مصر تتسلم الدفعة الأولى من مقاتلات «الرافال» الفرنسية

تحلق في سماء الإسماعيلية مع احتفالات «السويس».. والجيش يؤمن المدينة من الخميس المقبل

سفير مصر لدى فرنسا إيهاب بدوي يلقي خطابا وإلى يساره رئيس شركة «داسو» إريك ترابير خلال حفل تسليم طائرات «الرافال» أمس (أ.ف.ب)
سفير مصر لدى فرنسا إيهاب بدوي يلقي خطابا وإلى يساره رئيس شركة «داسو» إريك ترابير خلال حفل تسليم طائرات «الرافال» أمس (أ.ف.ب)
TT

مصر تتسلم الدفعة الأولى من مقاتلات «الرافال» الفرنسية

سفير مصر لدى فرنسا إيهاب بدوي يلقي خطابا وإلى يساره رئيس شركة «داسو» إريك ترابير خلال حفل تسليم طائرات «الرافال» أمس (أ.ف.ب)
سفير مصر لدى فرنسا إيهاب بدوي يلقي خطابا وإلى يساره رئيس شركة «داسو» إريك ترابير خلال حفل تسليم طائرات «الرافال» أمس (أ.ف.ب)

تسلمت مصر أمس أول ثلاث طائرات مقاتلة من طراز «رافال» من فرنسا، في إطار اتفاقية التعاون العسكري المبرمة بين البلدين. وتشارك الطائرات الثلاث في تأمين حفل افتتاح قناة السويس الجديدة المقرر إقامته في أغسطس (آب) المقبل. ويأتي ذلك في وقت قال فيه مسؤول أمني إن الجيش سيتسلم تأمين مدينة الإسماعيلية، حيث يقام الاحتفال، بدءا من يوم الخميس المقبل.
وتتسارع خطى السلطات المصرية لإتمام الاستعدادات النهائية لحفل افتتاح القناة التي تأمل أن تحفز الاقتصاد الذي يعاني من أزمات تفاقمت حدتها في أعقاب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وسلمت طائرات «رافال» الثلاث، التي تعد أفضل إنتاج مجموعة «داسو» للصناعات الجوية، إلى المسؤولين المصريين في حفل أقيم في قاعدة إيستر الجوية جنوب فرنسا، بحضور السفير المصري إيهاب بدوي. ووقعت مصر في فبراير (شباط) الماضي اتفاقية للتعاون العسكري مع فرنسا، تقوم بموجبها باريس بتوريد 24 طائرة مقاتلة من طراز «رافال» وفرقاطة من طراز «فريم» وصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى من طراز «إم بي دي إيه»، في صفقة قيمتها 5.2 مليار يورو.
وقال مسؤول عسكري مصري أمس إن هذه الطائرات ستشارك في تأمين احتفالات افتتاح قناة السويس الجديدة المقرر إقامته في 6 أغسطس المقبل، مشيرا إلى أن طيارين مصريين تدربوا خلال الشهرين الماضيين على الطائرات الجديدة.
وتسلمت مصر الطائرات الثلاث في حفل حضره السفير المصري في باريس إيهاب بدوي، ورئيس مجلس إدارة شركة «داسو» للطيران والرئيس التنفيذي إريك ترابير. وقال بيان للشركة المنتجة إن الطيارين المصريين تدربوا على يد سلاح الجو الفرنسي في قاعدة «إيستر» الجوية جنوب فرنسا.
وأكدت القوات المسلحة المصرية، في بيان رسمي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، تسلمها أول 3 مقاتلات من طراز «رافال» الفرنسية، مشيرة إلى أنه خلال زيارة رسمية لفرنسا مطلع الشهر الحالي تسلم الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، الفرقاطة «فريم»، ورفع العلم المصري عليها، لتدخل الخدمة بالقوات البحرية المصرية تحت اسم «تحيا مصر».
وأشارت مصادر مصرية وفرنسية إلى أن المقاتلات الثلاث كانت قد أنتجت للعمل لصالح القوات الجوية الفرنسية، لكن نظرا لرغبة مصر في سرعة تسلم الدفعة الأولى قبل افتتاح قناة السويس الجديدة قامت باريس بإجراء التعديلات المطلوبة لتناسب الطائرات الثلاث العقد المصري، وقامت بتسليمها إلى القاهرة.
جدير بالذكر أن تلك الصفقة تتيح للقوات البحرية والقوات الجوية المصرية تحقيق خطوة نوعية في زيادة قدرتها على القيام بمهامها، في دعم جهود الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط. وبحسب الاتفاق المبرم بين مصر وفرنسا من المقرر أن تتسلم القاهرة ثلاث طائرات سنويا في أعوام 2015 و2016 و2017، على أن تتسلم الطائرات المتبقية بحلول صيف 2019.
وقال ترابير، خلال الحفل، إن العقد يشكل علامة فارقة في التعاون بين مجموعة «داسو» الفرنسية ومصر منذ أكثر من 40 عاما، مضيفا أن مصر هي العميل الأول للطائرة «رافال»، كما كان الحال بالنسبة للطائرة «ميراج 2000».
وحول أهمية الصفقة بالنسبة للجيش المصري، كشفت تصريحات لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، قبيل توجهه إلى القاهرة لإبرام الصفقة في فبراير الماضي، عن أن طائرات «الرافال» ستساعد مصر على «تأمين قناة السويس، ومكافحة الإرهاب في سيناء، والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي»، موضحا أن «الرئيس السيسي لديه ضرورة استراتيجية لتأمين قناة السويس التي يمر عبرها جزء كبير من التجارة العالمية»، وهذا هو السبب الأول للحاجة الملحة لأن تكون لدى مصر وسائل حماية بحرية وجوية للاضطلاع بهذا الدور. وهو ما دلل عليه إنهاء الصفقة في زمن قياسي في تاريخ الصفقات العسكرية الدولية بلغ خمسة أشهر فقط، بحسب المصادر الفرنسية والمصرية.
وكان الإعلام الفرنسي قد أشار خلال مراحل التفاوض إلى أن السيسي شدد في اتصالاته مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند على أن «الحدود المصرية المتوترة من جهة ليبيا والوضع في سيناء خطيران جدا خصوصا في ليبيا، وأنه أصبح لا بد من إتمام الصفقة لمنع تقدم (داعش) باتجاه مصر».
ويأتي التوجه نحو الصفقة الفرنسية بدوره في إطار تنويع مصادر السلاح المصري، الذي اعتمده السيسي منذ توليه الرئاسة، حيث توجه إلى أسواق باريس وموسكو وبكين، وبخاصة مع توتر العلاقات مع الولايات المتحدة عقب ثورة 30 يونيو (حزيران) عام 2013، مما أدى إلى تأخر تسليم مقاتلات «إف 16»، ومروحيات «أباتشي» للقاهرة؛ رغم ما تعانيه مصر من ويلات الحرب على الإرهاب. وتسلمت مصر بالفعل، في يونيو الماضي، فرقاطة من نوع «فريم» متعددة الاستخدامات من فرنسا، لتكون ضمن القطع البحرية المشاركة في افتتاح قناة السويس الجديدة أيضا.
وتشهد شبه جزيرة سيناء على الضفة الشرقية للقناة تصاعدا في وتيرة العمليات الإرهابية في المنطقة المتاخمة للحدود مع غزة منذ عامين، وسط مخاوف من محاولات المتشددين تنفيذ عمليات للتأثير على حفل افتتاح القناة.
وبدأ الجيش قبل أحد عشر شهرا العمل في حفر القناة الجديدة التي ستمر بمحاذاة القناة الأصلية التي تعد مصدرا حيويا للعملة الصعبة في البلاد. وتبلغ تكلفة القناة الجديدة ثمانية مليارات دولار؛ وهي جزء من مشروع بمليارات الدولارات يهدف إلى تعزيز التجارة في أسرع ممر ملاحي للشحن بين أوروبا وآسيا.
وقال الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، الشهر الماضي، إن مشروعي القناة الجديدة والمنطقة الصناعية سيساعدان مصر على ضخ 100 مليار دولار سنويا في اقتصاد البلاد.
وفي غضون ذلك، قال مصدر أمني إن الجيش سيتسلم محافظة الإسماعيلية يوم 23 يوليو (تموز) الحالي لتأمين حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، مشيرا إلى أن الجهات المعنية وضعت خطة لتأمين الحدث العالمي شملت نشر الأكمنة، وتعزيز الخدمات خاصة في أماكن مرور الوفود المشاركة.
وتتواصل الاستعدادات على ضفة القناة للانتهاء من إنشاء المنصات الرئيسية لكبار الضيوف من رؤساء وملوك وزعماء العالم، وتبدأ احتفالية القناة الجديدة باستقلال الرئيس عبد الفتاح السيسي يخت المحروسة من منطقة طوسون، مرورا بجميع المنصات وتقديم التحية للشعب وضيوفه، وصولا إلى المنصة الرئيسية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم