العراق: «الاتحادية العليا» تهز أركان إدارة الدولة

بارزاني شبهها بـ«محكمة الثورة» في عهد صدام

رئيسا الوزراء محمد شياع السوداني والمحكمة الاتحادية جاسم محمد عبود في لقاء لهما الأحد الماضي (واع)
رئيسا الوزراء محمد شياع السوداني والمحكمة الاتحادية جاسم محمد عبود في لقاء لهما الأحد الماضي (واع)
TT

العراق: «الاتحادية العليا» تهز أركان إدارة الدولة

رئيسا الوزراء محمد شياع السوداني والمحكمة الاتحادية جاسم محمد عبود في لقاء لهما الأحد الماضي (واع)
رئيسا الوزراء محمد شياع السوداني والمحكمة الاتحادية جاسم محمد عبود في لقاء لهما الأحد الماضي (واع)

حدثت المحكمة الاتحادية العليا في العراق هزة في العلاقات بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، بإصدارها قراراً، الأربعاء، قضى بـ«عدم قانونية إرسال مبالغ مالية على شكل رواتب لإقليم كردستان في الحكومة السابقة» التي كان يترأسها مصطفى الكاظمي.
وقوبل قرار «الاتحادية العليا»، التي تعتبر قراراتها ملزمة للسلطات، بغضب إقليم كردستان، في حين رأى مراقبون ومتابعون للشأن السياسي العراقي أن القرار شكل إحراجاً لحكومة محمد شياع السوداني؛ كونها تشكلت وفقاً لإرادة سياسية تمثلت في تشكيل ائتلاف جديد يدعى «ائتلاف إدارة الدولة» يعد الكرد ركناً أساسياً فيه. وبينما لم يصدر موقف أو توضيح من قبل الحكومة أو مكتب السوداني بشأن قرار المحكمة الاتحادية، فإن معظم القوى السياسية رأت أن صدور القرار في هذا الوقت «هز بعمق أركان ائتلاف إدارة الدولة، وسط مؤشرات باحتمال تعليق الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني جلساته ضمن ائتلاف إدارة الدولة».
وقالت المحكمة، في بيان، إنها «قررت الحكم بعدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء، في 15/6/2021 وما بعدها»، معتبرة الحكم «باتاً وملزماً للسلطات كافة، استناداً إلى أحكام المادتين (93/ ثالثاً و94) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والمادتين (4 / ثالثاً و5 / ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم (25) لسنة 2021 وأفهم علناً». وجاء قرار المحكمة بناء على دعوى تقدم بها النائب عن «الإطار التنسيقي» مصطفى جبار سند قبل 9 أشهر ضد قرارات اتخذها مجلس الوزراء في حكومة مصطفى الكاظمي، تقضي بتحويل 4 دفعات مالية، قوام كل دفعة 400 مليار دينار عراقي (نحو 2.5 مليون دولار) هي عبارة عن رواتب لموظفي الإقليم على أن تتم تسويتها بعد إقرار الموازنة.
واستطاع سند كسب دعواه؛ إذ ذكر فيها أن الحكومة اتخذت قراراتها عندما كانت تتولى تصريف الأعمال، وبالتالي لا صلاحية لها في توزيع الأموال، فضلاً عن عدم تسديد حكومة إقليم كردستان مستحقات النفط المصدر من داخل الإقليم، والتي قضى قرار سابق للمحكمة الاتحادية بتحويلها إلى الخزينة المركزية.
وكان مسعود بارزاني أصدر بياناً غاضباً ضد المحكمة الاتحادية العليا، واصفاً إياها بأنها تشبه «محكمة الثورة» على عهد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، الأمر الذي يعده قانونيون بمثابة فعل جرمي لو أقدمت المحكمة الاتحادية على إقامة دعوى قضائية ضد بارزاني، حيث تصل عقوبة إهانة السلطات إلى السجن لمدة 7 سنوات. لكن البيانات الصادرة من قبل حكومة الإقليم بعد بيان زعيم الحزب الغاضب مسعود بارزاني، سعت إلى تهدئة الأجواء، لا سيما بعد أن شعرت بأن الأوساط الحكومية في بغداد هي الأخرى ليست راضية على قرار الاتحادية.
وفي هذا السياق، أكد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، أمس الخميس، «ضرورة تشريع قانوني المحكمة الاتحادية العليا ومجلس الاتحاد، من قبل مجلس النواب في غضون ستة أشهر من تولي الحكومة الاتحادية مهام عملها، وفقاً للاتفاق المبرم بين الأطراف السياسية المشتركة بالسلطة في العراق». وقال بيان صادر عن مكتب بارزاني أثناء استقباله وزير الدولة في وزارة الخارجية الألمانية توبياس ليندنر والوفد المرافق له، إن «بارزاني جدد حرص إقليم كردستان على حل المشاكل جذرياً، وعلى أساس الدستور مع بغداد»، مشيراً إلى أن القرار الأخير للمحكمة الاتحادية العليا بمنع صرف جزء من المستحقات المالية إلى الإقليم هو محاولة جائرة أخرى من هذه المحكمة لتقويض الفرصة الجديدة لحل المشاكل في ظل الأجواء الإيجابية التي سادت خلال الزيارة الأخيرة للوفد الحكومي الرفيع إلى بغداد. وأوضح بارزاني أن «خطوات المحكمة الاتحادية وسلوكها يخلقان مشاكل مقابل أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق، وحل الخلافات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية».
في السياق ذاته، أعلن مجلس القضاء في إقليم كردستان رفضه لقرار المحكمة الاتحادية العليا. وقال القاضي عبد الجبار عزيز حسن، رئيس مجلس القضاء في الإقليم، في بيان، إن «هذا القرار غير دستوري، ولا يخدم الاستقرار في العراق، وهو بالضد من الجهود المبذولة لتحرير البلاد من قيود الأزمات»، مشدداً على أن «هذه المحكمة غير دستورية، ومن الضروري إجراء مراجعة لتشكيلها». وأضاف أنه «ينبغي للمحكمة الاتحادية ألّا تُصدر قراراتها بمنظار الأغلبية والأقلية».
إلى ذلك، أكدت رئيسة «كتلة الجيل الجديد» الكردية في البرلمان العراقي سروة عبد الواحد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «علينا الاعتراف بأن قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة، لكن هل الحكومة تنفذ هذه القرارات؟ وفي حال نفذت الحكومة هذه القرارات هل سيكون له تأثير على المشهد السياسي؟». وأضافت عبد الواحد: «سبق أن قلنا، ونكررها الآن، إن على الجانبين حل إشكالية الملف النفطي، ويجب أن تلتزم حكومة الإقليم باتفاقها مع بغداد، بحيث لا يوجد سوى الالتزام بالدستور والقوانين والاتفاقات». وأوضحت عبد الواحد أن «عدم حل الإشكالية القائمة بين الطرفين يصب في مصلحة الفاسدين، ومن يلعب بقوت الشعب من أجل مصلحته»، مشيرة إلى أن «من يتحمل المسؤولية هم الأشخاص الذين يتحكمون بملف النفط الكردي، مع أن الحكومة الاتحادية تتحمل جزءاً من المسؤولية».
في السياق نفسه، يقول الخبير القانوني علي التميمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار الاتحادية العليا أبطل قرارات سابقة من مجلس الوزراء إلى إقليم كردستان من سنة 2021 وقسم منها 2022، حيث إن مقدمي الطلب استندوا بفقرات هي جزء من مهام المحكمة الاتحادية، فضلاً عن مواد دستورية تتعلق بمهمات مجلس الوزراء الذي تقتصر مهماته على تنفيذ القانون وليس العكس». وأضاف التميمي أن «ما يتعلق بصرف المبلغ الممنوح إلى كردستان فإن المدعين طعنوا به بوصفه مناوئاً للقانون، وهو ما صدر عن المحكمة الاتحادية بالأكثرية». ورداً على سؤال بشأن تنفيذ هذا القرار يقول التميمي، إن «القرار لم يشر إلى الأثر الرجعي في التنفيذ، لكن عند الرجوع إلى فلسفة القانون، وفي سياق مهمات المحاكم الدستورية، فإن هذه القرارات عندما تنصب على البطلان تكون بأثر رجعي، وهو ما يعني أن القرار لا يشير إلى الأثر الرجعي لكن الحل يكون عن طريق التسوية».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«لم يتبقَّ شيء»... غزيّون يعودون إلى منازلهم ليجدوا ركاماً ودماراً

فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«لم يتبقَّ شيء»... غزيّون يعودون إلى منازلهم ليجدوا ركاماً ودماراً

فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون نازحون يتفقدون منازلهم المدمرة أثناء عودتهم إلى بلدة دير البلح بعد أن سحب الجيش الإسرائيلي قواته من شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

لأول مرة منذ بدء الجيش الإسرائيلي حربه في غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول)، أرسل رسائل إلى جوالات المواطنين وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تفيد بأن سكان بعض المناطق يمكنهم العودة إلى أحيائهم.

وعادت أسر لتجد منازلها تحولت إلى ركام، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن» الأميركية.

ونشر جيش الدفاع الإسرائيلي على موقع «إكس»، يوم الخميس، أن الأشخاص الذين أُمروا بمغادرة 3 أحياء في دير البلح في وسط غزة يمكنهم العودة إلى منازلهم.

دمية طفل... فقط

وقال عبد الفتاح البرديني: «عدنا إلى المنزل ولم نجد شيئاً، لا كهرباء، ولا غاز، ولا منزل، ولا يمكننا تغيير ملابسنا». وكل ما تمكن من إنقاذه هو دمية دب لابنه الذي كان يأمل في أن يكون له يوماً ما.

وأضاف البرديني: «أنا مفلس مثل اليوم الذي ولدت فيه. ليس لدي أي شيء. جئت لأتفقد منزلي، ولم أجد منزلاً أو أي شيء، لم يتبقَّ شيء... لم يتبقَّ شيء للبكاء عليه».

فلسطينيون وسط أنقاض مبنى متضرر بعد الحرب التي شنتها القوات الإسرائيلية في خان يونس (إ.ب.أ)

ووقف شقيقه موسى البرديني في مكان الحادث مذهولاً، وقال لشبكة «سي إن إن»: «لماذا يريدون تدمير هذا المنزل؟ هذا المنزل كان يمكن أن يؤوي 120 شخصاً... ماذا فعلوا بالمنزل؟ لم يجدوا إنساناً واحداً فيه، ومع ذلك ضربوه بالصواريخ ودمروا حياً بأكمله».

وقال إنه عاد إلى منزله ومعه مفتاح لمبنى مجاور له، لكنه لم يجد له بيتاً. وأضاف: «الآن سنحضر خيمة، إذا وجدنا خيمة، ونضعها بجوار منزلنا».

أزمة إنسانية متفاقمة

وقال عدة أشخاص إنهم نزحوا من دير البلح قبل نحو 10 أيام، عندما نشر الجيش الإسرائيلي على موقع «إكس» منشورات تأمر الناس بإخلاء المنطقة من أجل أمنهم.

وقد نزح كثير من سكان غزة عدة مرات منذ أكتوبر، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المستمرة؛ ويحذر الخبراء أيضاً من أن أوامر الإخلاء أدت إلى تعقيد جهود الإغاثة.

وفي منشوره على موقع «إكس» يوم الخميس، قال الجيش الإسرائيلي إنه «في أعقاب العمليات ضد المنظمات الإرهابية بمنطقة (دير البلح)، فإن جيش الدفاع الإسرائيلي يتيح العودة إلى هذه الكتل التي تشكل جزءاً من المنطقة الإنسانية المعينة».

فلسطينيون نازحون يتحركون على طول شارع متضرر أثناء تفقدهم المنطقة بعد الحرب التي شنتها القوات الإسرائيلية في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

وفي يوم الجمعة، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي أن الناس في 3 كتل أخرى في منطقة خان يونس جنوب غزة يمكنهم أيضاً العودة إلى منازلهم، قائلاً على موقع «إكس»: «بعد أنشطة جيش الدفاع الإسرائيلي ضد المنظمات الإرهابية في المنطقة، يمكنكم العودة إلى هذه الكتل. وفي غضون ذلك، سيتم تكييف المنطقة الإنسانية وسيتم تصنيف تلك المناطق من الآن فصاعداً كجزء من المنطقة الإنسانية».

وفي بيان صدر يوم الجمعة يفصل عملياته في الأسابيع الأخيرة، قال الجيش الإسرائيلي إن «قوات الفرقة 98 أكملت عمليتها التقسيمية في منطقة خان يونس ودير البلح، بعد نحو شهر من النشاط العملياتي المتزامن فوق وتحت الأرض».

وقال البيان إن القوات الإسرائيلية «قضت على أكثر من 250 إرهابياً»، ودمرت البنية التحتية للإرهاب بما في ذلك 6 مسارات أنفاق تحت الأرض خلال العملية. وتابع: «في بعض مسارات الأنفاق، قضت القوات على الإرهابيين وحددت مخابئ وأسلحة الإرهابيين».

«لم نجد سوى الدمار»

وقال عبد الرؤوف رضوان إنه وعائلته انتقلوا إلى خيمة أقرب إلى الساحل هرباً من القصف. ثم عادوا على أمل السكن في منزلهم، وتابع: «أملاً في العثور على حياة، والعثور على شيء، وإيجاد غرفة للعيش فيها، ولم نجد سوى الدمار. لقد دمرت أحلامنا، ودمرت ذكرياتنا... المنزل الذي بناه أسلافنا ذهب بالكامل».

وقال شقيقه محمد رمزي رضوان إنه فقد بالفعل ابناً نتيجة للحرب الإسرائيلية في غزة، وتابع: «شاب يبلغ من العمر 30 عاماً، بنى نفسه من الصفر، التعليم، الزواج، الابن. كل شيء ذهب، لم يبقَ شيء».

رجل على مقعد متحرك مع ممتلكاته قبل النزوح من خان يونس في قطاع غزة (أ.ب)

وقال رضوان: «رسالتي هي وقف الحرب. لم يتبقَّ وقت لإعادة بناء أنفسنا... لقد تحملنا هذا. هذا يتجاوز قدرتنا».

كما دمر منزل يامن التابعي. وقال إن العائلة غادرت الحي خوفاً وعادوا ليجدوا منزلهم مدمراً تماماً.

وقال رؤوف عايش لشبكة «سي إن إن»: «أتمنى لو دفنت في المنزل. أتمنى لو مت في المنزل ولم أعد لأرى المشهد الذي رأيته. إلى أين سنذهب الآن بلا مأوى؟».

وقال رؤوف عايش إنه وأطفاله لجأوا إلى الخيام، وتابع: «رغبنا في العودة إلى منازلنا، ربما نجد أمتعتنا وملابسنا وملابس الشتاء». لكنهم عادوا إلى الحطام فقط.

دمار شامل

وتقول حنان العربيد، التي فقدت زوجها وعادت إلى بيتها مع أطفالها إنها وجدته خراباً، وأردفت: «هل أذهب إلى خيمة أنا الآن في الشارع؟ لدي طفلان معوقان، لم آخذ معي أي شيء من بيتي، هناك دمار شامل كما ترون».

وقالت شقيقتها أم كريم العربيد إنها تجمع ما تستطيع من أنقاض شقتها. وتابعت: «للأسف، اتخذت إسرائيل قرارها بإبادة قطاع غزة. بل إنها تريد إبادة الشعب الفلسطيني حتى لا يرفع رأسه من هنا لمدة 100 عام. ولكن كما تعلمون، نحن شعب صامد، شعب قادر على الصمود». وأضافت: «سنبدأ من البداية ومن جديد. سنبدأ من جديد».

ووفقاً لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، تم وضع ما يقرب من 84 في المائة من القطاع تحت أوامر الإخلاء منذ بداية الحرب.

وفي الوقت نفسه، كانت «المنطقة الإنسانية» التي حددتها إسرائيل تتقلص بشكل مطرد. ففي الشهر الماضي وحده، قلص الجيش الإسرائيلي هذه المنطقة بنسبة 38 في المائة - حيث تشكل المساحة المتبقية ما يزيد قليلاً على عُشر إجمالي مساحة غزة، وفقاً لتحليل شبكة «سي إن إن».