ناحية كبيسة في الأنبار تنتفض ضد «داعش».. وإنزال جوي لاستعادة ناظم الورار

القوات المشتركة تدمر مقر قيادة عمليات التنظيم المتطرف وسط الرمادي

رئيس الوزراء العراقي يجلس في قمرة إحدى 4 مقاتلات «إف 16» تسلمها العراق من الولايات المتحدة خلال احتفال رسمي بتسليمها في قاعدة بلد إلى الشمال من بغداد أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي يجلس في قمرة إحدى 4 مقاتلات «إف 16» تسلمها العراق من الولايات المتحدة خلال احتفال رسمي بتسليمها في قاعدة بلد إلى الشمال من بغداد أمس (أ.ب)
TT

ناحية كبيسة في الأنبار تنتفض ضد «داعش».. وإنزال جوي لاستعادة ناظم الورار

رئيس الوزراء العراقي يجلس في قمرة إحدى 4 مقاتلات «إف 16» تسلمها العراق من الولايات المتحدة خلال احتفال رسمي بتسليمها في قاعدة بلد إلى الشمال من بغداد أمس (أ.ب)
رئيس الوزراء العراقي يجلس في قمرة إحدى 4 مقاتلات «إف 16» تسلمها العراق من الولايات المتحدة خلال احتفال رسمي بتسليمها في قاعدة بلد إلى الشمال من بغداد أمس (أ.ب)

تشهد ناحية كبيسة، 70 كلم غرب الرمادي، انتفاضة شعبية ضد مسلحي تنظيم داعش الذين يسيطرون عليها منذ أكثر من عشرة أشهر.
ودعا عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية محمد الكربولي، الحكومة إلى إسناد عشائر كبيسة. وقال الكربولي لـ«الشرق الأوسط»: «أخبار انتفاضة أبناء كبيسة ضد مجرمي (داعش) أثلجت صدورنا وقوت عزيمتنا وزفت بشائر تحرير مدن الأنبار في القريب العاجل، وهو دليل على أن أهل الأنبار مصممون على استئصال سرطان التنظيم الإرهابي من جسد المحافظة». وأضاف الكربولي أن «على الحكومة وقيادتي العمليات المشتركة والجزيرة والبادية تعزيز جسور الثقة ودعم وإسناد مقاتلي العشائر الأنبارية في كبيسة وباقي مدن الأنبار التواقة إلى التحرر من عصابات (داعش) الإجرامية».
وكانت مصادر أمنية وعشائرية تحدثت أمس عن مقتل ما يسمى «والي ناحية كبيسة» في تنظيم داعش وثلاثة من مساعديه باشتباكات مسلحة مع عشائر الناحية، بينما أشارت المصادر إلى أن تلك العشائر دعت عبر المساجد إلى الثورة ضد التنظيم الإجرامي.
في غضون ذلك، استعدت القوات الأمنية العراقية لاقتحام منطقة في الطرف الغربي لمدينة الرمادي تمهيدا لاقتحام المدينة وتحريرها من قبضة تنظيم داعش، ودعت الأهالي إلى الخروج من المنطقة.
وقال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية المشتركة تمكنت أمس من الوصول إلى مستودع النفط قرب منطقة الخمسة كيلو». وأضاف أن «تلك القوات وجهت نداءاته للأهالي المحاصرين عبر مكبرات الصوت بالخروج من المنطقة استعدادًا لاقتحامها من قبل قواتنا الأمنية المشتركة». وأشار العيساوي إلى أن معارك تحرير مدينة الرمادي مستمرة ولن تتوقف وأن هناك قوة مشتركة من قوات الجيش وأبناء العشائر تمكنت من اقتحام منطقة البوعيثة شمالي مدينة الرمادي بعد معارك عنيفة مع مسلحي تنظيم داعش إلا أن وجود العبوات الناسفة والطرق المفخخة يبطئ من تقدم القوات الأمنية إلى داخل المدينة انطلاقًا من الخط الدولي السريع وباتجاه الساحات التي كانت تقام فيها الاعتصامات عند حدود المدينة.
من جهته، أعلن نائب قائد الفرقة الذهبية بمحافظة الأنبار، العميد عبد الأمير الخزرجي، عن سيطرة قواته على مناطق جنوب غربي مدينة الرمادي والاستعداد للدخول إلى وسط المدينة. وقال الخزرجي لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الفرقة الذهبية تسيطر بالكامل على منطقتي الطاش الأول والطاش الثانية جنوب غربي مدينة الرمادي»، وأوضح أن «معنويات المقاتلين عالية جدا وهم الآن قريبون من حي التأميم داخل المدينة». وأضاف الخزرجي: أن «الفرقة الذهبية كبدت تنظيم داعش خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات، وأن التنظيم ترك خلفه جثث قتلاه ومعداته مرمية بالشوارع، وأن الفرقة الذهبية تمكنت من تحرير منطقة الطاش جنوب مدينة الرمادي، وقتلت 27 عنصرا من عناصر تنظيم داعش.
من جانب آخر دمرت القوات العراقية المشتركة مقر قيادة عمليات تنظيم داعش وسط مدينة الرمادي، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من مسلحي التنظيم. وقال قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط» إن «خلية استخبارات الشرطة الاتحادية وبالتنسيق مع مدفعية الميدان وطيران الجيش دمرت مقر قيادة العمليات التابع لتنظيم داعش في مدينة الرمادي، وإن الهجوم أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من القياديين وعناصر التنظيم وحرق وتدمير 7 عجلات».
في السياق ذاته، كشف مصدر في قيادة عمليات الأنبار عن انطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق لتطهير مناطق وقرى واقعة عند المحور الشمالي الشرقي لمدينة الرمادي من «داعش» وعزل هذه المناطق عن مدينة الفلوجة ثاني أكبر مدن الأنبار. وقال المصدر إن «القوات الأمنية من الجيش والشرطة والقوات المساندة لها نفذت ظهر أمس عملية عسكرية واسعة النطاق لتطهير منطقة الحامضية والمناطق التي تقع خلف الجسر الياباني في ناحية الصقلاوية والطريق الدولي في المحور الشمالي الشرقي للرمادي وعزل هذه المناطق عن مدينة الفلوجة وقطع خطوط تموين تنظيم داعش بشكل كامل».
وفي تطور أمني لاحق أمس، قال الملازم في مكافحة إجرام الأنبار عبد الله خضير زبار العلواني لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات المشتركة باتت على مشارف مقر اللواء الثامن وجسر ناظم الورار غرب الرمادي».
وأضاف العلواني إن «القوات العراقية المشتركة نفذت إنزالا جويًا في عملية تهدف إلى استعادة السيطرة على ناظم الورار وسد الرمادي وتواصل القوات تقدمها نحو مدينة الرمادي وباتت على مشارف مقر اللواء الثامن وجسر الورار».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم