بنظرات الحسرة وعبارات الغضب، عبّر الهولندي إريك تن هاغ مدرب مانشستر يونايتد عن عدم رضاه لإهدار فريقه انتصاراً كان بالمتناول أمام كريستال بالاس، الذي انتزع تعادلاً 1 - 1 في الوقت المحتسب بدل الضائع بالمباراة المؤجلة بينهما من المرحلة السابعة للدوري الإنجليزي الممتاز.
وكشفت نظرة عدم التصديق على وجه تن هاغ، عندما سجل مايكل أوليس لاعب كريستال بالاس هدف التعادل بتسديدة قوية بيسراه من ركلة حرة مباشرة من خارج المنطقة، ارتطمت بسقف العارضة وعانقت الشباك، بينما لم يكن متبقٍ من عمر الوقت بدل الضائع للمباراة سوى دقيقة.
راتكليف أبرز المهتمين بشراء «يونايتد» (أ.ف.ب)
وكان تن هاغ في طريقه ليكون أول مدرب ليونايتد يحقق 10 انتصارات متتالية منذ السير أليكس فيرغسون في 2009 عندما كان فريقه متقدماً 1 - صفر بهدف البرتغالي برونو فرنانديز بالدقيقة 44، ووسط سيطرة تامة للفريق على مجريات اللعب، لكن جاء هدف أوليس ليدفع الفريق ثمن إهدار كثير من الفرص التي كانت كفيلة بخروجه بالنقاط الثلاث وانتصار مريح.
وكان مانشستر يونايتد في طريقه إلى تحقيق فوزه العاشر توالياً في مختلف المسابقات، والسادس توالياً في الدوري، والثالث عشر هذا الموسم، واقتناص المركز الثاني، ولو مؤقتاً، لكنه اكتفى بنقطة سمحت له بانتزاع المركز الثالث برصيد 39 نقطة، بفارق نقطة واحدة أمام نيوكاسل يونايتد. في المقابل، رفع كريستال بالاس رصيده إلى 23 نقطة في المركز الثاني عشر.
تن هاغ ينتظر الردّ من لاعبيه في لقاء آرسنال (أ.ف.ب)
وكان يونايتد يمني النفس أيضاً بتحقيق الفوز لتشديد الخناق على آرسنال المتصدر، وتقليص الفارق بينهما إلى 6 نقاط، قبل مواجهتهما المقبلة.
ولم تكن حسرة تن هاغ على إهدار الانتصار فقط، بل أيضاً لتلقي لاعب وسطه الدولي البرازيلي كاسيميرو، أفضل لاعب في المباراة، بطاقة صفراء هي الخامسة له هذا الموسم، وستحرمه من خوض القمة ضد آرسنال الأحد.
وقال تن هاغ: «كان يجب علينا حسم اللقاء بتسجيل الهدف الثاني، وعندها لم نكن لنواجه مثل هذه اللحظة التي كلفتنا نقطتين. كنا متقدمين 1 - صفر، وفي الشوط الثاني حصلنا على مساحات لحسم المباراة، لكن شعرت بالغضب لأنني لم أر أننا أردنا حقاً تسجيل الهدف الثاني».
ومما يزيد من خيبة أمل يونايتد تجاهل الحكم احتساب ركلة جزاء للفريق قبل تسجيل كريستال بالاس لهدفه، إضافة إلى الضربة التي تلقاها بسبب إيقاف كاسيميرو عن مواجهة آرسنال. لكن تن هاغ وعد بالرد بقوة أمام آرسنال حتى في غياب كاسيميرو، وقال: «إنه لاعب مهم للغاية لنا، وأحد أسباب وجودنا في هذا المركز. لكننا فزنا على آرسنال ذهاباً (3 - 1) من دون كاسيميرو، وعلينا فعل ذلك مرة أخرى».
ورغم خيبة الأمل، ما زالت نتائج يونايتد تشير إلى أن الفريق يسير في الطريق الصحيح تحت إدارة تن هاغ، الذي وعد بالرد في لقاء آرسنال، وتابع: «ما حدث قد حدث، ولا يمكننا تغييره، نتطلع لمواجهة آرسنال وإعداد الخطة المناسبة، يجب على اللاعبين التأكد من استعدادهم، إنها مباراة قمة، ومن الرائع أن نخوض مثل هذه المواجهات».
على جانب آخر، حددت عائلة آل غليزر، مالكة مانشستر يونايتد، يوم 2 فبراير (شباط) المقبل، تاريخاً نهائياً لقبول العروض المقدمة من الراغبين في شراء النادي؛ حيث يتوقع مزايدة ساخنة من شركات ورجال أعمال، وربما مؤسسات استثمارية تابعة لحكومات. ويتردد أن السعر المطلوب يقترب من 5 مليارات جنيه إسترليني.
وكانت عائلة غليزر هدفاً لانتقادات شديدة من جماهير يونايتد، لعدم حصول الفريق على أي لقب منذ نال الدوري الأوروبي لكرة القدم وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة عام 2017. ويعيش النادي الآن حالة من القحط على صعيد الألقاب، وهي الأطول على مدار 4 عقود.
وفي السنوات الأخيرة، عاش يونايتد في ظل جاره مانشستر سيتي، الذي فاز عام 2022 بلقبه الرابع للدوري خلال 5 مواسم، كما وصل لنهائي دوري أبطال أوروبا موسم 2020 – 2021، واشتكى كثير من جماهير النادي من أن عائلة غليزر استغلت نجاح النادي تجارياً لمصالحها الخاصة، وحرمت الفريق من الأموال لجذب المواهب والاحتفاظ بها من أجل الفوز بالألقاب.
ومنذ إعلان عائلة غليزر، قبل نهائيات كأس العالم التي أقيمت في قطر منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، انفتاحها على فكرة بيع النادي أو دخول مساهمين، أعربت جهات كثيرة عن اهتمامها بالأمر.
وتردد أن الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة السعودي قد أكد اهتمام بلاده بالاستحواذ على يونايتد، بالإضافة إلى شركة قطر للاستثمارات الرياضية التي تمتلك باريس سان جيرمان الفرنسي، وعرض من صندوق دبي للاستثمار، وأخبار عن دخول مستثمرين من دولة خليجية أخرى عملية المزايدة. لكن الملياردير البريطاني جيم راتكليف والمشجع للفريق الفائز بالدوري الإنجليزي 20 مرة، هو من يضغط بقوة للفوز بالصفقة؛ حيث سبق أن قدّم عرضاً بقيمة 4.5 مليار إسترليني في أغسطس (آب) الماضي، لكنه قوبل بالرفض من عائلة غليزر.
ويتطلع راتكليف (70 عاماً)، الذي يعتبر أحد الرجال الأكثر ثراء في المملكة المتحدة، وتقدر صافي ثروته 12.5 مليار جنيه إسترليني (15.5 مليار دولار) بفضل نجاح شركته «إنيوس» العالمية للكيماويات، لشراء النادي الذي كان يدعمه منذ صباه.
وشهدت شركة «إنيوس» التي أسسها عام 1998 نمواً هائلاً حيث يعمل بها نحو 26 ألف شخص، فيما بلغت
إيراداتها السنوية نحو 52.5 مليار جنيه إسترليني. ولراتكليف، الذي حصل على لقب فارس في عام 2018، نشاط متنوع في المسابقات الرياضية حيث تملك شركته فريقاً رائداً في رياضة الدراجات الهوائية، يعرف باسم «إنيوس غريناديرز»، وهو شريك رئيسي لفريق «مرسيدس»، المنافس ببطولة العالم لـ«فورمولا 1». وأيضاً داعم لاتحاد الرغبي النيوزيلندي.
وتتطلع شركة إنيوس الآن لنقل ملكيتها لأندية كرة القدم إلى مستوى آخر، بعدما استحوذت على فريق لوزان السويسري عام 2017، بالإضافة إلى فريق نيس الفرنسي بعد ذلك بعامين. يذكر أن راتكليف حاول العام الماضي شراء نادي تشيلسي اللندني، الذي تم بيعه لمجموعة استثمارية، يقودها الأميركي تود بوهلي، و«كليرليك كابيتال».
وفي عام 2010، وضعت مجموعة «رد نايتس»، التي تضم كلاً من كيث هاريس الرئيس السابق لرابطة الدوري الإنجليزي لكرة القدم، وجيم أونيل كبير الاقتصاديين بشركة غولدمان ساكس، وبول مارشال المستثمر البريطاني، خطة لشراء مانشستر يونايتد، لكنها توقفت بسبب السعر الذي طلبته عائلة غليزر، وحينها فاق 5 مليارات إسترليني. لكن أونيل ومارشال عادا مجدداً وأرسلا إلى غويل غليزر نائب رئيس يونايتد للاستفسار عن عملية الاستحواذ.
لكن مع تبقي أيام قليلة على فتح عائلة غليزر، التي استحوذت على النادي في 2005، الباب للبيع، ورؤية كثير من جماهير مانشستر يونايتد متحمسة للتخلص منها، يخشى البعض الآخر أن تؤثر عملية انتقال الملكية حال حدثت على أجواء الثقة التي تسود أرجاء أولد ترافورد حالياً، خاصة بعد فوز الفريق على غريمه المحلي وحامل لقب سيتي، السبت الماضي، وبدء الشعور بأن الفريق يسير في الاتجاه الصحيح، تحت قيادة إريك تن هاغ، المدرب السادس الذي يتولى مهمة الإشراف على النادي منذ رحيل فيرغسون عام 2013.