«داعش» يسعى لإيجاد موطئ قدم له في اليمن

خبراء: التنظيم استقطب مئات من المقاتلين الأجانب على غرار ما يقوم به في العراق وسوريا

عضو في إحدى الجماعات المتطرفة على آلية عسكرية تجوب شوارع مدينة المكلا اليمنية («الشرق الأوسط»)
عضو في إحدى الجماعات المتطرفة على آلية عسكرية تجوب شوارع مدينة المكلا اليمنية («الشرق الأوسط»)
TT

«داعش» يسعى لإيجاد موطئ قدم له في اليمن

عضو في إحدى الجماعات المتطرفة على آلية عسكرية تجوب شوارع مدينة المكلا اليمنية («الشرق الأوسط»)
عضو في إحدى الجماعات المتطرفة على آلية عسكرية تجوب شوارع مدينة المكلا اليمنية («الشرق الأوسط»)

أكدت مصادر متابعة لنشاط الجماعات المتطرفة في اليمن انتشار خلايا تابعة لتنظيم داعش في مناطق متفرقة من البلاد، وجلب التنظيم لمئات المقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية، من دول يسيطر التنظيم على أجزاء واسعة منها كالعراق وسوريا وحتى ليبيا، بغرض تأسيس نواة قوية للتنظيم على الأراضي اليمنية، وتوسعة قاعدة أعضائه ومناصريه، مستغلاً بذلك الأوضاع السياسية والأمنية التي يعيشها اليمن، ووجود مناصرين له من المنشقين عن الفرع اليمني لتنظيم القاعدة، وهو تنظيم متطرف دخل في عدة مواجهات مع الحكومة اليمنية إبان حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وعهد الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي.
وتحتضن عدة محافظات يمنية كالعاصمة صنعاء شمالاً، والبيضاء بوسط اليمن، وحضرموت جنوبًا، المئات من مقاتلي «داعش» من عدة جنسيات أجنبية كالأميركية، والكندية، والبريطانية، والفرنسية، والأسترالية، وبلدان شرق آسيا، وجنوب القارة الأفريقية، بالإضافة لعدة جنسيات عربية يسكنون في أماكن تسمى «المأوى» ويتخذون منها دور دعوة لنشر الفكر المتطرف عبر محاضرات عما يسمونه «الجهاد»، وعرض أفلام مسجلة بمناطق يسيطر عليها التنظيم في دول كالعراق وسوريا، وكذلك إعداد مقاتليهم، والتجهيز لعملياتهم، التي كان آخرها، حسبما أعلن التنظيم في بيان، تفجير سيارة مفخخة بالقرب من أحد المساجد التي ترتادها جماعة «أنصار الله» الحوثية بحي الجراف شمال العاصمة صنعاء الاثنين الماضي مخلفًا 5 قتلى، و11 جريحا.
وقالت المصادر إن التنظيم استطاع خلال الأشهر الستة الأخيرة، توسيع قاعدة أعضائه ومناصريه باليمن، وكسب تأييد ومبايعة جزء كبير من عناصر تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» في عدة محافظات يمنية كالبيضاء، وشبوة، وحضرموت، ليحصل على أكثر من 3000 مناصر له، نفذوا الكثير منهم عمليات ضد جماعة أنصار الله الحوثية، والألوية العسكرية التابعة للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، ونفذت مجاميع أخرى منهم عمليات ذبح وقتل بحق الجيش اليمني.
كما نشأ خلاف حاد بين تنظيم داعش في اليمن المبايع لأبو بكر البغدادي، وتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» المبايع لأيمن الظواهري خليفة مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وظهر هذا الخلاف للسطح في محافظة حضرموت جنوب اليمن إبان سيطرة التنظيم على مدينة المكلا عاصمة المحافظة في 2 أبريل (نيسان) الماضي، لتتم «المصالحة» بعد ذلك، وعقد هدنة مؤقتة خلال شهر رمضان المبارك.
وقال باحث يمني في شؤون الجماعات المتطرفة لـ«الشرق الأوسط» إن «اليمن الآن مهيأ تمامًا لزرع خلايا إرهابية هنا وهناك، وكما هو واضح قريبًا سوف يكون ملاذا لعدد من القيادات الإرهابية المطاردة دوليًا، بحكم التضييق عليها وتقليص تمدد داعش في العراق وسوريا». كما رجح دخول تنظيم داعش في مواجهة مع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وقال: «ما هي إلا عملية فتح جبهة جديدة بين طرفين متنازعين في عدة دول!».
ويضيف الباحث «إن تولي قاسم الريمي الذي يطلق عليه بعض الباحثين في شؤون الجماعات المتشددة لقب النسخة اليمنية من أبو مصعب الزرقاوي لدمويته، يعد تطورا هاما، ونقطة تلاق وتقارب بين الفكرين الخاص بتنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، وهو ما قد يساعد على نمو وترعرع داعش في اليمن».
وتواصل الطائرات من دون طيار «درون» طلعاتها اليومية التي تستهدف عناصر تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» بمدينة المكلا التابعة لمحافظة حضرموت، وعلى أجزاء من مدن محافظة شبوة بشكل أسبوعي، التي تقلع من مياه البحر العربي؛ ليجد تنظيم داعش متنفسا فسيحا له في البيضاء وسط اليمن، والعاصمة اليمنية صنعاء، وعدة مناطق يمنية أخرى لتنفيذ عملياته النوعية، كما يواصل نشاطه في كسب الأعضاء والمناصرين له في هدوء تام بمحافظات جنوبية كحضرموت وشبوة.
وقد حصدت «الدرون» أرواح أكثر من 25 عنصرا من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بمدينة المكلا وحدها منذ مطلع أبريل الماضي، كان من بينهم عدة قياديين، أبرزهم أبو بصير ناصر الوحيشي قائد التنظيم في الجزيرة العربية، أحد المقربين من مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والذي اعتقل بإيران بعد فراره من معركة تورا بورا بأفغانستان، ليتم تسليمه لليمن في عام 2003 بموجب اتفاق لتسليم الإرهابيين بين الحكومتين اليمنية والإيرانية، ليهرب في عام 2006 من سجنه بصنعاء.
وتعد حضرموت الآن أكبر حاضنة للجماعات المتطرفة، حيث يسيطر تنظيم القاعدة على عاصمتها، ويمتلك بها عدة معسكرات تدريب لعناصره، والمستجدين فيه، بالإضافة لامتلاكه مخزونا كبيرا من العتاد والآليات العسكرية، الثقيلة والمتوسطة، بالإضافة لكميات كبيرة من الذخيرة، حصل عليها من معسكر اللواء 27 ميكا التابع للمنطقة العسكرية الثانية، بعد دخوله مدينة المكلا في 2 أبريل الماضي، كما يمتلك التنظيم مبالغ مالية ضخمة تقدر بعدة مليارات من الريالات اليمنية تم السطو عليها من فرع البنك المركزي بالمدينة، وهو يستخدمها الآن في تمويل عملياته العسكرية، كما يحاول التنظيم إدارة شؤون المدينة عبر تأسيسه عدة مؤسسات دينية كإدارة الأمن الخاصة بالتنظيم لحفظ الأمن داخل المدينة، والمحكمة الشرعية للفصل بين قضايا المواطنين، وإدارة «الحسبة» ودورياتها التي تجوب المدينة بهدف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يدعي التنظيم.



اليمن ينتقد تقصير الأمم المتحدة في حماية موظفيها من بطش الحوثيين

الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)
الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)
TT

اليمن ينتقد تقصير الأمم المتحدة في حماية موظفيها من بطش الحوثيين

الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)
الحكومة اليمنية اعتمدت تسهيلات لنقل مقرات المنظمات الدولية إلى عدن (سبأ)

انتقدت الحكومة اليمنية تقصير الأمم المتحدة في حماية الموظفين في وكالاتها من بطش الحوثيين، ودعت إلى اتخاذ تدابير ضاغطة لإجبار الجماعة على إطلاق المعتقلين ووقف تدخلاتها في العمل الإنساني.

وكانت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران شنت حملة واسعة في الأسابيع الماضية اعتقلت خلالها عشرات العاملين الإنسانيين في الوكالات الأممية والمنظمات الدولية الإغاثية والمحلية، إذ من المتوقع أن توجه لهم تهم التخابر مع الولايات المتحدة، كما حدث مع آخرين، بعضهم تم اختطافه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

الانتقاد اليمني جاء في رسالة وجهها رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بشأن تطورات الموقف من اختطاف الحوثيين عشرات العاملين في المنظمات الأممية والدولية وتعريض حياتهم للخطر.

واستعرض بن مبارك في رسالته الانتهاكات التي تمارسها ميليشيا الحوثي ضد العمل الإنساني والعاملين في المنظمات الأممية، وقال «إن ما تم اتخاذه من تدابير من قبل مكاتب الأمم المتحدة في اليمن لحماية العاملين فيها، وإنقاذ حياتهم، لم يكن بالمستوى المقبول ولا المتوقع حتى اللحظة، ولا يرقى لمستوى الخطر الذي يتهدد حياتهم وحريتهم».

وأكد رئيس الحكومة اليمنية على ضرورة اضطلاع الأمم المتحدة بدورها الإنساني في حماية العاملين المحليين فيها، وبذل كل ما هو ممكن لإطلاق سراح المختطفين، وتعليق سفر منسق الشؤون الإنسانية وممثلي المنظمات الأممية والموظفين الرئيسيين إلى صنعاء.

ودعا بن مبارك إلى العمل على بدء نقل وظائف المنظمات الإدارية والفنية الرئيسية للعاصمة المؤقتة عدن، لتخفيف ضغط الميليشيات على المنظمات الأممية، وشدد على اتخاذ الإجراءات الفنية والإدارية اللازمة لحماية قواعد البيانات والمراسلات الخاصة بالمنظمات الأممية لحماية العاملين المحليين، وعدم تمكين الميليشيات من الوصول لهذه البيانات واستخدامها وتحريفها للإضرار بالموظفين والمستفيدين وتبرير اختطافهم.

تقييم عاجل

حض رئيس الحكومة اليمنية، الأمم المتحدة، على تنفيذ تقييم عاجل ومحايد للأنشطة الإنسانية والتنموية التي تنفذها المنظمة الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين للتأكد من سلامة هذه المشاريع وتحقيقها لأهدافها، بخاصة مع عدم قدرة المنظمات على تنفيذ المتابعة والتقييم بسبب وقف الحوثيين لكل الشركات والمنظمات العاملة في هذا المجال.

وأشار بن مبارك إلى أهمية التأكد من مدى تأثير ممارسات الحوثيين على مستقبل المشاريع الأممية وعدالتها، وعدم تحولها لأدوات بيد الجماعة لدعم مجهودها الحربي، وزيادة نسبة التجنيد، خصوصاً من الأطفال واليافعين، إضافة إلى التأكد من سلامة العاملين وحمايتهم وضمان تحقيق مبادئ العدالة في التوظيف، حيث تضاعفت الشكوك بفرض الميليشيات مؤيدين لها للعمل لدى المنظمات الدولية.

الجماعة الحوثية اتهمت موظفين في السفارة الأميركية والمنظمات الدولية بالتخابر (إعلام حوثي)

وجدد رئيس الوزراء اليمني التزام ومسؤولية حكومته في حماية مواطنيها، وحصولهم على الدعم في شقيه الإغاثي والتنموي في كل البلاد، معرباً عن الامتنان للدور الكبير الذي لعبته المنظمات الأممية والدولية في دعم اليمن.

ودعا في رسالته للأمين العام غوتيريش إلى بذل كل الجهد لإيقاف عبث الحوثيين وتدخلاتهم السافرة في عمل المنظمات، واستخدامها، وتجيير الدعم المقدم في المجال الإنساني لخدمة مصالحهم وتشديد قبضتهم وسيطرتهم على حياة اليمنيين، وانتهاك حرياتهم وحقوقهم وترويعهم وتعريض حياتهم وحياة العاملين الإنسانيين للخطر.

وقال بن مبارك إنه يتطلع للعمل مع الأمم المتحدة للمضي في إجراءات ملموسة وعاجلة للضغط على الميليشيات الحوثية لإطلاق سراح المختطفين، ومنع المخاطر التي يتعرضون لها في المعتقلات، والتي وصلت لحد الموت جراء التعذيب، كما حدث للكثير، منهم هشام الحكيمي الموظف لدى منظمة إنقاذ الطفولة الدولية.