العراقيون منشغلون بالارتفاع «الجنوني» لأسعار الصرف وتطورات «سرقة القرن»

حملة اعتقالات تشنها الحكومة ضد المضاربين بالدولار

صرافون في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
صرافون في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
TT

العراقيون منشغلون بالارتفاع «الجنوني» لأسعار الصرف وتطورات «سرقة القرن»

صرافون في أحد شوارع بغداد (أ.ب)
صرافون في أحد شوارع بغداد (أ.ب)

يمثل الارتفاع المتسارع في أسعار صرف الدولار وما يترتب عليه من ارتفاع جنوني في أسعار السلع والمواد الغذائية، إلى جانب التطورات الأخيرة بما بات يعرف بـ«سرقة القرن»، أهم الاهتمامات التي تسيطر على الفضاء الشعبي العراقي هذه الأيام بعد انتهاء بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم التي انشغل فيها العراقيون خلال الأسبوعين الماضيين، وتوج العراق بطلاً لدورتها الـ25.
الاهتمام الشعبي الواسع بهاتين القضيتين سلط المزيد من الضغوط على حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي كان على رأس أولويات حكومته الاهتمام بأسعار صرف الدولار ومحاربة الفساد.
وتدفع الضغوط المتزايدة رئيس الوزراء السوداني إلى استغلال أي مناسبة لشرح وجهة نظر حكومته من قضيتي سعر الصرف ومكافحة الفساد، حيث قال، أمس، خلال حضوره مجلس تأبين لذكرى الراحل محمد باقر الحكيم، إن حكومته «واصلت دعمها للبنك المركزي العراقي لإعادة سعر صرف الدولار إلى السعر الرسمي، وهذا جزءٌ من مجمل اقتصادي بحاجة إلى تصدٍّ شجاع وحلول ناجعة لإنهاء السياساتِ المالية الخاطئة التي ورثتْها الحكومة الحالية».
وأضاف: «اتخذنا جملة من القرارات الجريئة لدعم الدينار العراقي واستقراره، ونحذر من يحاول استغلال الأزمة واللعب على احتياجات الناسِ».
وتابع: «لم يرتفع سعر الصرف نتيجة قرار حكومي، إنمّا لأن هناكَ من استغل الظروف الوقتية والاضطراب في الأسواق التي لم تألفْ بعدُ التعامل مع الآليات المصرفية الجديدة، التي ستحافظ على الأموال، وهي خطوة مهمة على طريق الإصلاح الاقتصادي».
وبشأن قضية مكافحة الفساد واللغط الكبير الذي يدور هذه الأيام حول القرار القضائي برفع الحجز والإيقاف عن إحدى شركات المتهم الرئيسي بسرقة القرن نور زهير، أكد السوداني على «أولوية مكافحة الفساد، وتواصل حكومتُنا إسنادها للقضاء والجهات المختصة لملاحقة المطلوبين والعمل لاسترداد الأموال المنهوبة».
خبراء المال والاقتصاد المحليون يتحدثون عن تأثيرات قرار البنك الفيدرالي الأميركي بتقليل حجم الأموال (الدولار) التي يمنحها للعراق كل شهر من أموال النفط العراقي المودعة بالبنوك الأميركية، حيث لجأ «الفيدرالي» مؤخراً إلى عملية تدقيق صارمة لاستيرادات العراق الخارجية، في محاولة لما يشتبه أنها عمليات تزوير وتهريب عملة واسعة لدول الجوار، وخاصة إيران عبر تقديم المصارف المحلية العراقية شهادات ووثائق استيراد مزورة إلى البنك المركزي العراقي للحصول من خلالها على مبالغ مالية كبيرة تدفع بالدولار الأميركي.
وفي هذا الاتجاه، رأى الخبير وأستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسومي في تدوينة، أمس، أن «الحل الوحيد المتاح حالياً لإيقاف تدهور سعر صرف الدينار مقابل الدولار يكمن في تشكيل وفد حكومي رفيع المستوى برئاسة السوداني أو وزيرة المالية مع محافظ البنك المركزي العراقي والسفر إلى واشنطن لبحث إمكانية تأجيل العمل بالمنصة الإلكترونية في البنك الفيدرالي الأميركي لمدة تتراوح ما بين 6 شهور إلى سنة والتي تحظر 80 في المائة أو أكثر من تحويلات الدولار اليومية إلى العراق».
وأضاف أن التحويلات «كان يبلغ مجموعها في السابق أكثر من 250 مليون دولار في بعض الأيام، وذلك لأسباب من بينها عدم كفاية المعلومات المتعلقة بوجهة هذه الأموال أو بسبب أخطاء أخرى». ويتحدث بعض المختصين إلى انخفاض مستوى التحويلات إلى أقل من 50 مليون دولار، مما تسبب في الزيادة الكبيرة.
ارتفاع أسعار صرف الدولار وعبوره سقف الـ1650 ديناراً مقابل الدولار الواحد، انعكست على شكل ارتفاع جنوني بأسعار السلع والمواد الغذائية ارتفعت في بعض الحالات إلى الضعف، خاصة في المواد الأساسية، مثل زيت الطعام والطحين والسكر.
ولجأت السلطات العراقية، أمس، إلى حملة اعتقالات واسعة للمضاربين ومكاتب الصيرفة في أسواق الكفاح والشورجة في محاولة لكبح جماح صعود سعر الدولار، مما خلق اضطراباً كبيراً في الأسواق ودفع كثير من التجار إلى توجيه انتقادات لاذعة لحكومة السوداني، ويرون أنها تحاول التغطية على فشلها في استعادة استقرار أسعار الصرف التي يتوقع أن تلامس سقف 2000 دينار للدولار الواحد في الأيام المقبلة.
بدوره، أكد البنك المركزي العراقي، أمس السبت، أن استخدام أدوات الدفع الإلكتروني سيعمم في القطاعين الحكومي والخاص بشكل ملزم، في محاولة منه للحصول على الدينار العراقي، حيث يفضل معظم العراقيين التعامل بـ«الكاش»، والاحتفاظ بأموالهم في المنازل ولا يثقون في التعامل مع البنوك الحكومية والأهلية.
وقال نائب محافظ البنك عمار حمد خلف في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن «قرار مجلس الوزراء بتفعيل الدفع الإلكتروني بجميع المفاصل يهدف إلى تقليل استخدام «الكاش» وزيادة التعامل بالأموال إلكترونياً من خلال استخدام البطاقات، وهو تكملة مهمة لمشروع توطين الرواتب الذي بدأ تطبيقه منذ عدة سنوات».
وأضاف أن «القرار سيمكن البنك من تطبيق آلية تمكن الموظفين من تسلم رواتبهم عبر بطاقات الدفع المستخدمة حالياً كالماستركارد وتعبأ في رصيدهم المصرفي دون الحاجة لتسلم الأموال (كاش)».
وأكد أن «الدفع عبر الأجهزة الإلكترونية سيقلل التداول النقدي وهو أفضل من ناحية حفظ الأموال وأسلم من نقلها».
وفي تطور آخر، جمع نحو 50 نائباً في البرلمان الاتحادي تواقيع لتعديل التعرفة الجمركية على المواد الغذائية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار، وأدى إلى تأثيرات سلبية على المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية.
وقال نائب رئيس لجنة الاستثمار والتنمية النيابية حسين السعبري، في تصريحات صحافية، إن «مجموعة من النواب في لجان مختلفة جمعوا تواقيع بشأن تعديل التعرفة الجمركية، لهذا القرار تداعيات كبيرة في هذه المرحلة بعد ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير ومؤثر في جميع شرائح المجتمع».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

صور أقمار اصطناعية تظهر أن روسيا تستعد لسحب عتاد عسكري من سوريا

صورة بالقمر الاصطناعي تُظهر القسم الشمالي من قاعدة «حميميم» الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية (رويترز)
صورة بالقمر الاصطناعي تُظهر القسم الشمالي من قاعدة «حميميم» الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية (رويترز)
TT

صور أقمار اصطناعية تظهر أن روسيا تستعد لسحب عتاد عسكري من سوريا

صورة بالقمر الاصطناعي تُظهر القسم الشمالي من قاعدة «حميميم» الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية (رويترز)
صورة بالقمر الاصطناعي تُظهر القسم الشمالي من قاعدة «حميميم» الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية (رويترز)

أظهرت صور أقمار اصطناعية نشرتها شركة «ماكسار» بعد إطاحة قوات المعارضة بالرئيس بشار الأسد مطلع الأسبوع الحالي أن روسيا تجمع فيما يبدو عتاداً عسكرياً في قاعدة جوية بسوريا.

وتُظهر الصور التي التقطت، اليوم الجمعة، ما يبدو أنهما طائرتان من طراز «أنتونوف إيه إن - 124»، إحدى كبرى طائرات الشحن في العالم، ومقدمتهما مفتوحة بقاعدة «حميميم» الجوية في محافظة اللاذقية الساحلية.

صورة بالقمر الاصطناعي تُظهر الطائرة من طراز «An-124» في قاعدة حميميم الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية (رويترز)

وقالت «ماكسار»: «طائرتان للنقل الثقيل من طراز إيه إن - 124 توجدان في المطار، ومقدمتهما مفتوحة وفي وضع استعداد لتحميل العتاد»، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضافت الشركة: «في مكان قريب، يجري تفكيك مروحية مقاتلة من طراز كيه إيه - 52 ويجري إعدادها على الأرجح للنقل بينما تستعد أجزاء من وحدة الدفاع الجوي إس - 400 بالمثل للمغادرة من موقع انتشارها السابق في القاعدة الجوية».

صورة بالقمر الاصطناعي تُظهر تفكيك مروحية «Ka - 52» في قاعدة حميميم الجوية الروسية (رويترز)

وقالت «ماكسار» إن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، مركز الإصلاح والصيانة الوحيد لروسيا في البحر المتوسط، «ما زالت دون تغيير إلى حد كبير منذ تغطيتنا للصور في 10 ديسمبر (كانون الأول) مع استمرار رصد فرقاطتين قبالة سواحل طرطوس».

وقال تلفزيون «تشانال 4» البريطاني الإخباري إنه شاهد قافلة تضم أكثر من 150 مركبة عسكرية روسية تتحرك على أحد الطرق. وأضاف أن الجيش الروسي يتحرك بنظام جيد وأنه تم التوصل فيما يبدو إلى اتفاق يسمح للروس بخروج منظم من سوريا.

صورة بالقمر الاصطناعي تظهر الدفاعات الجوية من طراز «S - 400» في قاعدة حميميم الجوية الروسية (رويترز)

ولم ترد وزارة الدفاع الروسية بعد على طلب «رويترز» للتعليق. ودعمت موسكو سوريا منذ الأيام الأولى للحرب الباردة معترفة باستقلالها في عام 1944 حين سعت دمشق إلى التخلص من الاستعمار الفرنسي. ولطالما عدّ الغرب سوريا تابعاً للاتحاد السوفياتي.

وقال الكرملين إن تركيزه منذ سقوط الأسد ينصب على ضمان أمن قواعده العسكرية في سوريا وبعثاته الدبلوماسية.