انقلابيو اليمن يسرحون دفعة جديدة تضم آلافاً من عناصر الأمن

عناصر أمن حوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر أمن حوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

انقلابيو اليمن يسرحون دفعة جديدة تضم آلافاً من عناصر الأمن

عناصر أمن حوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عناصر أمن حوثيون في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

كشفت مصادر أمنية يمنية في العاصمة المختطفة صنعاء عن قيام الميليشيات الحوثية بتسريح دفعة جديدة من عناصر الشرطة والأجهزة الأمنية في مناطق سيطرتها، تضم آلافاً من مختلف الرتب، بعد أن أحيل آلاف من زملائهم إلى التقاعد القسري خلال العامين الماضيين، وإحلال عناصر طائفية بدلاً منهم، إلى جانب المجاميع الحوثية التي تم تعيينها في مختلف المناصب داخل الوحدات والأجهزة الأمنية.
ووفق ما ذكرته مصادر لـ«الشرق الأوسط»، فإن وزير داخلية الانقلاب عبد الكريم الحوثي، وهو عمّ زعيم الميليشيات، عمل منذ تعيينه في هذا الموقع على استبعاد كل الضباط الذين كانوا في مواقع قيادية داخل الوزارة أو الجهات التابعة لها، وقام بتعيين عناصر طائفية بدلاً منهم، كما قام بتسريح آلاف من العناصر الذين كانوا يعملون في ديوان الوزارة والكليات والمعاهد والمناطق الأمنية وأقسام الشرطة، لأنه لا يثق في ولائهم للجماعة وفكرها الطائفي.
ويقول أحد الضباط، الذين أبعدوا عن أعمالهم أخيراً، إنه ومجموعة كبيرة من زملائه كانوا قد أرغموا على حضور ما تسمى الدورات الثقافية (الطائفية) التي ألزم جميع منتسبي أجهزة الأمن بحضورها كشرط لاستمرار حصولهم على الرواتب الشهرية الأساسية، وهي الدورات التي تستمر بين 3 أسابيع وشهر، بهدف التأكد من اعتناقهم الفكر الطائفي والإيمان به، إلا أن ذلك لم يحل دون ضمّهم إلى قائمة جديدة، تضم نحو 9 آلاف من الضباط وضباط الصف والأفراد، أحيلوا للتقاعد القسري مطلع هذا العام.
وكان الوزير الحوثي أصدر العام 2021 قراراً بالاستغناء عن خدمات نحو 3 آلاف من منتسبي الداخلية والوحدات الأمنية، كما اتخذ قراراً منتصف العام الماضي بإحالة نحو 2000 من الضباط وضباط الصف والأفراد من مختلف الوحدات الأمنية إلى التقاعد، مع أنهم عملياً لا يمارسون أي مهام منذ تولي الحوثي مهمة قيادة الوزارة، وفق ما تقوله مصادر في أوساط المسرّحين لـ«الشرق الأوسط» حيث عمل الحوثي على تغيير كل القيادات وتعيين عناصر طائفية.
«المركز الأميركي للعدالة»، وهو منظمة حقوقية يمنية تعمل من داخل الولايات المتحدة، ندّد بهذه الخطوة الحوثية وأكد أن قرار الإحالة للتقاعد تم من دون منح هؤلاء مستحقاتهم القانونية، ووصفه بأنه انتهاك للدستور ولقانون التأمينات والمعاشات وللحقوق الاقتصادية لهؤلاء المتقاعدين، حيث يتم حرمانهم وأسرهم من العيش الكريم والحماية من الفاقة والعوز. وأوضح المركز الحقوقي، في بيان، أن إجراءات الإحالة إلى التقاعد للأفراد والضباط والموظفين لا تقتصر على الذين بلغوا السن القانونية؛ ولكن «تجري عملية فرز وتصفية على أساس المذهب والمنطقة والولاء»، حيث يتم اختبار الولاء للانقلابيين الحوثيين من خلال ما يعرف بالدورات الثقافية، وهي تجمعات تشبه المعسكرات الداخلية يتم فيها إخضاع المشاركين لدروس فكرية طائفية.
ووفق ما يذكره منتسبون للأجهزة الأمنية، فإن الانقلابيين يقومون باختيار العناصر التي يتم إحلالها وفق اعتبارات مذهبية وجهوية، بعد إخضاعهم لدورات قصيرة ومكثفة في المعاهد الأمنية، تشمل دورساً طائفية وتعبئة فكرية، ما يعني تحويل المؤسسات الأمنية إلى كيانات طائفية جهوية بصورة مخالفة للقانون.
وبحسب مصادر حكومية، فإن الانقلابيين الحوثيين قاموا منذ سنوات بدمج آلاف من عناصرهم في الوحدات الأمنية، ومعظم هؤلاء تم تجنيدهم مع اجتياح العاصمة صنعاء، وكانوا يعرفون بـ«الأمنيات»، وهم من صغار السن، وأغلبهم من محافظتي صعدة وحجة، أو من عناصر سلالة الحوثي التي كانت تقيم في صنعاء، وكل هؤلاء لم يتلقوا أي تدريبات أمنية أو قانونية، وإنما يشرف عليهم أحد عناصر المخابرات، ويقومون بتنفيذ توجيهاته.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.