الوقود الروسي يواصل التدفق على أوروبا

قبل تطبيق الحظر على الواردات

سفينة تحمل الديزل الروسي في طريقها إلى فيلهلمسهافن بولاية ساكسونيا السفلى الألمانية (د.ب.أ)
سفينة تحمل الديزل الروسي في طريقها إلى فيلهلمسهافن بولاية ساكسونيا السفلى الألمانية (د.ب.أ)
TT

الوقود الروسي يواصل التدفق على أوروبا

سفينة تحمل الديزل الروسي في طريقها إلى فيلهلمسهافن بولاية ساكسونيا السفلى الألمانية (د.ب.أ)
سفينة تحمل الديزل الروسي في طريقها إلى فيلهلمسهافن بولاية ساكسونيا السفلى الألمانية (د.ب.أ)

يقوم موردو النفط بتوجيه كميات هائلة من زيت الديزل الروسي إلى الاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يدخل فيه حظر على واردات الوقود حيز التنفيذ خلال أيام، بحسب ما ذكرته وكالة بلومبرغ للأنباء أمس السبت.
وأفادت بيانات صادرة عن شركة فورتيكسا، وجمعتها بلومبرغ، بأن بعض دول التكتل استوردت أكثر من 600 ألف برميل من وقود الديزل يوميا خلال الأيام الثلاثة والعشرين الأولى من الشهر الجاري. وهذا أعلى بقليل من متوسط واردات 2022، والكميات التي جرى توريدها على مدار نفس الفترة من العام الماضي قبل انطلاق غزو القوات الروسية لأوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير (شباط) الماضي.
وأظهرت بيانات من مصادر بسوق النفط ورفينيتيف، يوم الجمعة، أن روسيا زادت إمداداتها من وقود الديزل إلى الموانئ الأفريقية وموانئ البحر المتوسط في يناير (كانون الثاني) مع اقتراب سريان حظر فرضه الاتحاد الأوروبي.
ووافق الاتحاد الأوروبي على حظر كامل لواردات المنتجات النفطية الروسي اعتبارا من الخامس من فبراير، في محاولة لخفض عائد الصادرات الروسية بسبب دورها في الصراع العسكري مع أوكرانيا. وتعتزم مجموعة الدول السبع الكبرى أيضا وضع حد أقصى لأسعار الوقود الروسي.
وأظهرت بيانات رفينيتيف تنامي إمدادات وقود الديزل من الموانئ الروسية إلى تركيا في الأشهر الماضية لتسجل نحو 0.68 مليون طن من الأول حتى 25 يناير الجاري مقابل 0.73 مليون طن في ديسمبر (كانون الأول) بأكمله.
وأفادت رفينيتيف بأن روسيا قد تصدر ما لا يقل عن 370 ألف طن من وقود الديزل من موانئ البلطيق إلى المغرب في الشهر الجاري مع تسليم الجزء الأكبر من هذه الشحنات إلى ميناء طنجة. وأبحرت شحنتان تحملان 70 ألف طن من وقود الديزل من روسيا في طريقهما إلى البرازيل.
ومنذ بداية الشهر الجاري، ارتفعت إمدادات وقود الديزل وزيت الغاز من ميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود إلى السنغال مسجلة 140 ألف طن مقابل 35 ألف طن في الشهر السابق.
وبحسب بيانات رفينيتيف فإن ناقلتين أخريين قد تنقلان ما يصل إلى 66 ألف طن من وقود الديزل الروسي إلى ليبيا.


مقالات ذات صلة

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

الاقتصاد إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

إسبانيا تحقق في احتمال دخول نفط روسي إليها عبر دول أخرى

أعلنت الحكومة الإسبانية أمس (الجمعة) فتح تحقيق في احتمال دخول شحنات من النفط الروسي إلى أراضيها عبر دول ثالثة ودعت إلى بذل جهود أوروبية مشتركة لـ«تعزيز إمكانية تتبع» واردات المحروقات. وقالت وزيرة الانتقال البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا في رسالة: «في مواجهة أي شكوك، من الضروري التحقق» مما إذا كانت «المنتجات المستوردة تأتي من المكان المشار إليه أو من بلد آخر وما إذا كانت هناك أي مخالفة». وأوضحت الوزيرة الإسبانية أن «هذه المخاوف» هي التي دفعت إسبانيا إلى «التحقيق» في إمكانية وصول نفط روسي إلى أراضيها، مذكرة بأن واردات المحروقات «مرفقة نظريا بوثائق تثبت مصدرها».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الاقتصاد موسكو تسيطر على شركتي طاقة أوروبيتين وتهدد بالمزيد

موسكو تسيطر على شركتي طاقة أوروبيتين وتهدد بالمزيد

سيطرت موسكو على أصول شركتين للطاقة، ألمانية وفنلندية، ردا على المعاملة بالمثل لشركات روسية موجودة في أوروبا، وهددت بتوسيع قائمة الشركات الأجنبية المستهدفة بمصادرة «مؤقتة» لأصولها داخل البلاد. وقال الكرملين، أمس الأربعاء، إن تحرك موسكو للسيطرة المؤقتة على أصول مجموعة «فورتوم» الفنلندية للطاقة و«يونيبر» الألمانية التي كانت تابعة لها، جاء ردا على ما وصفه بالاستيلاء غير القانوني على أصول روسية في الخارج. تمتلك «يونيبر»، الشركة الأم، حصة 83.7 في المائة في شركة «يونيبرو»، الفرع الروسي، التي زودت ألمانيا لسنوات بشحنات الغاز الطبيعي. ودخلت الشركة في ضائقة شديدة العام الماضي بسبب قطع إمدادات الغاز الرو

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

حذّر الكرملين اليوم (الأربعاء)، من أن روسيا قد توسّع قائمة الشركات الأجنبية المستهدفة بمصادرة مؤقتة لأصولها في روسيا، غداة توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمرسوم وافق فيه على الاستيلاء على مجموعتَي «فورتوم» و«يونيبر». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: «إذا لزم الأمر، قد توسّع قائمة الشركات. الهدف من المرسوم هو إنشاء صندوق تعويضات للتطبيق المحتمل لإجراءات انتقامية ضد المصادرة غير القانونية للأصول الروسية في الخارج».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

دراسة تُظهر خروقات واسعة لسقف أسعار النفط الروسي في آسيا

قال فريق من الباحثين إنه من المرجح أن سقف أسعار النفط المحدد من جانب مجموعة السبع شهد خروقات واسعة في آسيا في النصف الأول من العام، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقام فريق الباحثين بتحليل بيانات رسمية بشأن التجارة الخارجية الروسية إلى جانب معلومات خاصة بعمليات الشحن، حسبما نقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، اليوم (الأربعاء). وفي ديسمبر (كانون الأول)، فرضت مجموعة الدول الصناعية السبع حداً أقصى على أسعار النفط الروسي يبلغ 60 دولاراً للبرميل، مما منع الشركات في تلك الدول من تقديم مجموعة واسعة من الخدمات لا سيما التأمين والشحن، في حال شراء الشحنات بأسعار فوق ذلك المستوى. ووفقاً لدراسة التجارة وب

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موسكو تضع يدها على الأصول الروسية لشركتَي طاقة أجنبيتين

موسكو تضع يدها على الأصول الروسية لشركتَي طاقة أجنبيتين

وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوماً يضع الشركات الروسية التابعة لاثنين من مورّدي الطاقة الأجانب («يونيبر» الألمانية، و«فورتوم أويج» الفنلندية) تحت سيطرة الدولة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية. وقال المرسوم الذي نُشر أمس (الثلاثاء)، إن هذه الخطوة رد فعل ضروري على التهديد بتأميم الأصول الروسية في الخارج. وهدد المرسوم بأنه في حالة مصادرة أصول الدولة الروسية أو الشركات الروسية أو الأفراد في الخارج، ستتولى موسكو السيطرة على الشركات الناشئة من الدولة الأجنبية المقابلة. وتمتلك «يونيبر» حصة 83.73 في المائة في شركة «يونيبرو» الروسية الفرعية، التي زوّدت ألمانيا لسنوات بشحنات الغاز الطبيعي. ودخلت ا

«الشرق الأوسط» (موسكو)

تطوير طريق من آسيا لأوروبا دون المرور بروسيا لضمان إمدادات الطاقة

مصفاة نفط في كواساكي قرب طوكيو (رويترز)
مصفاة نفط في كواساكي قرب طوكيو (رويترز)
TT

تطوير طريق من آسيا لأوروبا دون المرور بروسيا لضمان إمدادات الطاقة

مصفاة نفط في كواساكي قرب طوكيو (رويترز)
مصفاة نفط في كواساكي قرب طوكيو (رويترز)

اتفقت اليابان وخمس دول من آسيا الوسطى، السبت، على تطوير طريق نقل يربط المنطقة بأوروبا دون المرور عبر روسيا، بهدف ضمان إمدادات مستقرة من المعادن والطاقة الحيوية.

وفي طوكيو، استضافت اليابان أول قمة لها على الإطلاق مع كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، في وقت تسعى فيه روسيا والصين إلى توسيع نفوذهما التجاري والاقتصادي في المنطقة الغنية بالموارد، بحسب وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء.

وفي مسعى لتعزيز العلاقات الاقتصادية، تبنت اليابان والدول الخمس «إعلان طوكيو»، الذي يركز على خفض الانبعاثات الكربونية، وتسهيل الخدمات اللوجستية، والتعاون في تنمية الموارد البشرية.

وقالت رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي في بداية الاجتماع: «لقد تغير الوضع الدولي بشكل جذري، وتتزايد أهمية تطوير طريق تجاري يربط آسيا وأوروبا».

ويهدف «طريق بحر قزوين» إلى توفير إمدادات مستقرة من المعادن المهمة، بما في ذلك المعادن النادرة، بالإضافة إلى مصادر الطاقة مثل النفط والغاز الطبيعي.

وكان من المقرر في الأصل عقد القمة في أغسطس (آب) 2024 في كازاخستان، لكن تم تأجيلها بعد أن ألغى رئيس الوزراء آنذاك، فوميو كيشيدا، رحلته وسط تحذير من احتمال أكبر من المعتاد لوقوع زلزال مدمر في مناطق واسعة من اليابان.

وقالت تاكايتشي للصحافيين بعد الاجتماع إن اليابان تخطط لإطلاق مشاريع تجارية جديدة بقيمة إجمالية تبلغ 3 تريليونات ين (19 مليار دولار) في آسيا الوسطى على مدى خمس سنوات، وإن الدول اتفقت أيضاً على التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي.

وأضافت: «تتمتع آسيا الوسطى بإمكانات هائلة من حيث الأهمية الجيوسياسية والأمن الاقتصادي وفرص الأعمال ذات المنفعة المتبادلة. يسرني توقيع أكثر من 150 وثيقة في القطاعين العام والخاص بهذه المناسبة».

ومنذ إطلاق إطار الحوار مع الجمهوريات السوفياتية الخمس السابقة في عام 2004، في وقت مبكر قبل الصين وروسيا والولايات المتحدة، عقدت اليابان 10 اجتماعات على مستوى وزراء الخارجية.


ارتفاع واردات الصين النفطية من السعودية في نوفمبر وتراجعها من روسيا

منشأة إنتاج تابعة لشركة «أرامكو السعودية» (رويترز)
منشأة إنتاج تابعة لشركة «أرامكو السعودية» (رويترز)
TT

ارتفاع واردات الصين النفطية من السعودية في نوفمبر وتراجعها من روسيا

منشأة إنتاج تابعة لشركة «أرامكو السعودية» (رويترز)
منشأة إنتاج تابعة لشركة «أرامكو السعودية» (رويترز)

ارتفعت واردات الصين من النفط الخام من السعودية، ثاني أكبر مورد للصين، 8.4 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ​إلى 7.55 مليون طن على أساس سنوي، أو 1.84 مليون برميل يومياً.

بينما انخفضت واردات الصين من روسيا، أكبر مورد للنفط الخام لبكين، بنسبة 3.​4 في المائة، إلى 8.35 مليون طن على أساس سنوي في نوفمبر الماضي، أو 2.03 مليون برميل يومياً. وبلغت واردات شهر أكتوبر (تشرين الأول) 9.11 مليون طن.

النفط الإيراني

وانخفضت الواردات من ماليزيا، وهي أكبر مركز لإعادة شحن ‌النفط الإيراني الخاضع ‌للعقوبات 36.7 ‌في المائة إلى ​4.‌26 مليون طن على أساس سنوي، أو 1.04 مليون برميل يومياً.

وبلغت الواردات من إندونيسيا 2.52 مليون طن في نوفمبر، أو 0.61 مليون برميل يومياً.

واستوردت الصين نحو 0.1 مليون طن من الخام من إندونيسيا في عام 2024 ‌بأكمله. وذكرت وكالة «رويترز» في وقت سابق، أن الزيادة في الواردات من إندونيسيا، تشير إلى طريقة لإخفاء شحنات الخام الإيراني الخاضع للعقوبات، التي يتم شحنها في المياه قبالة ماليزيا.

واردات الصين من الشرق الأوسط

وبينما زادت الواردات من السعودية 8.4 في المائة، ​إلى 7.55 مليون طن على أساس سنوي، أو 1.84 مليون برميل يومياً، تراجعت الواردات من الإمارات 16.8 في المائة في نوفمبر إلى 2.94 مليون طن على أساس سنوي.

وظلت الواردات من الكويت مرتفعة عند 2.21 مليون طن، بزيادة 34.6 في المائة على الفترة نفسها من العام الماضي. وسجلت الواردات من الكويت أعلى مستوى لها منذ أكتوبر 2023 عند 2.36 ‌مليون طن.

ولم يتم الإعلان عن أي واردات من إيران أو فنزويلا.

الغاز الطبيعي

ارتفعت إمدادات الغاز الطبيعي المسال من روسيا إلى الصين، في نوفمبر، بمقدار 1.75 مرة على أساس سنوي و24 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 739.1 مليون دولار، وفقاً لحسابات وكالة «سبوتنيك»، استناداً إلى بيانات الجمارك الصينية.

وبحسب البيانات، كانت هذه القيمة هي الأعلى منذ نوفمبر 2024، عندما بلغت 810.6 مليون دولار.

وفي الوقت ذاته، انخفضت القيمة الإجمالية لواردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الروسي خلال الأشهر الـ11 من هذا العام، بنسبة 6 في المائة، وبلغت 4.17 مليار دولار.

وبلغت إمدادات الغاز (عبر خط الأنابيب) من روسيا إلى الصين 785.7 مليون دولار في نوفمبر الماضي، وهو أعلى مستوى لها منذ أغسطس (آب) الماضي.

ويمثل هذا زيادة بنسبة 40 في المائة خلال الشهر، وزيادة بنسبة 14 في المائة على أساس سنوي.

وفي الوقت ذاته، بلغ إجمالي حجم واردات الصين من الغاز في شكله الغازي للفترة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر الماضي، ما قيمته 8.6 مليار دولار، بزيادة قدرها 17.5 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وتعد الصين أكبر مستورد للغاز الروسي، ومن المتوقع نمو واردات الصين من الغاز الطبيعي الروسي عبر خطوط الأنابيب بنسبة 75 في المائة، أو ما يعادل 25 مليار متر مكعب بحلول عام 2030 عبر خط أنابيب «باور أوف سيبيريا 1».


كيف أعادت قرارات 2025 رسم مستقبل السوق العقارية في الرياض؟

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)
TT

كيف أعادت قرارات 2025 رسم مستقبل السوق العقارية في الرياض؟

مشاريع عقارية في الرياض (واس)
مشاريع عقارية في الرياض (واس)

في لحظة تاريخية فارقة، شهدت العاصمة السعودية الرياض تحولاً هيكلياً غير مسبوق في بنيتها العقارية، يقوده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان برؤية استباقية تستهدف تفكيك معضلات السوق التقليدية وتحويلها إلى رافعة تنموية مستدامة. ولم تكن حزمة القرارات الصادرة في عام 2025 مجرد تدخلات تنظيمية عابرة، بل جاءت بمثابة «جراحة إصلاحية» عميقة في جسد القطاع؛ حيث استهدفت كسر احتكار المساحات الشاسعة، وضخ دماء جديدة من المعروض السكني الميسر، وضبط إيقاع العلاقة التعاقدية بين المؤجر والمستأجر بصرامة نظامية، وبالتالي إعادة التوازن إلى السوق العقارية في الرياض.

هذا الحراك الشامل يضع حداً لسنوات من المضاربات التي قادتها الندرة المصطنعة، لينتقل بالسوق نحو مرحلة «النضج العقاري» التي ترتكز على الطلب الحقيقي والعدالة السعرية.

وبين فك الحظر عن ملايين الأمتار شمالاً، وتفعيل الرسوم الصارمة على الأراضي الشاغرة، وتجميد زيادات الإيجار؛ تتشكل اليوم ملامح بيئة استثمارية شفافة تضع جودة الحياة للمواطن والمقيم في قلب المستهدفات الوطنية، مؤكدةً أن الرياض لا تنمو عمرانياً فحسب، بل تنمو تنظيمياً لتصبح نموذجاً عالمياً للاتزان العقاري والاستقرار الاقتصادي.

قرارات تاريخية

شهد عام 2025 سلسلة من التحولات التشريعية والقرارات السيادية التي وصفها المراقبون بـ«الثورة البيضاء» في القطاع العقاري السعودي، حيث لم تعد هذه القرارات مجرد أدوات تنظيمية، بل مثّلت استراتيجية متكاملة لفك الارتباط بين العقار والمضاربة، وإعادته كمنتج سكني واستثماري مستدام.

قرارات ولي العهد ترسخ التوازن إلى القطاع العقاري في الرياض (واس)

وفيما يلي تفنيد لأبرز هذه القرارات التاريخية:

أولاً: تحرير الأراضي وضخ الوفرة السكنية

جاء التوجيه برفع الإيقاف عن التصرف بالبيع والشراء والتقسيم والتجزئة، وإصدار رخص البناء واعتماد المخططات للأرض الواقعة شمال الرياض بمساحة إجمالية 81 مليون متر مربع في مارس (آذار)، تلاه قرار مماثل في أكتوبر (تشرين الأول) شمل 33.24 مليون متر مربع في الجهة الغربية للعاصمة، ليمثل إشارة البدء لضخ مساحات شاسعة كانت خارج الحسابات السوقية. وتزامن ذلك مع إلزام الهيئة الملكية لمدينة الرياض بتوفير ما بين 10 و40 ألف قطعة أرض مطورة سنوياً بأسعار مدعومة لا تتجاوز 1500 ريال للمتر، مما وضع حداً للاحتكار السعري ووفَّر بدائل حقيقية للمواطنين.

ثانياً: ضبط الإيجارات وتحقيق العدالة التعاقدية

في قرار وُصف بالاستثنائي لضمان استقرار الأسر والأنشطة الاقتصادية، أقرت الحكومة منع أي زيادات سنوية في عقود الإيجار السكنية والتجارية بالعاصمة الرياض لمدة 5 سنوات. هذا القرار الصادر في سبتمبر (أيلول)، والمدعوم تقنياً عبر نظام «إيجار» المطور، قطع الطريق على الارتفاعات العشوائية وفرض حالة من الانضباط السعري الذي يواكب نمو المدينة دون المساس بجودة حياة سكانها.

ثالثاً: تطوير منظومة الرسوم

تم تفعيل النسخة المطورة من نظام رسوم الأراضي البيضاء، والتي شهدت في أغسطس (آب) تحولاً جذرياً؛ حيث لم تعد تقتصر على الأراضي الفضاء فقط، بل امتدت لتشمل العقارات المبنية الشاغرة، مع رفع نسبة الرسم السنوي لتصل إلى 10 في المائة من قيمة الأرض للمساحات التي تبدأ من 5 آلاف متر مربع فأكثر ضمن النطاق العمراني. هذا الإجراء رفع تكلفة «حبس الأراضي» وحفّز الملاك على التطوير الفوري بدلاً من الاكتناز.

رابعاً: الانفتاح الاستثماري والحوكمة الرقمية

لم يغفل المشرّع العقاري في 2025 الجانب الجاذب للاستثمار؛ حيث تم تفعيل نظام تملك غير السعوديين المحدّث، والذي سمح بتملك العقارات للأفراد والشركات الأجنبية في مناطق محددة وفق ضوابط محكمة، مما ضخ سيولة دولية جديدة في السوق. واكتملت هذه المنظومة بإطلاق منصة «توازن العقار»، التي وفرت مؤشرات سعرية لحظية مبنية على صفقات حقيقية، مما عزز من مبدأ الشفافية وقضى على شائعات الأسعار الوهمية.

خامساً: جودة المنتج والالتزام بالكود العمراني

انتقلت القرارات من الكم إلى الكيف، حيث تم تعميم إلزامية الكود السعودي للمباني وربط إصدار رخص البناء في جميع المخططات الجديدة بمعايير استدامة وجودة صارمة. هذا القرار يضمن للمشتري النهائي منتجاً عقارياً ذا جدوى تشغيلية طويلة الأجل، ويحول دون ظهور أحياء عشوائية أو مبانٍ منخفضة الجودة في مستقبل العاصمة.

نقلة نوعية

ويرى مختصون ومهتمون بالشأن العقاري في تصريحات لهم إلى «الشرق الأوسط»، أن هذه الإجراءات التاريخية تمثل تحوّلاً هيكلياً ونقلة نوعية في إدارة السوق العقارية بمدينة الرياض، وستسهم في نقل السوق من أن تقودها الندرة والمضاربات، إلى سوق أكثر اتزاناً، وتحكمها أدوات توازن حقيقية قائمة على الطلب الحقيقي، وضبط العلاقة التعاقدية، ورفع كفاءة استخدام الأراضي، وبما يعزز الشفافية في مؤشرات السوق، والعدالة السعرية وخلق بيئة صحية للاستثمار طويل الأجل.

وفي هذا الإطار، عدَّ الرئيس التنفيذي لشركة «منصات» العقارية، خالد المبيض، هذه الإجراءات بأنها خطوة تصحيحية مهمة وجاءت في توقيت مناسب، وهي تهدف إلى إعادة ضبط إيقاع السوق بعد سنوات من الارتفاعات المتسارعة.

وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذه القرارات سوف تنقل السوق العقارية بمدينة الرياض، من أن تكون سوقاً تحكمها المضاربات إلى سوق أكثر اتزاناً، يقودها الطلب الحقيقي، وبما يعزز العدالة السعرية ويخلق بيئة صحية للاستثمار طويل الأجل، سواء للمواطن أو للمطور العقاري.

وأشار المبيض إلى أنه خلال الفترة الماضية لاحظ عدة مؤشرات إيجابية، أبرزها تباطؤ وتيرة الارتفاعات السعرية لأسعار العقارات في مدينة الرياض، وعودة التفاوض الواقعي بين البائع والمشتري، إضافة إلى زيادة المعروض في بعض المناطق، وزاد بظهور تحسن في الآونة الأخيرة في جودة العروض العقارية، حيث أصبح التركيز على المنتج وقيمته الفعلية بدلاً من الرهان على الارتفاع السريع للأسعار.

ويرى المبيض أن هذه الإجراءات التاريخية من قبل ولي العهد السعودي، ستسهم في تعزيز الاستقرار السعري على المدى المتوسط، ورفع كفاءة السوق، وتحفيز التطوير المنظم بدلاً من الاحتكار. كما ستدعم تمكين شريحة أكبر من المواطنين من التملك، وتزيد من جاذبية السوق للمستثمر الجاد الباحث عن عوائد مستدامة، وليست مكاسب سريعة، مضيفاً أنها ستقود السوق للاتجاه نحو النضج والشفافية، وهذا مكسب استراتيجي لمدينة الرياض واقتصاد المدينة ككل.

تحول جذري يشهده العقار في العاصمة السعودية (رويترز)

معالجة جذور الخلل

من جانبه، قال الخبير والمسوق العقاري، عبد الله الموسى، لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الإجراءات التاريخية تُعدّ تحوّلاً هيكلياً في إدارة السوق العقارية، وليس مجرد تدخل تنظيمي عابر.

وأضاف: «نحن أمام انتقال من سوق تقودها الندرة والمضاربات، إلى سوق تحكمها أدوات توازن حقيقية قائمة على زيادة المعروض، وضبط العلاقة التعاقدية، ورفع كفاءة استخدام الأراضي»، مضيفاً أن هذه الإجراءات تعالج جذور الخلل لا أعراضه، وهو ما لم يكن متاحاً سابقاً بهذه الجرأة والوضوح.

وأشار الموسى إلى ملاحظة المتعاملين في السوق لأثر تدريجي على مستوى التوقعات والسلوك الاستثماري، خصوصاً في شمال الرياض، وتحوّل الخطاب من «الاحتفاظ انتظاراً لارتفاع الأسعار»، إلى «إعادة الحسابات». كما شهدت السوق تهدئة في وتيرة الارتفاعات غير المبررة، وعودة الاهتمام بالتطوير الفعلي بدلاً من الاكتناز، إضافة إلى وضوح أكبر في سوق الإيجارات بعد ضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وتوقع الموسى أن تشهد المرحلة المقبلة إعادة تسعير أكثر واقعية للأراضي بمدينة الرياض، وتحولاً في نوعية الطلب من مضاربين إلى الاستخدام والاستثمار طويل الأجل، مضيفاً أن الأثر الأكبر سيكون على استدامة السوق وثقة المستفيد النهائي، مع خلق بيئة جاذبة للتطوير المنظم بدل التضخم السعري، لافتاً إلى أن السوق لن تتجه نحو الانهيار كما يروّج البعض، لكنها ستصبح أكثر توازناً، وهذا بالضبط ما يحتاجه أي اقتصاد صحي.

كسر الندرة المصطنعة

من جهته، قال الخبير والمسوق العقاري، صقر الزهراني، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإجراءات التنظيمية والإصلاحية التي أُعلنت خلال عام 2025 ساهمت في إحداث تحول جوهري في بنية السوق العقارية بمدينة الرياض، من خلال معالجة أسباب الخلل الهيكلي لا مظاهره فقط. واستهدفت هذه القرارات شح المعروض السكني، وتضخم أسعار الأراضي الخام، وكسر الندرة المصطنعة التي تشكلت عبر احتجاز مساحات واسعة من الأراضي دون تطوير فعلي، مما أدى إلى اختلال العلاقة بين العرض والطلب.

وجاء إطلاق منصة التوازن العقاري وفتح مساحات واسعة للتطوير شمال وغرب المدينة ليعيدا مفهوم «الوفرة المنظمة» إلى السوق، عبر ضخ معروض سكني مخطط وميسر، وتصحيح آليات التسعير بعيداً عن المضاربات قصيرة الأجل، وربط الأسعار بالطلب الحقيقي والقدرة الشرائية الفعلية للمواطنين، دون تدخل قسري في حركة السوق، وفق للزهراني.

وأضاف أنه خلال الأشهر الماضية، بدأت انعكاسات هذه الإجراءات تظهر بوضوح على سلوك السوق قبل أن تكتمل آثارها الرقمية، مما أدى إلى تراجع الإقبال على الأراضي الخام وتعثر عدد من مزاداتها، مقابل ارتفاع ملحوظ في الإقبال على البيع على الخريطة، ما يعكس تحول السوق من الاحتفاظ بالأرض كمخزن للقيمة إلى الاستثمار في المنتج السكني القابل للاستخدام. كما اتجه عدد متزايد من ملاك الأراضي إلى الشراكة مع شركات تطوير عقاري، في ظل تراجع جدوى المضاربة قصيرة الأجل.

وفي الجانب التمويلي، قال الزهراني إن البنوك والجهات المالية أعادت ترتيب أولوياتها، فركزت على المشروعات ذات الجدوى التشغيلية والطلب الحقيقي، مما أسهم في رفع جودة المعروض، وإن صاحبه تباطؤ مرحلي في بعض الأنشطة البيعية.

وعلى مستوى المستهلك، برز تريث واضح في قرارات الشراء، إلى جانب توجه متزايد نحو خيار البناء الذاتي، في مؤشر على نضج الوعي العقاري.

ويتوقع الزهراني أن تستمر آثار هذه الإجراءات حتى عام 2027، في دفع السوق العقارية في الرياض نحو مزيد من التوازن والاستقرار، مرجحاً أن تشهد السوق استقراراً سعرياً عاماً مع تصحيحات محدودة في المواقع التي شهدت تضخماً غير مبرر، دون الوصول إلى سيناريوهات الانخفاض الحاد.

كما يتوقع أن ترتفع نسبة التملك السكني، لا سيما لدى فئة الشباب، مع استمرار انتقال رؤوس الأموال من المضاربة على الأراضي الخام إلى الاستثمار في التطوير العقاري والمشاريع التشغيلية طويلة الأجل، بما يعزز استدامة السوق ويزيد من جاذبيتها الاستثمارية.

ختاماً، يمكن القول إن ما شهده عام 2025 من قرارات تاريخية لم يكن مجرد استجابة لمتطلبات مرحلية، بل كان إعلاناً صريحاً عن ولادة مسار اجتماعي واقتصادي جديد في سوق العقار بالعاصمة الرياض. إن هذه المنظومة المتكاملة - التي بدأت بضخ المساحات الشاسعة ولم تنتهِ بضبط سقف الإيجارات وحوكمة الرسوم - قد نجحت في إعادة تعريف العقار بوصفه خدمة سكنية ومنتجاً استثمارياً ذا قيمة مضافة، وليس مجرد وعاء للمضاربات السعرية.

وبالنظر إلى آراء المعنيين في القطاع، فإن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة جني الثمار؛ حيث من المتوقع أن تترسخ ثقافة الاستثمار طويل الأجل، وتزداد وتيرة تملك المواطنين لمنازلهم في بيئة تسودها العدالة والشفافية. إن الرياض اليوم، وهي تمضي قدماً لتكون واحدة من أكبر عشرة اقتصاديات مدن في العالم، تقدم نموذجاً فريداً في كيفية تطويع التشريعات لخدمة جودة الحياة، مؤكدةً أن استدامة النمو مرهونة دائماً بالتوازن بين طموحات التطوير وحقوق المستفيد النهائي.