مناعة الأطفال ضد «كوفيد ـ 19» لا تدوم

دراسة أكدت أنهم أكثر عرضة للإصابة مجدداً

ممرضة تحضر جرعة من لقاح فايزر - بايونتيك في مركز التطعيم ديسمبر الماضي (رويترز)
ممرضة تحضر جرعة من لقاح فايزر - بايونتيك في مركز التطعيم ديسمبر الماضي (رويترز)
TT

مناعة الأطفال ضد «كوفيد ـ 19» لا تدوم

ممرضة تحضر جرعة من لقاح فايزر - بايونتيك في مركز التطعيم ديسمبر الماضي (رويترز)
ممرضة تحضر جرعة من لقاح فايزر - بايونتيك في مركز التطعيم ديسمبر الماضي (رويترز)

تجنب الأطفال إلى حد كبير الأعراض الشديدة لـ«كوفيد - 19» خلال جائحة «كورونا»، لأن لديهم رد فعل مناعياً «فطرياً» أولياً قوياً يقضي على الفيروس بسرعة، لكن الجديد الذي اكتشفه باحثون بقيادة علماء في معهد غارفان للأبحاث الطبية بأستراليا، وتم الإعلان عنه في دراسة بالعدد الأخير من دورية «كلينكال إميونولوجي»، أنه «على عكس البالغين، فإن أجهزة المناعة لدى الأطفال لا تتذكر الفيروس، لذلك عندما يتعرضون لاحقاً له، لا يزال الجسم يتعامل معه باعتباره تهديداً جديداً».
وقال تري فان، رئيس مختبر الفحص المجهري داخل الجسم والتعبير الجيني الرئيس المشارك لبرنامج علم المناعة الدقيق في معهد غارفان، الباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع الرسمي للمعهد: «الثمن الذي يدفعه الأطفال لكونهم بارعين في التخلص من الفيروس في المقام الأول، هو أنهم لا يملكون الفرصة لتطوير ذاكرة تكيفية لحمايتهم في المرة الثانية التي يتعرضون فيها للفيروس». وأضاف: «نظراً لأن الأطفال لم يتعرضوا للكثير من الفيروسات، فإن جهاز المناعة لديهم لا يزال (ساذجاً)، ولأنهم لا يطورون خلايا الذاكرة التائية، فهم معرضون لخطر الإصابة بالمرض عندما يصابون مرة أخرى، ومع كل حلقة معدية جديدة مع تقدمهم في السن، هناك خطر أن تصبح خلاياهم التائية (منهكة) وغير (فعالة)، مثل الخلايا التائية في كبار السن».
وجهاز المناعة له وضعان؛ وهما جهاز المناعة الفطري، وهو خط الدفاع الأول، ويتألف من حواجز فيزيائية مثل الجلد والأسطح المخاطية التي تمنع الفيروسات من الدخول، كما أنه يتكون من خلايا تصنع مواد كيميائية لإرسال إشارات إلى الخلايا الأخرى ودرء الفيروسات، ولا يميز الجهاز المناعي الفطري بين نوع أو آخر من الفيروسات، ويتكون خط الدفاع الثاني من الخلايا البائية والتائية للجهاز المناعي التكيفي، وتحتوي هذه الخلايا على مستقبلات محددة يمكنها التعرف على أجزاء مختلفة من الفيروس وتمييزها وتوليد استجابة سريعة لتحييدها أو الحد منها.
ووجد الباحثون أن الرضع يبدأون بلوح فارغ في جهاز المناعة، الذي يحتوي على نسبة أعلى بكثير من الخلايا التائية الساذجة، وبينما ينتقلون خلال مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ ويتعرضون لمزيد من الفيروسات، يتم استبدال بالخلايا التائية الساذجة خلايا الذاكرة التائية الجاهزة للاستجابة للفيروسات التي رأوها من قبل.
ويقول فيليب بريتون، طبيب الأمراض المعدية للأطفال، الباحث المشارك بالدراسة: «تنتقل أجهزة المناعة لدى الأطفال من الاعتماد في الغالب على الجهاز الفطري، إلى الحاجة إلى الجهاز التكيفي كنسخة احتياطية مع تقدمهم في السن». وخلال الدراسة، قام فان وبريتون وزملاؤهما بفحص الخلايا التائية والاستجابات المناعية الخلوية لمجموعة صغيرة من الأطفال وأفراد أسرهم الذين لديهم أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض نتيجة فيروس «كورونا المستجد». كما قام الباحثون بوضع تسلسل عينات خلايا الدم البيضاء لتحليل الخلايا التائية لدى الأطفال والبالغين في وقت الإصابة الحادة وبعد شهر واحد.
ووجدوا أن الأطفال لديهم الكثير من الخلايا التائية الساذجة المختلفة لمحاربة الفيروس، وهذا جعل استجابة خلايا الذاكرة التائية ضعيفة للفيروس بعد شفائهم، في حين أن البالغين لديهم عدد قليل من الخلايا التائية الساذجة ولكنهم استجابوا لخلايا الذاكرة التائية بشكل جيد بعد الشفاء.
ومن المثير للاهتمام، أن النتائج تشير إلى سبب إصابة كبار السن بنوع من رد الفعل المناعي المفرط تجاه الفيروس، وهو ما لا يحدث عند الأطفال.
ويعلق خالد رأفت، مدرس المناعة بجامعة المنصورة بمصر، على نتائج الدراسة، بأنها تؤكد على «ضرورة دراسة التطعيم الدوري للأطفال بجداول زمنية مختلفة عن البالغين». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أهمية التطعيم بالنسبة للأطفال تم حسمها في الكثير من الدراسات السابقة، لكن الذي تثيره هذه الدراسة، هو أنه قد تكون هناك حاجة لتطعيم دوري للأطفال على فترات زمنية أقصر من البالغين».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لوائح أميركية للسيطرة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي حول العالم... ماذا نعرف عنها؟

تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
TT

لوائح أميركية للسيطرة على تدفقات رقائق الذكاء الاصطناعي حول العالم... ماذا نعرف عنها؟

تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)
تضع اللوائح حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن لواشنطن تصديرها (رويترز)

أعلنت واشنطن، اليوم (الاثنين)، أنها ستصدر لوائح جديدة تهدف إلى التحكم في وصول الدول الأخرى في جميع أنحاء العالم إلى رقائق وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المصممة في الولايات المتحدة.

ووفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء، ستنظم اللوائح تدفق رقائق الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الأميركية اللازمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأكثر تطوراً، فماذا نعرف عن هذه اللائحة؟

تقسيم العالم إلى 3 مستويات

قالت الحكومة الأميركية، الاثنين، إنها ستفرض المزيد من القيود على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي وتقنياتها بغرض ضمان الحفاظ على الهيمنة في مجال الحوسبة للولايات المتحدة وحلفائها، مع إيجاد المزيد من السبل لحرمان الصين من الوصول إليها.

وتضع اللوائح الجديدة حداً أقصى لعدد رقائق الذكاء الاصطناعي التي يمكن تصديرها إلى معظم البلدان، وتسمح بالوصول غير المحدود إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأميركية لأقرب حلفاء واشنطن، مع الإبقاء أيضاً على حظر الصادرات إلى دول أخرى.

وتتجاوز التدابير الجديدة المُسهبة التي تم الكشف عنها في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن مجرد فرض قيود على الصين، وتهدف إلى مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على مكانتها المهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال التحكم فيه حول العالم.

وتقسم اللوائح العالم إلى 3 مستويات. وسيتم إعفاء 18 دولة من القواعد برمتها. وسوف يكون لنحو 120 دولة أخرى، من بينها إسرائيل، قيود خاصة بكل دولة. فيما سيتم منع الدول الخاضعة لحظر أسلحة مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية من تلقي التكنولوجيا تماماً.

وجاءت الدول التي تم إعفاؤها من هذه القيود كالتالي: أستراليا، وبلجيكا، وبريطانيا، وكندا، والدنمارك، وفنلندا، وفرنسا، وألمانيا، وآيرلندا، وإيطاليا، واليابان، وهولندا، ونيوزيلندا، والنرويج، وكوريا الجنوبية، وإسبانيا، والسويد، وتايوان، بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

ما هي الرقائق المحظورة؟

تقيّد اللوائح تصدير الرقائق المعروفة باسم «وحدات معالجة الرسومات» أو (GPUs)، وهي معالِجات متخصصة تم إنشاؤها في الأصل لتسريع عرض الرسومات. وعلى الرغم من أنها معروفة بدورها في الألعاب، فإن قدرة وحدات معالجة الرسومات، مثل تلك التي تصنعها شركة «إنفيديا» الرائدة في الصناعة ومقرها الولايات المتحدة، على معالجة أجزاء مختلفة من البيانات في وقت واحد، جعلتها ذات قيمة للتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي.

على سبيل المثال، تم تدريب «تشات جي بي تي» الخاص بشركة «أوبن إيه آي» وتحسينه على عشرات الآلاف من وحدات معالجة الرسومات. ويعتمد عدد وحدات معالجة الرسومات اللازمة لنموذج الذكاء الاصطناعي على مدى تقدم وحدة معالجة الرسومات، وكم البيانات المستخدمة لتدريب النموذج، وحجم النموذج نفسه، والوقت الذي يريد المطور قضاءه في تدريبه.

هل هناك استثناءات؟

نعم. إذا طلب المشتري كميات صغيرة من وحدات معالجة الرسومات، فلن يتم احتسابها ضمن الحدود القصوى، وستتطلب فقط إخطاراً حكومياً، وليس ترخيصاً.

وقالت الولايات المتحدة إن معظم طلبات الرقائق تقل عن الحد المسموح به، خاصة تلك التي تقدمها الجامعات والمؤسسات الطبية والمنظمات البحثية. وهناك أيضاً استثناءات لوحدات معالجة الرسومات للألعاب.

إدارة ترمب

وسيكون بمقدور الشركات الكبرى المتخصصة في تقديم خدمات الحوسبة السحابية، مثل «مايكروسوفت» و«غوغل» و«أمازون»، الحصول على تراخيص عالمية لبناء مراكز بيانات، وهو جزء مهم من القواعد الجديدة التي ستعفي مشاريعها من حصص رقائق الذكاء الاصطناعي المخصصة للدول. وللحصول على تصاريح الموافقة، يتعيّن على الشركات المصرح لها الالتزام بشروط وقيود صارمة، بما في ذلك متطلبات الأمان ومتطلبات تقديم التقارير، وأن يكون لديها خطة أو سجل حافل من احترام حقوق الإنسان.

ورغم أنه من غير الواضح كيف ستنفذ إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب القواعد الجديدة، فإن الإدارتين تشتركان في وجهات النظر بشأن التهديد الذي تمثله المنافسة مع الصين. ومن المقرر أن تدخل اللوائح حيز التنفيذ بعد 120 يوماً من النشر، مما يمنح إدارة ترمب وقتاً لإعادة تقييمها.

ويمكن أن تتسع استخدامات الذكاء الاصطناعي لتصل بشكل أكبر إلى الرعاية الصحية والتعليم والغذاء وغير ذلك، لكنها يمكن أيضاً أن تُساعد في تطوير الأسلحة البيولوجية وغيرها والمساعدة في شن هجمات إلكترونية ودعم أنشطة التجسس، إلى غير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.