مراحل وجوانب من تاريخ الشعب الكردي

«قطف الورود سيرًا» لنوشيروان مصطفى أمين

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

مراحل وجوانب من تاريخ الشعب الكردي

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

صدر مؤخرًا الجزء الثاني من كتاب بعنوان «قطف الورود سيرًا» للسياسي والكاتب الكردي المعروف نوشيروان مصطفى أمين. ويتضمن الكتاب المؤلف من (263) صفحة من القطع المتوسط. ولعل ما يميز هذا الكتاب عن سواه من نتاجات المؤلف، هو ذلك الكم الكبير من المعلومات التي تفيض بها فصوله والمتعلقة بطبائع وتقاليد وأعراف الشعب الكردي في حقب زمنية مختلفة، إلى جانب غاية الكاتب في تسليط الأضواء على جوانب ومراحل جد مهمة من تاريخ الشعب الكردي منذ عام (1891) وهو تاريخ نشوء (الأفواج الحميدية) نسبة إلى السلطان عبد الحميد العثماني، حتى عام (2014) وهو تاريخ انتهاء الكاتب من تأليف كتابه الذي أغنى المكتبة الكردية، وأثار جدلاً ساخنًا في الأوساط الثقافية والإعلامية في إقليم كردستان.
الكتاب استعرض الأساليب التي اتبعتها الإمبراطورية العثمانية عبر قرن من الزمن، ومن بعدها الأنظمة المتعاقبة على الحكم في الدولة العراقية الحديثة، في تجنيد الآلاف من أبناء القبائل والعشائر والطوائف الكردية ضد بني جلدتهم، أو ضد خصومها في الدول المجاورة.
ويربط المؤلف ترسبات تلك الحقبة الحالكة من تأريخ الشعب الكردي مع الواقع القائم في إقليم كردستان، منذ انتفاضة عام 1991، والتي انتهت بإزالة حكم البعث عن محافظات الإقليم الثلاث (أربيل والسليمانية ودهوك)، ويوضح أن الأفكار والممارسات القبلية البالية ما زالت شاخصة بجلاء في الحياة الاجتماعية بالإقليم، إذ يتخذ الكثير من الشخصيات السياسية والقيادات الحزبية والوزراء ونواب البرلمان والمثقفين والصحافيين، بل وحتى المرشحين لانتخابات رئاسة الإقليم ألقابا عشائرية ومناطقية وجهوية لأنفسهم.
ويخلص الكاتب في مقدمة كتابه إلى القول إن «الغاية من تأليف هذا الكتاب هي البحث عن أجوبة شافية لثلاثة أسئلة رئيسية هي:
* لماذا تأصلت عقدة الانتماء إلى القبيلة، العشيرة، القرية، المنطقة، في نفسية الإنسان الكردي بهذا العمق والدوافع الكامنة وراء اعتزازه بهذا النمط من الانتماء حتى في عصرنا الراهن؟
* لماذا يستثار الإنسان الكردي بانتمائه إلى قريته أو مدينته أو منطقته، دون أن تحركه مشاعر الانتماء للوطن بنفس القدر من الحماسة؟ ولماذا تجيش بقوة مشاعر انتمائه للعشيرة أو القبيلة أو المنطقة، على حساب انتمائه القومي؟
* لماذا استحدثت الأحزاب الكردستانية مكاتب اجتماعية لحسم القضايا الاجتماعية العويصة والدموية، في حين توجد في الإقليم مؤسسات قضائية مهنية؟
ويضم الكتاب في فصوله مواضيع كثيرة ومنها «الكرد والزواج» ويسلط الكاتب فيه الأضواء على أنماط الزوجات المختلفة في المجتمع الكردي (الزواج الداخلي – الديني، والزواج الداخلي – القبلي، والزواج الداخلي المشايخي، وكذلك الزواج الفئوي)، إلى جانب استعراض أنواع وأنماط الغناء الكردي، وبعض الظواهر الاجتماعية في الوسط الكردي، فضلا عن دراسة تتناول (الفرد الكردي وجذوره) يبحث فيه حالات الأسر والعوائل وجذورها وعروقها، علاوة على موضوع بعنوان «شبكة صلات القربى في الأسر الكردية» يتناول فيه العلاقات العشائرية في قبيلة (الجاف) الكردية، ثم يعالج أوضاع (القبائل الكردية إبان العهد العثماني) والصراعات التي حدثت بين تلك القبائل وقتذاك.
الكتاب من إصدار «الدار العربية للعلوم - ناشرون» بيروت.



«أنقذ القطة»... ملاحظات طريفة في فن كتابة السيناريو

«أنقذ القطة»... ملاحظات طريفة في فن كتابة السيناريو
TT

«أنقذ القطة»... ملاحظات طريفة في فن كتابة السيناريو

«أنقذ القطة»... ملاحظات طريفة في فن كتابة السيناريو

تنبع أهمية كتاب «أنقذ القطة»، الذي صدرت ترجمته مؤخراً عن دار «الكرمة» بالقاهرة من كون مؤلفه بليك سنايدر أحد أشهر كتاب السيناريو في هوليوود، لا سيما عبر مسلسلات «ديزني» التلفزيونية. ورغم أن الكتاب الذي ترجمته غادة عبد العال معني أساساً بتقديم نصائح لكتاب السيناريو الجدد، فإن المؤلف يستخدم أسلوباً طريفاً يجنح إلى البساطة والسخرية في التعبير عن أفكاره بشكل لافت.

يتضح ذلك من خلال طريقة سرد المؤلف لبعض المفاهيم الأساسية في فن كتابة السيناريو وفي صناعة السينما بشكل عام مثل «المنحنى - القوس»، الذي يشير إلى التغييرات التي تطرأ على خبرات الشخصية منذ تشكلها على الورق، في بداية وعبر وسط وحتى نهاية السيناريو. إنه المصطلح الذي سوف يسمعه السيناريست الشاب أكثر من أي شيء آخر في اجتماعات مناقشة السيناريو الذي تقدم به إلى جهات الإنتاج. يسأله الجميع: «ما منحنى تطور البطل؟» أو «هل منحنى تطور هذه الشخصيات كاف؟»، بينما يجيب السيناريست الشاب بداخله في سخرية: «ما منحنى تحمل صبري على الجلوس هنا والإنصات لهذه التساؤلات التي لا تنتهي؟».

وهناك كذلك مصطلح «في نهاية اليوم»، الذي يستخدمه الوكلاء ومديرو الأعمال للإشارة إلى أنهم على وشك إخبارك بأخبار سيئة مثل قولهم: «نحب جداً السيناريو ونظن أنه سيكون ممتازاً بالنسبة إلى جوليا روبرتس، لكن في نهاية اليوم، هل هي فعلاً بحاجة إلى عمل فيلم موسيقي في العصور الوسطى؟».

ويذكر المؤلف أن «ثقوب سوداء» مصطلح أو مفهوم يشير إلى تلك الأوقات التي يعجز فيها المؤلف الشاب عن استكمال السيناريو لأنه لا يعرف كيف يطور شخصياته، أو يدفع بالأحداث إلى الأمام، فيجد نفسه يتساءل فيما جعله يحترف هذا المجال، في حين كان بوسعه أن يدخل كلية الحقوق أو ينضم إلى الجيش.

ويؤكد المؤلف أنه بعد أن يبيع السيناريست نصه السينمائي إلى استوديو وبعدما وقعوا معه عقداً لإعادة الكتابة، من الجائز أن يطردوه ثم ينتجوا الفيلم ويرسلوا إليه نسخة من مسودة السيناريو بعد إعادة كتابته. هنا يُصعق السيناريست من اكتشاف أن النص تغير بطرق غبية في الغالب، بطله «بوب» صار اسمه «كارل» وبدلاً من السيارة «البونتياك» أصبح يقود سيارة «بويك».

ويخاطب المؤلف السيناريست الشاب الذي يتعرض لمثل هكذا موقف قائلاً: «أنت ضحية محاولة سطو على حقوق الملكية، يفعلها شخص يسعى لوضع اسمه على فيلم ويظن أنه بقيامه بهذه التعديلات سيصبح النص نصه، لهذا لدينا لجنة تحكيم حقوق الملكية في نقابة المؤلفين الأميركيين الذين يقررون من الذي فعل هذا بك». ويعلق بليك سنايدر قائلاً: «قد لا تحصل على حقوقك، لكن ألا تتفق معي أن هوليوود مدينة عظيمة؟».

وعندما يبدأ الملل في التسلل إلى النص السينمائي، يحضر ما يسميه كثيرون «صاروخ التعزيز» ويقصد به اختراع شخصية أو موقف تستعيد من خلاله حيوية النص وتضفي نوعاً من البهجة والإثارة على الأحداث، لكن المؤلف يستخدم لوصف هذه الحالة مصطلحاً آخر أكثر طرافة هو «طبيب السيناريو».

ويشير المؤلف إلى أن هناك ما يعرف بـ«الخطَّاف» ويقصد به وضع جملة شديدة الجاذبية على الملصق الدعائي للفيلم إلى جوار العنوان بحيث «تخطف» الجمهور وتجعله يقرر الذهاب إلى السينما ليشاهد هذا الفيلم. وتلك الجملة تختلف عما يسمى «الجملة الملخصة» أو «السطر الواحد»، وهو ما يكتبه السيناريست في بداية نصه السينمائي بحيث يلخصه بشكل مشوق وساحر للمنتج والمخرج وفريق التمثيل، وليس للجمهور هذه المرة. إنه إذن فن السيناريو وخدعه المغوية التي تتنوع في هذا الكتاب الشيق.