إيناس عبد الدايم لـ«الشرق الأوسط»: العودة إلى «الفلوت» متعة كبيرة

وزيرة الثقافة المصرية السابقة أشارت إلى احتفاء جمهور الأوبرا بها

عبد الدايم في حفلها الأخير بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)
عبد الدايم في حفلها الأخير بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)
TT

إيناس عبد الدايم لـ«الشرق الأوسط»: العودة إلى «الفلوت» متعة كبيرة

عبد الدايم في حفلها الأخير بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)
عبد الدايم في حفلها الأخير بالأوبرا المصرية (دار الأوبرا المصرية)

بعد مرور نحو خمسة أشهر على مغادرتها منصب وزيرة الثقافة المصرية، عادت د. إيناس عبد الدايم لآلتها الموسيقية الأثيرة «الفلوت»، بعد بقائها في الوزارة نحو أربع سنوات.

وحلت عبد الدايم أخيراً كضيف شرف على حفل أوركسترا أوبرا القاهرة المخصص لمؤلفات الموسيقار راجح داود، واستقبلها جمهور الحفل الذي أقيم بالمسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية بالورود والتصفيق.

وأعربت الفنانة المصرية عن سعادتها بالحفل والاستقبال الذي حظيت به من الجمهور، قائلة في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «شعرت باختلاف كبير في هذا الحفل، وأنني عدت بالكامل لفني. فكل تركيزي الآن معه، ولا شيء يشغلني عنه. كما أن الحفل خُصص بالكامل لموسيقى راجح داود ما جعله حفلاً مميزاً، خصوصاً أنه قدم أعمالاً و(صوليسات) كثيرة، وتنوعاً كبيراً في الموسيقى».

وتضيف عبد الدايم: «رغم أنني كنت معاصرة لأغلب مؤلفات راجح منذ البداية، فإنني ذاكرت واستعددت لها جيداً. فالنضج في العمر يجعل إحساسي وأدائي مختلفين، كما أن الأداء يختلف بالراحة النفسية للعازف. وكان استقبال جمهور الأوبرا أكثر من رائع. وهذا تقدير أسعدني ومنحني طاقة إيجابية غير عادية. فالأوبرا بمنزلة بيتي الشاهد على مشوار حياتي كله».

عبد الدايم تجد متعة كبيرة مع الفلوت (دار الأوبرا المصرية)

ورغم انشغالها بالعمل الوزاري خلال السنوات الأربع الماضية، فإن عبد الدايم كانت تتحين الفرص لتقديم حفلات من وقت لآخر: «كنت مُصرة طوال فترة وجودي بالوزارة على ألا أغيب عن عالمي الأثير (الموسيقى والعزف)، رغم انشغالي الشديد، لكنني الآن أعود إليه بكامل طاقتي ونشاطي. وعدت مجدداً للتحضير للحفلات، وهذا الأمر بالنسبة لي قمة المتعة».

واعتادت الفنانة المصرية أن تغلق على نفسها قبيل كل حفل، لتنفرد بآلة الفلوت، وتكون في حالة تركيز كاملة مع الأعمال التي ستقدمها، وقد يستغرق الأمر ساعات: «رغم خبرة السنوات الطويلة، فإنه في كل مرة يكون الأداء مختلفاً، وفهمي وتعمقي يكونان مختلفين ومشاعري أيضاً. ولا بد من التحضير الجيد، حتى لو كنت سأعزف لدقيقتين أو ثلاث، هذه (المذاكرة) بالنسبة لي قمة المتعة التي أحلّق فيها بعيداً مع الموسيقى».

وتلقب عبد الدايم بـ«ساحرة الفلوت». فهي عاشقة لهذه الآلة التي نالت عنها درجة الدكتوراه بامتياز، من المدرسة العليا للموسيقى بباريس. وأنشأت خلال توليها الوزارة فصلاً لتعليم الأطفال العزف عليها، بمركز تنمية المواهب بدار الأوبرا. وتصف علاقتها بالفلوت قائلة: «هذه الآلة قريبة جداً من قلبي. وأشعر وأنا أعزف عليها كأنني أغني. فالهواء الذي يخرج مني مباشرة للآلة، كأنه كلام بصوتي ويصل للجمهور بإحساسي نفسه». وكانت وزيرة الثقافة السابقة قد عادت مجدداً للتدريس بأكاديمية الفنون: «هذه متعة أخرى. فوجودي بين تلاميذي وأصدقاء العمر رسالة مهمة أؤديها بسعادة كبيرة».

وأُعيد أخيراً انتخاب الوزيرة المصرية السابقة، رئيسة للمجمع العربي للموسيقى، لمدة أربع سنوات، حيث تسافر إلى سلطنة عمان في شهر مارس (آذار) المقبل، لحضور مؤتمر موسيقي ضمن نشاط المجمع. كما تقدم حفلاً أوركسترالياً آخر السبت المقبل بمكتبة الإسكندرية.

وكانت د. إيناس قد اختتمت الفصل الأول من حفل بالأوبرا المصرية بداية الأسبوع الجاري، بمقطوعة «أحلام غائبة»، حيث عزفت الأوركسترا بقيادة المايسترو ناير ناجي، عدداً من مؤلفات راجح داود، من بينها: «جنية البحر، ورسايل البحر، وكبريت أحمر، وابتهال، وأسلحة دمار شامل، ورجل في زمن العولمة، والأوركسترا الوتري، وبانوراما وطنية»، بمشاركة عدد من العازفين المتخصصين (الصوليست)».

وقدم داود «ميدلي وطني» في ختام الحفل لأغنيات «قوم يا مصري»، و«مصر التي في خاطري»، و«اسلمي يا مصر»، وصاحبته عبد الدايم بالعزف على الفلوت. وصعد الموسيقار موجهاً التحية لها، وقاد الأوركسترا بنفسه في هذه الفقرة، ما جعل جمهور المسرح يقف ليغني معهما.

عبد الدايم مع راجح داود خلال الحفل (دار الأوبرا المصرية)



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».