الإعلام العربي... توصيات بـ«الجملة» لمواجهة «الهيمنة الرقمية»

خلال مؤتمره الثاني في تونس

رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية محمد بن فهد الحارثي
رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية محمد بن فهد الحارثي
TT

الإعلام العربي... توصيات بـ«الجملة» لمواجهة «الهيمنة الرقمية»

رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية محمد بن فهد الحارثي
رئيس اتحاد إذاعات الدول العربية محمد بن فهد الحارثي

أسفر المؤتمر الثاني للإعلام العربي عن توصيات بالجملة لمحاولة الرد على تحدي «الهيمنة الرقمية العالمية» للإعلام التقليدي، وأيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي وشركات إنتاج الفيديو وتوزيعها في الدول العربية وأغلب الدول النامية.
المؤتمر، الذي استضافته العاصمة التونسية، تونس، خلال يناير (كانون الثاني) الحالي، نظمه اتحاد إذاعات الدول العربية، وشاركت فيه نخبة من الخبراء والإعلاميين والوزراء ومسؤولي قطاعات الثقافة والإعلام وتكنولوجيا الاتصالات في العالم والمنطقة. وكان لـ«الشرق الأوسط» لقاءات على هامش المؤتمر مع محمد بن فهد الحارثي، رئيس المؤتمر ورئيس اتحاد الإذاعات العربية، والدكتورة حياة قطاط القرمازي وزيرة الثقافة التونسية، ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام بمصر الوزير حسين زين، جرى خلالها التطرق لانشغالهم، والمؤسسات المشرفة على قطاعات الثقافة والإعلام وتكنولوجيا الاتصالات في بلدانهم، بظواهر خطيرة عديدة تسببت فيها «الهيمنة الرقمية العالمية». وأبرز هذه الظواهر «مظاهر الخلل» في شخصيات جيل من الطلاب والأطفال والشباب وجمهور مستهلكي المنتوجات في الدول الصناعية الأكثر تقدماً.

حسين زين

صيحات فزع
تلتقي هذه التحذيرات مع «صيحات فزع» مماثلة كانت قد صدرت عن خبراء من مؤسسات إعلامية آسيوية وأفريقية وإسلامية وأوروبية خلال يومين من الجلسات العلمية والورشات المفتوحة. وغدا التحدي الكبير في عالم الاتصال والإعلام الرقمي «ثقافياً مجتمعياً» و«أخلاقياً معرفياً»، مثلما ورد في مداخلات مندوبي منظمتي «اليونيسكو» و«الألكسو» وهيئات حماية المعطيات الشخصية، وسامي الهيشري ممثل الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب.
وإذ حذرت محاضرات الأكاديميين والإعلاميين العرب وممثلي شركات التكنولوجيا الرقمية العالمية، في المناسبة، من تراجع تأثير «وسائل الإعلام التقليدية» لصالح «شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام الجديد والفيديوهات غير المراقبة التي تصل يومياً إلى مليارات من الأطفال والشباب والكهول من الجنسين بلا رقي»، تقرر عرض توصيات هذا المؤتمر الإعلامي العربي الدولي الكبير على المؤتمر المقبل للقمة العربية المقرّر تنظيمها بعد سنة في العاصمة السعودية الرياض، كما أبلغ عبد الرحيم سليمان، المدير العام لاتحاد إذاعات الدول العربية، «الشرق الأوسط».
وفي السياق ذاته، دعت وزيرة الثقافة التونسية حياة قطاط القرمازي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى تحرك عربي ودولي لوضع «سياسات واستراتيجيات مشتركة» في مواجهة التحديات الكبرى للعالم الرقمي ومواجهة جماعية لمعضلات «تنميط سلوك الأفراد» واستخدام المنصات الرقمية «وسيلة للهيمنة الثقافية» على الأفراد والمجتمعات، بحكم التداخل بين الإعلامي والثقافي في توجيه الرأي العام، مع فرضية تكريس «القطيعة مع الهوية الثقافية الوطنية».

حياة قطاط القرمازي

ارتفاع مداخيل شركات الإنترنت
من جانبه، أقرّ محمد بن فهد الحارثي، الرئيس التنفيذي للتلفزيون السعودي ورئيس اتحاد إذاعات الدول العربية، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، بكون كل من «الرقمنة والتحول الرقمي (سلاحاً ذا حدين). فهما من جهة، دعما جهود التقدم التكنولوجي والاقتصادي والعلمي... لكنهما في الوقت نفسه خلّفا تأثيرات جانبية عميقة سلبية. وبناءً عليه، لا بد من اعتماد استراتيجية حوكمة أسوة بما أقره الاتحاد الأوروبي من حوكمة لنموذج أمن البيانات واستخدام الذكاء الصناعي واستخدام سحابات البيانات، بالإضافة إلى أمن الشبكات والخطاب الاجتماعي وتكيّف وسائل الإعلام التقليدية».
وبالفعل، سجلت الورقة التي قدمها الحارثي بصفته رئيس المؤتمر، ووردت في عدد من مداخلات الخبراء العرب والآسيويين والأوروبيين، دراسات مقارنة مدعومة بالإحصائيات والجداول تكشف الارتفاع السريع في مداخيل شركات التكنولوجيا الرقمية العالمية، وتضخّم عدد المنخرطين بمقابل في خدماتها «الإعلامية» و«التثقيفية» و«الترفيهية»، وهو ما ساعدها كذلك في رفع مداخيلها من الإعلانات وتنويع مواردها المالية.

تعويضات مالية من المنصات العالمية
وحقاً، كانت حصيلة المؤتمر جملة من التوصيات العملية؛ بينها اعتماد استراتيجية وخطة عمل فورية لمعالجة الأبعاد الأمنية والسيبرانية والثقافية والأخلاقية والمالية لظاهرة الهيمنة الرقمية العالمية.
إذ أوصى المؤتمرون بإعداد دراسة فنية لجمع البيانات المطلوبة عن أنشطة الاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية، وبناء قواعد بيانات إلكترونية متكاملة تحتوي على المعلومات والبيانات المتعلقة بالأنشطة في مجال الاقتصاد الرقمي لتحديد القيمة الفعلية للأنشطة الإعلاميّة للمنصات الرقمية العالمية في المنطقة العربية كلها، وعلى صعيد كل دولة عربية للوصول إلى النتائج الاقتصادية المرجوة. كذلك بين التوصيات «البراغماتية» تلك التي لديها صبغة مالية مثل مطالبة وزراء الإعلام والاتصال العرب والقمة العربية المقبلة بإقرار خطة تضمن إحداث «آلية لتعويض وسائل الإعلام العربية المنتجة للمحتوى بكل أنواعه عن الربح المالي الذي يذهب للمنصات الرقمية العالمية من خلال منصاتها وتطبيقاتها، بما يؤثر سلباً على الاستدامة المالية لوسائل الإعلام الإخبارية العربية».
وأوصى المؤتمر أيضاً بإيجاد آلية لتعويض الحكومات عن العوائد الضريبية الفائتة عما تجنيه المنصات الرقمية من أرباح من خلال نشاطاتها الإعلانية، وكان أيضاً بين التوصيات العملية «تسليع وبيع بيانات مستخدميها في المنطقة العربية للمعلنين كخطوة أولى في هذا الاتجاه».

الكشف عن المبالغ المستخلصة
وبالتوازي، أعلن المؤتمر أن بين الأمور التي ستحال إلى مؤتمر وزراء الإعلام العرب، ثم على قمة الرياض العام المقبل، «إلزام شركات التواصل الاجتماعي بوضع آلية شفافة وواضحة للكشف عن المبالغ المستخلصة من المستخدمين في كل دولة، أسوة بعملية التحاسب الضريبي للشركات الخاصة غير الرقمية».
وكشف رئيس هيئة المعطيات الشخصية الحكومية في تونس الوزير شوق قداش، أن من بين التوصيات المتفق عليها «إلزام شركات التواصل الاجتماعي باعتماد آلية الحفاظ على أمن وسرية بيانات المستخدمين في أيّ دولة وإثبات عدم استخدامها بطريقة غير شرعية وقانونية».
وتقررت أيضاً دعوة القمة العربية المقبلة إلى حث الدول العربية على «تفعيل قوانين محلية ملزمة تضمن سرعة استجابة شركات وسائل التواصل الاجتماعي في حذف المحتوى المخالف للقوانين الوطنية، مثل التحريض على العنف والكراهية، ونشر الأخبار المغلوطة والمضللة أو المحتوى المنافي للأخلاق والآداب الذي يؤثر سلباً على المجتمعات العربية، خصوصاً الأطفال والشباب، ويسهم في نشر ظواهر الإرهاب والتطرف الديني والعقائدي والجرائم الإلكترونية، مثل سرقة البيانات والابتزاز والتحرش الجنسي».

منصة لـ450 مليون عربي
واستكمالاً للتوصيات الخاصة بالإجراءات الوقائية ثقافياً وأخلاقياً ومالياً وأمنياً، أصدر المؤتمر توصيات عديدة لإحداث منصة أو منصات رقمية تدعم قدرات مؤسسات الإعلام العربي على الابتكار والتأثير إيجاباً بتكنولوجيا العصر ووسائل الإعلام الحديثة جداً في نحو 450 مليون مواطن عربي تجمعهم اللغة والمرجعيات الثقافية نفسها.
واعتبرت مداخلات قدمها خبراء من آسيا ومن منظمات أممية مثل «اليونيسكو» أن من بين نقاط القوة بالنسبة للمنصة - أو المنصات - الرقمية في المنطقة العربية أن جمهورها كبير يناهز 450 مليون مواطن يتكلمون لغة واحدة، بخلاف مناطق أخرى مثل الاتحاد الأوروبي الذي تستخدم دوله 24 لغة.
لكن من بين الخطوات التمهيدية المطلوبة في هذا السياق حسب المؤتمِرين، «تنظيم دور الجامعات العربية ومؤسّسات البحث العربي للإسهام في تطوير خوارزميات خاصة تتعلق بالأمن السيبراني وإيجاد منصة بحثية عربية لتشبيك الباحثين المهنيين بأمن المعلومات».
وفي هذا الإطار، أوصى ممثلو الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب وخبراء الأمن السيبراني في وزارات تكنولوجيا الاتصالات والمؤسسات الأمنية العربية بأن تقترن جهود «ردم الهوة الرقمية بين دول الشمال والجنوب باستراتيجيات أمنية واضحة، وبمخططات دقيقة لتحقيق الاستقلالية التكنولوجية والإعلامية الإقليمية، على غرار ما تقوم به بعض الدول والأقاليم في مجال الملاحة باستغلال الأقمار الصناعية مثلاً».



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.