«أسبوع الأزياء الراقية» يدفع ثمن فتح أبوابه للجميع

الابتكارات الغريبة تواجه انتقادات... والتفرد يفوز

للمرة الثالثة تتعاون فيرجيني فيار مصممة دار «شانيل» مع الفنان زافييه فيلهان لتصميم ديكور مميز (أ.ب)
للمرة الثالثة تتعاون فيرجيني فيار مصممة دار «شانيل» مع الفنان زافييه فيلهان لتصميم ديكور مميز (أ.ب)
TT

«أسبوع الأزياء الراقية» يدفع ثمن فتح أبوابه للجميع

للمرة الثالثة تتعاون فيرجيني فيار مصممة دار «شانيل» مع الفنان زافييه فيلهان لتصميم ديكور مميز (أ.ب)
للمرة الثالثة تتعاون فيرجيني فيار مصممة دار «شانيل» مع الفنان زافييه فيلهان لتصميم ديكور مميز (أ.ب)

انقسم أسبوع الـ«هوت كوتور» لربيع وصيف 2023 في الأسبوع الماضي إلى فريقين. فريق أبدع تصاميم فخمة ورفيعة، وفريق أثار الجدل وغذى وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل مقصود حيناً، وغير مقصود حيناً آخر. فهذا الموسم، قبل أن يفتح أبوابه للجميع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، كان في وقت من الأوقات بمثابة نادٍ خاص جداً لا تدخله سوى حُفنة من الزبونات النخبويات والمقتدرات. وعلى ما يبدو، فإن هذه الوسائل التي فرضت على المصممين أن يُلونوا تصاميمهم بكل ما هو صارخ ومتضارب لكي تكتسب الصورة على «إنستغرام» تأثيراً أكبر، بدأت تُؤثر على عملية الإبداع، تحت تسميات مختلفة. في الأسبوع الماضي، مثلاً فتحت النيران على بعض المصممين بتهمة انفصالهم عن الواقع وما يجري من حولهم. دار «سكاباريللي» كانت لها حصة الأسد من الانتقادات والجدل. السبب أن مصممها دانييل روزبيري قدم ثلاثة تصاميم تُجسد رؤوس حيوانات مُحنطة تبدو من بعيد وكأنها حقيقية رآها البعض تشجيعاً أو «تمجيداً لصيد الحيوانات».
الثنائي رولف سنورين وفيكتور هورستينغ، مؤسسا علامة «فيكتور أند رولف» قدما بدورهما عرضاً لا يقل إثارة للجدل، قلبا فيه معايير الموضة المتعارف عليها...حرفياً. بعد العرض، اعترفا أنهما تعمدا ذلك، أولاً لإبراز الحرفية التي يتضمنها أي تصميم، وثانياً لتسليط الضوء على مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا ونظرتنا للأمور. أسلوبهما في إيصال هذه الفكرة جمع الشقاوة بالمرح، لكنه لم يشفع لهما عند البعض ممن لا يُقدرون أن خط الـ«هوت كوتور» تحديداً هو مختبر للتجارب والأفكار الجديدة. بيير باولو بيكيولي، مصمم دار «فالنتينو» لخَص هذه الحقيقة بقوله: «إنه وسيلة لتحقيق المستحيلات ولتحدّي الأفكار والمفاهيم السائدة، ولابتكار وقائع جديدة وجريئة».
لكن بالنسبة للمتابع العاشق للموضة، فإن الأسبوع الباريسي كان انفصالاً مُرحباً به عن الواقع، من ناحية أنه كان فرصة لعدم متابعة الأخبار المتداولة حول دخول الحرب الأوكرانية مرحلة جديدة من التصعيد، والتهديدات البيولوجية وانتشار الأسلحة الـنـوويـة، وأيضاً استمـرار أزمـة المناخ وهلم جرا. ذكَرنا بأن الحياة جميلة، عندما تتلقى جرعات قوية من الإبداع والابتكار والفن. لمدة ثلاثة أيام نقل المصممون المشاركون عشاق الموضة إلى بُرج الـ«هوت كوتور» العاجي بكل أبعاده وبُعده عن الواقع الاقتصادي والسياسي المضطرب. فمقابل الشطحات السريالية، كان هناك كم هائل من الأناقة الراقية في عروض «شانيل» و«جامباتيستا فالي» و«إيلي صعب» و«فالنتينو» و«ديور» و«جيورجيو أرماني» وستيفان رولان وغيرهم.

من عرض «شانيل» (أ.ف.ب)   -   من عرض سيتفان رولان (أ.ف.ب)

- «شانيل»
الفن كان محوراً مهماً في عرضها لربيع وصيف 2023. فهذه هي المرة الثالثة التي تتعاون فيها المصممة فيرجيني فيار مع الفنان زافييه فيلهان لتصميم ديكور يتماشى مع رؤية دار عودتنا على الديكورات الضخمة والمثيرة. قام الفنان بزيارة لشقة الآنسة كوكو شانيل بشارع غامبون، ليستلهم منها. أثار انتباهه فيها عدد المنحوتات المتناثرة على الطاولات على شكل حيوانات مصنوعة من المرمر أو الخشب جمَعتها عبر السنين. ومن هنا تفتقت مخيلته على تحويل «لوغران باليه»، مسرح العرض، إلى ما يشبه السيرك أو قرية تحتضن مهرجاناً. صنع مجسمات من الكرتون أخذت أشكالاً ضمَت فيلاً وزرافة وتمساحاً وجملاً وحصاناً وغزالاً، يبلغ ارتفاع بعضها نحو 3 أمتار تقريباً.
بدأ العرض بدخول هذه المجسمات مجرورة على عجلات. ما إن استقر كل واحد منها في المكان المرسوم لها، حتى خرجت منها عارضات بأزياء أبعد ما تكون عن فانتازية الأجواء. فبقدر ما كانت هذه الحيوانات الكارتونية تبدو ساذجة وطفولية، كانت الأزياء راقية وناضجة بحرفيتها وتقنياتها، وإن كان أغلبها موجهاً لصبية في مقتبل العمر. كانت هناك تنورات قصيرة جداً، وبعدد غير مسبوق، إلى جانب رموز تعودنا عليها وعشقناها مثل تايورات وفساتين من التويد المغزول بخيوط تلمع تصل إلى الركبة وفساتين سهرة منسابة بتطريزات خفيفة جداً. كان من الطبيعي ألا تتجاهل فيرجيني فيار فكرة الفنان زافييه فيلهان، وأن تأخذها بعين الاعتبار، حيث استعملتها كتيمة تربط العرض من البداية إلى النهاية. البداية كانت ببطاقة الدعوة التي تلقاها الحضور وكانت من الكرتون المزيّن ببروشات صغيرة تجسد بعض الحيوانات، والنهاية بخروج العارضة الألمانية أنا إيوورز من فيل ضخم، بفستان عرس ناعم وقصير يصل إلى الركبة مطرز هو الآخر بأشكال عصافير وطيور.

- ديور
اليوم الأول من الأسبوع يكون دائماً من نصيب «ديور». وكالعادة كانت تيمته متوقعة، تدور حول الأنوثة. فمصممة الدار، ماريا غراتزيا تشيوري تحرص منذ دخولها «ديور» على إبراز أعمال فنانات، إما بالتعاون المباشر معهن أو بالاستلهام منهن. رأيها أن «النساء عموماً والفنانات العظميات تحديداً لا يحتفلن بأنفسهن كفاية، وأنا مهووسة بإبرازهن ودفعهن إلى الواجهة».
هذه المرة لم يختلف الأمر بالنسبة لها. مُلهمتها كانت الفنانة الأميركية من أصول أفريقية جوزفين بايكر، التي ألهبت مسارح باريس في العشرينات من القرن الماضي وجعلت عالم الكباريهات يكتسب صبغة فنية ثائرة على الأحكام المسبقة والصور النمطية. فساتين بشراشيب وأحجار الكريستال وأخرى للمساء والسهرة من الساتان أو المخمل الخفيف أو المجعَد والمبطن اكتسبت قوة ورومانسية بفضل التطريز. وحتى لا تضيع الفكرة، استحضرت الأزرار الفضية الصغيرة والترتر والشراشيب إلى جانب موسيقى الجاز وأجواء الكباريهات فترة زمنية مهمة في تاريخ الحركة النسوية والفن. الفرق الواضح فيها أنها جاءت بأطوال تغطي الركبة لتصل إلى الكاحل، الأمر الذي أخرجها من أجواء الكباريهات وأضفى عليها أناقة راقية.

- إيلي صعب
مثل العديد من الناس بعد الجائحة، لا يخفي إيلي صعب أن هناك توقاً شديداً لكي نعيش الحياة بشكل طبيعي ولذيذ. لهذا لم يكن غريباً أن تأتي التشكيلة التي قدمها لربيع وصيف 2023 دعوة صريحة للحياة بكل مُتعها ومتاعها تلُف المرأة والرجل على حد سواء بالحرائر وخيوط الذهب. 69 قطعة بالتمام والكمال لم يبخل على أي واحدة منها بالتطريز والتفصيل الذي يرتقي بأي امرأة إلى مصاف الأميرات. «فجر ذهبي»، هو العنوان الذي أطلقه عليها، موضحاً أنها ولدت في عالم خيالي لا تغرب شمسه أبداً، الأمر الذي يفسر أن اللون الذهبي ومشتقاته كان الغالب فيها. هذا العالم هو تايلاند الغني بثقافته وألوانه ودفئه وجمال قصوره وبلاطاته. لم تكن الأزياء فانتازية بقدر ما كانت تتحدى الخيال برومانسيتها وفخامتها. عنصران لصيقان بأسلوب مصمم لا يؤمن بما قل ودل. بيد أن ما يُحسب له دائماً، وعلى العكس من دانييل روزبيري مثلاً، الذي شعر أنه يحتاج لتقديم تصاميم فخمة وصادمة لدار «سكاباريللي» أو الثنائي سنورين وهورتينغ وما قدماه من تصاميم فخمة قلبت المعايير المتعارف عليها وخلقت جدلاً كبيراً، ثقته أنه لا يحتاج إلى شطحات مماثلة لكي يصيب الهدف ويُحقق المبتغى. فهو يعرف زبونته جيداً. يعرف مكامن قوتها وضعفها، ويلعب دائماً على وترها الحساس في الحصول على كل ما يجعلها متألقة ومتميزة، وهذا تحديداً ما قدمه لها على طبق من ذهب يوم الأربعاء الماضي. كل فستان كان يُنافس الآخر بتفاصيله المبتكرة وتطريزاته السخية على أقمشة مترفة تلونت بدرجات تفتح النفس على الحياة وتتوق لحفلات وأعراس الصيف.
للمرة الثانية، لم ينس الرجل. قدم له مجموعة، قد تكون قليلة تُحسب على أصابع اليد، إلا أنه اختزل فيها كل الجماليات التي يحتاجها ليلفت الأنظار. تمثلت في بدلات مفصلة و«كابات» مطرزة تنسدل من على الأكتاف لتلامس الأرض وكأنها تتحدى قانون الجاذبية. الجميل فيها أنه من السهل على المرأة سرقتها من خزانة الرجل لتتألق فيها بدلاً منه.

العارضة إيرينا شايك في عرض «سكاباريللي» (أ.ب)    -   من عرض فيكتور أند رولف (إ.ب.أ)

- سكاباريللي
افتتحت الدار الأسبوع بأسلوب جمع الإثارة الصادمة بالأناقة الفنية. أقل ما يمكن أن يقال عن العرض إنه أجَج وسائل التواصل الاجتماعي، فاتحاً باب الجدل على مصراعيه بين معجب ومستنكر. القصة أن المصمم دانييل روزبيري أرسل ثلاث عارضات هن شالوم هارلو بفستان يزينه رأس فهد، وإيرنا الشايك برأس أسد وناعومي كامبل برأس ذئب.
أطلق المصمم على تشكيلته عنوان «الجحيم» Inferno، مُفسراً أنه استلهمها من الملحمة الشعرية التي ألفها دانتي أليغيري في القرن الرابع عشر. كانت الملحمة عبارة عن رحلة خيالية إلى الجحيم، تعرف فيها على نفسيات بشرية متنوعة تأخذ مجازياً أشكال حيوانات. الفهد مثلاً يُمثل الشهوة، والأسد الكبرياء، والذئب الجشع والبُخل. كانت رؤوس هذه الحيوانات الثلاثة مُحنطة بأحجام وأشكال جد واقعية، جعلت المستنكرين لا يرون فيها سوى الجانب الاحتفالي بصيد الحيوانات و«تمجيده كهواية» حسب تصريح لمنظمة بيتا المدافعة عن حقوق الحيوان. روزبيري دافع عن نفسه مؤكداً أنّ هذه الرؤوس صُنّعت من الريزين ومواد صناعية أخرى، مُصرحاً بعد العرض أن نيَته كانت الاحتفال بالمرأة القوية، موضِحاً أننا في زمن يختلف عن كل ما سبقه، ولم يعد يتقبل ما قل ودل «وأنا أحب المرأة الحقيقية والطبيعية التي تريد أن تزأر مثل الأسد ليصل صوتها إلى العالم». ما يشفع للمصمم إلى جانب أن باقي التشكيلة كانت في أرقى حالاتها وتعكس مفهوم الـ«هوت كوتور» بشكل رائع، أنه يمشي على خطى المرأة التي تحمل الدار اسمها: إلسا سكاباريللي. كانت مصممة متمردة، تعشق الفن ولا تخاف من آراء الآخرين إلى حد أنها فضَلت الإفلاس عن التنازل عن رؤيتها الفنية للموضة. قد لا يصل الأمر بروزبيري إلى الانسحاب أو الاعتذار. فرغم الضجة التي أثارها، حصل على تغطيات لم يحصل عليها غيره.

من عرض «ديور» (أ.ب)   -    من عرض «إيلي صعب»

- فيكتور أند رولف
الثنائي الهولندي رولف سنورين وفيكتور هورستينغ معروفان بتقديم عروض سريالية يستعرضان فيها مهاراتهما الفذة. لكنهما لم يكونا يتوقعان حجم الضجة التي أثارها عرضهما الأخير. فقد تباينت الآراء حوله هو الآخر بين معجب ومستنكر. ربما يكون السبب أن الـ«هوت كوتور» أصبح مفتوحاً على الجميع، بمن فيهم من لا يعرفون أن هذا الخط تحديداً قائم على الرُقي والجمال في «أغلى» حالاته وتصاميمه الفريدة بالنسبة للزبونات، وبالنسبة للمصمم هو مختبر يُطلق فيه العنان لخياله وأفكاره دون قيد أو شرط. المصممان فيكتور ورولف يؤمنان بهذه الفكرة منذ بدايتهما، بل وصنعا اسميهما على هذا الأساس، إلا أن دراما طريقة العرض هذه المرة كانت جديدة وغريبة بعض الشيء.
لا يختلف اثنان على أنهما قدما 18 قطعة مفصلة بطريقة أنثوية وبتقنيات عالية، تجسدت في فساتين بكورسيهات ضيقة وتنورات من التول بألوان ناعمة، جاء بعضها مرصعاً بأحجار الكريستال. كل ما فيها يستحضر صورة أميرة أو سندريلا. المشكلة بالنسبة للمنتقدين، أنها لبست العارضات عوض أن يلبسنها، وبذلك قلبا مفهوم الأناقة رأساً على عقب. فقد ظهرت مثلاً عارضة بفستان غطَت تنورته صدرها ووجهها تماماً، بحيث كانت تتلمس طريقها على منصة العرض، بواسطة تعليمات صوتية. ظهرت أخريات وهن يلبسن فساتين بشكل عرضي، وعارضة تبدو وكأنها تسير إلى جانب فستان غطى نصفها الأيمن فقط، فيما كان النصف الأيسر بملابس داخلية.
الكثير من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن إيجابية، لكن المصممان شرحا بعد العرض أنهما أرادا أن يلعبا على ثقافة مواقع الإنترنت بكل أنواعها. فهي حسب قولهما تستنزف طاقتنا باستهلاكها كماً هائلاً من الصور تخضع للتغيير، إما بتجميلها أو العكس «وهو ما شوه إحساسنا بالواقع»، حسب قول سنورين، مضيفاً: «هناك انفصام بين ما نراه على هذه المواقع، وحقيقة المنتج». يلتقط منه فيكتور هورستينغ خيط الحديث قائلاً: «ثم لا ننسى تلك الحالة غير المنطقية التي تنقلنا من متابعة عرض أزياء على الهاتف إلى خبر عن قتل جماعي، ومن صنع كعكة موز إلى الحرب في أوكرانيا». إنه عالم مجنون يحتاج إلى جُرعة من الشقاوة والمرح لنخرج من حالة الفوضى التي نعيشها.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.