4 نساء نفذن استراتيجية أوباما بشأن النووي الإيراني: رايس وباور وساكي وشيرمان

الجمهوريون أشعلوا المعركة.. وساكي قادت الحملة الإعلامية ضدهم

سوزان رايس، سامنثا باور، ويندي شيرمان، جين بساكي
سوزان رايس، سامنثا باور، ويندي شيرمان، جين بساكي
TT

4 نساء نفذن استراتيجية أوباما بشأن النووي الإيراني: رايس وباور وساكي وشيرمان

سوزان رايس، سامنثا باور، ويندي شيرمان، جين بساكي
سوزان رايس، سامنثا باور، ويندي شيرمان، جين بساكي

عندما وقعت الأطراف الدولية المشاركة في مفاوضات «النووي الإيراني» في فيينا، في السابع من الشهر الحالي، كان واضحا أن قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس يستعدون لمعركة شعواء مع إدارة الرئيس باراك أوباما.
ظهر السيناتور لندلسي غراهام (جمهوري، ولاية ساوث كارولينا) في تلفزيون «سي إن إن»، وانتقد الاتفاق، ثم تبعه آخرون. وركز تلفزيون «فوكس» (اليميني) على تقديم شخصيات انتقدت الاتفاق. لكن، في الجانب الآخر، كان البيت الأبيض مستعدا لمثل هذه الانتقادات. فمنذ أن انتقلت جين ساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إلى البيت الأبيض في وظيفة مديرة الاتصالات، ركزت على موقع البيت الأبيض بهدف، كما قالت، «أن يخاطب الرئيس الشعب مباشرة، وليتحاور معه». وهكذا، بفضل ساكي، صار موقع البيت الأبيض وكأنه صحيفة كبيرة، ينقل الأخبار، والفيديوهات، وتعليقات القراء. كما توقعت ساكي، أن تشيد الصحف الأميركية بالاتفاق، وهو ما حدث فعلا. ظهر ذلك في عناوينها الرئيسية في اليوم التالي، كان عنوان «واشنطن بوست» هو «اتفاق تاريخي مع إيران». وكان عنوان «شيكاغو تريبيون» هو «أوباما يحقق اتفاق إيران». لكن، شذت الصحف اليمنية، كان عنوان «واشنطن تايمز» هو «اتفاق مستعجل في فيينا». وكان عنوان «نيويورك بوست» هو «عائلات أسرى السفارة الأميركية (في طهران، عام 1979) يعارضون الاتفاق».
وبسبب انتقادات الكونغرس حول استعجال عرض الاتفاق على مجلس الأمن، جهز البيت الأبيض حملة للرد على ما سماها «مخاوف» المعارضين. من بين الذين قادوا الحملة ثلاث نساء أخريات ظللن في قيادة الاستراتيجية الأميركية نحو الاتفاق النووي: أولهن سوزان رايس، مستشارة الرئيس أوباما للأمن الوطني، التي قالت: «رتبنا التطورات لضمان أن الكونغرس سيكون لديه ما يكفي من الوقت لإصدار الحكم على الاتفاق». وقصدت أن الاتفاق لن يبدأ تنفيذه قبل ثلاثة أشهر من التوقيع عليه.
والثانية هي سمانثا باور، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، حيث قالت: «وزعنا مسودة قرار عن اتفاق فيينا على أعضاء مجلس الأمن.. وذلك لأن الاتفاق نفسه يشير إلى أهمية تقديمه فورا إلى مجلس الأمن. وإلى أهمية التصويت عليه دون تأخير». والثالثة هي ويندي شيرمان، رئيسة وفد المفاوضات مع إيران. قالت: «كان صعبا، عندما اتفقت جميع الدول التي وقعت على الاتفاق على موافقة سريعة من مجلس الأمن، أن نقول للعالم: يجب عليك الانتظار حتى يوافق كونغرس الولايات المتحدة».
يوم الاثنين الماضي، بعد أن استعجل أوباما، وصمم على تصويت سريع في مجلس الأمن لصالح الاتفاق النووي مع إيران، لقطع الطريق على معارضيه الجمهوريين في الكونغرس، زادت معارضة الجمهوريين. وأيضا، زادت انتقادات بعض الديمقراطيين. ليس فقط لأن أوباما صمم على إرسال الاتفاق إلى مجلس الأمن، ولكن، أيضا، لأنهم رأوا فيما فعل الآتي:
أولا: «تحديا دستوريا» له صلة بالعلاقة بين الجهازين التشريعي والتنفيذي.
ثانيا: «استسلاما» لإيران التي وصفوها بأنها «أكبر دولة في العالم تصدر الإرهاب».
ليلة الاثنين، بعد أن صوت مجلس الأمن مع الاتفاق، وفي تلفزيون «فوكس»، قال السيناتور ماركو روبيو (جمهوري، ولاية فلوريدا): «سيدخل يوم الاثنين هذا التاريخ بوصفه (يوم اثنين الاستسلام). لقد تنازلت الولايات المتحدة، واستسلمت لقوى الطغيان والإرهاب في كوبا وإيران». كان يشير إلى فتح سفارة كوبا في واشنطن، وإلى تصويت الولايات المتحدة في مجلس الأمن مع اتفاق إيران.
وأضاف: «سيذكر التاريخ يوم الاثنين 20 يوليو (تموز) عام 2015، بوصفه يوما أسود. يوم استسلام باراك أوباما لدولتين عدوتين متطرفتين إرهابيتين. ما حدث اليوم دليل على أننا دخلنا مرحلة أكثر خطورة خلال سنوات أوباما الخطرة». واتهم روبيو أوباما بالتخلي عن «المصالح الحيوية للأمن القومي الأميركي بهدف التقرب من اثنين من أكثر الأنظمة الذميمة في العالم». وقال رئيس مجلس النواب، جون باينر، إن ما حدث «غير مقبول. إذا كان الاتفاق بالسوء الذي أعتقده، فسنفعل كل شيء لوقفه».
وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية، إدوارد رويس، الذي سيقود النقاش في مجلس النواب: «أرى أنه صعب جدا تسويق هذا الاتفاق». وقال السيناتور جون ماكين: «كل شيء يبعث على اعتقاد أنه اتفاق سيئ». واستشهد ماكين بتصريحات أدلى بها، يوم الاثنين، محمد علي جعفري، رئيس الحرس الثوري الإيراني، قال فيها إن إيران لن تسمح للمفتشين الدوليين بزيارة المواقع العسكرية.

* توقع الفيتو
* صباح أمس الثلاثاء، قال تلفزيون «فوكس»، على لسان مصادره في الكونغرس، إن عدد المعارضين لاتفاق إيران زاد بعد تصويت مجلس الأمن. وإن بعضهم من الحزب الديمقراطي، وإن بعض هؤلاء من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين اليهود الذين كان أوباما اجتمع معهم في البيت الأبيض في الأسبوع الماضي. وقال تلفزيون «فوكس» إن الرئيس أوباما سيضطر لاستخدام حق الفيتو لأنه لن يحصل على أغلبية الأصوات. ولاحظت وكالة «أ.ف.ب» أن سمانثا باور، سفيرة أميركا لدى الأمم المتحدة، في خطابها قبل التصويت، حاولت طمأنة المعارضين للاتفاق داخل الكونغرس. وتحدثت عن أن «ليس هذا اتفاقا بين طرفين يثقان بعضهما في بعض. الولايات المتحدة لا تثق في الجمهورية الإيرانية الإسلامية».
وأضافت: «لا يبدد هذا الاتفاق كل قلقنا. لكنه، إذا طبق، سيجعل العالم أكثر أمانا». وأمس الثلاثاء، صار من المفارقات أن بعض قادة الحزب الجمهوري المعارضين للاتفاق، استغلوا تصريحات صدرت في مجلس الأمن، وذلك لشن مزيد من الانتقادات (بعد أن كانوا يعارضون إرسال الاتفاق إلى مجلس الأمن أولا). في تلفزيون «فوكس» (اليميني)، أشار مراسل التلفزيون في الأمم المتحدة تصريحات أدلى بها سفراء دول أخرى. وقال إنها تؤكد انتقادات الجمهوريين لأوباما بأنه يريد كسب الدول الأخرى على حساب المصالح الوطنية الأميركية، منها:
أولا: قول السفير الروسي، فيتالي تشوركين: «اليوم، لا نطوي صفحة فحسب، بل فصلا كاملا. اليوم نخلق واقعا جديدا. لهذا، نأمل أن تتكيف جميع الدول بسرعة مع هذا الواقع الجديد، وأن تسهم في إنجاح الاتفاق». (قال المراسل: ها هم الروس يقصدوننا).
ثانيا: قول السفير الإيراني، غلام علي خوشرو: «يجب على جيران إيران العمل معنا لمواجهة التحديات المشتركة، وخصوصا التطرف العنيف». (قال المراسل: إيران هي مصدر التطرف العنيف).
ثالثا: قول السفير الإسرائيلي، رون بروسور، أمام الصحافيين خارج قاعة مجلس الأمن بأن مجلس الأمن «كافأ أخطر دولة على الكوكب. صار هذا اليوم يوما حزينا بالنسبة لإسرائيل، وبالنسبة للعالم». (طبعا، أيد المراسل ذلك).
وأخيرا.. صار واضحا أن موافقة مجلس الأمن، بالإجماع، على الاتفاق، لن تثني الجمهوريين. بالعكس، ستزيد أسلحتهم ضد أوباما. بل ضد الحزب الديمقراطي. بل ضد هيلاري كلينتون، التي يتوقع أن تكون مرشحة الحزب الديمقراطي لرئاسة الجمهورية في العام المقبل (أيدت الاتفاق).



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.