«فاغنر» تتساءل عن «الجريمة» التي ارتكبتها لكي تُصنف منظمة «إجرامية عابرة للحدود»

كيربي يعرض صوراً بالأقمار الصناعية تظهر قطارات روسية تتجه إلى كوريا الشمالية لنقل معدات مخصصة لـ «فاغنر» (إ.ب.أ)
كيربي يعرض صوراً بالأقمار الصناعية تظهر قطارات روسية تتجه إلى كوريا الشمالية لنقل معدات مخصصة لـ «فاغنر» (إ.ب.أ)
TT

«فاغنر» تتساءل عن «الجريمة» التي ارتكبتها لكي تُصنف منظمة «إجرامية عابرة للحدود»

كيربي يعرض صوراً بالأقمار الصناعية تظهر قطارات روسية تتجه إلى كوريا الشمالية لنقل معدات مخصصة لـ «فاغنر» (إ.ب.أ)
كيربي يعرض صوراً بالأقمار الصناعية تظهر قطارات روسية تتجه إلى كوريا الشمالية لنقل معدات مخصصة لـ «فاغنر» (إ.ب.أ)

بعد يوم من تصنيف الولايات المتحدة، مجموعة «فاغنر» الروسية «منظمة إجرامية دولية»، على أن يتم الأسبوع المقبل الإعلان عن عقوبات إضافية ضدها، ردّ رئيس المجموعة يفغيني بريغوجين، في رسالة قصيرة باللغة الإنجليزية، نشرها على قناته على تطبيق «تليغرام»، سأل فيها عن الجريمة التي اتُّهمت شركته بها.
وصنّفت الولايات المتحدة مجموعة المرتزقة الروسية بأنها «منظمة إجرامية دولية»، منددة بتجاوزاتها في أوكرانيا واستخدامها أسلحة توفرها كوريا الشمالية وتجنيدها سجناء. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي إن «فاغنر منظمة إجرامية تواصل ارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع». ولفت إلى أن مجموعة المرتزقة تنشر نحو «خمسين ألف شخص» في أوكرانيا، معظمهم سجناء صدرت في حقهم أحكام في روسيا. وأضاف كيربي: «لا نزال نعتبر أن لدى مجموعة فاغنر حالياً نحو خمسين ألف شخص ينتشرون في أوكرانيا، هم عشرة آلاف من المرتزقة وأربعون ألف سجين»، إلى درجة أن لدى وزارة الدفاع الروسية «تحفظات» عن «طرق التجنيد» التي تعتمدها المجموعة. وأعلن المسؤول أن واشنطن لن تكتفي بإعلان المجموعة منظمة إجرامية، بل ستفرض عليها عقوبات أخرى.
وقال بريغوجين في رسالته: «عزيزي السيد كيربي، هل يمكنك توضيح الجريمة التي ارتكبتها (فاغنر)؟».
وقال البيت الأبيض، الشهر الماضي، إن «فاغنر» تسلمت شحنة أسلحة من كوريا الشمالية للمساعدة في تعزيز القوات الروسية في أوكرانيا. غير أن وزارة الخارجية في بيونغ يانغ، نفت ذلك، وقالت إن الاتهام لا أساس له من الصحة. في حين نفى بريغوجين أيضاً تلقيه شحنة كهذه، واصفاً التقرير بأنه «ثرثرة وتكهنات». وعرض كيربي على الصحافيين صوراً ملتقطة بالأقمار الصناعية قال إنها تظهر قطارات روسية تتجه إلى كوريا الشمالية لنقل معدات مخصصة لمجموعة فاغنر وتعود منها إلى الأراضي الروسية مع عتاد عسكري يشمل صواريخ للمجموعة في أوكرانيا. والتقطت الصور في 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، على ما أوضح المسؤول الأميركي، مضيفاً أن الولايات المتحدة نقلت هذه المعلومات إلى مجلس الأمن الدولي في إطار العقوبات المفروضة على بيونغ يانغ.
ويدير هذه المجموعة المسلحة يفغيني بريغوجين، وهو رجل أعمال روسي يبلغ الحادية والستين ومقرب من الرئيس فلاديمير بوتين. وتنشط المجموعة للغاية في المعركة الشرسة التي تخاض في شرق أوكرانيا للسيطرة على مدينة باخموت. وللمجموعة وجود في دول أخرى في العالم ولا سيما في أفريقيا. وأكد جون كيربي: «سنعمل دونما هوادة لتحديد الأطراف التي تساعد فاغنر وفضحها واستهدافها».
وتفيد واشنطن بأن نفوذ المجموعة يتنامى وباتت تنافس القوات الروسية.
وكانت واشنطن قد فرضت بالفعل قيوداً على التجارة مع مجموعة «فاغنر» في عام 2017، ومرة أخرى في ديسمبر (كانون الأول)، في محاولة لتقييد وصولها إلى الأسلحة. وفرض الاتحاد الأوروبي عقوباته الخاصة في ديسمبر 2021 على «فاغنر» التي تنشط في سوريا وليبيا وأفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق ومالي، وكذلك أوكرانيا. ووصف بريغوجين «فاغنر»، بأنها قوة مستقلة تماماً لها طائراتها ودباباتها وصواريخها ومدفعيتها.
وقال كيربي: «لدينا معلومات من أجهزة الاستخبارات تشير إلى تفاقم التوتر بين فاغنر ووزارة الدفاع الروسية». ورأى المسؤول الأميركي أن «فاغنر باتت مركز سلطة ينافس الجيش الروسي ووزارات روسية أخرى» مشدداً على أن «بريغوجين يعزز مصالحه الخاصة في أوكرانيا». وأضاف: «فاغنر تتخذ قرارات عسكرية مستندة عموماً إلى ما قد تدر عليها من منافع لا سيما على صعيد الدعاية».
وبرزت الانقسامات بين الجيش الروسي و«فاغنر»، التي أشار إليها مراقبون عدة، إلى العلن خلال المعركة للسيطرة على مدينة سوليدار الصغيرة في شرق أوكرانيا. فعندما أعلن بريغوجين السيطرة على سوليدار، سارعت وزارة الدفاع الروسية إلى تكذبيه معلنة بعد يومين الاستيلاء على المدينة، الأمر الذي نفته كييف.
منذ الصيف الماضي، تحاول قوات «فاغنر» والجيش الروسي، السيطرة على مدينة باخموت الواقعة في منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا رغم أهميتها الاستراتيجية المتواضعة. لكنها باتت الآن ترتدي أهمية رمزية.
إلا أن الكرملين نفى، الاثنين، أن يكون ثمة توتر بين الجيش الروسي والمجموعة المسلحة، وأكد الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، وجود «تلاعب».
وتشكلت مجموعة «فاغنر» عام 2014، وقد جنّدت آلاف السجناء للمحاربة في أوكرانيا، في مقابل وعد بخفض عقوباتهم. وبعدما اعتمد لفترة طويلة التكتم، بات بريغوجين يفرض نفسه طرفاً أساسياً في النزاع في أوكرانيا.
وبريغوجين مطلوب في الولايات المتحدة بتهمة التدخل في الانتخابات الأميركية، وهو أمر أكده بريغوجين بنفسه في نوفمبر، وقال إنه سيواصل فعله.
وجنّدت مجموعة «فاغنر» التي تأسست عام 2014، آلاف السجناء للقتال لصالح روسيا لقاء خفض عقوباتهم. وفي مؤشر إلى تصاعد نفوذه، أقر بريغوجين في سبتمبر (أيلول) الماضي، بأنّه مؤسس «فاغنر»، بعدما أنكر ذلك لسنوات. وبات بريغوجين القريب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور بانتظام الجبهة الأوكرانية ويدلي بتصريحات بشكل نشط.
وأعرب البيت الأبيض عن قلقه بشأن تورط «فاغنر» المتزايد في الحرب، حيث كان نشطاً بشكل خاص في منطقة دونباس الشرقية. وقال كيربي في ذلك الوقت، إن المسؤولين العسكريين الروس كانوا في حالات معينة «خاضعين لقيادة فاغنر». وأضاف كيربي أن الولايات المتحدة تقدر أن «فاغنر»، المملوكة من قبل بوتين، تنفق نحو 100 مليون دولار شهرياً في القتال. كما اتهمت الدول الغربية وخبراء الأمم المتحدة مرتزقة «فاغنر» بارتكاب الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء أفريقيا، بما في ذلك جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي. وفي ديسمبر الماضي، أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنه وقع على قرار يعتبر مجموعة «فاغنر»، «كياناً ذا أهمية خاصة» لأنشطته في جمهورية أفريقيا الوسطى.


مقالات ذات صلة

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».