> كنت بدأت الكتابة عن السينما هاوياً وأنا في السادسة عشرة من عمري. بعد سنة كنت محترفاً أقبض راتباً وأنا ما زلت في آخر سنة ثانوي في مدرسة الفاروق، وفي طريقي إلى الكلية.
> أسترجع هذا الموجز لأقول إنني لا أعتقد أنني لو ولدت في مطلع هذا القرن لاهتممت بأن أصبح ناقداً سينمائياً. كل الدوافع الفنية والثقافية تغيّرت في السنوات الثلاثين الأخيرة وازداد تغيّرها في السنوات العشرين منها.
> يكفينا زمن «مي تو» و«بلاك لايفز ماتر» و«غلاد» وحركات التصويب والتصحيح التي تتستّر بمبادئ المساواة لكن لديها أجندات تتخذها مثل حراب وتفرض على السينما ما يناسبها من اتجاهات وأفكار وقضايا. كل هذه تتبلور فيما لا ينفع المشاهد الباحث عن الفن في الترفيه أو عن الفن من دونه.
> لم يعد هناك حرية اختيار مواضيع. وبات الفيلم الحالي، حتى لا يستفز عداوة هذا الجانب أو ذاك، يحرص على أن تكون فيه عناصر بشرية مختلفة، حتى وإن لم يكن ذلك شرطاً درامياً. بمعنى أنه إذا كنت تريد شخصية تحرٍ من أصول شرق آسيوية لا بأس، لكن ليس كزينة وليس انصياعاً بل لهدف درامي عميق. هذا لا أحد يسأل عنه.
> وكما برهنت حفلة «غولدن غلوبز» قبل أيام عن انصياع (جزء منه كان ضرورياً) لعجلة التغيير فأدخلت تعديلات وأجرت تغييرات مهمّة، فإن غيرها من الجمعيات والأكاديميات وحتى المهرجانات باتت تخشى ردّات فعل إعلامية هوجاء إذا أخطأت في تقدير أو فعل ما.
> في المقابل، سخف المنتوج وتشابهه وخلوّه من الإفادة ولجوئه إلى الجنس والعنف وبذاءة الحوار ودكانة الشخصيات والتهريج المجاني وعلو الذات النرجسية كله مسموح به. تقلّص عدد المشاهدين الراشدين وارتفع عدد المراهقين منهم. هؤلاء يساهمون كذلك في تغيير الصورة الناصعة بأخرى كاحلة. شركات الإنتاج التي تتطلع إلى الربح فقط تستغلّهم. لديها أجندات هم فئران تجارب لها.
> «بزنس» السينما اليوم بات لإرضاء الجميع. أصبح مثل بهلوان أو مهرج عليه أن يسعد الجميع. ونعم، لو ولدت في غضون العشرين سنة الأخيرة لما كنت أصبحت ناقداً، بل كنت سأزاول مهنة أخرى سقفها مرتفع بعض الشيء.
م. ر
5:33 دقيقه
سقف منخفض
https://aawsat.com/home/article/4108451/%D8%B3%D9%82%D9%81-%D9%85%D9%86%D8%AE%D9%81%D8%B6%E2%80%AC
سقف منخفض
سقف منخفض
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة