لماذا فقدت أغلبية الكوريين الجنوبيين الثقة في «المظلة النووية» الأميركية؟

جندي أميركي بجانب منصة إطلاق صواريخ (أرشيفية - رويترز)
جندي أميركي بجانب منصة إطلاق صواريخ (أرشيفية - رويترز)
TT

لماذا فقدت أغلبية الكوريين الجنوبيين الثقة في «المظلة النووية» الأميركية؟

جندي أميركي بجانب منصة إطلاق صواريخ (أرشيفية - رويترز)
جندي أميركي بجانب منصة إطلاق صواريخ (أرشيفية - رويترز)

قبل عشر سنوات، كانت الدعوة إلى امتلاك كوريا الجنوبية أسلحة نووية فكرة هامشية لم تحظَ بمناقشة جادة بين مواطنيها وخبرائها.
إلا أن هذا الأمر يبدو أنه تغير اليوم، حيث تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن غالبية الكوريين الجنوبيين يؤيدون امتلاك بلادهم برنامج أسلحة نووية خاصاً بها، وفقاً لما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية.
ويتعلق الأمر بشعور الكوريين الجنوبيين المزداد بالحاجة إلى حماية أنفسهم من جار شمالي عدواني تعهد زعيمه كيم جونغ أون بـ«زيادة هائلة» في ترسانته النووية.

وكانت الحجة المضادة، التي منعت سيول منذ فترة طويلة، من امتلاك أسلحة نووية، تكمن في العواقب المحتملة، حيث إن تطوير الأسلحة النووية لن يؤثر بالسلب فقط على علاقة البلاد بالولايات المتحدة، بل من المحتمل أن يؤدي إلى فرض عقوبات قد تخنق وصول سيول إلى الطاقة النووية.

فما سبب تغير موقف الكوريين الجنوبيين بشأن هذه القضية؟
يرى كثير من مواطني كوريا الجنوبية أن واشنطن لن تخاطر بنفسها في حالة نشوب حرب نووية، وستنتابها المخاوف بشأن احتمالية توجيه كوريا الشمالية ضربة نووية انتقامية لأراضيها.
في الوقت الحالي، تخضع كوريا الجنوبية لاستراتيجية الردع الموسعة لواشنطن، التي تشمل «المظلة النووية»، مما يعني أن الولايات المتحدة ملزمة بمساعدتها في حالة وقوع هجوم.
لكن الشكل المحدد الذي قد تتخذه «المساعدة» ليس واضحاً تماماً، الأمر الذي يثير قلق المواطنين بشكل كبير.
ويقول تشيونغ سيونغ تشانغ، الخبير في شؤون كوريا الشمالية بمعهد سيجونغ: «إذا كانت كوريا الجنوبية تمتلك أسلحة نووية، فيمكننا الرد بأنفسنا على هجوم كوريا الشمالية، ولن نحتاج لتدخل الولايات المتحدة».
بالإضافة إلى ذلك، هناك أسباب أخرى تجعل الكوريين الجنوبيين يشككون أيضاً في نية الولايات المتحدة لمساعدتهم. من ضمن هذه الأسباب موقف الرئيس السابق دونالد ترمب بشأن هذا الأمر، حيث إنه لم يُخفِ رغبته في سحب 28 ألف جندي أميركي من كوريا الجنوبية، وتساءل عن سبب اضطرار الولايات المتحدة إلى حماية البلاد، مشيراً إلى النفقات التي ينطوي عليها الأمر.
ونظراً لإعلان ترمب عن ترشحه لانتخابات عام 2024، فهذه قضية لا تزال تثير مخاوف الكوريين الجنوبيين.

وقال أنكيت باندا من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: «ببساطة لا يُنظر إلى الولايات المتحدة على أنها مصدر ثقة كما كانت من قبل. حتى لو قدمت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن كل إشارات الطمأنينة لكوريا الجنوبية... سيتعين على صانعي السياسة أن يضعوا في أذهانهم إمكانية انتخاب إدارة أخرى يكون لها نهج مختلف مع كوريا الجنوبية».
إلا أن البعض يقول إن فقدان الثقة لا يتعلق بإدارة ترمب أو الإدارات الشبيهة بها، بل يمتد أيضاً لإدارة بايدن.
ومؤخراً، طرح الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك - يول فكرة إعادة نشر الأسلحة النووية التكتيكية الأميركية في شبه الجزيرة أو امتلاك كوريا الجنوبية «قدراتها النووية الخاصة»، إذا اشتد التهديد الكوري الشمالي. إلا أن رفض واشنطن لكلتا الفكرتين كان واضحاً.

وقال يول أيضاً إن «المظلّة النووية» الأميركية، «وردعها الموسّع»، لم تعد تكفي لطمأنة الكوريين الجنوبيين، مشيراً إلى أن سيول وواشنطن تناقشان إجراء تدريبات نووية مشتركة. ولكن، حين سُئل الرئيس جو بايدن في اليوم نفسه عما إذا كانت هذه المناقشات جارية بالفعل، أجاب ببساطة: «لا».
ومن جهته، علق المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية الجنرال بات رايدر على تصريحات يول، بقوله إن الولايات المتحدة ملتزمة باستراتيجية الردع الموسعة، وإنه «حتى الآن، أثبتت الاستراتيجية نجاحها وعملت بشكل جيد للغاية».
وتحدث يول عن هذه الضمانات، بقوله في مقابلة مع صحيفة «تشوسون إلبو» الكورية الجنوبية: «من الصعب إقناع شعبنا بذلك»، إلا أنه تراجع عن تصريحاته لاحقاً في مقابلة أخرى، مع صحيفة «وول ستريت جورنال»، على هامش منتدى دافوس الذي عقد قبل أيام، قائلاً: «أنا واثق تماماً في الردع الأميركي الموسع».

هل يوجد حل وسط؟
في يوم الخميس الماضي، اقترح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، وهو مركز أبحاث أميركي، ما قد يبدو حلاً وسطاً؛ وهو إنشاء «إطار عمل للتخطيط النووي المشترك»، الذي يمكن أن «يساعد في تطوير روابط ثقة أقوى بين الحلفاء في الظروف الحالية».
وقال المركز إن هذا الإطار يمكن أن يكون «مشابهاً لمجموعة التخطيط التابعة لحلف شمال الأطلسي لاستخدام الأسلحة النووية، مع إجراء التخطيط بشكل ثنائي وثلاثي (مع اليابان) على أن تبقى السيطرة في أيدي الولايات المتحدة».
لكن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أوضح أنه لا يدعم «نشر الأسلحة النووية التكتيكية الأميركية في شبه الجزيرة أو التغاضي عن شراء كوريا الجنوبية لأسلحتها النووية».
ويرى خبراء آخرون أيضاً، مثل البروفسور جيفري لويس، الخبير في مجال «عدم الانتشار النووي» بمعهد ميدلبري بكاليفورنيا، التخطيط المشترك والتدريبات، أنهما «خيارات أكثر واقعية من امتلاك الأسلحة النووية أو المشاركة النووية».
لكن بالنسبة للبعض في حزب يول المحافظ، فهذا الأمر ببساطة لا يكفي. إنهم يرون أن «كوريا الجنوبية الخالية من الأسلحة النووية مهددة من قبل كوريا الشمالية المسلحة نووياً»، ولا يريدون أقل من إعادة نشر الأسلحة النووية الأميركية في شبه الجزيرة الكورية.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1609848724959760385?s=20&t=M_BK0UwyJ5wRgSKpOYK-Fw
وسحبت واشنطن أسلحتها التكتيكية من كوريا الجنوبية في عام 1991 بعد عقود من الانتشار، ولا توجد دلائل على أنها ستفكر في التراجع عن هذا القرار.



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.