ما دور الغذاء في الوقاية من «الصداع النصفي»؟

دراسة تتحدث عن أهمية الأطعمة الغنية بالألياف

معدل انتشار الصداع النصفي عالمياً يتراوح بين 15 و18 في المائة (Public Domain)
معدل انتشار الصداع النصفي عالمياً يتراوح بين 15 و18 في المائة (Public Domain)
TT

ما دور الغذاء في الوقاية من «الصداع النصفي»؟

معدل انتشار الصداع النصفي عالمياً يتراوح بين 15 و18 في المائة (Public Domain)
معدل انتشار الصداع النصفي عالمياً يتراوح بين 15 و18 في المائة (Public Domain)

أقامت دراسة نُشرت في العدد الأخير من دورية «فرونتيرز إن نيوترشن»، أول علاقة إحصائية بين زيادة تناول الألياف الغذائية وانخفاض معدل الإصابة بالصداع النصفي.
والصداع النصفي، أحد أمراض الصداع الأولية المسببة للعجز الشديد، والتي تسبب إعاقات أكثر من جميع الأمراض العصبية الأخرى مجتمعة، ويقدر معدل الانتشار العالمي بما يتراوح بين 15 و18 في المائة، مما يتسبب في عبء ثقيل على الأفراد والأسر وأنظمة الرعاية الصحية والمجتمعات.
وتلعب العوامل الوراثية والبيئية دوراً مهماً في حدوثه، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر مجموعة متنوعة من الحالات الداخلية والخارجية الأخرى، مثل الأنماط الغذائية والأطعمة المحددة والكحول والتوتر وعوامل نمط الحياة الأخرى، على حدوث الصداع النصفي وشدته ومدته، وأراد الفريق البحثي من جامعة جينان الصينية، اختبار العلاقة بين حدوث المرض وفئة من الأطعمة، وهي تلك الغنية بالألياف.
ويقول الباحثون في مقدمة دراستهم، إنه في السنوات الأخيرة، خلص اتحاد العبء العالمي للأمراض (GBD) إلى أن النظم الغذائية دون المستوى هي المسؤولة عن المزيد من الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية في جميع أنحاء العالم، أكثر من أي عامل خطر آخر، بما في ذلك التدخين. وأوضح الباحثون أنه بناء على ذلك، فإن الترويج لاستهلاك المكونات الغذائية الصحية، يعتبر طريقة فعالة لتقليل عبء المرض المرتبط بالمخاطر الغذائية. وركزوا في دراستهم على مرض «الصداع النصفي» لانتشاره عالمياً، وعلى الألياف الغذائية؛ إذ يتم الإبلاغ باستمرار عن أن تناول الألياف الغذائية غير كافٍ، مقارنة بالموصى به عالمياً.
وتتكون الألياف الغذائية من بوليمرات الكربوهيدرات، التي لا يمكن هضمها أو امتصاصها في الأمعاء البشرية، ولكنها تدخل الأمعاء الغليظة ويتم تخميرها بواسطة الجراثيم المعوية، وتشمل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبطاطس والدرنات والفاصوليا، ولا يوجد خلاف على أنها مفيدة لصحة الإنسان.
وتشمل الفوائد الصحية للألياف الغذائية تحسين وظائف الأمعاء وتقليل تركيز الجلوكوز في الدم وخفض نسبة الكوليسترول في الدم وزيادة الشبع، وهناك أدلة متزايدة على أن الألياف الغذائية تلعب دوراً في تقليل الوفيات والأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني، وأضافت الدراسة الجديدة فائدة أخرى محتملة، وهي التخفيف من الصداع النصفي.
وباستخدام بيانات من المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية، فحص الباحثون العلاقة بين تناول الألياف الغذائية وانتشار الصداع الحاد أو الصداع النصفي، ووجدوا أنه بعد ضبط المتغيرات المشتركة، كان هناك ارتباط عكسي كبير بين تناول الألياف الغذائية والصداع الشديد أو الصداع النصفي، فمقابل كل زيادة بمقدار 10 غرامات لكل يوم في تناول الألياف الغذائية، انخفض معدل انتشار الصداع الشديد أو الصداع النصفي بنسبة 11 في المائة.
ويقول المؤلفون في دراستهم: «على حد علمنا، لم تفحص أي دراسة سابقة العلاقة بين الألياف الغذائية والصداع الشديد أو الصداع النصفي، ومع ذلك، يجب إجراء المزيد من الدراسات المستقبلية لتأكيد هذا الارتباط».
ولم يذكر الباحثون في دراستهم تبريراً لهذا الارتباط بين تناول الألياف وعلاج الصداع النصفي، غير أن محمد عبد الحليم، أستاذ التغذية في جامعة بني سويف (صعيد مصر)، يعتقد أن هذه الفائدة مصدرها الأمعاء. ويقول عبد الحليم لـ«الشرق الأوسط»: «كثير من الدراسات ربطت بين صحة الأمعاء وصحة الدماغ، وحيث إن الألياف الغذائية لديها القدرة على تنظيم الميكروبيوم المعوي، فقد يكون ذلك هو سر الفائدة التي تمنحها الألياف في هذا الاتجاه».
وكانت دراسات سابقة ربطت بين الاضطرابات في الميكروبيوم المعوي وأمراض الجهاز العصبي المركزي، مثل التصلب المتعدد ومرض باركنسون ومرض ألزهايمر والاكتئاب، و«قد يكون الصداع النصفي مرضاً جديداً يضاف إلى قائمة هذه الأمراض»، كما يقول عبد الحليم.


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».