«الرئاسي الليبي» يلوح مُجدداً بالتدخل لكسر الجمود السياسي

المنفي يتجاهل خلافات حكومة الدبيبة مع الجامعة العربية

سفير الإمارات لدى ليبيا خلال اجتماعه مع نظيرته البريطانية (تويتر)
سفير الإمارات لدى ليبيا خلال اجتماعه مع نظيرته البريطانية (تويتر)
TT

«الرئاسي الليبي» يلوح مُجدداً بالتدخل لكسر الجمود السياسي

سفير الإمارات لدى ليبيا خلال اجتماعه مع نظيرته البريطانية (تويتر)
سفير الإمارات لدى ليبيا خلال اجتماعه مع نظيرته البريطانية (تويتر)

نأى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بنفسه عن الخلافات الراهنة بين حكومة الوحدة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والجامعة العربية. ولوّح في المقابل مجدداً بالتدخل لحسم الخلافات بين مجلسي «النواب» و«الدولة» بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.
وسعت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية بحكومة الدبيبة، إلى توريط المنفي في خلافات حكومتها مع الجامعة العربية، على خلفية مقاطعتها ومعظم دولها الأعضاء للاجتماع الذي استضافته العاصمة طرابلس لوزراء الخارجية العرب أخيراً. وقالت المنقوش إن «المنفي الذي أعرب لدى استقباله وزير الخارجية التونسي عن شكره وتقديره لدعم تونس جهود حكومة الوحدة بتولي رئاسة الدورة الحالية للجامعة العربية، وأكد إصرار ليبيا على ممارسة حقوقها الكاملة بالجامعة». ونقلت المنقوش عن المنفي أنه شدد خلال اللقاء على «عدم اعترافه بأي تمييز تجاه حقوق وواجبات ليبيا المشروعة»، مؤكداً رفضه «انحياز الجامعة لطرف أو جهة ما».
ولم يصدر بيان رسمي عن المنفي أو المجلس الرئاسي بخصوص تصريحات المنقوش؛ لكن مصادر إعلامية بالمجلس «نفت صحة ما نسبته المنقوش إلى المنفي». ورغم تأكيد مسؤول بالجامعة العربية، اشترط عدم تعريفه، لـ«الشرق الأوسط»، «امتناع أمينها العام أحمد أبو الغيط عن الدخول فيما وصفه بجدل إعلامي مع حكومة الدبيبة»، اعتبر في المقابل أن «محاولة الأخيرة توريط المنفي في (خلافها المفتعل) مع الجامعة العربية أمر طبيعي، كونها فشلت في توفير النصاب القانوني اللازم لعقد الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب». وخلا البيان الرسمي للمنفي عقب اجتماعه بوزير الخارجية التونسي من الإشارة من قريب أو بعيد لملف الخلاف الراهن بين حكومة الدبيبة والجامعة العربية.
إلى ذلك، قال المنفي، في بيان، مساء أول من أمس، عقب تلقيه اتصالاً هاتفياً من السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، إنهما ناقشا الخطوات التي يقوم بها «لكسر الجمود السياسي والدفع بالعملية السياسية من خلال لقاءاته الأخيرة، لتحقيق آمال الليبيين بالوصول للانتخابات في أقرب الآجال». ونقل المنفي عن نورلاند دعم بلاده للمجلس الرئاسي في مشروع المصالحة الوطنية، والتقدم الذي أحرزه من خلال الملتقى التحضيري الذي عقد خلال الفترة القليلة الماضية.
بدورها، اعتبرت السفارة الأميركية لدى ليبيا أن مشاركة وفد الأعمال الليبي في معرض وورلد أوف كونكريت في لاس فيغاس أخيراً، باعتباره أكبر معرض تجاري مخصص لصناعات الإسمنت والبناء، يمثل أضخم بعثة تجارية من ليبيا إلى الولايات المتحدة منذ عقد من الزمن. وقالت، في بيان، إن «هذه المشاركة نتاج التعاون الوثيق بين جهات ليبية وأميركية»، معربة عن تطلعها لمزيد من المناسبات المستقبلية لمزيد من تدعيم الروابط التجارية الأميركية - الليبية.
من جهته، قال محمد علي الشامسي، سفير الإمارات، إنه بحث أمس، بحضور سالم الزعابي مدير إدارة التعاون الأمني الدولي بوزارة الخارجية الإماراتية، مع كارولين هورندال سفيرة بريطانيا في طرابلس، سبل تعزيز التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى أبرز المستجدات على الساحة الليبية.
من جهة أخرى، أعلنت أسرة أبو عجيلة مسعود، ضباط الاستخبارات الليبية السابق، الذي تتم محاكمته حالياً في الولايات المتحدة بتهمة «التورط في صنع قنبلة طائرة لوكربي»، أنها بصدد إبرام اتفاق مع فريق قانوني ليتولى الدفاع عنه، مشيرة إلى طلب تأجيل جلسة محاكمته المقررة اليوم لاستكمال الإجراءات. وأبلغت وسائل إعلام محلية أنها بصدد الحصول على تأشيرة من السفارة الأميركية في تونس لزيارته في محبسه.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.