حمل إعلان «الأكاديمية البريطانية للسينما والتلفزيون» بضع مفاجآت سارة لصانعي السينما البريطانيين وسواهم أيضاً. هذا على الرغم من أن الأفلام المرشّحة لجوائز الأكاديمية المعروفة بـBAFTA هي، في نهاية الأمر وعلى نحو عام، ذاتها التي حفلت بها بعض الترشيحات الأخيرة في موسم الجوائز الحالي.
من بين الأخبار السارة، بل في مقدّمتها، أن هناك 54 فيلماً مرشّحاً للجوائز الرئيسية. رقم أعلى مما جرى طرحه وترشيحه في الدورات السابقة من هذه الجائزة العريقة وتحديداً منذ العام 2011.
هذا يعني احتمال فوز نسبة أعلى من الأفلام عوض حصر الفوز في عدد أقل كما كان الحال في العام الماضي.
إنها الدورة الـ75 لجائزة انطلقت متواضعة لأول مرّة سنة 1949 (فاز خلالها فيلمان للمخرج كارول ريد هما The Fallen Idol وOdd Man Out. لم تكن المناسبة المنطلقة بعد الحرب العالمية الثانية ردّاً على الأوسكار بقدر ما كانت تشبهاً به. والحال أن الميديا حينها، ولسنوات طويلة، درجت على تسمية جوائز البافتا بـ«الأوسكار البريطاني». هذا كان تقليلاً من شأن الجائزة والمؤسسة التي تقوم بتوزيعها في وقت واحد.
حالياً، تضم البافتا نحو 8000 عضو من شتى أنحاء العالم. عدد كبير يقارب عدد أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية التي توزّع الأوسكار في لوس أنجليس والبالغ نحو 9100 عضو.
هذا الحجم ليس من التفاصيل غير المهمّة بل يعكس الرقعة البشرية الكبيرة التي تعمل الأكاديمية البريطانية من خلالها. لذلك، فإنها حين تطلق ترشيحاتها (ولاحقاً نتائجها) فإن ذلك يكون انعكاساً لآراء عدد كبير من العاملين في الوسط والصناعة السينمائيتين حول العالم.
- 14 ترشيحاً لفيلم
إلى جانب أن عدد الأفلام التي تتمحور حولها الترشيحات قد ارتفع إلى 54 فيلماً كما تقدم، فإن الملاحظة المهمّة الثانية أن فيلماً واحداً منها تم ترشيحه في 14 مسابقة... الفيلم هو النسخة الألمانية من رواية إريك ماريا رِماريك الشهيرة «كله هادئ على الجبهة الغربية» (All Quiet on the Western Front) التي كانت قد تحوّلت إلى فيلم أميركي سنة 1930 وفازت بثاني أوسكار حينها.
الفيلم الجديد، الذي قام بإخراجه إدوارد برغر لحساب «نتفليكس»، مرشح لجوائز أفضل فيلم وأفضل فيلم أجنبي وأفضل إخراج وأفضل سيناريو مقتبس وأفضل ممثل مساند وأفضل «كاستينغ» وتصوير وتوليف وتصميم إنتاج وتصميم ملابس و«ميك أب» (ماكياج وشعر) وصوت ومؤثرات بصرية خاصة.
لا بد من ذكر أن الفيلم الأخير في تاريخ البافتا الذي تمتع بـهذا العدد من الترشيحات كان «خطاب الملك» (The King›s Speech) سنة 2011، كذلك فإن «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» يشترك مع فيلم «نمر رابض وتنين مختبئ» (Crouching Tiger, Hidden Dragon) في أنه أكثر فيلم أجنبي (غير ناطق بالإنجليزية) تمتعاً بعدد الترشيحات.
بعد هذا الفيلم الحربي الذي يتحدّث عن الجنود الألمان في الحرب العالمية الأولى من وجهة نظر ما حصدوه من تضحية وهزيمة، هناك فيلمان تمكّن كل منهما من الاستحواذ على عشر ترشيحات هما الفيلم البريطاني «جنيّات إنيشرين» (Banshees of Inisherin) والأميركي «كل شيء كل مكان في وقت واحد» (Everything Everywhere All at Once).
الفيلمان الباقيان في سباق أفضل فيلم هما «ألفيس» لبز لورمن (عن حياة ملك الروك أند رول) و«تار» (Tàr) لتود فيلد.
هذا ما ينقلنا إلى مسابقة أفضل مخرج فنجد ستة ترشيحات بينها أربعة ممن دخلت أفلامهم مسابقة أفضل فيلم وهم إدوار برغر («كل شيء هادئ...»)، ومارتن مكدونا («جنيّات إينشِرين»)، ودانال كوان ودانيال إينرت («كل شيء كل مكان...»)، وتود فيلد («تار»). المخرجان اللذان يشتركان في التنافس على جائزة أفضل مخرج هما الكوري بارك تشان - ووك عن «قرار بالمغادرة» (Decision to Leave)، وجينا برينس بايثوود عن «The Woman King».
بطلة «ذا وومان كينغ» هي فيولا ديفيز، وهي إحدى المرشحات الست في مسابقة أفضل ممثلة رئيسية. الباقيات هن: كيت بلانشت عن «تار» (فازت ببافتا ثلاث مرات سابقاً) ودانييل ديووتر عن «Till»، وأنا دي أرماس عن «Blonde»، وإيما تومسون عن «Good Luck to you, Leo Grande»، وميشيل يوه عن «Everything Everywhere...».
في سباق الممثلات في أدوار مساندة لدينا أنجلا باست عن «Black Panther: Wakanda Forever»، وهونغ تشاو عن «The Whale»، وكيري كوندون عن «The Banchees of Inisherin»، ودولي دي ليون عن «Triangle of Sadnes»، وجيمي لي كيرتس عن «Everything Everywhere...»، ثم كاري مولغان عن «She Said».
- أفلام أجنبية
رجالياً فإن المرشحين الستة لـ«بافتا أفضل ممثل في دور رئيسي» هم: أستن بتلر عن «ألفيس»، وكولين فارل عن «جنيات إنيشِرين»، وبراندَن فرايزر عن «الحوت»، وداريل مكمورماك عن «حظ سعيد لك، ليو غراندي»، وبول ميسكال عن فيلم «Aftesun»، ثم بيلي نايي عن «Living».
الممثلون الرجال في الأدوار المساندة يحتوون على اثنين ظهرا في «جنيات إنيشِرين» هما برندان غليسون وباري كيوغهان. الأربعة الآخرون هم: مايكل وورد عن «Empire of Light»، وإيدي ردماين عن «The Good Nurse»، ثم ألبرخت شوش عن «كل شيء هادئ...»، وكي هاي كوان عن «كل شيء كل مكان...».
غالبية هذه العناوين يتكرر ظهورها في المسابقات الأخرى في نطاق السيناريو (في مسابقتي السيناريو المكتوب خصيصاً والسيناريو المقتبس)، والتصوير والتوليف والموسيقى والكاستينغ. لكنْ هناك أفلام أخرى مزروعة في مسابقات مهمة أيضاً والتنافس بينها شديد كذلك الحماس لها.
هناك مسابقة «الفيلم الأول لمخرج أو كاتب أو منتج بريطاني»، والمتسابقون عليها حققوا عبر أفلامهم تجاربهم الأولى فعلياً ومن بينهم: كاتي براند (كاتبة) عن سيناريو «حظ سعيد لك، ليو غراندي»، وشارلوت ولز (ككاتبة ومخرجة) عن فيلمها «Aftersun».
الأفلام المنافسة للفيلم الألماني «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» في مجال أفضل فيلم أجنبي هي «قرار بالمغادرة» (كوريا الجنوبية)، و«كورساج» لماري كروتزر (النمسا، لوكسمبرغ)، و«أرجنتينا 1985» (الأرجنتين)، والفتاة الهادئة (The Quiet Girl) الآتي من آيرلندا.
وسط كل ذلك فإن عملية توقُّع من سيفوز وكيف تبدو أكثر تعقيداً، المؤكد هو أن احتمالات فوز «جنيّات إنيشِرين» بجائزة أفضل فيلم عالية كما حال «كل شيء هادئ على الجبهة الغربية» ما يقلّص احتمالات فوز «كل شيء كل مكان في وقت واحد»، الفيلم الذي أحدث ضجة كبيرة في سياق الجوائز الأميركية ومرشح بقوّة لأن يسطو على الأوسكار ذاته.
* حفل توزيع جوائز «بافتا» سيتم في التاسع عشر من الشهر المقبل.