلى مئات الملايين، والقدرة على تحديد طبيعة المستثمرين واختيار المستثمر الأنسب حتى تتناسب رؤيته مع رؤية الشركة، بالإضافة إلى إتاحة الفرصة للمنشأة لتتابع النمو دون الإضرار بالسيولة المتاحة أو تحمل مخاطر التمويل الأخرى، بجانب سرعة الحصول على المبلغ المستهدف.
ويشدد باعشن في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على أن الطرح الخاص لا بد أن يوجه للمستثمرين المدركين حجم المخاطر ويستهدف نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتشجيع أصحاب الأفكار المبدعة ليعزز التوجه نحو تنويع القاعدة الاستثمارية. ووفقا لبيانات حكومية رسمية، تلقت هيئة السوق المالية 554 إشعار طلب طرح خاص منذ عام 2007، وهو العام الذي تقدمت فيه شركة واحدة فقط، وصولا إلى أعلى طلبات مسجلة بعدد 118 شركة في العام الماضي 2014.
وتشير البيانات إلى أن أكبر قيمة مسجلة لمبالغ الطرح الخاص في السعودية كانت في عام 2013 حينما ضخ المستثمرون ما قوامه 50.3 مليار ريال (13.4 مليار دولار)، فيما كان عام 2007 الأقل بما قوامه 800 مليون ريال، بينما بلغت قيمة مبالغ طروحات العام الماضي 2014 ما قيمته 33.6 مليار ريال.
من ناحيته، يلفت عبد الله الفوزان، وهو الخبير في الصناعة المالية، إلى أن مزايا الطرح دفعت إلى تناميه نتيجة لتحررها من الكثير من تعقيدات الطرح العام وفوبيا «جمع الأموال»، مشددا على ضرورة استدامة المرونة في مثل هذا النشاط المالي، إذ إن أي تعقيدات قد تعرقل هذا التزايد في التوجه.
وأفاد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الشركات المالية باتت لا تشجع تبني الطروحات العامة، نتيجة التعقيدات المشددة من قبل الجهات المسؤولة التي تمتد لشهور طويلة، تؤدي في الغالب إلى فوات الكثير من الفرص، التي يأتي من بينها الطرح الخاص.
ويؤكد الفوزان أن عوامل نجاح الطرح الخاص متوفرة في مقدمتها السيولة العالية كالودائع الحالية الضخمة التي تتخطى تريليون ريال، وتتأكل نتيجة التضخم والاتجاه نحو الاستهلاك العام، وهو ما يدعو إلى ضرورة توفير الفرص الاستثمارية.
ولفت الفوزان إلى أنه على الرغم من القبول الواسع لهذا النشاط المالي فإن هواجس كثيرة لا تزال باقية لدى المستفيدين وشرائح من الأفراد المستثمرين حول التخارج السريع للمؤسسين، متأثرة بالنظرة السلبية حول الطروحات العامة.
ولكن الفوزان يؤكد أن مستقبل الطرح الخاص رائع مع تنامي الوعي العام وأهمية الدخول في شراكات ووجود الأطر المنظمة والجهات الرقابية، إضافة إلى الإلزام بتطبيق الحوكمة، كما أنها تعد فرصة لامتصاص السيولة وتحويلها لفرص استثمارية مفيدة للاقتصاد، داعيا إلى مزيد من المرونة لهذه الآلية المالية لمزيد من ازدهارها.
من جانب آخر، وبحسب مصادر مالية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن حركة الطرح الخاص ستشهد انحسارا خلال الفترة المقبلة، متأثرة بميزانية الدولة الذي تتعرض لتراجع نتيجة انخفاض أسعار النفط، مشيرة إلى أن الطرح الخاص في السعودية يرتكز في معظمه على الشركات الجديدة الناشئة من خلال مشروعات وشراكات جديدة.
وقالت المصادر إنه مقارنة بالعدد الكبير من الطروحات الخاصة في السنوات الماضية مقابل الصرف الحكومي الحالي وعدد المشروعات الاستراتيجية الحالية، وتقلص الإنفاق وتراجع أسعار النفط، كل ذلك سيتسبب في انخفاض الطرح العام بما لا يقل عن 50 في المائة، مشددة في الوقت ذاته على أن ذلك لا يعد مؤشرا سلبيا على واقع الاقتصاد الوطني، وإنما انعكاس متوقع جراء تراجع الميزانية. وبحسب تشريعات هيئة السوق المالية، لا يجوز لأي شخص طرح أوراق مالية طرحا خاصا ما لم يستوفِ متطلبين بأن يكون الطرح بواسطة شخص مرخص له لممارسة نشاط الترتيب، وإشعار الطارح للهيئة كتابيا، كما أنه لا يجوز لأي شخص اشترى أوراقا مالية من خلال طرح خاص أن يعرض تلك الأوراق المالية، ولا أن يبيعها على شخص منقول إليه ما لم يكن ذلك العرض أو البيع بواسطة شخص مرخص له.
ومن بين التنظيمات أنه لا بد من استيفاء متطلبات أن يكون السعر المتوجب سداده لقاء تلك الأوراق المالية يساوي أو يزيد على مليون ريال سعودي أو ما يعادله، بالإضافة إلى عرض الأوراق المالية أو بيعها على مستثمر ذي خبرة.



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.