الحكومة المغربية تستعد للكشف عن الخطة الوطنية لمحاربة الفساد

خصص لها 450 مليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة

الحكومة المغربية تستعد للكشف عن الخطة الوطنية لمحاربة الفساد
TT

الحكومة المغربية تستعد للكشف عن الخطة الوطنية لمحاربة الفساد

الحكومة المغربية تستعد للكشف عن الخطة الوطنية لمحاربة الفساد

تعتزم الحكومة المغربية خلال السنة الأخيرة من ولايتها المصادقة على النسخة النهائية للاستراتيجية الوطنية لمحاربة الرشوة والفساد، التي أعدتها وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، بتنسيق مع مكتب استشارة دولي.
وكشفت الوثيقة، التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، أن كلفة الاستراتيجية التي تراهن عليها الحكومة لمحاصرة الفساد خلال السنوات العشر المقبلة، تبلغ 450 مليون دولار.
ووضعت الحكومة نصب أعينها خمسة إجراءات فعالة لمحاربة فساد الإدارات ومؤسسات الدولة خلال العقد المقبل، أولها وضع إطار تشريعي وتنظيمي زجري لتجاوز الغموض الذي يحد من تطبيق القانون والإفلات من العقاب، واقترحت الخطة الحكومية إعداد 120 مشروع قانون أو نصا تنظيميا عبر ثلاث مراحل خلال السنوات العشر المقبلة، منها 45 مشروعا خلال الفترة (2015 - 2017)، و55 مشروعا (2018 - 2020)، و20 مشروع قانون أو نصا تنظيميا خلال المرحلة الفاصلة ما بين 2012 و2025. أما الإجراء الثاني فيتعلق بوضع نظام للشكاوى والتظلمات، وتحريك التحقيقات، ورصد كل العمليات التي تتوخى تبييض الأموال والإثراء غير المشروع. فيما يتضمن الإجراء الثالث تسريع تنفيذ الأحكام القضائية، وتطبيق القانون من خلال نشر الأحكام النهائية التي تكتسي قوة الشيء المقضي به. أما الإجراء الرابع فيتوخى تحريك المؤسسات لاسترداد الموجودات والأموال غير المشروعة في الداخل أو الخارج. فيما تقوم الدعامة الخامسة على ضبط بؤر تدبير المال العام، خصوصا في ما يتعلق بالصفقات العمومية واقتصاد الريع ونظام الضرائب.
وتراهن الحكومة من وراء المصادقة على استراتيجية محاربة الرشوة والفساد على كسب 40 نقطة في تقرير منظمة دوينغ بيزنيس (doing business) التي وضعت المغرب خلال سنة 2014 في المرتبة 71، كما تهدف إلى ضمان ربح 20 نقطة في مؤشر الأمن القانوني الذي تصدره المنظمة الأميركية «مشروع العدالة العالمية» (World Justice Project). وقد منحت الخطة الأولية في محاربة الفساد والرشوة لقطاع القضاء والصفقات العمومية والصحة والتعليم، ولقطاع المناجم والمقالع والعقار والضرائب، بالإضافة إلى قطاع النقل والجماعات المحلية (البلديات).
وتتوخى الاستراتيجية تحقيق هدفين اثنين، أولهما تجويد الثقة لدى المواطن في الإدارة المغربية، وثانيهما تحسين ثقة المجتمع الدولي في نزاهة وشفافية الإدارة المغربية.
وكان رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران قد أعلن الأسبوع الماضي، خلال مؤتمر صحافي، عن قرب إعلان الحكومة عن استراتيجيتها الوطنية لمحاربة الرشوة والفساد، مشيرا إلى أنه أبدى ملاحظات على النسخة الأولى التي قدمت له نهاية السنة الماضية من أجل تطعيمها بالمزيد من الإجراءات لضمان نجاحها.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.