عملات مصرية قديمة تحولها النوستالجيا إلى «أيقونات ثمينة»

تباع في بعض المحال بمئات أضعاف قيمتها

عملات معدنية قديمة (صفحة عملات قديمة ونادرة على «فيسبوك»)
عملات معدنية قديمة (صفحة عملات قديمة ونادرة على «فيسبوك»)
TT

عملات مصرية قديمة تحولها النوستالجيا إلى «أيقونات ثمينة»

عملات معدنية قديمة (صفحة عملات قديمة ونادرة على «فيسبوك»)
عملات معدنية قديمة (صفحة عملات قديمة ونادرة على «فيسبوك»)

بينما تصف معاجم اللغة النوستالجيا بأنها «حالة من الاشتياق إلى الوطن ورغبة الشخص في العودة للبيت»، فإنه تم توظيف هذا المصطلح ليكون معبراً، عن حالة الحنين الرومانتيكي إلى الماضي بشكل عام، لكن تلك المشاعر تختلط بشيء من الصدمة وقليل من السخرية على وقع الذكريات التي يعيشها بعض أبناء جيلي الثمانينيات والتسعينيات في مصر، وهم يرون فئات صغيرة من عملات مالية قديمة تتحول إلى «تذكار» يباع في المناطق السياحية وبعض محلات مناطق «وسط القاهرة» و«الزمالك» و«مصر الجديدة» بمئات أضعاف قيمتها الأصلية.
في مدينة الغردقة التي تضم منتجعات فاخرة على البحر الأحمر، فوجئ حسين عبد الرازق، بعملة ورقية قديمة من فئة الـ25 قرشاً أو ما كان يعرف بـ«ربع جنيه» مغلفة داخل إطار بلاستيكي بحرص شديد وتباع بأحد محال «الأنتيكات»، وعندما أسرع لشرائها، فوجئ الرجل الأربعيني، الذي يعمل في تنظيف حمامات السباحة بإحدى القرى السياحية بأن الربع جنيه يباع بمائة جنيه مصري، أو نحو (3.3 دولار أميركي) فتراجع عن قراره وهو يضرب كفاً بكف مندهشاً. بحسب ما قاله لـ«الشرق الوسط».

وكانت فئات مالية صغيرة مثل «الربع جنيه» فضلاً عن قطع معدنية مثل الخمس قروش التي كان يُطلق عليها «شلن» والعشر قروش التي كان يُطلق عليها «بريزة» تعد شيئاً مهماً لدى أطفال الثمانينيات ومراهقي التسعينيات الذين أصبحوا الآن في الأربعين والخمسين من عمرهم، حيث كانت تعد بمثابة «مصروف يومي» لهم.
وبحسب ما يتذكره الشاعر الغنائي والسيناريست محمد البرعي (53 عاماً) في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، فإن «أحد أشهر أنواع الشوكولاته في التسعينيات بمصر كان يعرض ضمن إعلان تلفزيوني شهير ينتهي بالتنويه بأن هذا المنتج الفاخر يباع فقط بربع جنيه، كما كان سعر تذكرة أتوبيس هيئة النقل العام لا يتجاوز نفس المبلغ بصرف النظر عن عدد المحطات في وسيلة مواصلات تعد الأكثر انتشاراً وشعبية».
ويعرض موقع «أوليكس» المتخصص في بيع المنتجات المستعملة عملة معدنية من فئة الخمسة القروش يعود تاريخها إلى عام 1967 بـمبلغ 200 جنيه، كما يعرض ورقة مالية قديمة من فئة العشرة جنيهات بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه، فضلاً عن عدة عملات معدنية من فئة القرش والخمسة والعشرة قروش بـ600 جنيه.
ويؤكد أكرم بشير، صاحب محل أنتيكات بشارع عبد الخالق ثروت (وسط القاهرة) أن «عملات الثمانينيات والتسعينيات تنقسم إلى أربعة أنواع، ورقية ومعدنية وتذكارية من الذهب والفضة»، مشيراً في تصريح إلى «الشرق الأوسط» إلى أن «الإقبال على تلك العملات يتحدد وفق عدد من العوامل، أبرزها الحالة التي عليها العملة ومدى إلى أنه «قد جودتها والأهم ندرتها وعدم انتشارها»، لافتاً: «يكون لدينا عملة يعود تاريخها إلى مائة عام مضت لكن هناك إصدارات كثيرة منها فتفتقد صفة الندرة».
ويضيف بشير قائلًا: «من يجمع عملات قديمة يكون محركه الأساسي في البداية حالة النوستالجيا ومشاعر الحنين، فيتسم جمعه بالعشوائية لكنه سرعان ما يصبح انتقائياً وأكثر دقة فيما يبحث عنه، وعندما تتجمع لديه مجموعات نادرة قد يفكر في استثمارها وعرضها للبيع». على حد تعبيره.



رانيا مطر لـ«الشرق الأوسط»: أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور حربَي لبنان وغزة

تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)
تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)
TT

رانيا مطر لـ«الشرق الأوسط»: أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور حربَي لبنان وغزة

تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)
تربط رانيا مطر علاقة وطيدة ببلدها لبنان (صور الفنانة)

شكَّل انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020 نقطة انطلاق لمشوار لم تخطّط له المصوِّرة اللبنانية رانيا مطر مع مهنتها. يومها، رافقت ابنها من أميركا إلى الوطن. فقد تطوّع لمساعدة المتضرّرين من هذه المأساة، منخرطاً في إحدى الجمعيات الخيرية.

«اعتقدتُ بأنني سأحمل كاميرتي وأصوّر الدمار والتشوّه الذي أصاب مدينتي بيروت. لكنني تحوّلت لا شعورياً إلى تصوير موضوع آخر. فقد لفتتني صلابة النساء اللبنانيات وعدم استسلامهن لواقع قاتم يعشنه. كنّ قويات يتمسّكن بحبّ الحياة، فيلملمن بقايا منازل ونوافذ وأبواب؛ يكنسن الطرقات، ويشاركن في تحضير وجبات طعام. مشهد ذكّرني بنفسي في سنّهنَّ. كنتُ مقاومة على طريقتي لحرب فُرضت على أرضنا. فلم أستسلم ولم أهاجر».

ثم تزوّجت وغادرت إلى أميركا، لكن علاقتها بلبنان وأرضه بقيت وطيدة. وفي كل مرّة تزور والدها في بيروت، تحمل كاميرتها وتترجم مشاعرها. وبعد رحيله، بقيت علاقتها بوطنها نابضة في قلبها؛ تقول.

صوَّرت مئات الفتيات اللواتي لفتت علاقتهن بلبنان نظرها: «تمسّكن بأرضهنّ رغم الويلات التي مرّت عليها. من خلالهن رويتُ مشاعري الحقيقية، كأنّني تمنّيتُ لو لم أغادر كما فعلن».

تركن إلى الإنسانية حتى في مشهدية مشوّهة أو معالم حزينة (رانيا مطر)

ترى رانيا مطر ما تقوم به رسالة حبّ إلى المرأة اللبنانية. وتضيف: «تعيش بلادي حرباً مدمّرة وأنا بعيدة عنها. أعدُّ الأيام والساعات لأعود فور نهاية الحرب. سأعود لأروي قصصَ بيوت وعائلات مزّقت قلبي وأنا أشاهدها تنزح وتقاوم. سأجول في كل المناطق لترجمة مشاعري».

تطبعك صورها بجمال ينبعث من الدمار والحزن. فكيف وفّقت بينهما؟ «أركن دائماً إلى الإنسانية حتى في مشهدية مشوّهة أو معالم حزينة. الأمر ليس سهلاً، لكنني أشعر بأنّ عينيّ تبحث عن الإيجابية تلقائياً». وهل للصورة الفوتوغرافية دور اليوم في الحرب؟ تردّ: «لا أدري. ربما بات الناس يغضّون أنظارهم عنها. أستغربُ عدم التفاعل الدولي مع صور تُبرز قسوة حرب يعيشها أهل بلدي. وفي الوقت عينه، أدرك أنّ بعض مواقع التواصل، منها (إنستغرام)، تُفرز صوراً معيّنة لتداولها دون سواها، فتغيب الصورة الفوتوغرافية المعبّرة عن فئة لا يُستهان بها من الناس».

بعدسة كاميرتها تبحث عن الجمال والإنسانية (صور الفنانة)

لكنها ترى، بالمقابل، أنّ الصورة الفوتوغرافية لا تزال تحافظ على وهجها الفنّي أسوةً بالإنساني: «إنها جسر التواصل والدليل الوحيد الملموس على الأحداث».

تنتمي الفنانة إلى لبنان، فأصول والدها تعود إلى بلدة حاصبيا الجنوبية، لكنها تعدّ نفسها فلسطينية أيضاً: «والداي وُلدا في يافا، لذلك أحمل عاطفة كبيرة تجاه فلسطين. ورغم إقامتي في أميركا، فإني أقف على كل شاردة وواردة في البلدين. ويُخيّل إليَّ أنّ غالبية الشعوب لا تعرف تماماً طبيعة مآسيهما».

نشاطات عدّة تشارك فيها مطر ببلد إقامتها لمساعدة النازحين في لبنان: «استطعنا جمع 100 ألف دولار خلال أسبوع. نحاول بذلك ترجمة معاني الإنسانية على أرض الواقع».

وتقول إنّ اللبنانيات بطلات يحفرن بالصخر ليؤمنّ مستلزمات حياة كريمة للنازحين: «نملك الحسّ الوطني بعضنا تجاه بعض، وهو أمر بديع أتمنّى ترجمته بكاميرتي قريباً».

وإنْ تسنّى لها تصوير لبنان، فمن أين تبدأ؟: «أعرف جيداً جميع المناطق، فقد زرتها، ومكثتُ فيها، وتعرّفت إلى أهاليها. اليوم، عندما يبلغني الدمار عبر نشرات الأخبار، أحزن. أتوجّه بالطبع إلى الجنوب وأروي قصص حبّ مع هذه الأرض».

توضح أنها ليست مصوّرة متخصّصة بالحروب. هي لبنانية المولد، أميركية، وأم. خلفيتها العرقية وتجاربها متعدّدة، مما يؤثّر عميقاً في فنّها. كرّست عملها لاكتشاف قضايا الهوية الشخصية والجماعية من خلال تصوير فترتَي المراهقة والأنوثة. صورها شملت النساء في الولايات المتحدة والشرق الأوسط. وتسعى إلى الكشف عن فردية كل امرأة تقف أمامها: «أركز على تجسيد جوهرنا، فيزيائيتنا، والقواسم المشتركة التي تجعلنا بشراً». ومن خلال عملها، تُضيء على كيفية تطوّر الذات الأنثوية بشكل موازٍ عبر خطوط الثقافات المختلفة.

صورة الطفلة لين عباس التي تصدَّرت الإعلام الغربي في حرب 2006 (رانيا مطر)

سلسلتها التصويرية التي أطلقتها بعنوان «بعد 50 عاماً لوين بروح» تحوّلت مشروعاً. يومها، وبدل توثيق الحطام والدمار إثر انفجار بيروت، ركّزت على قوة نساء لبنان: «صمدْن، وكان لهن حضورهن الطاغي على مشهدية الانفجار، مما ألهمني إطلاق مشروعي».

وعن «حرب تموز 2006»، تقول: «تشبه ما يحصل اليوم على أرض لبنان». يومها التقطتْ صورة لطفلة سمّتها «فتاة باربي». اسمها الحقيقي لين عباس؛ صوّرتها بالأبيض والأسود وتداولتها وسائل إعلام عالمية. تُعلّق: «شعرتُ كأنها طائر الفينيق الخارج من الرماد. عنت لي كثيراً هذه الصورة، فعلّقتها في منزلي. اليوم، بعد 18 عاماً على تلك الحرب، استعدتُها ونشرتها على حسابي في (إنستغرام)، للإشارة إلى حرب مشابهة يشهدها وطني. وكم كانت دهشتي كبيرة عندما تواصلت معي لين الصغيرة. فقد أصبحت في الـ19 من عمرها، مشرقة وجميلة».

تختم رانيا مطر: «إنه تاريخ طويل حكمته الصراعات في لبنان لنحو 50 عاماً. يومها، سألتُ الفتيات اللواتي صوّرتهن: (هل ستبقَيْن أو تغادرْن؟). ومنذ ذلك الوقت عنونتُ مجموعتي بهذا الاسم. ومشروعي هذا سيُكمل، ويشقّ طريقه نحو الجمال والإنسانية».