اليمن: إهمال الحوثيين يضيف «داء الكلب» إلى قائمة الأوبئة

الميليشيات أقرت بوفاة 33 شخصاً وإصابة 4 آلاف

مجموعة من الكلاب الضالة في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)
مجموعة من الكلاب الضالة في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)
TT

اليمن: إهمال الحوثيين يضيف «داء الكلب» إلى قائمة الأوبئة

مجموعة من الكلاب الضالة في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)
مجموعة من الكلاب الضالة في أحد شوارع صنعاء (فيسبوك)

تكشف الإحصائيات الصحية في مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن عن تسارع انهيار القطاع الصحي بسبب الإهمال والفساد، ما يؤثر على صحة وسلامة وحياة اليمنيين بشكل كبير. فبعد إعلان إحصائية عن وفاة 80 طفلاً حديث الولادة يومياً في تلك المناطق، أعلنت إحصائية أخرى وفاة 33 شخصاً بداء الكلب، وإصابة أكثر من 4 آلاف خلال العام الماضي. ووفقاً لتقرير صادر، الأحد، عن مركز الترصد الوبائي التابع لقطاع الصحة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية؛ فإن حالات الوفاة الـ33 بداء الكلب في صنعاء، كانت من بين 4074 حالة إصابة تم الإبلاغ عنها، منها 2112 حالة من داخل العاصمة، و1935 من خارج مدينة صنعاء.
ويبين التقرير أن 40 في المائة من حالات الوفيات من الأطفال ما بين 5 سنوات و14 عاماً، وأن عدد الذكور المصابين بلغ 3004 من إجمالي الحالات المبلغ عنها، و1043 حالة من الإناث. وتأتي هذه الأرقام في ظل إهمال واضح لخطورة هذا الداء، وقصور تام في التعامل مع عشرات الآلاف من الكلاب الضالة في المدن والأرياف.
وقدرت بعض التقارير منتصف العام الماضي متوسط الإصابة بداء الكلب في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، والمناطق المتأثرة بالحرب التي شنتها منذ الانقلاب قبل 8 سنوات، بـ11 ألف إصابة سنوياً، إلا أن العام قبل الماضي شهد 15 ألف إصابة، منها 46 حالة وفاة. وذكرت التقارير أن مركز مكافحة داء الكلب في المستشفى الجمهوري في صنعاء، يستقبل ما بين 50 و70 حالة يومياً من مختلف المناطق.
ودعت أوساط طبية في العاصمة صنعاء إلى توفير 50 ألف جرعة لقاح، و15 ألف مصل، و15 ألف حقنة، و30 ألف كيس صبغة لفحص رؤوس الكلاب، كل عام، وذلك لمواجهة الإصابات بالداء، منوهة إلى أن منظمة الصحة العالمية تكفلت بتوفير 15 في المائة فقط من تلك المتطلبات. واتهم مصدر طبي في العاصمة صنعاء الميليشيات الحوثية بالمتاجرة بمصل مكافحة داء الكلب، وبيعه للشركات التجارية والصيدليات. وحسب المصدر فإن المصاب بعضة كلب أو أي حيوان آخر؛ يضطر إلى البحث عن المصل لدى الصيدليات، وإن غالبية مراكز مكافحة الداء لا تقدم أي خدمة سوى معاينة الجروح الناجمة عن العضات.
ويعدّ مصل داء الكلب أحد أهم الأمصال التي تتوفر في المستشفيات والمراكز الصحية العمومية في معظم دول العالم؛ خصوصاً تلك التي تنتشر فيها الكلاب الضالة، وتوفرها غالبية الحكومات مجاناً لمواطنيها.
المصدر الذي طلب التحفظ على بياناته؛ نبه إلى عدم وجود توعية كافية بمخاطر هذا الداء، أو بكيفية التعامل مع الإصابات بعضات الحيوانات. ففي حين لا يدرك غالبية المواطنين أهمية وضرورة إسعاف المصاب بالعضات خلال أقل من 24 ساعة؛ فإن الغالبية الأكبر لا يعلمون أن الداء يمكن أن ينتقل من عضة أي حيوان، وليس الكلب فقط. وأضاف المصدر أن كثيراً من الحالات يتم إسعافها والإبلاغ عنها بعد مرور عدة أيام، أو عند ظهور أعراض المرض، حين يكون الفيروس قد تمكن من الجهاز العصبي للمصاب، وهي مرحلة يكون فيها المصاب في طريق اللاعودة من الداء، كما يقول المصدر.
وأكد مصدر آخر أن أطباء وعاملين في القطاع الصحي في مناطق سيطرة الميليشيات، قدموا مقترحات خلال أغسطس (آب) الماضي، بتنظيم فعاليات وحملات للتوعية بمخاطر داء الكلب، وأن المقترح جرى رفعه إلى القيادي الحوثي طه المتوكل، المنتحل صفة وزير الصحة اليمنية، تزامناً مع اليوم العالمي لمكافحة الداء، الموافق 28 من سبتمبر (أيلول).
وقال المصدر إن قادة الميليشيات رفضوا هذه المقترحات، وسخروا منها، واتهموا مقدميها بمحاولة إلهاء المؤسسات العامة عن تنظيم الاحتفالات بذكرى المولد النبوي، والذكرى الثامنة للانقلاب، اللتين تزامنتا العام الماضي مع اليوم العالمي لمكافحة الداء.
وكان طفل قد توفي أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي في مديرية العدين التابعة لمحافظة إب، جنوب العاصمة صنعاء، بعد أن نقل العدوى إلى 8 من أقاربه، جراء عضه لهم، واضطر أقاربه إلى الانتقال إلى مركز المحافظة للحصول على المصل.
ولا يتوفر مصل داء الكلب إلا في الصيدليات الكبرى وفي مراكز المحافظات فقط، ويتفاوت سعره من صيدلية إلى أخرى، كما يزيد في المحافظات النائية، إلا أن الصيدليات لا توفره بأقل من 40 ألف ريال غالباً (الدولار يساوي 560 ريالاً في مناطق سيطرة الميليشيات).
ويعدّ مركز مكافحة داء الكلب في المستشفى الجمهوري بصنعاء الجهة العمومية الوحيدة التي تقدم المصل للمصابين، إلا أن سعر المصل فيه يصل إلى 20 ألف ريال، على الرغم من أن الرسوم الرسمية المقررة مقابل المعاينة وإعطاء الجرعة الواحدة لا تزيد على 500 ريال، إلا أن المصاب يتعرض للمساومة والابتزاز من الميليشيات المسيطرة على المستشفى والمركز.
وطبقاً لإحصائيات متفرقة؛ فإن أعداد الكلاب الضالة والشاردة في العاصمة صنعاء ومحيطها السكني تزيد على 70 ألف كلب، مع غياب شبه تام لمكافحة انتشارها، ومواجهة ازديادها وخطرها على السكان.
وفي حين يعزو السكان زيادة أعداد الكلاب إلى غياب الجهات المسؤولة عن مكافحة تكاثرها؛ زعم القياديون الحوثيون الذين يديرون صندوق النظافة والتحسين، منتصف العام الماضي، إبادة 7 آلاف و218 من الكلاب الضالة والمسعورة في العاصمة صنعاء ومديريات سنحان وهمدان وبني حشيش والحيمة الخارجية وجحانة.
ومع ذلك، يشكو سكان هذه المناطق باستمرار من ازدياد أعداد الكلاب وانتشارها في الطرقات العامة، على الرغم من أنها تهاجر باستمرار في اتجاه العاصمة صنعاء؛ حيث تعيش على بقايا الطعام في مقالب القمامة وأمام المطاعم؛ إلا أن استمرار التزاوج والإنجاب يجعل أعدادها في ازدياد مستمر.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».